أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - إدريس جنداري - اللغة العربية في المغرب .. بين الترسيم الدستوري و تحديات الواقع (2)















المزيد.....

اللغة العربية في المغرب .. بين الترسيم الدستوري و تحديات الواقع (2)


إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي

(Driss Jandari)


الحوار المتمدن-العدد: 3407 - 2011 / 6 / 25 - 09:16
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


2- مشروع دستور 2011 .. هل من آفاق لتاهيل و تفعيل اللغة العربية في المغرب ؟
جاء ضمن مشروع دستور 2011 في الفصل الخامس؛ تأكيد من الدولة على حماية و تطوير اللغة العربية؛ و تنمية استعمالها. و ذلك بعد التنصيص على طابعها الرسمي؛ و هذا ما يبدو أنه يشكل إضافة نوعية مقارنة مع الدساتير السابقة التي كانت تكتفي بالتنصيص على ترسيم اللغة العربية فقط؛ من دون أي التزام بحمايتها و تطويرها و تنمية استعمالها . فهل يمكن اعتبار هذه الإضافة تعبيرا عن إرادة الدولة للنهوض باللغة الرسمية الأولى للمغرب ؟
في جميع أنحاء العالم؛ تعمل الدول على حماية لغاتها الرسمية؛ عبر وضع قوانين تفرض استعمالها في التعليم و الإدارة... كما تنشئ مؤسسات تقوم بحمايتها و تطويرها و تنمية استعمالها. لكن التلوث اللغوي الذي نعيشه في المغرب؛ جعلنا غير قادرين عمليا على تمييز لغتنا الرسمية؛ هل هي العربية التي يبوؤها الدستور مركز الصدارة؛ أم هي الفرنسية التي يبوؤها الواقع هذه المكانة؛ باعتبارها لغة الإدارة و الاقتصاد و التعليم العالي... و التلوث اللغوي في الحالة المغربية؛ يرتبط بطغيان لغة أجنبية دخيلة على اللغة المحلية المبوأة عبر الثقافة و المعرفة و السلوكات اللغوية المحلية"
أكاديمية محمد السادس للغة العربية .. اللوبي الفرنكفوني ينجح في مؤامرته
في إطار التصورات الرسمية لحماية و تطوير اللغة العربية؛ تم إنشاء أكاديمية محمد السادس للغة العربية؛ و معلوم أن هذه الخطوة الهامة تتماشى مع مضامين الميثاق الوطني للتربية و التكوين و خاصة المادة 111 منه التي تنص على إحداث هذه المؤسسة ابتداء من 2000-2001. و هي تطبيق للقرار الوارد في الرسالة الملكية الموجهة في 14 شتنبر 2001 بمناسبة الدخول المدرسي؛ و القاضي بإحداث أكاديمية للغة العربية .
و قد جاء في تصريح المتحدث الرسمي باسم القصر الملكي السابق حسن أوريد بعد صدور قرار الإحداث؛ أن هذه المؤسسة التي سيطلق عليها (أكاديمية محمد السادس للغة العربية) سيقتصر دورها على النهوض باللغة العربية التي تمثل "مكونا أساسيا للهوية المغربية الغنية بتعدديتها".
وأضاف أوريد أن الأكاديمية "ستعمل على وجه الخصوص على تكريس دور اللغة العربية في التربية والثقافة والعلوم من خلال تأهيلها لمواكبة التطور العلمي والتكنولوجي", كما أن من بين أهداف الأكاديمية "تحديث اللغة العربية وتبسيطها بما يجعلها في متناول كل الشرائح الاجتماعية وكل مجالات الحياة الوطنية".
رغم الطبيعة الرسمية لهذا القرار؛ فإن المتتبعين اعتبروا أنه يمثل خطوة في المسار الصحيح و أن هذه المؤسسة؛ ستقوم على الأقل بدور أكاديمي؛ لتطوير و تأهيل اللغة العربية؛ تمهيدا لإدماجها إدماجا حقيقيا في الحياة العامة؛ لتقوم بدوها كلغة رسمية للمغرب. فهذه الخطوة –حسب الأستاذ عبد القادر الفاسي الفهري- تمثل إنجازا تاريخيا كبيرا في سبيل المأسسة اللغوية الفاعلة؛ المرتبطة بسياسة لغوية تتجه إلى الوضوح؛ و الوعي بأهمية النهوض باللغة الوطنية الرسمية في المستوى المطلوب؛ درءا للاختلالات المترتبة عن عدم العناية الكافية بها؛ و خاصة في التعليم و في مختلف مجالات الحياة العامة؛ علاوة على الاختلالات ذات البعد الحضاري؛ أو البعد الاجتماعي/ السياسي .
لقد مر من تاريخ التأسيس إلى الآن عقد من الزمن؛ من دون أن تخرج هذه الأكاديمية إلى حيز الوجود؛ و هذا ما يدفعنا دائما إلى التشكيك في القرارات الرسمية؛ التي تظل حبرا على ورق؛ و لعل ما يحير أكثر هو أن الأكاديمية خرجت بقرار رسمي؛ عبر مرسوم ملكي؛ كما اهتمت الهيئة التشريعية بالمشروع؛ من خلال عقد جلسة مجلس النواب يوم 24 أبريل 2003 تم خلالها تقديم مشروع القانون المرتبط بتأسيس الأكاديمية؛ كما تم عقد جلسة نيابية في 17 ماي 2006 بغية مناقشة تفعيل هياكل البحث العلمي بالأكاديمية .
- - تصريح وزارة التربية الوطنية .. كشف المستور
على الرغم من الطابع الرسمي لأكاديمية محمد السادس للغة العربية؛ فإنها ما زالت مجمدة إلى حدود الآن؛ بل إن وزارة التربية الوطنية خرجت علينا في جواب لها على سؤال شفهي؛ حول أسباب تأخر إحداث أكاديمية محمد السادس للغة العربية؛ لتؤكد بالمباشر و الصريح؛ أن هذا التأخر الملاحظ؛ في إحداث الأكاديمية يخدم مصلحة الوطن و المنظومة التربوية ! كيف ؟ تجيبنا الوزارة :
أن الميثاق الوطني للتربية والتكوين قد أحدث هذه الآلية، في سياق يرتبط بنهاية القرن الماضي، حيث كانت تتواجد، في كل قطر من الأقطار العربية، مجمعات لغوية تعمل على النهوض بأوضاع اللغة العربية. لكن، وبعد مرور 12 سنة على ذلك، نلاحظ أن أغلب هذه المجمعات اللغوية بالعالم العربي قد دخلت مرحلة فتور إن لم يكن وجودها قد انعدم، باستثناء مجمع الأردن الذي نهض بدور أساسي في عدة مجالات.
و تضيف الوزارة موضحة: أن العشرية الأخيرة عرفت تطورا غير مرتقب، بالنسبة للجميع، في مجال التكنولوجيات الرقمية، مما زاد من تعقيد أوضاع اللغة العربية على مستوى التنافسية العالمية !؟ وللإشارة، فإن ما يتداول اليوم على مستوى الأنترنيت، لا تشكل منه مضامين اللغة العربية إلا ما بين 0,1% و 0,2% وبذلك، نجد أنفسنا أمام أوضاع أكثر تعقيدا على مستوى حضور اللغة العربية.
و تختم الوزارة تصريحها؛ أنها بصدد إعادة النظر، في هذه الآلية هيكلة وأهدافا ووظائف. إذ ليس الغرض هو إخراج مؤسسة شكلية ذات طبيعة صورية، فقط لنسجل على مستوى المبدأ أن لنا مثل هذه الآلية. ومن ثمة يستحيل علينا أن تتمم مبادرة فقدت جدواها. لكنها تستدرك لتطمئن النفوس بلغة دبلوماسية: و في هذا السياق أؤكد أن هناك فرقا تشتغل بكل مهنية على هذا الموضوع، مستحضرة كل التجارب وتقوم بتقييم مجمعات اللغة العربية على امتداد الأقطار العربية، حيث توجهت هذه الفرق إلى تونس ومصر وسوريا والأردن من أجل الوقوف عن كثب على هذه التجارب واستخلاص الدروس منها.
و يعتبر جواب وزارة التربية الوطنية هذا؛ حاسما في إقبار كل المجهودات التي بذلت من أجل إخراج هذه الأكاديمية إلى الوجود؛ و الوزارة تعبر في الأخير عن قرار رسمي للدولة؛ الأمر الذي يؤكد مرة أخرى أن مسألة تأهيل اللغة العربية و دمجها في الحياة العامة؛ هو قرار سياسي أكثر من كونه إداريا؛ و في هذا الصدد يمكن استحضار الضغوط الكبيرة التي يمارسها التيار الفرنكفوني في المغرب؛ و هي ضغوط تعرقل جميع المبادرات الرسمية الهادفة إلى دمج اللغة العربية في الحياة العامة.
أما بخصوص التبريرات التي قدمتها وزارة التربية الوطنية؛ فهي تبريرات واهية لا قيمة علمية لها؛ ما عدا التغطية على العراقيل الحقيقية أمام دمج اللغة العربية و دمجها في الحياة العامة؛ و هي عراقيل نعرف جميعا مصدرها الفرنكفوني .
و مع ذلك لا بد من الرد على التبريرات –رغم سطحيتها- و الكشف عن تهافتها:
- فيما يخص التبرير الذي جاء فيه؛ أن العشرية الأخيرة عرفت تطورا غير مرتقب، بالنسبة للجميع، في مجال التكنولوجيات الرقمية، مما زاد من تعقيد أوضاع اللغة العربية على مستوى التنافسية العالمية. يمكن أن نؤكد أن العشرية لأخيرة تعتبر عشرية ذهبية في تاريخ اللغة العربية؛ لأنها حققت قفزة جد هامة في السوق اللغوية الدولية؛ و يمكن التركيز على ثلاث مجالات أساسية؛ حضرت فيها اللغة العربية بقوة:

• اللغة العربية في مجال الإعلام
خطت اللغة العربية خطوات جبارة؛ كلغة للتواصل الإعلامي دوليا؛ و قد ساهم في ذلك الانتشار الواسع للقنوات الإخبارية العربية الكبرى (الجزيرة-العربية) باعتبارها مصدرا دوليا للخبر و المعلومة؛ و هذا ما شجع معظم القنوات الدولية الرائدة في العالم؛ على تأسيس أقسام عربية ضمن حصص بثها (التلفزيون الألماني- التلفزيون الفرنسي – التلفزيون الروسي ... ) كما أقدمت مؤسسات إعلامية أخرى على تأسيس قنوات تبث باللغة العربية في جميع حصص بثها ( قنوات الحرة؛ قناة البي بي سي؛ قناة العالم ...) . و لعل هذا النجاح الإعلامي الكبير؛ هو ما أهل اللغة العربية؛ لتكون حاضرة ضمن اللغات الحية الأكثر تداولا في العالم.
• اللغة العربية على شبكة الانترنت
إذا كانت وزارة التربية الوطنية في تصريحها؛ قد أكدت أن ما يتداول اليوم على مستوى الانترنيت، لا تشكل منه مضامين اللغة العربية إلا ما بين 0,1% و 0,2%؛ فإن هذه الإحصائيات غير دقيقة؛ حيث أظهرت أحدث الإحصائيات (2010) أن اللغة العربية تراوحت رتبتها عالميا على مستوى الانترنت؛ بين الرتبة السابعة عند صعود المؤشر؛ و عند الرتبة الثامنة عند هبوطه؛ لكنها مع ذلك حافظت على مكانتها ضمن اللغات العشر الأوائل في العالم.
و الإحصائيات التي تقوم بها مجموعة ‏Miniwatts marketing group، هي إحصائيات دورية، ترتكز في مصادرها على أطراف دولية مختصة؛ و هي إحصائيات تؤكد بالملموس مكانة اللغة العربية على الشبكة العنكبوتية؛ حيث تفوقت على الكثير من اللغات الحية في العالم؛ و منها الفرنسية التي جاءت ثامنة في الترتيب بعد اللغة العربية؛ التي احتلت المرتبة السابعة؛ و هي اللغة (الفرنسية) التي تسعى وزارة التربية الوطنية لتسويقها في المغرب؛ كلغة العلم و التقنية ... و هلم جرا !
• العربية كلغة رسمية في الأمم المتحدة
تعتبر العربية من بين اللغات الرسمية الستة المعتمدة في أروقة الأمم المتحدة؛ إلى جانب الإنجليزية و الصينية و الإسبانية و الفرنسية و الروسية؛ و قد جاء في القرار الأممي ما يلي: " إن الجمعية العامة إذ تدرك ما للغة العربية من دور هام؛ في حفظ و نشر حضارة الإنسان و ثقافته. و إذ تدرك أيضا أن اللغة العربية هي لغة تسعة عشر عضوا من أعضاء الأمم المتحدة؛ و هي لغة عمل مقررة في وكالات متخصصة؛ مثل منظمة الأمم المتحدة للتربية و العلوم و الثقافة؛ و منظمة الأمم المتحدة للأغذية و الزراعة؛ و منظمة الصحة العالمية؛ و منظمة العمل الدولية؛ و هي كذلك لغة رسمية و لغة عمل في منظمة الوحدة الإفريقية. و إذ تدرك ضرورة تحقيق تعاون دولي أوسع نطاقا؛ و تعزيز الوئام في أعمال الأمم وفقا لما ورد في ميثاق الأمم المتحدة (..) تقرر إدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية و لغات العمل المقررة في الجمعية العامة و لجانها الرئيسية؛ و القيام بناء عليه بتعديل النظام الداخلي للجمعية العامة المتصلة بالموضوع – ( قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 3190 (د-28)- الجلسة العامة 2206- 18 كانون الأول/دجنبر 1973)
و قد اعتمدت إدارة الأمم المتحدة لشؤون الإعلام قرارا للاحتفال باليوم الدولي للغة الأم؛ الذي يحتفل به في 21 شباط/فبراير من كل عام بناء على مبادرة من اليونسكو للاحتفال بكل لغة من اللغات الرسمية الست للأمم المتحدة؛ و قد تقرر الاحتفال باللغة العربية في 18 كانون الأول/دجنبر؛ باعتباره اليوم الذي صدر فيه قرار الجمعية العامة 3190 (د-28)
أكيد أن هذا الاعتراف باللغة العربية كلغة رسمية في الأمم المتحدة ليس منحة يقدمها المنتظم الدولي للعالم العربي؛ خصوصا إذا عرفنا صورة العرب و الإسلام لدى الغربيين المتحكمين في المؤسسات الدولية؛ و لكن الأمر يتعلق بالتسعيرة الدولية التي حصلت عليها اللغة العربية؛ التي يصل عدد المتكلمين بها كليا أو جزئيا إلى مئات الملايين عبر العالم؛ كما تعتبر اللغة الرسمية الأولى في أغنى منطقة في العالم (منطقة الشرق الأوسط)؛ كلها عوامل حاسمة في فرض العربية كلغة عالمية؛ و هذا ما اعترفت به الجمعية العامة للأمم المتحدة نفسها .
3- ترسيم اللغة العربية في المغرب و تحدي الفرنكفونية
اعتمادا على هذه المعطيات الواضحة و الدقيقة؛ كيف يمكن تصور أن اللغة العربية تعيش وضعية صعبة اليوم؛ و إذا كان الأمر كذلك؛ فماذا يمكن القول عن مئات اللغات العالمية الأخرى؛ خارج اللغات العشرة الأولى الأكثر استعمالا على مستوى الانترنت؛ و خارج اللغات الرسمية الستة المعتمدة من طرف الأمم المتحدة ؟!
إن وضع اللغة العربية اليوم؛ هو الأفضل منذ قرون؛ و الإحصائيات الدولية تؤكد ذلك؛ أما ما يروج –خاصة في الدول العربية الفرانكفونية- من أوهام؛ حول تراجع اللغة العربية؛ و حول ضعفها و عجزها عن مواكبة التطور الحاصل في العالم ... كل هذه الجعجعة الفارغة؛ لا تعدو أن تكون كوابيس إيديولوجية؛ تسكن نفوس أذناب الفرانكفونية؛ سواء في المغرب أو في تونس و الجزائر . و هي كوابيس مرضية لا تلتزم أبسط معايير المنطق الحسابي البسيط؛ ما عدا تلك الحساسية المفرطة تجاه اللغة العربية؛ و هي حساسية كرسها الاستعمار الفرنسي؛ في محاربته للغة العربية؛ باعتبارها تحمل فكرا تحرريا؛ كان أكبر تحد واجهه.
و إذا كانت فرنسا قد انسحبت من مستعمراتها عسكريا -على وقع ضربات المقاومة- فإنها عوضت هذا الانسحاب باستعمار ثقافي؛ يعتمد اللغة الفرنسية كسلاح المعركة. فقد كانت فرنسا واعية تمام الوعي؛ بأن تحقيق الاستمرارية؛ في بسط الهيمنة على مستعمراتها؛ لا يمر بالضرورة عبر التواجد العسكري؛ و لكن قد يكون الأمر أقل كلفة و أكثر ربحا؛ من منظور الاستعمار الثقافي. و ما دامت اللغة هي المدخل الرئيسي في أي استعمار بهذا الشكل؛ فإن الأمر كان يتطلب التفكير في الوسائل اللازمة لفرض اللغة الفرنسية على المستعمرات؛ إما كلغة أولى (السنغال مثلا)؛ أو على الأقل كلغة ثانية (نموذج دول المغرب العربي).
و حتى تتمكن فرنسا من ترسيخ الهيمنة الثقافية؛ كان من اللازم مواجهة العربية كلغة و ثقافة و حضارة؛ خصوصا و أن تجذر هذه اللغة في وجدان المغاربة؛ كان أكبر من الاختراق الاستعماري؛ حيث وقفت العربية جدارا صلبا في وجه هذا الاختراق؛ من خلال غرس قيم التحرر و الكرامة و الاستقلال ... و هي قيم تتجاوز المستوى الأخلاقي؛ لتحضر كقيم عملية؛ تعمل على تهييء الفرد و الجماعة لمواجهة تحديات الاستعمار؛ القائمة على أساس سلب الحرية و الاستقلال؛ و ممارسة الإهانة؛ و ذلك بهدف تحقيق الإخضاع في الأخير .
و بالنظر إلى قوة اللغة العربية في المواجهة؛ فإن الفرنكفونية التي عوضت الحضور الاستعماري الفرنسي؛ دخلت في حرب قذرة ضد جميع مظاهر التعريب؛ و استعملت في ذلك جميع الأسلحة (المحرمة حضاريا) هادفة بشكل مباشر إلى استئصال اللغة العربية من الوجود الثقافي و الحضاري المغربي.
و نظرا للحضور القوي للوبي الفرنكفوني في المغرب؛ و الذي يمتلك نفوذا اقتصاديا قويا؛ نظرا لهذا الحضور القوي؛ تواجه اللغة العربية تحديات جمة؛ في ممارسة حقها كلغة رسمية أولى للمغرب كدولة و شعب؛ و يرتبط هذا اللوبي الذي يتشكل من مغاربة و فرنسيين بشبكة من المصالح مع فرنسا؛ تمكنه من بسط سيطرته على قطاعات واسعة في المغرب؛ تتجاوز الاقتصاد إلى الثقافة و التعليم و الإعلام... و تشكل قوة سياسية تدافع عن مصالحها من خلال التأثير على القرار السياسي و توجيهه في الاتجاه الذي يخدم مصالحها.
إن الوعي بهذه التحديات الجمة التي تواجه اللغة العربية في المغرب؛ هو الذي يجب أن يستنهض همم النخبة السياسية و الثقافية الوطنية للدفاع عن أهم مكون؛ شكل هويتنا لقرون؛ كما يجب على النخبة المغربية ألا تستهين بالخطر المحدق بلغتنا الوطنية؛ لأن الخطر اليوم أكثر جدية من أي وقت مضى؛ خصوصا و أن فرنسا تتخذ بلدنا ساحة خلفية؛ لمواجهة الاكتساح الثقافي و اللغوي الأنكلوساكسوني الذي أصبح يهددها في عقر دارها.
و لعل الحضور القوي للمغرب في منظمة الفرنكفونية؛ ليعتبر أهم مؤشر على هذا الاختراق؛ فرغم الطابع الاقتصادي/المصلحي الذي عادة ما يسعى التيار الفرنكفوني إلباسه لهذا الحضور؛ فإن حقيقة الأمر تؤكد غير ذلك بالتمام.
إن جميع دول العالم تربطها علاقات مصالح؛ لكن لا يجب أن نذهب بهذه العلاقات إلى مدى ابعد حتى نغدو ذيلا تابعا لفرنسا في كل شيء؛ نأتمر بأوامرها و ننتهي بنواهيها؛ و هذا هو المدخل الرئيسي لفقدان شخصيتنا الوطنية



#إدريس_جنداري (هاشتاغ)       Driss_Jandari#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللغة العربية في المغرب بين الترسيم الدستوري و تحديات الواقع
- بيان من أجل الديمقراطية .. المثقف المغربي يخلق الحدث و يدعم ...
- الإصلاحات السياسية في المغرب و سؤال الدولة المدنية
- إني أتهم .. j accuse
- مخاض التحول نحو الديمقراطية في العالم العربي على ضوء ثورتي ت ...
- رهان الديمقراطية في العالم العربي بين الأمس و اليوم
- مبدأ تقرير المصير بين روح القانون الدولي و التوظيف السياسي ( ...
- مبدأ تقرير المصير: بين روح القانون الدولي و التوظيف السياسي ...
- مبدأ تقرير المصير بين روح القانون الدولي و التوظيف السياسي
- النيوكولونيالية و إعادة صياغة خرائط المنطقة العربية
- الأطروحة الانفصالية في الصحراء المغربية- الأجندة الجزائرية ا ...
- التزوير الإعلامي الإسباني .. حين تنتهك حرمة السلطة الرابعة
- أحداث العيون - الأجندة الجزائرية – الإسبانية المفضوحة
- الصحراء (الغربية)- شرعية الانتماء المغربي من خلال الوثائق ال ...
- قضية الصحراء الغربية*بين شرعية الانتماء المغربي والتحديات ال ...
- البوليساريو: نهاية إيديولوجية .. نهاية مشروع
- أطروحة البوليساريو الجذور الاستعمارية و الإيديولوجية لفكرة ا ...
- الانفتاح المغربي في مقابل العدوانية الإسبانية - في الحاجة إل ...
- قضية احتلال سبتة و مليلية- في الحاجة إلى الدعم العربي للمغرب ...
- سبتة و مليلية .. مدينتان مغربيتان جغرافيا و إسبانيتان سياديا ...


المزيد.....




- ?? مباشر: عملية رفح العسكرية تلوح في الأفق والجيش ينتظر الضو ...
- أمريكا: إضفاء الشرعية على المستوطنات الإسرائيلية في الضفة ال ...
- الأردن ينتخب برلمانه الـ20 في سبتمبر.. وبرلماني سابق: الانتخ ...
- مسؤولة أميركية تكشف عن 3 أهداف أساسية في غزة
- تيك توك يتعهد بالطعن على الحظر الأمريكي ويصفه بـ -غير الدستو ...
- ما هو -الدوكسنغ- ؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بالفيديو.. الشرطة الإسرائيلية تنقذ بن غفير من اعتداء جماهيري ...
- قلق دولي من خطر نووي.. روسيا تستخدم -الفيتو- ضد قرار أممي
- 8 طرق مميزة لشحن الهاتف الذكي بسرعة فائقة
- لا ترمها في القمامة.. فوائد -خفية- لقشر البيض


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - إدريس جنداري - اللغة العربية في المغرب .. بين الترسيم الدستوري و تحديات الواقع (2)