أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - إسماعيل حسني - عشرة محاذير للمرجعية الدينية














المزيد.....

عشرة محاذير للمرجعية الدينية


إسماعيل حسني

الحوار المتمدن-العدد: 3409 - 2011 / 6 / 27 - 20:38
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


بينما تعيش تسعة أعشار شعوب الأرض فى ظل مفهوم الدولة المدنية الحديثة، الذي أثبت قدرته، خلال القرون الثلاثة الماضية، على خلق الإنسان الحر وتنمية المجتمعات، وكان الأجدر بنا، ونحن نبنى دولتنا الجديدة، أن نختصر الطريق، ونقتفى آثار أقرب النماذج إلينا من الغرب أو الشرق، يصر نفر من أبناء الوطن على إضاعة المزيد من وقت شعبنا، من خلال جرنا إلى مغامرة أيديولوجية تجعل من الدين المرجعية العليا لدولتنا المدنية.

ولكي نساعد المواطن المصري البسيط الذي تبتز مشاعره الدينية بأسوأ صورة هذا الأيام على إدراك مخاطر هذه المغامرة، نضع بين يديه عشرة محاذير يجب أن تمنع أي دولة من اتخاذ الدين مرجعية لها، بل تجعل من اتخاذ الدين مرجعية خطرا على الأمن القومي، وهى فى حد ذاتها أسباب فشل كافة التجارب الدينية السابقة:

أولاً: التناقض المعرفي الظاهر فى تعبير "دولة المدنية ذات مرجعية دينية"، حيث إن الدولة المدنية تقوم على اعتبار الأمة هي مصدر السلطات، بينما المرجعية الدينية تعنى أن الله هو مصدر السلطات، هذا الخلل المعرفي سيتبعه بكل تأكيد خلل هيكلي فى بنيان الدولة وآليات اتخاذ القرارات وصراع مستمر بين مؤسسات الدولة ومفسري النصوص الدينية.

ثانياً: لا يوجد نموذج واحد لدولة ذات مرجعية دينية أثبت نجاحه فى العصر الحديث، بل على العكس، كل هذه التجارب والمغامرات أثبتت فشلا ذريعاً وقادت دولا إلى الفشل والحروب الأهلية، كما رأينا فى باكستان والسودان والعراق والصومال وأفغانستان، ونكاد نضم للقائمة دولا كالسعودية وإيران، لولا أن الموارد البترولية الهائلة تطيل من عمر أنظمتها البالية، ولقد فشلت هذه التجارب ولم تفتح لها خزائن السماء، على الرغم من أنها منذ قيامها قد اجتذبت آلافا من مشايخ وعلماء الدين الذين باركوها، ودعوا لها، وشاركوا فى صياغة نظمها وقوانينها! فما الذي يجعل هؤلاء يتصورون نجاح هذه التجربة الفاشلة فى مصر؟ بينما فى المقابل نجد عشرات الأمثلة من النجاحات للدول المدنية الحقيقية فى أوروبا وأمريكا وأستراليا وكندا والصين وماليزيا وإندونيسيا وتركيا والهند وغيرها.

ثالثا: حيث إن الإسلام قد حرر البشر من سيطرة الكهنوت فلم يعد فى الإسلام كهنوت يحدد لنا الدين الصحيح لكي نتخذه مرجعية مثل المسيحية أو اليهودية، وعلى هذا فقد أصبح لدينا أكثر من إسلام يصل الأمر بينهم فى جميع المسائل إلى حد التناقض والتكفير المتبادل، فلا يوجد ما يسمى إجماعا، لدينا إسلام الأزهر وإسلام الصوفية وإسلام الوهابية (السلفيون) وإسلام تنظيم القاعدة وغيرهم، وكلهم يدعى الوسطية وإتباع الدين الحق، فأي منهم سيكون مصدرا للمرجعية؟

رابعاً: إن جعل الدين مرجعية للمجتمع يفتح بابا لا يقتصر الدخول منه على العلماء الأخيار فقط، بل سيدخل منه أيضا كل من يرتدى عباءة الدين من فقهاء السلاطين والدجالون ومفسرو الأحلام والمعالجون بالقرآن وأصحاب الكرامات، وتغرق البلاد فى بحر الخرافة.

خامساً: المرجعية الدينية ستسبغ نوعا من القداسة على الأحكام والقوانين، فيكون انتقادها أو محاولة تطويرها شاقا وعسيرا، لأنه سيتطلب نصاً يتفوق فى ثبوته وقطعية دلالته على النص الأول، وهنا يكون الجمود والركود والموت البطيء.

سادساً: إن معارضة المرجعية الدينية تؤدى لاتهام المعارضين فى دينهم مما سيؤدى لإحجام الكثيرين عن المعارضة، فيسود الاستبداد.

سابعاً: إن كل مسألة فى الدين فيها عدة أقوال تصل إلى سبعة عشر قول، وكل شيخ جماعة أو مذهب سيريد أن يرى رأيه محل اعتبار وإلا اضمحل المذهب، وانفض الناس عن شيخه، لهذا سنرى التناحر المذهبي يتصاعد وينذر بأوخم العواقب.

ثامناً: المرجعية الدينية تستند إلى لغة قديمة فضفاضة، تختلف عن اللغة المدنية الحديثة ذات الاصطلاحات المحددة، وهذا سيوقعنا دائما فى محظور تعدد التفاسير والترجمات للفظ أو النص، مما سيعطل الأداء الحكومي، ويبطئ الفصل فى المنازعات.

تاسعاً: هناك مدرستان فى الفقه، الأولى أيديولوجية سلفية تقدم النص على المصلحة، والثانية عقلانية حداثية تقدم المصلحة على النص، ولكل مدرسة مرجعيتها الشرعية، مما سيجعل البلاد دائما فى حالة دائمة من الغليان والتشكيك فى ما يصدر من قوانين، فلا ينعم الوطن بالاستقرار أو الهدوء اللازمين للبناء والتنمية.

عاشراً: الخلط الدائم بين تطبيق مبادئ الشريعة المطلقة والثابتة وبين تطبيق أحكامها من عقوبات بدنية وجزية وغيرها (رغم أن الأحكام الواردة فى النصوص المقدسة ليست مطلقة أو ثابتة، بل متغيرة، وأوقف الصحابة العمل بكثير منها لتغير ظروف المجتمع أو انقضاء الحاجة إليها) من شأنه فتح باب المزايدة أمام المعارضة من داخل التيار الديني نفسه قبل غيرهم، ويؤدى إلى فزع دائم فى أوساط المسلمين غير المسيسين والمسيحيين ومنظمات حقوق الإنسان والمنظمات الدولية، فينعدم السلام الاجتماعي الضروري لضمان مشاركة جميع المصريين فى التنمية.

هذه هي أهم الموانع، فهل يكون الحل فى إقصاء الدين؟ بالطبع لا، فالدين كامن فى نفوس المصريين منذ آلاف السنين، ولكنه الدين الحق، الذي تقوم به الأسرة والمؤسسات الدينية والدعوية والطرق الصوفية لتهذيب النفوس وإعداد الفرد لتحمل مسئولية أسرته ومجتمعه على أساس مبادئ شريعتنا، أما أن تتحول المؤسسات الدعوية إلى سلطة حاكمة وتقوم بتطبيق الأحكام القديمة المتقادمة، فتلك هي الطامة الكبرى.. الدولة المدنية هي الحل.



#إسماعيل_حسني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول التعديلات الدستورية المقترحة
- تعريف مبسط للعلمانية
- إغتيال معلمة في مدرسة أم المؤمنين عائشة


المزيد.....




- السعودية.. الديوان الملكي: دخول الملك سلمان إلى المستشفى لإج ...
- الأعنف منذ أسابيع.. إسرائيل تزيد من عمليات القصف بعد توقف ال ...
- الكرملين: الأسلحة الأمريكية لن تغير الوضع على أرض المعركة لص ...
- شمال فرنسا: هل تعتبر الحواجز المائية العائمة فعّالة في منع ق ...
- قائد قوات -أحمد-: وحدات القوات الروسية تحرر مناطق واسعة كل ي ...
- -وول ستريت جورنال-: القوات المسلحة الأوكرانية تعاني من نقص ف ...
- -لا يمكن الثقة بنا-.. هفوة جديدة لبايدن (فيديو)
- الديوان الملكي: دخول العاهل السعودي إلى المستشفى لإجراء فحوص ...
- الدفاع الروسية تنشر مشاهد لنقل دبابة ليوبارد المغتنمة لإصلاح ...
- وزير الخارجية الإيرلندي: نعمل مع دول أوروبية للاعتراف بدولة ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - إسماعيل حسني - عشرة محاذير للمرجعية الدينية