أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خلدون جاويد - تعالوا نشتم الشعب والوطن ! ...















المزيد.....

تعالوا نشتم الشعب والوطن ! ...


خلدون جاويد

الحوار المتمدن-العدد: 3411 - 2011 / 6 / 29 - 13:10
المحور: الادب والفن
    



في روايته " نيران صديقة " التي فرغ من كتابتها عام 1989،عبّر الروائي المصري بطريقة لامباشرة عن حاجة ما "لشتم" مصر والمصريين . ومنعت الرقابة الرواية رغم توقيع كاتبها متعهدا ـ من أجل طبعها ـ بأنه لايتفق مع ماورد على لسان أحد أبطالها . مؤكدا مامعناه أن ناقل الكفر ليس بكافر . هناك في أوساط كل شعب وفي قاع المدينة يوجد الكلام الحقيقي بل توجد الحقيقة عارية وكل ماهو آسن تراه في الأعماق لا في السطوح البراقة وصالونات الأناقة واُبهة المكاتب . وما على الأديب العظيم الاّ أن يرشق الآسن في وجوه الأرستقراطية وحثالاتها من خدم وشرطة ورجال أمن وصحفيين تافهين يعملون وفق خطوط حمراء .. هكذا فعل جان جنيه عندما ثار على فرنسا من كل الجهات . وكذلك صرخ بأعلى صوته أن لا ثياب على الإمبراطور ، ذلك هو بطل هينس كريستيان أندرسون . وأن الذين يصفقون لمرور رجل عار ٍ إنما هم منافقون . وأما الإقليمويون فهم أكثر الناس كذبا ً عندما يتغنون بجمال الشعب وهو في قبحه الشنيع وبثياب تراثه القشيبة بينما هو يعيش بالأسمال وبغناه وثرائه الروحي بينما هو أفقر فقراء الأرض ويمتدحون حضارته بينما هو في قعر التخلف . لقد كشف الأديب الكبير علاء الأسواني في عمارة يعقوبيان أمراض وتناقضات مجتمع لابد من وضعها على الطاولة وكذلك في رواية واشنطن قام بتعرية الجالية وإزدواجيتها في الخارج . أما في أوراق عصام عبد العاطي في" نيران صديقة" فقد وضع على لسان بطله مايصعب على إنسان أن يقوله جهارا وإعلاميا بدون ضريبة . إنه عَبْرَ لعبة الرواية قد وضع الهمس والرأي الغريب والإنتقاد القاسي والحقيقة المرة في تعابير جريئة يمكن أن تسمعها في المقهى في الشارع في البار في علاقات صداقية الخ لكن أن تقولها جهارا وهي تشتم الوطن والشعب فذلك هو المرعب والعاق والخارج على الإجماع العام . وهنا قوة الأدب أنه لايهادن لاينافق ولايخاف .
في أوراق عصام عبد العاطي وعلى لسانه يرد علاء الأسواني على مقولة مصطفى كامل " لو لم أكن مصريا ً لوددت ُ أن أكون مصريا ً " يقول الروائي ص 25 من " نيران صديقة " : " لابد أن يرى ـ مصطفى ـ في الشعب المصري فضائل لاتوجد في أي شعب آخر ! ماهي هذه الفضائل إذاً ؟ هل يتميّز المصريون مثلا بالجديّة وحُب العمل كالألمان أو اليابانيين ؟! هل يعشقون المغامرة والتغيير كالأميركان ؟ ! هل يقدّرون التاريخ والفنون كالفرنسيين والايطاليين ؟! ليسوا على شيء من ذلك ... بماذا يتميّز المصريون اذن ؟ أين هي فضائلهم ؟ إنني أتحدى أي شخص أن يذكر لي فضيلة واحدة ؟! الجبن والنفاق ، الخبث واللؤم ، الكسل والحقد ، وتلك صفاتنا المصرية ولأننا ندرك انفسَنا فنحن نداريها بالصياح والأكاذيب . .. شعارات رنانة جوفاء نرددها ليل نهار عن شعبنا المصري " العظيم ". والمحزن أننا من فرط ترديدنا للأكاذيب صدقناها ، بل إننا ـ وهذه مدهشة حقا ً ـ ننظم أكاذيبنا عن أنفسنا في اُغنيات وأناشيد ، هل سمعتم عن أي شعب في العالم يفعل ذلك ؟ هل يردد الإنجليز مثلا " آه يا انجلتره يابلدنا .. أرضك مرمر وترابك مسك وعنبر ْ "!! هذا الإبتذال من خصائصنا الأصيلة !تصوروا ! "...)
هذا ماورد من تقييم للناس والوطن والحضارة .. ماذا لو ورد أعلاه على لسان أكثر من عصام عبد العاطي واحد ، وأين الضير لو عاتب أديب ما شعبا تعرض في ملايين منه الى التبعيث القسري ووافق على مضض وشارك في التظاهرات كذبا وكتب التقارير مرغما وذهب الى سوح القتال وشارك في مهام سلطوية كما لو يكون هو السلطة ذاتها .
ها هو علاء الأسواني يضع خطاً أحمر إزاء كل ماتعارف الناس إعتباطا على صحته ! إنه يقول ص26: " لقد قرأت العبارة التالية في كتاب المطالعة المقرر على الصف الثاني الإبتدائي : " إن الله يحب مصر كثيرا وقد ذكرها في كتابها الكريم ولذلك فقد حباها بجو معتدل جميل صيفا وشتاءا وهو يحميها من كيد الأعداء " . إنظروا الى ركام الأكاذيب الذي يحشونه في عقول الأطفال . إن جونا " المعتدل الجميل " هذا ، هو الجحيم بعينه ، سبعة أشهر من مارس الى إكتوبر والحر المستعر يشوي جلودنا حتى تنفق البهائم ويذوب أسفلت الشوارع من وطأة القيظ ، ومازلنا نحمد الله على جونا المعتدل الجميل ! ثم إذا كان الله يحمي مصر من كيد الأعداء كما يقولون فلماذا تم احتلالنا من كل شعوب الأرض ؟ إن التاريخ المصري ليس في الواقع سوى سلسلة متواصلة من الهزائم منينا بها أمام كل الأجناس بدءا من الرومان الى اليهود ".
بعد قراءة النص أعلاه لايملك المرء الاّ أن ينظر بإكبار الى أديب شخـّص الواقع ونطق به ولكن كلنا يعرف كيف عامل الملك لير إبنته التي صدقت معه القول " ليكن صدقك صداقك " ... أن تقول الحقيقة فإنك سقراط وغاليلو وديكارت وسواهم وإذ تكون من رعيل الصادقين الناقدين فإن مصيرك مثل مصير ابن المقفع وأضرابه في العصور . ويقينا أن قائل قصيدة بغداد ياقلعة الأسود لم يخدمنا مثلما شخص عيوبنا الشاعر محمد مهدي الجواهري في قصيدته ، على سبيل المثال ، كم ببغداد ألاعيب . المداحون لايخدمون ، النـُقـّـاد هم عجلة التاريخ . إذا امتدحت ظاهرة غطـّيت على عيوبها وغمطت حقوق ضحايا تلك الظاهرة .
راح علاء الأسواني يتقدم في النقد لايخشى ولايهاب : " كل هذه الغباوات تثير أعصابي والذي يخنقني أكثر أن نتمسح نحن المصريين الخاملين في الفراعنة ، كان الفراعنة اُمة عظيمة حقا ً ولكن ماعلاقتنا نحن بهم ؟ نحن نتاج مشوّش فاسد لأخلاط جنود الفاتحين بالسبايا من الرعايا المهزومة . إن الفلاح المصري الذي استبيحت ارضه وانتهكت رجولته على يد الغزاة قرونا طويلة قد فقد كل مايربطه باجداده العظام ، هو من طول عهده بالذل قد ألفه واستكان اليه واكتسب مع الوقت نفسية الخادم . حاول أن تتذكر مصريا شجاعا بمعنى الكلمة رأيته في حياتك ! إن المصري مهما علت مكانته وازداد علمه . ينحني أمامك مادمت الأقوى ، يبتسم في وجهك ويداهنك وفي نفس الوقت يداهنك يمقتك ويسعى للقضاء عليك بطريقة خفية مأمونة لاتكلفه مواجهة أو خطورة . مجرد خادم . هذا هو المصري . أنا أكره المصريين وأكره مصر ...." ....) .
إن روعة الرواية ـ عموما ـ أنها تنقل مايدور في أذهان الناس من غضب من مشاكسة من أقاويل من نكتة لاذعة من نقد جارح من سفاهة من تفاهة من حكمة من مأساة من مقالب من أحابيل من عربدة وسكر وزندقة وشعر خارج على القانون من جنس فاحش من شذوذ من كل أنواع الأخلاق المبعدة من شاشة التلفزيون والصحافة والإعلام . الرقابة تحاول أبدا ً أن تشير الى أننا مجتمع الثورة والحرية نحن شعب صاعد الى القمة وإننا أبطال أشاوس نقهر السفوح ونرتقي . نحن ابناء عدنان وكنعان والى آخره مما لايتسع وقت أي برنامج منافق للسلطة أن يجرأ على عرض مايختلف ويناهض .
تتفاوت رواية " نيران صديقة " في قوتها ـ من وجهة نظر بعض القراء ـ . إنها تتركز جماليا في " أوراق عصام عبد العاطي " و " المرمطون " أما القصص القصيرة الملحقة فهي لاترقى الى ذاك المصاف مع الإقرار بأهمية المسح التحليلي لعموم شخصيات المنجز الإبداعي .
كم نحن بحاجة الى التخلص من مدح الواقع في أننا أبناء المجد التليد ، والإكتفاء بأننا سومر الحضارة ، وأن كل ما هو ابن البلد فهو الأصيل والوفي ، وإن كل مايفعل المحبوب محبوب ، وإننا أفضل من سوانا بالعِرق والإنتماء لاعيب فينا ولاغبار علينا . لاداع للنقد لأنه يشوه صورتنا أمام الأعداء ! نعم توجد لدينا بعض المشاكل لايجب أن نطرحها أمام الملأ ! علينا أن نصوّر الجميل والمكاسب والإنتصارات . وهكذا يُدجن بعض الادباء الرخيصين للتحدث عن السيد الرئيس ومعالي الوزير ونجاحات الخطة الاقتصادية . لا يتناول هذا الرخيص معدلات الامية والفقر والبطالة والأمراض الإجتماعية والاختلاس والإثراء والتمايز الطبقي .
تبقى وثائق النقد والتحليل الجرئ هي القيمة الأعلى لشخصية الأديب . وكلما رأيت مداحا ومرتزقا سلطويا يتغزل بالرئيس وحزب الرئيس ويتمسح بأعتاب الباب العالي ، إحتقره أشد الإحتقار ، وافضحه في كل مكان . إن نقد الناس للثقافة والمثقفين هو الواجب المقدس .

*******
29/6/2011

توقٌ أخير:
ـ عظمة الأديب أن ينتقد ونقطة ضعفه أن يتماهى ! .
ـ الجواهري في قصيدة " كم ببغداد ألاعيبُ " أنفع لنا من قصيدة محمد حسن اسماعيل " بغداد ياقلعة الإسود " . الاولى تضع اليد على الأسقام والعلل وتفيد في التحليل . والثانية تمنحنا الرضا ولاتظهر معايبنا وحقيقتنا .
عندما تقول لي لا أخطاء لك ينتهي كل شيء وتنزل الستارة أما إذا قلت لي وبروح النقد البناء : أخطأتَ ! فانك تدفعني الى العمل . العمل حركة والرضا سكون . ومن لايتقبل النقد إنما هو أحط أنواع البشر . إياك إياك من سلطة لاتنتقد نفسها . وشخص يظن أنه لايخطأ .



#خلدون_جاويد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل من فتوى لتحريم خلوة الإبن باُمهِ ؟
- - إن النساء َ بذيئآتٌ حقيرات ُ - للشاعر حسين مردان !.
- - على غرار قصيدة أحمد شوقي - ...
- إحتقار المرأة أم دعوتها للتحرر ؟
- - سلوا قلبي غداة َ سلا وثابا - ...
- شاعر يشتهي الرضاعة من ثدي اُمه ِ !!! ...
- يوميّاتي 2 ...
- التغزل بجدار قديم ...
- صورة - سيدتي الجميلة - ...
- إهدأ يا اُستاذ ! ...
- رحيم الغالبي وعجالة الرحيل المفجع !!! ...
- قصيدة غزلية لم اُمزقها ! ...
- منحة لراحة وإستجمام العراقيين !!! ...
- مدخل ومخرج الى أدونيس والأدنَسة ...
- قصيدة مهداة الى الشاعرة البحرينية السجينة ...
- قصيدة الى شاعرة البحرين السجينة...
- بساطة أم تعقيد ، إستعلاء أم تقبُّل ؟
- - المستشار هو الذي شرب الطِلا - ...
- يوميّاتي 1 ...
- عشقتك يا أبا ذرّ الغفاري ...


المزيد.....




- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خلدون جاويد - تعالوا نشتم الشعب والوطن ! ...