أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - طارق الاعسم - رحلة في بلاد العمائم مذكراتي في الاسر 1982-1990 الحلقة الاولى















المزيد.....

رحلة في بلاد العمائم مذكراتي في الاسر 1982-1990 الحلقة الاولى


طارق الاعسم

الحوار المتمدن-العدد: 3415 - 2011 / 7 / 3 - 19:17
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    


رحلتي في بلاد العمائم مذكراتي في الاسر 1982-1990 الحلقة الاولى (المقدمة)
طارق الاعسم
اشعر برائحة شواء يحترق..ارجو ان لايكون عقلي
جندي امريكي في فيتنام
مقدمة

لم نكن نعلم اي شيء عن الطريقة البروتوكولية التي يتم بها تبادل الاسرى فالاسر ليس من التجارب التي من الممكن ان تتكرّر,كنا نتخيّل انهم سيوقفوننا نحن الاسرى العراقيين والاسرى الايرانيين كخطّين متوازيين قرب الحدود وتتم مبادلتنا واحد بواحد او عشرة بعشرة مثلا ولكن ماتمّ على ارض الواقع كان مختلفا اذ اكتفى الجانبان في نقطة سربيل زهاب الحدودية الايرانية المقابلة للمنذرية العراقية بابقائنا بالسيارات وصعد في كل سيارة انضباط عسكري ايراني بدون سلاح وبالجانب المقابل انضباط عسكري عراقي بلا سلاح ثم سارت سيارات الطرفين بشكل متعاكس في الاتجاه ليتم دخول اسرى البلدين الى بلادهم لتتكحل عيونهم به بعد سنوات الاسر العشر المقيتة.
طال انتظارنا لثمانية ساعات تقريبا ,وكان الوقت مساءآ حين بدأت السيارات من الطرفين بالتحرّك واشعل السوّاق الانارة الداخليّة للباصات,وكان شغل الاسرى الشاغل ان ينظر كل منهم الى الاسرى الذين سيتم التبادل بهم وحين مرّت باصات الطرفين بجنب بعضها غمرنا كلّنا بلا استثناء حنين جارف اليهم, ولم نشعر مطلقا بانهم كانوا اعداءنا(وهل كانوا كذلك يوما؟؟)وان بيننا دماء ,وزال كل اثر للحقد الذي تثيره اغاني المعارك الحماسيّة واحسسنا اننا نحن واهلينا, وهم واهليهم, المظلومون الوحيدون في الحرب وملعون ابو حكومتي البلدين التي جعلتنا وقودا لصداماتها...
ماأن اصبح الباصان متلاصقين حتّى بادلناهم التحية بشوق جارف فنحن الوحيدون على سطح الكوكب الذين نفهم حقيقة مشاعرهم واشواقهم وآلامهم وتحرّقهم للوصول لاهلهم الان, فهم مثلنا مزقتهم الغربة عن وطنهم وزوجاتهم واهلهم ومثلنا مقتلعون منذ عقد من الزمان عن حياتهم وسط مذلّة الاسر...
جاملناهم بالسلام بالفارسي((جتوري اغا))فبادلونا التحيّة بالمصلاوي(اششّونك اخويي)فضحكنا من اعماقنا من المفارقة الغريبة فهم كما يبدو كانوا اسرى محتجزون في الموصل ونحن كنا في معسكرات طهران وكركان وكلانا في الجانبين سعينا لتعلّم لغة البلد الآسر وبالتأكيد فان لهجة الحراس في معسكرات الاسر ستؤثر في طريقة لفظنا للكلمات...
كان هنالك خيط رفيع يشدنا لبعضنا فهم شركاؤنا بالمأساة التي عشناها...وحين تتشارك في آلامك مع ايّ كان فأن رابط المأساة يصبح قويّا وعابرا لكل المتناقضات.
طيلة سنيّ الحرب الثمان بين العراق وايران لم يكن هنالك تبادل للاسرى ماعدا بادرتين يتيمتين لتبادل معوّقي الحرب من الطرفين رعى اولاهما الصليب الاحمر الدولي تم فيهما تبادل 30 اسيرا من الطرفين عام 1985 بسلاسة نوعا ما ,على عكس المبادرة الثانية التي كانت اكثر تعقيدا ,حيث تخللتها معاندات وتمنّعات من الطرفين خصوصا الطرف الايراني الذي دخل حينها بصراع مع موظفي الصليب الاحمر الدولي متهما اياهم بالتجسس لصالح العراق بين الاسرى العراقيين ردا على تقارير كان قد نشرها الصليب الاحمر تصف باسهاب المعاملة الوحشيّة التي كانت تمارس ضدّنا.
وانتهى الامر بتدخّل الهلال الاحمر التركي كوسيط لدى طرفي الحرب ليتم فيهما اجراء ترتيبات معقّدة للتبادل الاسرى حيث ينقل كل بلد آسر 22 اسير معوّق بطائرة تابعة للهلال الاحمر التركي يصعدون على متنها برفقة رجال مخابرات البلد الآسر ويحمل كل اسير قلادة تتدلّى منها هوية تحمل صورته واسمه ورقمه وتنطلق كل طائرة من مطاري طهران وبغداد الى مطار اتاتورك وتنزلان متجاورتين وسط حراسة مشددة ولايتم انزال الاسرى للتبادل بل يتم فيهما انزال ضباط مخابرات البلدين ليصعدوا كلّ الى الطائرة التي تحمل ابناء بلدهم من الاسرى ثم اقفال الطائرتين عائدتين كل الى بلد الاسرى الموجودين على متنها حيث تطير الطائرة القادمة من بغداد الى طهران والعكس بالعكس مع الطائرة القادمة من طهران.
وقد تداولنا في الاسر نكتة عن مفارقة حصلت اثناء عمليّة تبادل الاسرى هذه, مفادها ان المخابرات الايرانية علّقت باجات تحمل صورآ للخميني على صدور الاسرى العراقيين في الطائرة بجانب قلادة الهويّات التي تحمل صورهم وماأن نزل ضباط المخابرات الايرانيون من الطائرة في اسطنبول وصعد بدلا عنهم ضباط المخابرات العراقيين ,حتّى سارعوا بتوزيع باجات تحمل صور صدام حسين للاسرى المعوّقين الذين بادروا فورا بوضعها على صدورهم بدلا عن صور الخميني التي اقتلعوها ورموها ارضا(طبعا),حينها تأكد الاسرى العراقيون انهم تحرّروا من ايران فغيّروا هتافاتهم من هتافات للخميني الى شتائم ضدّه مشفوعة بهتافات لصدّام ,فلفت انتباه احد ضبّاط المخابرات العراقيين ان احد الاسرى المعوّقين قد علّق صورة صدام على يسار قميصه دون ان ينزع صورة الخميني عن يمين القميص وتتوسط الصورتين صورته في الهويّة تلك المعلّقة في القلادة فاقترب منه ضابط المخابرات والشرر يتطاير من عينيه وسأله مشيرا الى صورة الخميني من هذا الذي تعلّق صورته على يمين صدرك؟ فاجاب المعوّق بهدوء هذا امام الامّة!!!فظن الضابط ان هذا الاسير مخبول ليتحدّاه فعاود سؤاله مشيرا الى صورة صدام:ومن هو الذي تعلّق صورته على يسار صدرك؟فاجاب الاسير بنفس الهدوء هذا فارس الامّة فارتاح الضابط وعاود سؤاله :ومن هذا الذي تحمل صورته في الهوية التي تتوسط صدرك فاجاب الاسير بصرخة أفزعت ضابط المخابرات:هذا اللي انّا...ت أمّه !!!!!.
تذكّرت هذه النكتة حين حدّقت في عيون الاسرى الايرانيين ساعة التبادل في ارض سربيل زهاب ,كان كل منّا ذاهب الى اهله وناسه واحبّاءه,كانت تجمعنا المظلوميّة,وقد بكيت بكاءآ مرّا بعد يومين من عودتي لاهلي في غرفة نومي ببيتنا حين علمت من احد الاسرى الذين تم تبديلهم بعدنا بيوم واحد, ان حادثا مروّعا قد حدث لقافلة الاسرى التي بودلنا بها حيث سقطت منها حافلتين الى الوادي في احد الطرق الجبلية الوعرة الرابطة بين سربيل زهاب وطهران واستشهد قرابة ال60 اسيرا دون ان تتكحّل عيونهم بعيون اطفالهم وامهاتهم واحبّتهم(نعم استشهدوا !!فبالنسبة لي حتى من مات من اسرى معركة أحد من المشركين هم شهداء فبالنهاية هم اسرى مثلي وليذهب من لايرضيه قولي للجحيم ). طارق الاعسم



#طارق_الاعسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سمعة شعب بين اسلوبين
- بين كارتر و فِريضة آل بدير..دروس في حيثيّات وثائق ويكيليكس
- كتابات ساخرة (حمّام السفارة)
- في رحاب عاشوراء الحسين يذبح من جديد!!
- مقال(قبل فوات الاوان
- تساؤلات على بوابة يوم السيادة


المزيد.....




- عائلات الأسرى المحتجزين لدى حماس تحتشد أمام مقر القيادة العس ...
- استئجار طائرات وتدريب مرافقين.. بريطانيا تستعد لطرد المهاجري ...
- تعذيب وتسليم.. رايتس ووتش: تصاعد القمع ضد السوريين بلبنان
- كنعاني: الراي العام العالمي عازم على وقف جرائم الحرب في غزة ...
- كيف تستعد إسرائيل لاحتمال إصدار مذكرة اعتقال دولية لنتنياهو؟ ...
- منظمة التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بش ...
- الأمم المتحدة: الطريق البري لإيصال المساعدات لغزة ضرورة
- الداخلية التركية تعلن اعتقال 23 مشتبها بانتمائهم لـ-داعش- بع ...
- تقرير كولونا... هل تستعيد الأونروا ثقة الجهات المانحة؟
- قطر تؤكد اهتمامها بمبادرة استخدام حق الفيتو لأهميتها في تجسي ...


المزيد.....

- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان
- نقش على جدران الزنازن / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - طارق الاعسم - رحلة في بلاد العمائم مذكراتي في الاسر 1982-1990 الحلقة الاولى