أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد طولست - الإحباط وتأثيراته الخطيرة والمدمرة















المزيد.....

الإحباط وتأثيراته الخطيرة والمدمرة


حميد طولست

الحوار المتمدن-العدد: 3416 - 2011 / 7 / 4 - 21:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أكيد أن أخطر ما ابتلي به مجتمعنا، ويتعرض له معظمنا، وتواجهه أكثريتنا، في كل الظروف والمناسبات، بفعل الكثير من العوامل الذاتية والموضوعية التي تخلق الجمود، وتنشر اليأس، وتعمم القنوط، وإن بدرجات متفاوتة، تختلف باختلاف الاحتياجات والرغبات والأهداف والتوقعات والظروف والخبرات والمقدرات الجسمية والعقلية، وتلفنا مصادرها الداخلية منها والخارجية المرتبطة بالفكر والثقافة، ليس من وجوهها المشرقة التي هي مصدر غنى وتنوع وتنوير ومفتاح للنهوض والتقدّم، بل في أبشع صورها التي هي دائما مثبط فعلي للعزائم، وكابح كبير للإرادة، وقاتل حقيقي للأمل المتمثل في "ثقافة التيئيس والتبخيس والإحباط" التي تحول الطاقات البشرية إلى كتل صماء منخورة الإرادة، وتجعل الشعور باليأس والقنوط أشد وطأه وإيلاماً على النفوس التي تدرك- وما فالهم غير اللي كيفهم كما يقال- أن موات الشعوب ليس "مرضا وراثيا"، و"لا قدرا محتوما"، ولا يحدث بصورة مفاجئة أو نتيجة سلوك اعتباطي، بل هو حصيلة مجهودات متضافرة يصنعها، مع مرور الزمن، تخطيط وتنظيم وتوجيه ومتابعة سائر السلطات والتيّارات والاتجاهات التي تزعم الاستئثار بالصواب، وامتلاك مفاتيح النهوض وحقيقة التقدّم، ولا ترى مصلحتها إلا في عدم تحقيق مصلحة الجماعة المصيرية، وقضاياها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، بما تسلّطت عليه من إمكانات وطاقات، ونهجته من سياسات وممارسات تكاد تقضي على جذور وأسباب القوّة الذاتيّة للمجتمع بالتشكيك في أهدافه وتبخيس لجهوده، الذي لا تقوم به من باب التنافس على استنهاض الهمم، وتجميع الطاقات التي عطلتها الصراعات الحزبية والحسابات السياسوية الضيقة. وإنما يفعلون ذلك من باب تآمر العاجز الذي يواري عجزه، ويعادي كاشفه، ويرفض تغيير نهجه وعاداته، ويأبى تسليم زمام المبادرات -التي تتخذها القوى الحية التي تعلن ولاءها للوطن وتظهر نواياها الطيبة وعزمها على إحداث الخلخلة على مستوى عقلية التفرج وانتظار الفرج- عساهم يصنعون، مشروعات ثقافية مجتمعية حداثية ديمقراطية، كالمشروع الثقافي الذي أطلقته ثلة من الفاعلين الجمعويين لـ"فاس الجديد" تحت عنوان "المهرجان الأول للشباب المثالي لفاس الجديد" في صورته الأولى، والتي أحبط المتصرّفون في مصائر ورغبات ساكنة هذا الحي الشعبي، نسخته الثانية -عملاً بالمثل المغربي الدارج ( ما يديروا خير، ما يخليوا اللي يديرو)- والذين كان حري بهم أن يرحبوا بذلك المهرجان، على الأقل كمبادرة خلاقة للديناميكية المجتمعية المتنامية والمتفاعلة بفعالية مع إرادات ومرامي التنمية التحديثية التي يدعو ويشجع عليها ملك البلاد مشكورا. وكما كان يجمل بهم أن ينافسوه في وضع التصورات الجادة، ورسم المسارات القمينة بالتنمية للخروج به (الحي والمهرجان) من الأوضاع الثقافية المتأزمة التي لا يشذّ إلا شاذّ عن الاعتراف بأنه لا شيء يؤزم الأوضاع ويعيق الإنجازات، ثقافية واجتماعية واقتصادية وحتى السياسية، غير التبجّح بالعجز الذي يصر عليه الكثير ممّن يصنّفون أنفسهم في مرتبة النخب المتشبّثة -حتّى الموت أو العزل- بمواقع صناعة القرار السياسي والاقتصادي والأمني والثقافي، والجمع بينها وبين ممارسة الاحتكار والاستغلال والهيمنة، التي تعمي الأبصار عن إدراك المنجزات الجادة التي تخدم المجتمع وتنمي الوطن.
فالواجب الوطني يستوجب استخلاص الدروس والانتقال إلى مرحلة الفعل والسعي لإنجاح المبادرات عبر النظرة الصائبة المستوعبة للعوائق والنواقص والظروف المجتمعية والاقتصادية، ووضعها في الحسبان، وابتكار الوسائل الناجعة للتعامل معها، ابتداء من التنظير والتخطيط، وصولا إلى التنفيذ والتطبيق، مرورا بالمواجهة الذاتيّة الدائبة والتطوير المنهجيّ المنبثق عنها، حتى تستقيم على سكة التنمية المستدامة والاندراج في العصر بعد تأهيله، بدل التيئيس والتبخيس وخلق العوائق، التي طبقتها تلك "النخب المزعومة" المعادية لمهرجان "فاس الجديد" مند ولادته، والذي زعم المتسلطون عليه أن مبتكروه لم يصلوا بعد سنّ الرشد الذي يمكنهم من خلق وإدارة مهرجانا شعبيا خاصا بحيهم الشعبي الذي هو-حسب المتسلطين- دون مستوى رفع الوصاية عن أهله.
على ضوء هذه التصرفات غير اللائقة، يقف المرء مشدوها مذهولا، لا يكاد يصدّق أن هذه المواقف المحبطة للعزائم، يمكن أن تحصل فعلا في بلد يحكمه ملك شاب لا يفتأ يؤكد على القطع مع نزوعات التيئيس والتبخيس والتشكيك والعدمية التي تزيد من تأزيم الأوضاع ووضع العصي لحصر عجلات التنمية.
كما جاء في خطاب العرش ليوم الأربعاء 30/07/2008 بمناسبة حلول الذكرى التاسعة لتوليه مقاليد الحكم، حيث قال أنه سيظل ملكا لجميع المغاربة، على اختلاف مكوناتهم، ورمزا لوحدة الأمة، ومؤتمنا على سيادة المملكة وحوزتها الترابية، وبيّن أنه "مهما كانت محدودية النتائج الآنية، فإن المبادرة والمثابرة والنفس الطويل، يجب أن تكون عماد تدبير الشأن العام وأن تحديات مغرب اليوم، " لا يمكن رفعها بوصفات جاهزة أو بإجراءات ترقيعية أو مسكنة أو بالترويج لمقولات ديماغوجية ترهن الحاضر بالهروب إلى مستقبل نظري موهوم، وأضاف أن أساس نجاح أي إصلاح يكمن في" ترسيخ الثقة والمصداقية والتحلي بالأمل والعمل والاجتهاد وعدم الانسياق لنزوعات التيئيس والتشكيك والعدمية خاصة في الظروف الصعبة".
فهل الأعمال المحبطة الصادرة عن مسؤولي فاس الجديد، هو تصرف منطقي صادر عن نوايا طيبة، أم هو تعامل نابع عن وهم خطير بتحقيق منفعة من المنافع العامّة أو الذاتية، أو هو من باب الغباء المطبق أو الجهل المركب، أم هو تآمر على شعبية هذا الحي الطيب البسيط المتسامح المؤمن بالقدر خيره وشره. ومهما تكن الأمور، وعلى الرغم من تباينها الواضح، إلا أنها تنتهي إلى نفس الحصيلة الشديدة الوطأة على الطرفَ المتضرّر التي تنقل إليه عدوى اليأس والتعجيز، وخاصة منه الجيل الجديد، جيل المستقبل، الذي لا خبرة له ولا معرفة أو وعي وقدرة على استيعاب الواقع وتخطيطاته، والتعامل معه على النحو الصحيح. لذلك تجب إتاحة الفرص المناسبة لتدريبه على خوض غمار التنمية والمنافسة على اقتراح الحلول اًلبديلة وتجاوز الوضع القائم في سلبيته مهما تعددت، وإبداء الرأي وتقبل الرأي الآخر واحترامه، وذلك لأن ثقافة التيئيس تحمل كل نفس تصيبها على الشعور بالفشل وخيبة الأمل وإدراك وجود عقبات تحول دون إشباعها لما تسعى إليه من حاجات ودوافع. وذلك، في نظري، جريمة مزدوجة.
حميد طولست [email protected]



#حميد_طولست (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإنطباع السياسي.
- خطباء آخر زمان
- حوار مع كاتب جديد.
- خطباء آخر زمن؟
- لماذا نخاف التغيير في هذا البلد الجميل؟
- التكريم.
- هل للجلادين وقت للكتابة؟؟
- مجرد مساءلة قلم.
- وهكذا تكلم القدافي
- حفل خيري من اجل الأطفال التوحديين.
- الديموكتاتورية؟
- انفلوانزا الكراسي.
- لقد تشابهت الجمهوريات علينا
- ديكتاتورية الشعوب.
- ديكتاتورية رؤساء...
- ذكريات عيد العمال.
- ثورات الناس على دين متفيقهينا
- تزوير التاريخ سخرية سياسية أم استخفاف بالعقول؟
- استقالتي من حزب الاستقلال.
- مطاعم القلب، الصدقة الجارية..


المزيد.....




- هاجمتها وجذبتها من شعرها.. كاميرا ترصد والدة طالبة تعتدي بال ...
- ضربات متبادلة بين إيران وإسرائيل.. هل انتهت المواجهات عند هذ ...
- هل الولايات المتحدة جادة في حل الدولتين؟
- العراق.. قتيل وجرحى في -انفجار- بقاعدة للجيش والحشد الشعبي
- بيسكوف يتهم القوات الأوكرانية بتعمد استهداف الصحفيين الروس
- -نيويورك تايمز-: الدبابات الغربية باهظة الثمن تبدو ضعيفة أما ...
- مستشفى بريطاني يقر بتسليم رضيع للأم الخطأ في قسم الولادة
- قتيل وجرحى في انفجار بقاعدة عسكرية في العراق وأميركا تنفي مس ...
- شهداء بقصف إسرائيلي على رفح والاحتلال يرتكب 4 مجازر في القطا ...
- لماذا يستمر -الاحتجاز القسري- لسياسيين معارضين بتونس؟


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد طولست - الإحباط وتأثيراته الخطيرة والمدمرة