أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زيتوني ع القادر - اعترافات متاخرة















المزيد.....

اعترافات متاخرة


زيتوني ع القادر

الحوار المتمدن-العدد: 3403 - 2011 / 6 / 21 - 19:40
المحور: الادب والفن
    


اعترافات متاخرة



فقراء ابدا عشنا.
فقراء ابدا قرانا.
فقراء ابدا ما نملك الا الاحلام.
(عمار بلحسن)
الى التي احببتها يوما وحالت بيني وبينها ( الخبزة)
اليك ومن اجلك اتعرى فاقرئي قلبي واجيبيني.

لست ادري؟؟
لماذا كلما رايتك..تهرب بي الذاكرة الى طفولتي المغبونة....فاغيب ..اغيب ..اغيب الى ان يلمس طعم الملوحة فمي..
ما هذه الطفولة؟
منها بدات اتعابي كغيري ...جيل النار والزمهرير والصقيع...ايام النيازق والطائرات الصفر...ايام الترحال وهروبات الاباء والامهات ليل نهار...زمن الهدم الركل التشريد والعري..هل عشتم هذه الليالي الحمر؟

اتذكرها تلك الايام...ابسطها على طاولة التشريح..اعين دقائقها وتفاصيلها عرقا عرقا وعصبا عصبا...طفل اشعث الشعر...محروق السيقان..عاري البطن والمؤخرة..حافي القدمين..يدوس الشوك والزجاج ولا يتالم..
يركب الاحمر ة..ينط على ظهورها كعفريت..يتسلق الاشجار..يتدرج من اعالى المنحدرات على اليته الميتتة اللحم...يقضي اوقاته في البرك الاسنة..يعرف مواقيت خروج شاحنات مزابل العدو فيكون من الاوائل في جمع بقايا علب السردين والخبز.
كيف عشت؟
لا تستغربي فقدا كتسبنا مناعة الميكروبا بالميكروبات.
ابي؟
لم يعانقني كثيرا..ولم يشبعني حلوى..عجنني في كرش امي على عجل وتركني قلقا..رايته ياتي ليلا ويغيب اعواما...اخر مرة رايته فيها كانت قصة:
كنا محلقين حول قصعة طعام جاءت جارتنا مولولة:
-بوزيان...بوزيان راهم اطلوا من جهة الحمام (1)
كانت هذه الكلمة تثير الرعب وتنشر الفزع في الدشرة وتصيبها بالارتباك والفوضى...
ارخى ابي معلقته..التفت لامي ..تاملها ..اوما لها خرجت..ثم رايته يطلق ساقيه للريح..رددت الوديان والشعاب اصداء رشاشات ..فزع الناس والحياوانات تحول عالم دشرتنا الى هروبات في اتجاهات مختلفة...تركنا القصعة بطعامها وحليبها ..نهضنا...كانت امي تندب..كنت ابكي..
جاؤا
اتذكرهم وجوه صفر مشرطة..قيل لي فيما بعد انهم يهود..اعطوني شوكلاطة..قضمتها بتلذذ ...سالوني عن غول اسمه ( الفلاقة)...انكرت معرفته..انسوني الشكولاطة بالركل والبزاق.
الحق
كنت اعرف هذا الغول..رجال كعباد الله..ينتعلون نعالا خفيفة..يتلفعون بشاشات صفروات..يحملون اشياءا تحتهم ..عرفت لا حقا انها تحمل الموت الاحمر لاعداء الوطن والبشر...لقد صرت اعرف قدومهم بعودة عنزاتنا قرب الدار باكراا.
..........................
اين زوجك؟
انتقل السؤال الى امي
قالت: مسيو انا لا اعرفه
ضحك حتى كاد يسقط على قفاه
امي ..مسكينة عادة تخلط في هذه الحالات...سالوها مرة عن عمر ولدها الاكبر فقالت :
عشرون يا مسيو وانا عمري ( خمسة عشر)
اخلطت خوفا من يحملوه هناك وراء البحار مثل الكثير من ابناء دشرتنا.
....
اتذكرهم
رايتهم بام عيني ..نزعوا اشواك زريبتنا ...سدوا افواه جحورنا ..رشوها بسائل ثم اشعلوا النيران..فاكلت اعمدتها .دومها وديسها.. امي المسكينة سيقانها محروقة عارية الراس تجري كمخبولة هنا وهناك ..ترمي حفنات التراب ..تخطف بقايا اسمال وحصير من حلفاء ..تلطم وجهها تنتف شعرها وتولول على الغبينة..ورغم ذلك ضاع كل شيء ولم يبقى لنا الا العراء.
......................................
تمر السنون ..تتلاحق الاعوام تتراكم الاقدار وانا وراء معزي
هل جربتم صعوبة رعي المعز؟
انها عفاريت ..لا يهدا لها بال ..تتسلق الاشجار .تموت في الممنوعات وما اكثرها في ذلك الزمن .
.هذه مزارع (طورو) وهذه كرومه والارض كلها هو ربها وسلطانها ..اشتراها باربعة دورو في زمن الجوع والزلط...لم يترك لعنزاتنا سوى الشعاب والمنحدرات الجرداء ..لقد شوتني تلك العنزات وادمت قدماي واحرقت وجهي ..ولكني الفتها فكانت جزءا مني.
ذات صباح مضبب الرؤية ..حملنا اسبالنا وسقنا عنزاتنا وكذا فعل جيراننا ..فسرنا... وصلنا محتشدا ..ضربنا خيامنا ..احاطونا بالاسلاك الشائكة والعساكر القبيحة وسرنا ندخل بورقة ونخرج بورقة..باع اخي العنزات اشترى لي نعلا وسروالا اما القميص فكان به بقية صمود لانه نجا من التزحلق لقصره..حكت امي جلدي بحجر ..غسلت شعري بالغاسول وقال لي اخي:
-سيوزعون الملابس بعد ايام فعليك بدخول المدرسة.

دخلتها غريبا..كان المعلم عربيا يرتدي البسة العسكر..يحمل خشبة الويل لمن لا يحسن ترديد حروفه واقواله.. كان البعض يتغوط بمجرد ما تشير اليه العصا...وكان اخيرنا يخرج مشمخ الفخذين ..يتضوع عطنا.
هيصمني يوما فاقسمت على اللارجوع..علقني اخي ونصل جلدي وخيرني بين الملابس والرعي ..فاخترت العودة الى العراء والبرك الاسنة.
عدت عفريتا في هيئة طفل ..قدت زمرة من الجياع ..صرنا نجنن العسكر المتواجد بمحتشدنا..نعوم ..نتمرغ في التراب والحما فنتحول الى شياطين تتسرب تحت الاسلاك وتتسلق الجدران..نسرق احيانا خبزهم ونعبث بنبيذهم ونتبول على البستهم
لماذا كنا لا نسرقهاونحن عراة..؟؟
كانوا يعضون ايديهم عندما لا يجدن الينا سبيلا...تحولنا الى منبوذين في المحتشد...تبرا منا اهلنا لكثرة ما اوقفناهم امام القائد والحاكم العام ..فصرنا صعاليك نبيت في النوادر وعلى الاشجار نسطوا على الحوانيت ليلا ونقضي النهار في الكروم ونشرب ماء الغدير تماما كالذئاب....
ما اكثر الامطار في تلك السنوات السود الليالي والافعال.
وكبرت يا....في الاوساخ وبالاوساخ..وتوالت الايام رتيبة..حزينة
وذات صباح ارتفعت الزغاريد ورفرف علم في الطريق وخرج الناس عن بكرة ابيهم يملؤون الدنيا صياحا زغاريد اناشيد وبارودا
اين كانت تلك البناد=ق؟؟
وصار اهلنا يخرجون بلا ورقة ..يفلحون الارض وصارت فتياتنا يقمن الليل في دقات البنادير واغاني الصف ..كنت وزمرتي ارباب الحلقات ونجومها عيداننا على اكتافنا نهتز يمينا وشمالا على دقات البنادير المخضبة بالحناء على شكل ( خميسة).....
لم اعد ارعى حرفة الانبياء والرسل
ما اتعسها
عاد ابي يوما يحمل سلا يبصق قيحا ويتقيا قيحا وسام قلدته اياه السلطات الفرنسية على جهوده في الدفاع عن الحرية ب(لاندوشين) اعقبته بجائزة تقديرية تمثلت في عامين بغرف تتقطر رطوبة بسجن تلمسان..( اعرفه الان واتجنب المرور بقربه).
المهم رفرفت الراية..تفرق الناس غبنا في البندير والقصبة وعندما افقنا من غفوتنا وجدنا القافزين قسموا البلد دكاكين وحمامات وسكنات ووجدنا انفسنا تحت نفس ( القربي) بلعنا ريقنا وسكتنا..
مرة اخرى حكتني امي بحجر وانا مشعر..قادني ابي الى المدرسة..لكن نوبات. نوبات التزحلق والعوم كانت تنتابني من حين لاخر فاهرب واعاد واعاد واهرب...فجاة شب بداخلي حريق الحروف فاقبلت على التهامها بنهم...حرقت بعض الاطوار التعليمية ودخلت دار المعلمين وهو اقصى ما حلمت به انذاك..
هناك التقيتك ..هناك عادت متاعبي وانا البدوي الذي لا يحسن التعبير عن مشاعري..فقراء هبطنا من الجبال والمحتشدات.و.جدناهم هناك اذناب العسكر والقواد..اتذكرهم كانوا يكرهوننا كدم الضرس..يرموننا باعز ما الفنا الوسخ....كنت احمل لهم حقدا كسعير النار التي التهمت خيمتنا..وددت لو اتيحت لي فرصة ترجمته الى شنق وعض... قولوا عني ما شئتم..انا احمل لهم حقدا اسود وستظل المجابهة قائمة بيني وبينهم الى ان يرث الله الارض وما عليها هراء ما يحالون لا تصالح ولا تسالم ..انها المجابهة السرمدية التي انطلقت شرارتها منذ ولادة قابيل وهابيل
انا تسائلت كم مرة والى الان.
متى تعلم واثرى هؤلاء حتى يتفوقوا علينا؟
كم تمنيت ان يلغى كل شيء..ونعود من الصفر ..منذ رفرفت الراية بمحتشدنا هنا فقط يكون التفوق شرعيا
الستم معي يا ابناء المداشر والمحتشدات؟؟
واعود اليك ...انت..
هل كنت تلاحظين كيف كنا شلة الفقراء نعتزل في ركن ..نلعب الكرة بعلب الشمة..نتجنب الاكل مع ابناء القافزين..لانني شخصيا وما زلحت لحد الان اجهل بعض الاطعمة...شيء واحد كنت متاكد منه ان ما كان يقدم لنا به سعلة من سعلات العائدين من لا ندوشين كابي قابضين حفنات الهواء والريح...كان ابناء البقايا يشترون الحلوى والمشروبات من نادي المؤسسة ..يتضاحكون مع الفتيات الانيقات ونحن كالقطط الجرباء نسترق النظر وداخليا نتقطرن ونتزفت...بصراحة تمنيت ان يفلس ذلك النادي او تاكله النيران مثل خيمتنا
انا اكل الحلوى واشرب ( القازوز)؟؟
ابي باع بغلا كان سندنا في الحرث والزرع وارتكب اثما فاقام عرس اخي ب (الغرامة) ليدخلني دار المعلمين

لم اكن احمل الا نقود السفر التي كنت اكسبها بعرق جبيني ايام العطل التي اقضيها في التقاط حبات الزيتون او بقايا السنابل وراء الحصادين
كيف يمكنني ان ابوح لك باسراري وانا نتيجة كل تلك العوامل؟
لماذا لا تفهمين انطوائي
اه ما اتعس تلك الايام..تمنيت ان اكون فلاحا يشق الرض ويزرعها حبا وحبا على المكوث بتلد الداخلية التي تملاني غما وحقدا
عما كان في وسعي ان احدثك؟
عن البحار الاغاني الافلام الرحلات؟؟
انا سليل البرك الاسنة واصوات الذئاب والغربان..لم ار فيلما في حياتي الا شريطا جاء به العسكر يوما محتشدنا يبينا لنا عربيا يدخل يده تحت ابطه يخرج قملا بحجم السلاحف يضعها على حجر ثم يهي عليها بحجر فتتفجر مياها ودماءا ثم تبينه الصورة في منزل جميل داخل حمام يغوص في الرغاوي ثم ينطلق صوت عربي رخيم:
هكذا ستكونون.مع فرنسا....
هل احكي لك عن هذا ؟
لم اكن اعي الاشياء بعمقها والا كنت حكيت لك هذا بفخر واعتزاز.....فقط ا ريد ان اهمس لك ..
لقد احببتك ...ولا زال طيفك يلازمني ..وصديقيني انني تمنيتك ولكن.. ...حالت دوننا .....
فهنيئا لك ب... ودمت رقيقة ..لطيفة ...ناعمة و حب.....
امضاء ع .ز




#زيتوني_ع_القادر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مطر بالمدينة:Il pleut sur la ville
- انا منها
- ليل طويل في غابة النحل
- نجم افل
- سر المراة
- الدم
- الغبن
- الضياع
- الاقليمية الثقافية والسياسية
- وجوه الشرف
- الامل الاخير
- وشوشوة الجدران
- امومة
- جهنم الطرف الاخر من الحدود
- نهاية الطغاة
- هموم قزحية التقاطع
- الصقيع
- من ذاكرة الهنود الحمر
- هذه المدينة التي صفعتني
- قصة


المزيد.....




- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زيتوني ع القادر - اعترافات متاخرة