أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - دوار الشمس














المزيد.....

دوار الشمس


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 3409 - 2011 / 6 / 27 - 03:03
المحور: الادب والفن
    





إذا كان بعضهم ينظر إلى زهرة "عباد الشمس"، بأنها تتوق إلى الضوء، وتدور
حيث كانت أشعة الشمس، فإنّ لهذه الزهرة في الموروث الكردي الشعبي دلالة
أخرى، معاكسة، إذ ينظر إليها وفق هذه الرؤية، بأنها غير ثابتة، وهي تبدّل
وجهتها في كل الاتجاهات، تماشياً مع حركة دوران الشمس، لتمتص من ومحاتها،
وضوئها أكبر قدر ممكن من عطائها، الدفاق، تختزنه في مستودعاتها الخاصة،
وفق طبيعتها التي تميزها عن سواها من الزهور، والنباتات، بل والأشجار.

ولعل هذه الزهرة، تصلح لتكون رمزاً، خارج السجل النباتي ،و صورة عن عوالم
هؤلاء الذين لا هم لهم، إلا الهرولة وراء مصالحهم، مبدلين آراءهم، بين
ليلة وضحاها-بحسب تعبير د. فاطمة الصايغ-التي ترى بأن الثورات الشعبية
التي تمت من حولنا، جعلتنا نتعرف على مثل هذا الأنموذج بأكثر، وتكشف زيف
بعضهم على نحو أسرع.
وإنه لمن سوء حظ كل من هو غير متجانس مع نفسه، ودأب أن يبدل آراءه،
ومواقفه تبعاً لبارومتر اللحظة، والمنفعة، أننا نعيش الآن عصر الصورة
الإلكترونية التي من شأنها أن تتابع مواقف هذا الأنموذج، وتبين زئبقيتها،
وزيفها، أنى تطلب الأمر، وإن هذه الصورة الإلكترونية، تشكل تحدياً لكل من
لا يستقر على رأي، ليس بدافع تغيير وجهة النظر، وفق ظهور معطيات جديدة،
في كل مرة، بل لأنه يبدل آراءه-كما جواربه-استجابة للمكاسب الآنية
الزائلة، بعيداً عن متطلبات التطور، أو المتغيرات التي تفترض تغيير الرأي.
وشخصية المنقلب على رأيه، شخصية تدفع إلى الرأفة بها، إذ لا يمكن التعويل
عليها، فهي شخصية متبدّلة، متحوّلة، كثيرة الانعطافات، ضمن فضاء اللحظة
الواحدة، بعيداً عن سطوة أي مؤثر رؤيوي، مشروع، لذلك فهي تتخذ مساراتها
وسط قطر دائري يصل إلى ثلاثمئة وستين درجة، هاجسها في كل مرة الهرولة
وراء أعطية هنا، وأخرى هناك، لأن مثل هذه الأعطيات هي المحرك الرئيس
لها، وهي تكمن وراء انزلاقها، وارتمائها،في كل مرة، على نحو يدعو للرثاء
والسخرية في آن.

وغير بعيد عن مثل هذا الأنموذج، يمكن الحديث عن مثقف آخر، يعرف على
امتداد الشريط الزمني لتاريخه، بمواقفه المقبولة، من قبل وسطه، إلا أنه
–وفي لحظة مباغتة- يدوس على هذا التاريخ النضالي، الشخصي، مهرولاً وراء
بريق منفعة، أو مكانة، افتراضية، وهو ما جعل عامر الأخضر يتحدث عن أن بذرة
السقوط لدى هؤلاء موجودة، في الأصل، وإن تتبع سيرهم يؤكد أن مواقفهم
السابقة، كانت غير نهائية، أو تمت مصادفة، الانهيار الذي حدث لهم، هو
امتداد طبيعي لضبابية رؤاهم، وتقنعهم، ولا يمكن أن يبدر موقف مفاجىء عن
أحدهم، على نحو مباغت، بل أن لهذا التحول الدراماتيكي لديهم جذوره،
المتأصلة، وإن كان صاحبه قد دفع ضريبة ذلك، في مرحلة ما، بشكل قاس، و كان
من بين ذلك المطاردة والسجن، وهو ما يدعو إلى الحزن الحقيق عليه، لأنه
يخون رسالته، وإن كان لدى المثقف-دائماً- ما يمكن أن يلجأ إليه، في سياق
تسويغ موقفه، حتى عندما يكون غير صائب، إن هذا الأنموذج الثقافي، لا
يخسرنفسه-فحسب- عندما يتعرض للترجرج، والاهتزاز، والتبدل، ليصح
فيه قول الشاعر:
ولا خير في ود امرىء متقلب إذ الريح مالت مال حيث تميل.
[email protected]



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أدب الظلّ
- بين جمعتين: جامعة وجامع ودماء-2-
- بين جمعتين: جامعة وجامع ودماء -1-
- بين الكلمة والصورة
- سوريا ليست بخير سيادة الرئيس*
- ما الذي لدى الأسد ليقوله غداً؟
- العنف في الأدب والفن
- الكاتب والصمت
- خريطة طريق أم خريطة قتل؟
- سوريا: جرح نازف وضميرمتفرج معطوب
- الشاعر و-عمى الألوان-
- الرئيس -خارج التغطية-
- الإعلام التضليلي الرسمي في أدواته البائسة
- أمير سلفي جديد وإمارة جديدة
- صدى الكلمة
- في انتظار- الدخان الأبيض- الكردي
- المثقف الكردي: مهمات عاجلة لا بد منها
- -لا تصالح-..!
- تحولات هائلة في الحياة والأدب
- ابراهيم اليوسف: إن أي حوار مع النظام- وأنا أرفضه- يجب ألا يك ...


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - دوار الشمس