أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عارف معروف - ازمنة الحب 2- زمن فيروز















المزيد.....

ازمنة الحب 2- زمن فيروز


عارف معروف

الحوار المتمدن-العدد: 1017 - 2004 / 11 / 14 - 07:16
المحور: الادب والفن
    


قلت لها ان ضحكتها اعذب من الندى وان عينيها حفرتان عميقتان يؤي فيهما الليل الحالك"فقالت: قديمة، وقالت انك لم تأت بشيء جديد او فريد ثم سحبتني من يدي " وبدلا من هذه المضيعة للوقت هلّم بنا نعيد الحساب كرّة اخرى" فوقفت كالمصعوق برهةثم وجدتني اطلق ضحكة معدنيه جافة ، اتبعتها بقهقهة حقيقية نبعت من القلب 000 وتماديت اكثر وانا اراها من خلال الدمع الذي ملأ احداقي 00منتصبة 00مشدودة العضلا ت وهي تنظر الي بعتب واستهجان وقد عقدت ذراعيها على صدرها وراحت تنقر الارض باحدى قدميها وكأنها تريد ان افرغ من هذا "العبث كله" لتبدأ حساباتها الجديّة مرة اخرى 00تبعتها الى حيث اشارت وجلسنا على درجات المنصة الرخامية الكبيرة التي يعلوها تمثال برونزي نصفي لكولونيل انكليزي ، واستندت
الى اللوحة النحاسية المثبتة الى المنصة والمنقوشة باحرف لاتينية سوداء تؤرخ لموت الرجل واسمه وبلدته 0 وضعت "اقبال"
قطعة الكيك المغطاة بكريم وردي ، وبدأت تشطرهاالى شرائح صغيرة ، قلت وانا اتناول شريحة واد سها في فمي " صباح صديقة رائعة"00 " طبعا وهل للمساكين امثالنا سواها" ، اجابت وهي تمضغ شريحة اخرى 0 كانت " صباح" قد بادرت الى ترتيب حفل صغير في نادي الكلية صباح اليوم احتفالا بخطوبتنا ، وشارك الزملاء جميعا ، فصفت ثلاث مناضد معا ، امتلأت بقناني المرطبات واقداح الشاي والكاكاو وقطع الكيك 0 كانت "صباح" ، ابنة المقاول التي ترك شلل الاطفال ميسمه على ساقها الايمن ، هي الممول السخي لافراحنا الصغيرة ، نحن ، جماعة الاملاق المزمن كما سمانا "بشار"مخترع التسميات ومرجع الالقاب والتشنيعات، كان هذا الدور يملأها غبطة فتراها تحنو علينا كام رؤوم ، تسلفنا المبالغ البسيطة التي نحتاجها او تتبرع لنا بتذاكر المسرح او تشتري لنا مرجعا او كتابا معينا يصبح بعدها نوع من الملك العام000 حينما خفت حدة ضوضاء القصف ورنين الملاعق والصحون والاحاديث والكلمات والضحكات التي تتطاير في كل اتجاه ، كنا قد اكتشفنا اننا امسينا مصدر الضجيج الوحيد ليس في النادي فحسب ، بل وفي مبنى الكلية بأسره اذ كان الجميع قد غادروا وبدأ الندل يرامقوننا بضيق وهم يبادلوننا ابتسامات مجاملة صفراء ينتزعونها من انفسهم انتزاعا 0 اتفقنا على انهاء الحفل وتلقينا انا واقبال سيل التهاني والقبلات ثانية ، ثم تفرق الشمل ، لاحظت ان اقبال قد تلكأت عند الطاولة لتلف قطعة كبيرة من الكيك المتبقي في صفحة جريدة وعندما نظرت اليها بملامة ، خوف ان يلحظ ذلك احد، قالت مبررة : ستفيدنا في نزهتنا ، فاستسلمت : طيب0
امس كنا قد عدنا الى الكلية في الحادية عشرة بعد ان امضينا في المحكمة الشرعية اكثر من ساعتين في مماحكة مع القاضي ، فقد ارتج عليه حينما اجبناه معا على سؤاله عن مقدار المهر المعجل بأن : لاشيء، وتفحصنا كما يتفحص المرء معتوهين ، ثم شمل بنظراته المستهجنة والمستريبة شاهدينا وكانا زميلين من صفنا ذاته: فريد ، بعوده النحيل الفارع ولحيته التي تتبعثر على وجه صغير مركب على عنق طويل رفيع وعباس ، بجسده الضخم المربوع وشعره الذي يتهدل على كتفيه وقميصه ذي المربعات الفاقعة 0 شملنا جميعا بذات النظرات وكأنه يزننا جميعا ويقرر سلفا اننا ليس اكثر من صبية متهورين وان ما بدر منا ليس الا نزق سخيف ، ثم قال : اين وليّي امريكما وهل هما موافقان؟فأجبت بحزم ، وكأنه مس لدي وترا حساسا ، من فضلك ياسيدي ، لسنا قاصرين ، وهذا شأن يخصنا ، ففغر القاضي وراح يهز رأسه ببطيءويخالسنا نظرات تؤكد مرة اخرى انه يتعامل مع مجانين : آه 00 حقا 00 ولكنني لن استطيع ان اكتب في العقد بأن مهركما لاشيء، ذلك مخالف للشرع والقانون، ثم التفت الى شيخ بنظاره حالكة وشارب هتلري كان يجلس عنده منذ دخلنا دون ان يعمل شيئا سوى التحديق في الارض والتمتمة بجمل غامضة بصوت خفيض وقال: تمام شيخ؟! عندها اهتز رأس الشيخ يمينا ويسارا ثم قلب بيننا نظرات عاذلة بانت من خلف زجاج نظارته البني وهو يقول : اعوذ بالله من شر البدع 00 فكل بدعة ظلاله ، كان يلفظ مخارج الحروف بطريقة خاصة تجعل بعضها ملتبسا 0 وبعد صراع ظل اواره يتصاعد انتهى الامر الى تسوية تحفظ كرامة الطرفين لكنها تؤكد عزمنا تأكيدا حاسما فقيّد في نص العقد ان الانسة الرشيدة اقبال ، قد قبضت مني مهرا معجلا قدره دينار واحد فقطوقبلت بمثله كمهر مؤجل ، ولم يفت القاضي ان يحذرها من مغبة ما اقدمت عليه ، فقال لها : جنيت على نفسك يابنيّه ، لن تربطيه بشيء، فأجابت بمرح وثقة : لست سلعة ياعم ، وان لم يربطه بي الحب فلن اقبل ان اقيده بكمبيالة0 عدنا الى الكلية مشيا على الاقدام 0 هكذا اتفقنا نحن الاربعة0 كنا نغني طوال الطريق فيما يبادر فريد بين الحين والاخر الى القيام بما اشتهر به في الكلية من تقليد حركات المتسولين ذوي العاهات المفتعلة في الميدان والباب المعظم، او حركات تحاكي تمثيل تشارلي شابلن الصامت مما كان يجيده تماما فنغرق في الضحك0في المساء تسكعنا ، انا واقبال ، طويلا بين محلات الصاغة التي تسطع واجهاتها الزجاجية الصقيلة بالاضواء وبريق الذهب المشغول بزخارف مترفة حتى عثرنا على ظالتنا، لم نستطع الا ان نداري مشاعر اهلها الطيبين ، فترتب علينا ، اتباعا للعرف الالتزام بتقديم" النيشان" مهما كان بسيطا ، تسكعنا طويلا امام الواجهات البراقة وبدأت اقبال تشكو من التعب والالم الذي بدأ يعتصر قدميها ، ثم خلعت حذائها واستراحت على دكة اسمنتية لدكان مقفل 0 تفحصت مرة اخرى المبلغ الذي كنت احمله 0اربعة عشر دينارا ، افلحنا في اقتطاعها على دفعات من مخصصات الجامعة لكلينا وبعد دقائق عدنا الى البحث في الواجهات ثانية ، اخيرا وفقنا ، دبلتين رفيعتين بلا اية نقوش بستة دنانير وقلادة تتكون من سلسلة رفيعة ، اوهى من خيوط العنكبوت تتدلى وسطها حلية دقيقة جدا على شكل ابريق شاي بثمانية دنانير 0 عدنا في غاية الفرح0 وفي البيت الذي لم يكن سوى غرفة واحدة تتشارك مع خمسة غرف اخرى تسكنها عوائل مختلفة في الاطلالة على حوش صغير يخدم كمطبخ للجميع ووسط نظرات امها المحايدة ونظرات ابيها المستسلمة واربعة ازواج من العيون السوداء البراقة والمتطلعة كعيون جراء صغيرة ، اربعة ازواج من العيون المندهشة لأخوتها الصغار ، كانت اقبال تعلن عن فرحها بأن وضعت القلادة على عنقها واخذت تدور بابتهاج امام المرآة 0
حينما تقدم العصر وتشبع الهواء بندى المساء البليل ورائحته الدسمة ، كانت المقبرة الجميلة قد ازدحمت بالمتنزهين وطلبة الاقسام الداخلية القريبة من الجنسين ، الذين شرعوا يحولونها الى مكتبة عامة في الهواء الطلق ومنتدى للنقاش السياسي الحامي الوطيس متخذين من مستطيلات القبور المرمرية طاولات ومقاعد تطايرت بينها اوراقهم ودفاترهم وجرائدهم وكلماتهم0 نظرت الى اقبال فالفيتها شاردة الذهن وعينيها ساهمتين كمن يغرق في حلم ، حركت كفي قاطعا خط النظر الممتد من عينيها باتجاه لافتة حائلة اللون من القماش ثبتت على جدار القسم الداخلي المقابل تتضمن الحث على السير بثبات نحو الغد الاشتراكي الديمقراطي، فلم تنتبه فأخذت ادندن في اذنها باغنية فيروز التي تحب00 لاتسالوني ما اسمه حبيبي00 استفاقت ووجهت عينيها الرائعتين الي ثم خفضتهما الى الارض000آه00
-اين؟
-احلم00
- يالك من انانية ، وحدك؟
- معك00 في بيتنا الصغير الابيض الذي سنبنيه على ربوة 00 بيتنا بنوافذه الواسعة 0 نوافذه العديدة المشرعة والتي تجعل النور يدخل اليه من كل جانب 00 انت تجلس في غرفة عملك ، تجلس الى الطاولة تتفحص بالمجهر شريحة ما00 ادخل عليك بالقهوة واغمض عينيك00آآه
- فقط 00ولكنك سرحت طويلا00
- آآه 00 ابننا 00رأيته ايضا 00 بناتنا 00رأيتنا في نزهة على النهر 00 بعد ان لم يعد نهرنا هذا 00 كان محاطا بحدائق لاتوصف00 وكان ثمة مدينة العاب لم ترى العين مثلها 00قل لي الم يبدأوا بعد بمشروعها 00قالوا انهاستكون اكبر مدينة اطفال في الشرق الاوسط00
- لقد وضعوا الحجر الاساس لكن المكان تحول الى ساحات للتدريب00الست الجدية التي تسخر بالاحلام؟!
- ليس دائما00 احيانا0
ثم اعتدلت في جلستها متخذة ثانية هيئتها الجدية التي تشبه هيئة مدير حسابات : صحيح 00تعال نحسب مالذي سنفعله بما تبقى لدينا ؟ لكن الليل كان قد بدأ يلف بغلالته البنفسجية ارجاء المقبرة واخذت اعداد المتنزهين تتناقص بسرعة فقلت: هلمّي ...
لم يكن لدينا سوى خمسة وعشرين فلسا ، فاقترحت عليها ان تركب هي الباص وتذهب الى البيت بعشرين فلسا واشتري بالخمسة الباقية سيكارة ادخنها " براحتي" فقالت : لا 00 نشتري بها كلها سكائر تدخنها براحتك وتوصلني الى البيت مشيا على الاقدام ، فلدي معك حديث لن ينتهي0



#عارف_معروف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ازمنة الحب 1- زمن عبد الحليم حافظ
- كيف حل السيد ميثم الجنابي ازمة اليسار العراقي المعاصر؟
- الاخوة حكام العربية السعودية ..رسالة تضامن
- -قصة الشاعر -طومسون فيتزجيرالد
- النظام العربي والحالة العراقية...حقيقة الصراع 1و2و3
- وعي الذات والموضوع: ملامح من خارطة الكفاح العربي الثوري
- التيار الصدري وجيش المهدي...قراءة اخرى


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عارف معروف - ازمنة الحب 2- زمن فيروز