أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوى - الورقة يا ورق وجوهر الأخلاق














المزيد.....

الورقة يا ورق وجوهر الأخلاق


نوال السعداوى

الحوار المتمدن-العدد: 3410 - 2011 / 6 / 28 - 09:17
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


ضجة كبيرة تحدث فى بلادنا حول مظاهر السياسة والدين والوطنية والأخلاق، ترتفع الورقة فوق الضمير الإنسانى والصدق والشرف الحقيقى، قد يحمل الإنسان جواز سفر واحداً مختوماً بالدولة ورأس النسر، لكنه يعمل ضد مصالح بلده وينهب أموال الشعب، أو يظلم خادمه فى البيت أو زوجته أو مرؤوسيه فى العمل ويظل يحظى بلقب زعيم وطنى شريف نبيل،

وقد يحمل الإنسان أكثر من ورقة سفر، أو جواز مرور بين الحدود، ومع ذلك يظل مخلصا لكل المبادئ الإنسانية العليا فى بلده وفى كل بلاد العالم، يدافع عن الحرية والعدالة والكرامة فى أى مكان تنتهك فيه الحرية أو العدالة أو الكرامة، لقد تطور مفهوم الوطن مع تطور الأنظمة العبودية التى كانت تربط العبيد والنساء والماشية بالأرض، كانت الأرض وملاكها يسحقون العبيد والنساء دون أن يتمرد العبيد والنساء، دون محاولة للفرار، خوفا من عقاب الآلهة الأسياد، والاتهام بخيانة الوطن أو خيانة الزوج أو القبيلة، أو الكفر بالإله والثوابت الدينية، كان مالك الأرض هو اللورد الإله يملك الحياة والموت،

يمنح أفراد الشعب من العبيد والنساء ألقاب الشرف والوطنية والأمانة والعلم والأدب، كان السيد الإله يظلم ويفسق ويخون الوطن والشعب وزوجته وأولاده غير الشرعيين لا يعترف بهم، مع ذلك لا يستطيع أحد أن يحاكمه أو يعاقبه، هو الذى يعاقب ويحاكم من يشاء، يمنح أوسمة الوطنية والشرف أو جوائز الدولة فى العلم والأدب لمن يدين له بالولاء، كانت أرفع جائزة تحمل اسم الإله الإمبراطور الملك، وأخيرا جائزة الرئيس مبارك، يدور الحوار فى مصر هذه الأيام حول هل يحق للمرأة أن ترأس الدولة أم لا، يقول أحد رجال الدين إنه على صلة مباشرة بالإله، وإذا فرض الإله الحجاب على المرأة لأن رأسها عورة فكيف له أن يبيح لها رئاسة دولة؟

وإذا كان قد فرض عليها الحيض أو الطمث والحمل والولادة والنفاس فكيف لها أن ترأس الدولة؟

وإذا كان قد أعطى زوجها أو بعلها الحق المطلق فى احتباسها أو تطليقها والزواج عليها غيابيا، بأربع نساء، فكيف تقود المرأة الرجال وترأس الدولة؟

إذا خضعت المرأة لحكم رجل واحد فى البيت هل تحكم الملايين فى الدولة؟

لماذا هذا الصخب حول جواز السفر الواحد أو الاثنين أو أكثر؟ ما علاقة جواز السفر بالإخلاص للوطن؟

ما علاقة الورقة بالإخلاص الزوجى؟ عرفت رجالاً ونساء ليس لديهم ورقة، ومع ذلك يخلص كل منهم لشريك أو شريكة الحياة أكثر من الحاملين لورقة وأوراق، بالمثل رأيت رجالا ونساء لا يحملون جواز سفر عربياً أو مصرياً ومع ذلك هم أكثر إخلاصا واهتماما بالقضايا العربية أو القضية الفلسطينية (مثلاً) عن الكثيرين من العرب والمصريين، لا تعلو الورقة على الضمير الحى، لا يحتاج الضمير الحى إلى ورقة، لكن ترتفع الورقة على كل القيم الإنسانية حين يموت الضمير، تتحول السياسة والانتخابات والزواج والحب والإخلاص إلى سوق، إلى بورصة، يباع فيه كل شىء بالورقة والأوراق، جوهر الأخلاق هو جوهر قضية الإنسانة المرأة، وقضية الإنسان الرجل.

أصبحت قضية المرأة علماً من العلوم مثل علم الطب والهندسة والقانون والاقتصاد والسياسة والدين والتاريخ، يتخصص فيها الأساتذة الرجال والنساء فى معظم جامعات العالم شرقا وغربا، لم تعد قضية المرأة فهلوة سياسية أو دينية أو إعلامية، يفتى فيها رجال من هواة الحديث عن المرأة، رجال يفخرون بعشقهم النساء، لا يشعر بالعار رجل سياسى بارز أو فنان مشهور يقول إنه يعشق الجمال والنساء، إنه ينتقل من امرأة إلى امرأة لأنه فى حاجة إلى التغيير، إذا اقترب من الشيخوخة أصبح فى حاجة إلى فتاة عذراء تعيد إليه شبابه وتنسيه شبح الموت، يرث الابن عن أبيه فساد الضمير، لا يقلل ضعفه الأخلاقى من وضعه السياسى الوطنى أو الاجتماعى والأدبى، لكن المرأة، هل سمعنا امرأة محترمة تعلن أنها تقع فى حب أى رجل تقابله؟

أنها فى حاجة إلى شاب نضر يعيد إليها شبابها؟ القانون يفرض على المرأة رجلا واحداً فى الحياة والموت، وإن كان مزواجا فاسد الأخلاق، إن هربت منه إلى رجل آخر يحترمها، تشتعل كنائس وجوامع وتقوم حروب مسلحة بين القبائل.

قضية المرأة تكشف الازدواجية الأخلاقية، والسياسية والقانونية والاقتصادية والدينية، تربط بين السياسة والأخلاق، الازدواجية القانونية هى نفى للقانون مثل الازدواجية الأخلاقية هى نفى للأخلاق، مثل الازدواجية الدينية هى نفى للدين، فالدين الصحيح مثل السياسة الصحيحة مثل الاقتصاد الصحيح، يقوم على العدل والحرية والكرامة والمساواة بين البشر جميعا دون تفرقة لأى سبب دينى أو جنسى أو سياسى أو اقتصادى أو غيره، أليست هذه هى القيم التى تقوم عليها أى ثورة فى العالم بما فيها الثورة المصرية الأخيرة؟

فشلت التربية فى بيوتنا فى خلق الضمير الحى، فشلت نظم التعليم المدنى والدينى فى تطوير الذكر والأنثى إلى شخصيات إنسانية راقية، يتميز الإنسان الراقى بالقدرة على تغليب المسؤولية الفردية والجماعية على شهوة الأكل والجنس والتسلط، الإنسان الراقى ليس هو المكبوت المطيع بالقوة المستبدة فى الدولة والأسرة بل القادر على تحمل المسؤولية بإرادته الحرة واختياره وحبه للعدل والكرامة والحرية والمساواة بين البشر، الإنسان الراقى هو الذى يحترم الصدق أكثر من الورقة، الإنسان الراقى يصنع الشعب الراقى القادر على الثورة ضد السلطة المطلقة فى البيت والدولة، وضد المظاهر المزيفة للحقيقة.



#نوال_السعداوى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النساء والثورة والأحزاب الجديدة
- شىء عن الاتحاد النسائى المصرى
- مبارك.. زويل.. عماد أبوغازى؟
- الحنين لمن كان يضربه بالشومة
- أقول لكم أيها السادة والسيدات؟
- بلبلة الرأى العام فى كل عهد؟
- أين العدالة الاجتماعية أيها السادة؟
- الكبارى مع السلطة الحاكمة الجديدة
- لم ير واحد منهم له عين واحدة
- رجولة جديدة أرقى وذكورة قديمة أدنى
- هل تأخرت الثورة سبعين عاماً؟
- هل ينتصر النقاء الثورى على أخطبوط الفساد؟
- هل يمكنهم إجهاض الثورات الشعبية؟
- أخلاقيات الثورة الجديدة والقيم المزدوجة القديمة
- مليونية الشباب والشابات يوم المرأة العالمى
- نساء الثورة الشعبية ونساء النخبة الحاكمة
- الثورة المصرية مستمرة حتى تحقق أهدافها كلها (٢)
- الثورة المصرية تضع قيما وعقدا اجتماعيا جديدا
- نساء تونس ونجاح الثورة الشعبية
- الإبداع المتمرد لا يموت


المزيد.....




- إطلاق أول مسابقة لـ-ملكة جمال الذكاء الاصطناعي-
- الأمم المتحدة: أكثر من 10 آلاف امرأة قُتلت في غزة منذ بدء ال ...
- -الحب أعمانا-.. أغنية تقسم الموريتانيين بين حرية المرأة والع ...
- ليدا راشد.. ضحية العنف الطبي في لبنان
- دراسة: النساء استهلكن كميات أكبر من الكحول مقارنة بالرجال خل ...
- -المدرسة تلبي أوهام صبي يتظاهر بأنه فتاة-.. غضب بعد فوز عداء ...
- لبنان.. العثور على جثّة امرأة مقطّعة في المية ومية
- ما هي العوائق التي تواجه النساء في إجراء تصوير الثدي بالأشعة ...
- توصية بتشريع الإجهاض في ألمانيا.. بين الترحيب والمعارضة
- السعودية.. القبض على رجل وامرأة ظهرا بطريقة -تحمل إيحاءات جن ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوى - الورقة يا ورق وجوهر الأخلاق