الشيعة والسنة بين فقه الدين وفقه الدولة الوطنية المعاصرة – 2

اخي وصديقي العزيز د.جعفر
منذ بدأ الحوار بيننا على صفحات الجريدة الغراء(الحوار المتمدن) لم يدر بخلدي أبداً ان أسحب من مقالاتك الرصينة افكارها الرئيسة لأحولها الى شيء اخر ابدا.وانا اعرف تماما ماذا تريد ان تقول وعن ماذا تتحدث فانت كفاءة علمية وادبية وثقافية تقدر ان تجيد ،لكنني أشعر وكأنك تريد ان ترمي بسهمك المحب نحوي.
أتمنى من الاخوة الاخرين ان يشاركوك الحوار لنتعلم منهم ايضا مثلما نتعلم منك اليوم.
اما مقالتك اليوم فهي غنية بالمفردات،لكنني لا أوافقك الرأي بأن الفقه الشيعي وحتى المرجعيات ظلت بعيدة عن التفاعل مع سياسة الدولة.وانا وكما تعرفني لاأؤمن بِسنة ولا بشيعة ولكن أؤمن بالاسلام ودستوره المغيب اليوم،ان دور الشيعة في تكوين الدولة العراقية وضرب الطائفية فيها وسياسة فرق تسد هم فرسانها ومنجزيها في وقت لم تكن للمرجعيات السنية اي دور فيها،وازيدك علما وليس تجنيا على السُنة ،ان السنة ليست لديهم مرجعيات فكرية تتبنى المشاريع الوطنية حين نشأت الدولة العراقية.لكن وقوف البعض من سلبية سلطة الحكم والتعامل مع السياسة هو الذي فوت عليهم بناء الدولة منذ البداية،وهذه كانت غلطتهم الكبرى مثلما أهمل الأمام

إرسال شكوى على هذا التعليق          171 أعجبنى             المزيد-الاشراك   

---

علي دوره في سقيفة بني ساعدة فكان لسرعة الحركة في اتخاذ قرار الخلافة فرصة أرهقت الدولة الاسلامية فيما بعد ولم تستقر ابدا. وعليك ان تتذكر تماما موقف سماحة السيد محسن الحكيم _طيب الله ثراه -في موقفه من الدولة الوطنية ورفضه لسياسة القائدالبريطاني كوكس في سياسة فرق تسد عام 1917،لكن الظروف انذاك قد غلبت عليه من بعض القوى الاخرى التي نظرت الى السياسة نظرة سلبية فتحولت القيادة الى الاخوة السُنة’، وكان اخر ما يفكر به النقيب ان يكون رئيسا للوزراء ،ناهيك عن دور السيد الحكيم الوطني ضد الحزب الشيوعي عام 1959 الذي انقذ العراق من التدمير.وانا واثق كل الثقة لو أتيح لسماحة السيد محمد باقر الحكيم بمرجعية العراق لكان حالنا اليوم غير الذي نراه .ارجو اخذ بنظر الاعتبار الكثير من الاحداث التاريخية حين الكتابة في موضوع يستحق منا قول الحقيقة التاريخية ليس تقربا للحاكمين فنحن اليوم اول المتضررين لكن للحقيقة والتاريخ ،ومع الأسف ان قيادات العراق الشيعية الحالية قد ضربت عرض الحائط كل التاريخ الناصح لهم من اجل المصالح الشخصية التي جلبت علينا هذا الواقع المر .وحين وقع الأخوة السُنة بنفس الخطأ تراهم اليوم يعانون؟.

إرسال شكوى على هذا التعليق          118 أعجبنى             المزيد-الاشراك   

---

الأستاذ العبيدي المحترم
شكرا لهذه المداخلات الغنية
الواقع إنني أتحدث عن سياقات ومبادئ عامة كانت قد تحكمت بطبيعة العمل السياسي في العراق وموقف المؤسسات الدينية بشقيها الشيعي والسني من قضية الدولة, وإذا كان هناك ثمة موقف أو موقفين لهذا العالم الديني أو ذاك بشأن قضية ما فلا يؤثر ذلك على السياق العام الذي أتناوله هنا والذي نتج من نوع وطبيعة التحديات التي كانت قد واجهت كل مذهب.
هذا الموضوع هو محاولة مجردة من أي انحياز فئوي أو مذهبي فنحن لا يمكن أن نتقن إعطاء رأي بحالة ما لم نتقن توصيفها, وقد قادني هذا التوصيف الذي يعتمد على سياقات تاريخية متفق عليها أن هناك أسباب حقيقية لتقاطع المؤسسة الشيعية مع قضية الدولة الوطنية التي كانت تأسست بعد انهيار العثمانيين.. وهنا أعيد .. لقد كان هناك ابتعاد وليس إبعاد فقط, والابتعاد والإبعاد كما وصفته في الحلقة السابقة هو نتيجة العلاقة بالدول الإسلامية المتعاقبة بدء من الأمويين ومرورا بالعباسين ووصولا إلى العثمانيين, فلقد تعرض الشيعة إلى اضطهاد كبير من قبل هذه الدول أدى بدوره إلى التمسك بعزلة عملت بدورها أيضا إلى التشرنق على الذات وحمايتها من

إرسال شكوى على هذا التعليق          103 أعجبنى             المزيد-الاشراك   

---

أخطار الدولة الظالمة, ومن طبيعة التشرنق الانغلاق ومن نتائجه التخلف.. نعم هناك قواعد فقهية لتفسير وجود المؤسسات الشيعية الدينية على هذه الدرجة من التمركز والحجم ولكن لا يمكن نكران أن ذلك أيضا قد جاء بفعل التعامل مع حالة اضطهاد قائمة ولكن باتجاهات ترفض الانفتاح على حركة المحيط الأمر الذي غيب قضية التفاعل معه, ومن ضمنه حركة الدولة وما تنتجه من متغيرات ثقافية واجتماعية, حتى إذا ما تأسست الدولة الوطنية فإن المؤسسة الدينية هنا ظلت على موروثها الفقهي الذي جعلها على مسافة بعيدة من مكونات هذه الدولة وعقيدتها المدنية, ودليل ذلك هو موقفها المتحالف مع السلطة العثمانية المنهارة ضد الإنكليز انطلاق من فقه ديني لا يجيز الانحياز ل(الكافر) ضد (المسلم).

إرسال شكوى على هذا التعليق          153 أعجبنى             المزيد-الاشراك   

---

إن هناك من يبرئ تماما المؤسسة الدينية من دورها في إبقاء الشيعة بعيدا عن حركة الدولة في بدء تأسيسها ويلقيها على عنصر الإبعاد المذهبي, وإني لا أدعي أن المجتمع العراقي كان خاليا وقتها من الفرقة المذهبية, فالإدعاء بأن هذا المجتمع كان نزيها وخاليا من العيوب المذهبية هو إدعاء مجانين, ولا أنكر أيضا أن الإنكليز كانوا أيضا قد لعبوا دورهم الخبيث في إذكاء هذه اللعبة وفق قاعدة فرق تسد, لكن الذي لا يمكن نكرانه أيضا أن المجتمع العراقي والحياة السياسية كانت تتطور أيضا بسياقات خارجة على قوانين هذه اللعبة المذهبية فتأسست الحركات والأحزاب التي ترفضها وتؤكد على جوانب الصراع بمستوياته وأشكاله الأخرى ومن شيوعيين وقوميين ووطنين ديمقراطيين..

إرسال شكوى على هذا التعليق          168 أعجبنى             المزيد-الاشراك   

---

هنا لا يمكن مطلقا الإدعاء بأن دور المؤسسة الدينية كان إيجابيا بل أن هناك ما يفيد على أنها لم تشجع على الأقل, إن لم تمنع بفتاوى, مشاركة الشيعة ولم تعمل جهدها من أجل أن تخرجهم من طريق الخصومة التاريخية مع مسألة الدولة أو تشجعهم من أجل الانخراط بمؤسساتها دون البقاء في دائرة تلك الخصومة كثابت تاريخي, وحتى حينما ذهب الشيعة إلى تلك الأحزاب والحركات فقد كان هناك إعتقاد أن ذلك لا يشكل خروجا على الدولة وإنما على المرجعية أيضا لذلك كانت هناك ثمة مواقف وفتاوى أكدت على هذا الشكل من التوجس وحددت نوعية التحوط.

إرسال شكوى على هذا التعليق          139 أعجبنى             المزيد-الاشراك   

---

لكن أخطر ما نجابهه اليوم هو محاولة تفخيم وتضخيم الفرقة المذهبية في العهود السابقة لتأسيس نظرية طائفية بإتجاه مذهبي معاكس. صحيح أن ذلك لا يدعونا إلى لي عنق الحقائق والإدعاء بأن الفرقة المذهبية لم تكن قائمة على مستويات وبدرجات ولكنه يدعونا أيضا إلى التوقف أمامها بإنصاف ودراستها بعلمية لكي لا نسقط بالفخ ونستبدل طائفية إجتماعية بطائفية سياسية وقانونية كما هي قائمة في هذا العهد الذي قام على قاعدة ( لا تنهى عن خلق وتأتي مثله ), وفي إتجاه كهذا فإن مصارحة الذات هو أمر مطلوب, وهو مفيد أيضا للشيعة كمواطنين عراقيين وكبشر متحضرين قبل أن يكون مفيدا لغيرهم.

إرسال شكوى على هذا التعليق          110 أعجبنى             المزيد-الاشراك   

---