أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عماد مسعد محمد السبع - الثورة فى مواجهة وسطية الفكرالعربى المعاصر















المزيد.....

الثورة فى مواجهة وسطية الفكرالعربى المعاصر


عماد مسعد محمد السبع

الحوار المتمدن-العدد: 3413 - 2011 / 7 / 1 - 08:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


المفاهيم و الرموز " الوسطية " التى تسيطرعلى مشهد وأفق الثورات والإنتفاضات المتلاحقة فى المحيط العربي – تستوجب وفقة للمراجعة والتأمل .

ذلك أن الثورة " كتعبيرعن ذروة التغييرالجذرى والشامل للنظام السياسى والإجتماعى " ترتبط عضويآ بالذهنية الرايكالية وبالإندفاع وتجاوزما هو توفيقى وتعادلى فى الفكروالممارسة السائدة – وهذا ما لم يتحقق داخل سياقات الإنتفاضات العربية .

على سبيل المثال - هناك قبول وحضور كثيف للرؤى الوسطية فى مصر بمرحلة مابعد 25 يناير , حيث تقدم وتعرض برامجها وأطروحاتها كأنها النموذج الأعلى للحلول الثورية وترجمة لحدود الطموح الأقصى للجمهور.

فالشيخ يوسف القرضاوى – أحد الأيقونات الأثيرة للمذهب الدينى الوسطى – والذى أحتل موقعآ متقدمآ بميدان التحريرعبرأمامته للمتظاهريين وخطب الجمعة , صرح - فى قلب الحدث الثورى - بأنه" يمثل المنهج الوسط للأمة الوسط الذى يعبر بحق عن الإسلام المتوازن والصراط المستقيم ".

أما الحكومة الإنتقالية المصرية فحرصت على تأكيد " وسطيتها " منذ الأيام الأولى لتوليها أدارة عمليات النظام , وعلى أن طريقها يمرعبر الإلتزام بقواعد " الإقتصاد الحر مع ضمان العدالة الإجتماعية " , وفى صيغة تجاورتجمع شكليآ بين أستمرار العمل بقوى السوق الرأسمالى مع آليات للتوجيه والتحكم الإقتصادى الدولتى .

وفى داخل الفضاء السياسى المصرى نلحظ سيطرة لهذه " النزعة الوسيطة " فى برامج أحزاب الثورة والفئات الوسطى وخطاب التيارات والقوى السياسية الفاعلة بالساحة , كما ظهر حزب بأسم " الوسط الجديد " قدم نفسه ممثلآ مباشرآ لفكرة الوسطية السياسية والحضارية ووفق ما يتصوره .

حتى جماعة الإخوان المسلمين التى ترفض بحسم فكرة المدنية الغربية باعتبارها جاهلية معاصرة وفق التوصيف القطبى , فأن برنامج حزبها السياسى ( الحرية والعدالة ) أخذ ينسج موائمات وتوازنات سياسية وأقتصادية متنوعة تجنح نحو التوفيق بين الدين والأفكار المدنية الليبرالية , وضمن مقترح ( الدولة المدنية ذات المرجعية الإسلامية ) الذى يعد فى التحليل النهائى محاولة لإيجاد معادل وسط بين المعطى العلمانى والمرجع الثيوقراطي .

ولا يختلف الحال فى تونس - فمطالعة أدبيات ومقررات حركة النهضة الإسلامية كاشفة عن سيطرة هذا المنحى الوسطى مع محاولة الترويج لتلك الثنائية فى فكرالجماعة وممارساتها العملية , وعبر رؤية قوامها الأساسى التوازنية بين المشيئة الآلهية والمشيئة الإنسانية , وبين المشيئة المطلقة الإلهية والسنن الكونية , وبين عبودية الإنسان لله ومقام تكريمه بالكون وبالعقل والإرادة .

ثمةحاجة للتقرير بأن الإنتساب للتيارالوسطى يتمتع بقيمة أيجابية وشعبية متزايدة من منطلق أن " حلأ وسطآ " بين الغلو والتقصير , والإفراط والتفريط يتعين البحث عنه والإرتباط به . فضلآ عن القرآن والنص المقدس يرفع من قيمة وأهمية " وسطية الأمة " – كموقع ديانى بين روحانية المسيحية ومادية اليهودية - " وكذلك جعلناكم أمة وسط لتكونوا شهداء على الناس ".

وأيا ما كان الأمر, فأن " الطبيعة الطبقية للإنتفاضات العربية " تركت أثرها على الملمح الوسطى الثورى العام , ففئات وشرائح البرجوازية الوسطى والصغيرة المدينية – بسماتها التوفيقية والتعادلية التاريخية – تظل الحامل الإجتماعى الأبرز والمعين لهذه التحركات الشعبية .

ومع ذلك فأن صورة الوسطية المهيمنة فى أفق الإنتفاضات العربية تعد أمتدادآ لتيارتوفيقى يشكل ملمحآ رئيسيآ لتجليات وممارسات تاريخية وفلسفية ودينية وسياسية وأجتماعية سائدة بالفكرالعربى الإسلامى وتروم الجمع بين ثنائيات مختلفة ( كالنقل والعقل , والإصالة والمعاصرة , والتراث والتجديد) وغيرها.

هذه الثنائيات تقدم نفسها كحلول عن " سؤال النهضة المجهضة " , ولذلك تعد " الوسطية " سمة أيديولوجية بارزة بالفكر العربى منذ القرن الثامن عشر , ومنذ جروح اللقاء التاريخى الدامى مع مدافع نابليون وحملته على الشرق .

وتظل هذه " الوسطية " - التى يروج لها الآن بميدان الدين والسياسة والثورة العربية و باعتبارهاعلاقة تجاوروموقف متوسط يجمع بين مزايا طرفين متناقضين - محل نقد وتساؤل فى السياق الفلسفى والواقعى .

فمع المولود الهجين - وهو أستنساخ للمتوسط الأرسطى الأغريقى بين الرذيلتين - سنجد أنفسنا بين موقفين ينتميان معآ " لرذيلة واحدة " لن يخرجنا التوسط منها بل سيفرض علينا البقاء فيها حتى نهاية الطريق .

فالخياربين طغيان الدولة الأمنية وطغيان الدولة الدينية - على سبيل المثال - لا معنى للوسطية فيه أذ يتعين التحررو القضاء على كليهما , كما أن الوسطية عبر صيغة ( دولة مدنية ذات مرجعية أسلامية ) تظل دون مضمون عند غياب قواعد المواطنة والمفردات العلمانية الأساسية .. وهكذا .

الوسطية هى وهم حيازة وأمتلاك " موقف ثالث يحتفظ فى داخله بمحاسن طرفى الثنائية " فى حين أنها مجرد ساتر لإخفاء الطابع التلفيقى , وحقيقة العجزعن توحيد عضوي وجدلي بينهما و لهدف أنتاج مركب جديد ومغاير.

وفى الحقيقة فأن المبرر الموضوعى لتوافر كل هذه " الثنائيات والوسطيات " فى واقعنا العربى يعود فى الأساس لتناقضات قوى وعلاقات الإنتاج المادى ولتداخل الهياكل المختلفة للتشكلية الإجتماعية الإقطاعية وما قبل الرأسمالية مع مفردات نموذج رأسمالية الدولة التابعة .

فموزاييك الأوضاع الطبقية السائدة وتشوهاتها الأصيلة والأعطاب البنيوية التى واكبت تكوين البرجوازيات العربية عوامل أساسية ساهمت فى أنتاج وأفراز مركبات وحلول " وسطية - تلفيقية وشكلانية " تدعى تصفية تناقضات الواقع والإنتصار للكل وأنصاف الجميع .

وهكذا فهذه التثائيات التوفيقية تقدم دومآ بشارة بطريق ثالث جديد ومختلف يعبرعن أيديولوجية " ثورية المظهر " ولكنها لا تعدو الإ أن تكون محاولات للإلتفاف على بنية الإستغلال السائد فى واقعنا وأعادة أنتاجه بنمط مغاير وتأجيل طرح حله الجذرى .

لن يكتب للإنتفاضات العربية القائمة تحقيق منجزها الثورى والتمكين لقواعد تحررها من التخلف والرجعية والقهر الطبقى والإجتماعى الإ بهجرة تلك المفاهيم الوسطية التلفيقية وحسمها فى دنيا الواقع والفكر العربى – على حد سواء .



#عماد_مسعد_محمد_السبع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متى تبدأ الثورة على السلفية الوهابية ؟
- الإنتفاضات العربية بين طابع السلمية وحتمية العنف الثورى
- الأردن .. هل ينجو من طوفان الثورة العربية ؟
- الخيال والمفاجآت الإدراكية لشباب الثورة العربية
- الوعى الزائف بالتاريخ .. مصر تمحو حقبة مبارك !
- الميدان .. خاطرة حول طوبوغرافيا الثورة
- الصين والكونفوشيوسية وربيع الثورة العربية
- موقع الموسيقى على خريطة الثورة العربية
- الثورة العربية فى عيون الإستراتيجية الإسرائيلية .
- فوبيا الشعر و الثورة العربية
- ملاحظات حول الموقف الإيرانى من الثورة العربية
- العلافات العاطفية فى زمن التحول الثورى
- دلالات ودوافع التوجه الخليجى نحوالمملكة المغربية.
- الصراع حول الدولة المدنية فى مصروتونس
- الثورة العربية ومملكة الصمت السعودى
- دورعنصرالأرض ورأسمالية المقاولات فى سقوط نظام مبارك .
- الإسلام الراديكالى هل سيحصد ثمارالثورات العربية ؟
- فجر القومية العربية الجديد .. هل سيولد من رحم الثورة ؟
- حول موقف الثورتين التونسية والمصرية من قضية تحريرالمرأة
- دورالسياسات والعلاقات الزراعية المصرية فى قيام ثورة 25 يناير


المزيد.....




- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...
- أسئلة عن الدين اليهودي ودعم إسرائيل في اختبار الجنسية الألما ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عماد مسعد محمد السبع - الثورة فى مواجهة وسطية الفكرالعربى المعاصر