أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - ضباط يوليو والموقف من دولة الحداثة















المزيد.....

ضباط يوليو والموقف من دولة الحداثة


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 3410 - 2011 / 6 / 28 - 16:24
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كان من بين أهداف ضباط يوليو52 اقامة حياة ديموقراطية سليمة. وجاء الواقع ليؤكد العكس. فتم تكريس السلطة المطلقة للزعيم الأوحد. ويُجمع المؤرخون على انفراد عبدالناصر بالسلطة. وفى هذا السياق كتب البغدادى فى مذكراته أن مجلس الوزراء هو عبد الناصر(ج1 ص 169) لذلك فإن الباحث الموضوعى لايندهش عندما يربط بين تكريس (الزعيم الأوحد) و(الحزب الأوحد) وتنفيذًا لهذا المخطط كان لابد من اتخاذ الإجراءات التى تدعم آلية (الوحدانية) لتكريس الديكتاتورية. فيصدر مجلس (الثورة) قرارًا فى 10/12/52 بالغاء دستور عام 23 وفى يوم 16/1/53 يُصدرقرارًا بحل الأحزاب والهيئات السياسية ومصادرة أموالها فيما عدا جمعية الإخوان المسلمين (الوجه الآخرللأحادية) وفى أثناء أزمة مارس54 قال عبدالناصر لأعضاء مجلس الوزراء ((كل ما أطلبه منكم أن تعطونى حق التصرف دون الرجوع اليكم)).
فى أول يوم جمعة فى شهرسبتمبر53 صلى مصطفى النحاس فى مسجد أبى العباس . وبعد الصلاة دوّت هتافات الجماهير بحياة النحاس وقالوا ((الشعب يرفض الديكتاتورية. أين الدستوريا حكومة الثورة)) كانت النتيجة تحديد إقامة النحاس وزوجته. وبعد أسبوع أقام الضباط مؤتمرًا (شعبيًا) فى ميدان عابدين جمعوا فيه عمال المصانع ومظفى الحكومة وتولت هيئة التحرير توصيل أهالى القرى الى المؤتمر. حضرالاجتماع عبدالناصرومحمد نجيب وصلاح سالم. وثائق هذا المؤتمرتشيرالى أن الضباط الثلاثة اشتركوا فى لغة الاسفاف بالهجوم على الوفد. وكان صلاح سالم أكثرسفورًا عندما ظل لمدة نصف ساعة يشتم النحاس وسعد زغلول وجماهير الوفد. ثم أظهر عداءه للصحافة فقال ((اسمحوا لى وأنا وزيرالارشاد أن أعلن بقوة وحزم وباسم قيادتكم أن الرقابة على الصحف فى داخل مصرستظل قوية بتارة تضع سيفها فوق كل رأس مخربة. إننا سنطهر بقوة وعزم كل ركن من أركان هذه الدولة. ولن ننساك يا صاحبة الجلالة . ثم استشهد بآيات كثيرة من القرآن التى تحض على قتل المنافقين. وهو ما فعله محمد نجيب أيضًا (مذكرات إبراهيم طلعت- مكتبة الأسرة2003 من ص 206- 212) .
لم يكن عداء الضباط ضد السياسيين فقط ، أوضد الليبراليين الذين فصلوا من الجامعة فقط ، أوضد الشيوعيين الذين قادوا الكفاح المسلح ضد الإنجليزفقط ، وإنما إمتد ليشمل الضباط الشرفاء الذين تم اعتقالهم يوم 15 يناير53 لمجرد أنهم كانوا يطالبون بإجراء انتخاب لمجلس قيادة الثورة. وبعد الاعتقال صدرت ضدهم أحكام عسكرية بالسجن لمدد مختلفة. وكان من بينهم المقدم حسنى الدمنهورى الذى لم تكتف قيادة (الثورة) باعتقاله والحكم عليه وإنما بتعذيبه أيضًا .
ولكى يتم تنفيذ مخطط الأحادية أعطى عبدالناصرمبلغ أربعة آلاف جنيه بسعر عام 54 لرئيس عمال النقل بالقاهرة (الصاوى محمد الصاوى) بهدف اقناع العمال بالإضراب عن العمل والهتاف ضد الديموقراطية. وفى مارس 54 يعترف عبدالناصربأن التفجيرات التى حدثت فى محطة السكة الحديد والجامعة ومحل جروبى من تدبيره (البغدادى ج1 ص144، 146، 181) .
توازى مع خط الأحادية السياسية خط عسكرة المجتمع من خلال وزارة الحكم المحلى لإتمام السيطرة العسكرية على المحافظات. وتعيين الضباط رؤساء مجالس مؤسسات وشركات القطاع العام. بل ونقل الضباط الى وزارة الخارجية حتى فى أثناء أزمة مايو67 بنقل عشرة من القيادات العليا(طارق البشرى – الديموقراطية ونظام يوليو52- كتاب الهلال- ديسمبر91 ص353، 355) وذكر أحمد حروش واقعة توضح نوعية الأشخاص الذين كان يرضى عنهم عبدالناصر الذى ((عيّن حسن إبراهيم مراقبًا لهيئة التحرير. ولكن الطحاوى وطعيمة استبدا. فشكا حسن إبراهيم ذلك الى عبدالناصر. فأجابه قائلا ((إنهما يقومان بأعمال غير نظيفة لاتستطيع أنت القيام بها)) .
واذا كانت أميركا تساند كل الأنظمة الدكتاتورية ، فكان من الطبيعى أن تدعم نظام يوليو . وهى حقيقة ذكرها كثيرون مثل د. رضا شحاتة الذى كتب ((لم تكن التقديرات الأمريكية تخفى ميولها الى ترجيح كفة عبدالناصرالذى اعتبرته (العقل الحقيقى والشرارة وراء حركة الجيش) وأن الضباط على صبرى وزكريا محيى الدين ومحمد نجيب فى أحاديثهم مع أعضاء السفارة الأمريكية أكدوا (الطابع المعادى للشيوعية) فى الحركة)) (مجلة الهلال يوليو2002) وحتى حركات التحريرالعربية التى شجعها عبدالناصركانت لصالح أميركا لتحل محل فرنسا فى الجزائرومحل بريطانيا فى العراق والأردن (أنظرد. جلال أمين – الهلال يوليو2002) أما عن تدريب ضباط التعذيب فى معتقلات عبدالناصرفقد كان فى أميركا (أنظرد. فخرى لبيب – الشيوعيون وعبدالناصرج1 ص 234، 367، ج2 ص 33) وعندما أراد عبدالناصرإعداد دراسة عن إصلاح الجهازالإدارى ، استدعى خبيرين من أميركا فأعدا تقريرًا بعنوان (الإسلام والحكم) جاء فيه ((إن الثقافة الإسلامية من أصلح الأسس للحكم الناجح فى العصرالحديث)) (د. سليمان الطماوى- ثورة يوليو52 بين ثورات العالم- دار الفكر العربىعام 64 ص 161) .
واذا كانت الحداثة تعنى توجيه الدخل القومى للتنمية ، فإن عبدالناصربدّد الكثيرمن أموال المصريين على بعض الأنظمة العربية مثل العراق وسوريا والجزائر. كما لم يُفكرضباط يوليو فى إجباربريطانيا وألمانيا لإزالة الألغام من منطقة العلمين. وإنما أرسلوا الجيش المصرى ليزرع الألغام فى اليمن ، فحصدت أرواح مصريين ويمنيين. وعن تبديد أموال المصريين فى اليمن وفى تدعيم ميليشيات الخمينى قبل أن يستلوى على السلطة فى إيران ، أرجو الرجوع الى كتاب هيكل (الانفجار) وكتابى فتحى الديب ( عبدالناصروتحرير المشرق العربى) ، (عبدالناصروثورة إيران) ولذلك كان أ. عبدالحليم قنديل صادقًا وهو يكتب ((عارض عبدالناصر بشدة حكم شاه إيران وقدّم أوفردعم ممكن لحركة الخمينى الثورية منذ بداياتها القوية سنة 63)) (الناصرية والإسلام- مجموعة كتاب- مركز إعلام الوطن العربى صاعد عام 91 ص 63) .
واذا كانت الحداثة تعنى ترسيخ دولة المؤسسات ، فإن أهم مؤسسة وهى القضاء تم تدبير المذبحة الشهيرة لها. ووصل الأمر الى الاعتداء بالضرب على شيخ القانونيين السنهورى الذى دعّم سلطة ضباط يوليوبفتواه الشهيرة فى أغسطس 52 بعدم جوازدعوة مجلس النواب الوفدى المنحل ، أى أنه كان مع الضباط فى عدائهم للوفد ، ومع ذلك تم الغدربه. واذا كانت الحداثة تعنى فصل المؤسسات المدنية عن المؤسسات الدينية ، فإن نظام يوليو دمجهما بعدة قرارات ، مثل تحويل الأزهر من جامع الى جامعة أخرجت لنا الطبيب والمهندس والمحامى (المسلم) الذين استولوا على النقابات. وأنشأ محطة إذاعة القرآن بتمويل المصريين. لذلك كان أ. عبدالحليم قنديل موفقًا وهويكتب ((البرلمان الإسلامى الذى حلم به عبد الناصر ليس صيغة متواضعة ، إنها أكثر تقدمًا من صيغ محدودة طرحها إسلاميون من طرازحسن البنا)) (المصدرالسابق – ص63) وعبدالناصربلع الطعم الأمريكى حتى تكون اليمن مصيدة للمصريين حسب خطة جونسون (نقلاعن د. عاصم الدسوقى – مجلة الهلال يوليو2002) وفى تبريره لدخول مصر فى هذه المصيدة قال عبدالناصر((إن جبال اليمن تحمل قبسًا من نفس الشعلة المقدسة التى يحج اليها المسلمون فى عرفات)) (الناصرية والإسلام ص 22) وبعد هزيمة يونيو67 قال((إن القدس قبل سيناء)) لذلك كانت الشاعرة فدوى طوقان صادقة مع نفسها عندما كانت تكرر القول ((الله فى السماء . وعبد الناصر فى الأرض)) (نقلا عن رجاء النقاش أهرام 4 ، 11 يناير2004) ولم تكن مصادفة أن من يختاره عبدالناصر ليخلفه هو السادات الذى قال ((أنا رئيس مسلم لدولة مسلمة)) واذا كانت الحداثة تعنى ترسيخ آليات الليبرالية ، فإن عبدالناصر فى لحظة صدق مع النفس قال لإبراهيم طلعت ((إحنا يا أستاذ مش بنحاكم الوفد. إحنا بنحاكم نظام قديم. بنحاكم نظام رأسمالى اسمه النظام الليبرالى)) (مصدر سابق ص 245) والنتيجة التى يستخلصها أى باحث موضوعى هى أن نجاح الضباط فى الاستيلاء على السلطة فى يوليو52 ودعم الإدارة الأمريكية لهم كان هدفه وأد الليبرالية المصرية كى يتم قطع الطريق على أية محاولة للحداثة .
*****



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التعليم الأزهرى والاعتقال فى كهوف الماضى
- الشعريواجه الدكتاتورالمحتمى بعرش السلطة
- عندما يكون البشر مثلثات متطابقة
- معبررفح وأمن مصرالقومى
- حقوق الإنسان والعقوبات البدنية
- إنقاذ الأمة المصرية من حرب أهلية دينية
- الإفراج عن كاميليا أم الإفراج عن العقل المصرى
- الانتقال من الاستبداد السياسى إلى الطغيان باسم الدين
- الكتابة واحترام عقل القارىء
- هل إعدام القتلة والمُفسدين هو الحل ؟
- إرادة الشعوب جمرة نارتحت رماد الاستبداد
- هل الرئيس المخلوع وأسرته فوق القانون ؟
- المستشارطارق البشرى بين المؤرخ والداعية الإسلامى
- حمام - قصة قصيرة
- شتاء الحرية وسقوط أوراق التوت
- مبارة عصرية فى شد الحبل بين الحرية والاستبداد
- إقصاء المختلف يبدأ بالكلمة وينتهى بالقنبلة
- الدكتورجمال حمدان والبكباشى عبدالناصر
- الاعتدال والتطرف فى ميزان المرجعية الدينية
- جامعة الدول العربية بين أوهام القدرة ووقائع التاريخ


المزيد.....




- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - ضباط يوليو والموقف من دولة الحداثة