أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جوزيف بشارة - محاكمة اليوم الواحد تخذل مباديء ثورة الياسمين














المزيد.....

محاكمة اليوم الواحد تخذل مباديء ثورة الياسمين


جوزيف بشارة

الحوار المتمدن-العدد: 3403 - 2011 / 6 / 21 - 23:58
المحور: حقوق الانسان
    


تابعتلرئيسها السابق زين العابدين بن علي الذي عزلته ثورة الياسمين في يناير الماضي. لم أكن أتوقع أبداً أن تبدأ وتنتهي المحاكمة المهمة والتاريخية في يوم واحد كما حدث. كنت أتوقع أن تستغرق الإجراءات عدة جلسات تتيح فيها الحكمة الفرصة للمدعي باستعراض التهم الموجهة لبن علي الأسانيد والأدلة عليها قبل أن تسمح للدفاع بتفنيد الاتهامات وتقديم الأسانيد والأدلةالمضادة. هذه هي الأجراءات الطبيعية المتبعة في كل جلسات المحاكمة.

القضية التي أتناولها هنا ليست الحكم المشدد بالسجن والغرامة الذي أصدرته المحكمة بن علي، ولكنها تتعلق بأمرين الأول هو جدية تعامل السلطات التونسية مع قضايا الفساد في عهد بن علي، والثاني هو السرعة التي تمت بها المحاكمة وعما إذا كانت العدالة التي يطمح إليها التونسيون أخذت مجراها أم لا.

في ما يتعلق بالأمر الأول، أخطأ القضاء التونسي بإصداره حكم مشدد على زين العابدين بن علي لمجرد إرضاء الرأي العام التونسي الغاضب من المحاكمة الغيابية، كان على القضاء التونسي توفير محاكمة جادة. ليست محاكمة الرئيس السابق في قضايا الفساد، كما حدث في تونس بالأمس، محاكمة عادية أو طبيعية كغيرها من المحاكمات التي تجرى للفاسدين. محاكمة بن علي سياسية بالدرجة الأولى نظراً لطبيعة المنصب الذي كان يتولاه، وكان من المفترض أن يتم في المحاكمة الكشف عن كل تفاصيل حالات الفساد التي انغمس فيها أو ارتكبها رئيس الدولة السابق.

لكن إنهاء المحاكمة في جلسة واحدة حرم التونسيين والعالم المتابع من معرفة حقائق القضايا التي حوكم بن علي بسببها، خاصة وأن الاتهامات التي وجهت له تعلقت بأموال ومجوهرات قال الرئيس السابق أنه إما تم دسها على قصره بعد مغارته إياه أو أنها هذايا من شخصيات دولية. وقد ذكرت القناة التلفزيونية الفرنسية فرانس24 أنه رغم الحكم المشدد الذي أصدرته المحكمة فإن التونسيين لم يقتنعوا بالمحاكمة ولم يتفاعلوا معها ورأوها مسرحية غير جادة هدفها إرضاء الرأي العام.

أما في ما يتعلق بالنقطة الثانية، فقد كان من المهم أن يلقى الدكتاتور السابق محاكمة عادلة حتى وإن لم يكن هو شخصياً يؤمن بالعدالة. يزعم الكثيرون أن الطغاة السابقين، ومنهم بن علي، لا يستحقون العدالة لأنهم لم يوفروها لموطنيهم حين كانوا بالسلطة. لكن هذا الزعم الخاطيء مرفوض تماماً في دولة نتمنى أن تكون قد قطعت علاقتها تماماً بكل ما يمت بصلة للدكتاتورية والظلم والأحكام الفاسدة وإهدار الحقوق الإنسانية.

لن أكرس بالطبع هذه السطور للدفاع عن زين العابدين بن علي الذي يستحق أن ينال العقاب على كل خطأ ارتكبه بحق التونسيين كبير كان أو صغير، ولكن ما أود الإشارة إليه والتأكيد عليه هو أنه الدفاع عن حقوق المتهمين، حتى ولو كانوا طغاة أو مجرمين أو سفاحين، في الحصول على محاكمات عادلة هو دفاع عن مباديء حقوق الإنسان التي لا تنفصل ولا تتجزأ. ومن هذا المنطلق يجب أن توفر الدولة التونسية العدالة للمتهم زين العابدين بن علي، فهو كإنسان له حقوقه كاملة ويجب ان تتم محاكمته بشفافية وعدل.

لا نريد لتونس التي ضحت بالمئات من أبنائها للتخلص من حكم الفرد أن تعود لاستخدام نفس الأساليب سيئة السمعة التي استخدمها زين العابدين بن علي خلا سنوات حكمه الثلاث والعشرين. فتونس التي تبدأ هذه الأيام صفحة جديدة في تاريخها إن انزلقت إلى محاكمات صورية معدة أحكامها بصورة مسبقة، فإنها تنهي الأمال والطموحات المعقودة في بداية جديدة لها بداية مرحلة من الحرية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان والعدل وسيادة القانون.

إن محاكمة اليوم الواحد التي جرت بالأمس هي بك تأكيد خطوة في الاتجاه الخاطيء، خطوة تخذل ثورة الياسمين وكل من بذلوا الدماء من أجل الحصول على الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان في تونس. لم يُغْلَق ملف زين العابدين بن على بعد، المزيد من المحاكمات سيتبع محاكمة الأمس ومنها المحاكمة الأهم في القضية الأخطر وهي قضية إصدار الأوامر لقوات الامن بإطلاق الذخيرة الحية على متظاهري ثورة الياسيمين مما أودى بحياة نحو ثلاثمائة منهم. وأرجو أن تكون هذه المحاكمات جادة وحقيقية وعادلة حتى يسجل التاريخ في صفحاته بصدق دور بن علي ونظامه في كل ما ارتكب من جرائم طوال فترة حكمه وخلال مظاهرات ثورة الياسمين.



#جوزيف_بشارة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رفيق حيبيب وتجميل وجه حزب الإخوان
- وهم دولة الإسلاميين المدنية
- أزمة إمبابة بين عجز وفشل المجلس العسكري وإرهاب وكذب السلفيين
- صول-أطفيح وشرع الله ومصر المأسوف عليها
- القوات المسلحة وشرعية الميدان وهيبة الدولة المصرية
- لماذا استبعدت جورجيت قليني من التعديل الوزاري؟
- العمرانية... الشرارة الأولى لثورة شباب مصر
- مذبحة كنيسة القديسين طائفية جذورها داخلية
- آلام مسيحيي العراق في عيد الميلاد
- مأساة العمرانية دليل إدانة للحكومة المصرية
- الجريمة في مصر والضحايا في العراق
- لماذا تنكر الحكومة المصرية مذبحة نجع حمادي الطائفية؟
- نفي المسيحيين في أوطانهم
- دور حركة حماس في المغامرات الإسلاموية في الدول العربية
- أحداث غزة بين المحرقة الحمساوية والإعلام العربي المضلل
- وسام الحذاء بين الحرية المنشودة والوعي الغائب
- هل يخذل باراك أوباما الشعب الأمريكي؟
- من يصدق ذئباً يدّعي بطش فريسته؟!
- أحدث طرائف محمود أحمدي نجاد
- دور تأويل النصوص المقدسة في مأساة المسيحيين العراقيين


المزيد.....




- العفو الدولية: الحق في الاحتجاج هام للتحدث بحرية عما يحدث بغ ...
- جامعات أميركية تواصل التظاهرات دعماً لفلسطين: اعتقالات وتحري ...
- العفو الدولية تدين قمع احتجاجات داعمة لفلسطين في جامعات أمري ...
- اعتقالات بالجامعات الأميركية ونعمت شفيق تعترف بتأجيجها المشك ...
- منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية تؤكد مسئولية المجتمع ال ...
- ارتفاع حصيلة عدد المعتقلين الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ ...
- العفو الدولية: المقابر الجماعية بغزة تستدعي ضمان الحفاظ على ...
- إسرائيل تشن حربا على وكالة الأونروا
- العفو الدولية: الكشف عن مقابر جماعية في غزة يؤكد الحاجة لمحق ...
- -سين وجيم الجنسانية-.. كتاب يثير ضجة في تونس بسبب أسئلة عن ا ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جوزيف بشارة - محاكمة اليوم الواحد تخذل مباديء ثورة الياسمين