أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نبيل فوزي-العراق - حوار مع الذات















المزيد.....


حوار مع الذات


نبيل فوزي-العراق

الحوار المتمدن-العدد: 3402 - 2011 / 6 / 20 - 14:24
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ماذا يجري في العراق....هل نحن نعيش حالة الارتداد عن الاسلام ....أم هي انغماس في المتاهات والضياع نحو المجهول...أم يا ترى هي حالة تخبط أعمى في هوس الحب العاطفي...حب آل بيت رسول الله (ص)، دون وعي وتمحص ....أم هي فوق هذا وذاك أثبات للوجود بعد سنوات من القهر في التهميش والفقر للشيعة في العراق ومنذ مقتل الامام علي بن ابي طالب (رض).
ومع كل ذلك فان كل ما يجري من ممارسات وسلوكيات في مناسبات الشيعة خضعت وتخضع لحسابات المنتفعين منها؛ سواء في استمرارية هيمنتهم ومواقعهم الاجتماعية ذات الاسس المذهبية او في تأجيج النعرات الطائفية القائمة على نبش الحوادث التاريخية وتفسيرها وبما يضمن هذا التأجيج وتحقيق هدف التشتت والتنافر بين المسلمين.
هل يعقل ان يكون هناك مسلم مؤمن بالله ورسوله لا يعرف من هم آل البيت وما هي منزلتهم في الاسلام عبر مسارات واغوار الدين الاسلامي الحنيف، والمتمثلة في احاديث رسولنا الكريم (ص) وكذلك في سلوكه وتعامله مع أهل بيته وهو القائل (ص)؛" أنا مدينة العلم وعلي بابها "، " الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة" ، وكيف كان يتعامل معهما كأولاده وهو في ذلك يضرب الامثلة لنا، ايضاً، في كيفية التعامل مع عوائلنا. ولكن ان تصل بنا الامور اليوم الى ما نقوم به من افعال واقوال في تضخيم هذه المنزلة وننصب أنفسنا وكأننا الورثة الشريعين لهم، هو ما يثير التساؤل والغموض في مدى صحة ذلك في إطار مباديء الاسلام وأصوله.
والله ان المرء لفي حيرة من امره، وخاصة في مثل حالتي وانا الشيعي على نهج أبي...الذي جاء ايضا عبر التوارث التاريخي لهذا الانتساب دون ان يكون لأياً منا الحرية في الاختيار ، بل حتى في مجرد التفكير بهذا الانتساب ، هكذا هي الحياة، تنسب لنا هوية الشخصنة من الاخرين، ومطلوب منك ان تتكيف معها شئت أم أبيت، وإلا فانت ناكر للأصول ومجحف بحق أهلك وعشيرتك والمقربون، إذا ما تساءلت فقط هل جاء محمد بن عبد الله (ص) بالاسلام كدين لهذه الامة ام انه جاء بشيعة وسنة !!!!!!
أذن هو صراع داخلي في النفس، وانا أحاول ان أثير الحوار والنقاش لممارسات لم تعد مقتصرة في زوايا ضيقة من الحياة بل انتشرت وبشكل ملفت للنظر واصبحت جزء من ممارسات دولة على جزء من أراضيها وبما يهدد الى التفتيت والانقسام بعد ان قطعت شوطاً كبيراً في تأثيراتها الاجتماعية والنفسية على ارض الواقع.
ان ما يتم القيام به حالياً من ممارسات في احياء ذكرى استشهاد الامام الحسين (ع) يعكس حالة من الفوضى والجهالة المستشرية في البعض منا، ممن ترك أصول وجذور الاسلام الواردة في القرآن الكريم واحاديث النبي محمد (ص)، وهي في جوهرها تراكم لممارسات تاريخية أخذت وبمرور الزمن صبغة الاستمرارية دون ان نحاول الوقوف عندها وتفسيرها.
لا نختلف في ان هذا التنوع في البشر هي ارادة الله (سبحانه وتعالى)، " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ {الحجرات/13}" ، " وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ {الحج/34}" وكانت الانبياء والرسل لهذه الامم تدعوا لعبادة الله (سبحانه وتعالى) وحده لا شريك له، وهو أكثر وضوحا في ديننا الاسلامي بكتابه العظيم، القرآن الكريم ؛ " وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ "{الذاريات/56، وكل منهم مكمل للآخر وقد أمرنا ان نؤمن بهم جميعاً: " قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ {البقرة/136} فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ {البقرة/137}" والهدف هو عبادة الله وحده لا شريك له، وازالة كل ما يحيل بين الانسان وربه " وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ {ق/16} " هذه الآيات وغيرها، تدعو الى نبذ ما يحيل بين المرء وربه من عبادة الاوثان والاصنام وحتى البشر، كلنا من آدم وحواء وفينا الكافر والمؤمن والله وحده هو الحاكم يوم لا ضل إلا ضله ومن تقدم فينا في عبادته ورضا الله سبحانه وتعالى عليه فهو قدوة لنا في الاقتداء به والسير في ركابه، من الانبياء والرسل والاولياء الصالحين ، لننال رضا الله ومغفرته، وليس ان يكون او ان نجعله نداً لله (سبحانه وتعالى) ندعوه ونستأجر به من دون الله، كما جاء في القرآن الكريم " وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ {البقرة/165} إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ {البقرة/166} وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ {البقرة/167} " . ولنا في سورة " المائدة " خير ارشاد وتوجيه من الله (سبحانه وتعالى) وهو يخاطب عيسى (ع) في محكم كتابه الكريم؛ " وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ {المائدة/116} مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ {المائدة/117} إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ {المائدة/118}".
واليوم نكاد ان نتجاهل هذه الحقائق ونلجأ الى بشر مثلنا ونسخر لهم كل اوقاتنا في العبادة والاستغاثة متجاهلين الدعوة الى الله ورسوله مباشرة، لقد تعاظمت لدى البعض من الممارسات ما يلجأ فيها الى الامام علي ابن ابي طالب او اولاده وذريته في حياتهم اليومية دون الله (سبحانه وتعالى)، فهو ينهض ويجلس باسمه ويدعو الى المغفرة والثواب باسمه، وكأن الامام علي قد خلقه ورزقه متناسيا اننا عباد الله وهو وحده يستحق الدعاء واليه وحده يلجأ الانسان في طلب المغفرة والثواب، بل ان هناك من يحلف بالله (سبحانه وتعالى) ورسوله ولكنه يفكر كثيرا قبل ان يحلف في البعض من الاولياء الصالحين. اما ذكر الامام علي في الصلاة ، فهو يثير من الحيرة ما يجعل المرء يتساءل؛ ألم يأتي نبينا محمد (ص) بهذا الركن المهم في الاسلام ؟ وعلمنا كيف نؤديها، قولاً وممارسة ؟ فهل هناك من يؤكد ذكر ذلك في الصلاة عند النبي (ص) لنهتدي به بدلا من هذه الاجتهادات التي لا تغني او تسمن من جوع . ثم لماذا هذا الاختزال في وقوف الانسان بين يدي ربه عند الصلاة الى ثلاث مرات بدلا من خمس مرات في اليوم ؟؟؟؟؟ ومما يثير الحزن والآسى في تنسيب اماكن الصلاة بأسم "الحسينية" بدلا من كلمة " مسجد" المذكورة في القرآن الكريم، والضلالة الاكبر في ذلك ان هذه الاماكن يذكر فيها علي والحسين وآل بيته أكثر من ذكر الله (سبحانه وتعالى )، علاوة على ما تزخر به جدرانها من يافطات وشعارات ما آنزل الله بها من سلطان في التمجيد والتهويل وهي فقيرة في الدعوات الى الله (سبحانه وتعالى). وفوق هذا وذاك ممارسة الصلاة جمعاً: الظهر مع العصر والمغرب مع العشاء اما صلاة الجمعة فهي كالمرجوحة لدى الشيعة تارة مع صلاة الجمعة يملؤن حتى الشوارع والساحات عندما يدعو لها هذا "السيد" او ذاك (كما حدث مع محمد باقر الصدر ) وعندما يغيب تنسى صلاة الجماعة يوم الجمعة. أما صلاة العيد فهم مختلفون حتى في مواقيتها تبعاً لمرجعياتهم في اعتماد يوم العيد. هذه المرجعيات التي اصبحت " دلوعة الشيعة " كل يدلي بدلوه، وضاع الخيط والعصفور بين السيستاني والحكيم والفياض والنجفي وايضا الصدر...حتى بلغت معهم الاجتهادات والتفسيرات في ممارسة الركن الاكبر في الاسلام الا وهو ممارسة شعائر الحج، عندما يختلفون مع جمع المسلمين في هذه الشعائر بما في ذلك صعود عرفة، متجاهلين قوله تعالى في كتابه الكريم " الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ {البقرة/197}..
في هذا وذاك وغيره... ألا يمثل شق لصف المسلمين ؟ اليس هو اجتهاد فيه فرقة للمسلمين؟؟؟ لماذا لا نبحث ونركز على ما يوحد كلمة المسلمين ويجمعهم ، ألم يذكر سبحانه وتعالى في كتابه الكريم؛ "إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ {الأنعام/159} "، ان المسلم الصالح هو الذي ينفع أخاه المسلم ويشد من أزره في تمتين كلمة المسلمين وتوحيد صفوفهم والابتعاد عن صغائر الامور التي لا تثير فينا سوى الاجتهاد في التفسير .
وسؤالي الذي لم اجد له اجابة... هو من اعطى لهؤلاء (المرجعيات) هذه المكانة في تفسير الامور ؟؟؟ ثم إذا كان هؤلاء يخافون الله فعلاً، ويؤمنون باليوم الآخر فأين هم من قول رسول الله محمد (ص): "من سن في الاسلام سُنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده ، من غير أن ينقص من أجورهم شئ. ومن سن في الاسلام سُنة سيئة كان عليه وزرُها ووزر من عمل بها من بعده من غير ان ينقص من أوزارهم شيء". إذا ما استذكرنا ان محمد هو خاتم الانبياء، فكل من بعده ليس لهم علاقة بالسماء فيما يقولون ويفعلون وبالتالي هم بشر معرضون للخطأ والصواب، وغالباً ما يكون الاجتهاد بُدعة وكل بُدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
من زاوية أخرى، ألم ينعم الله (سبحانه وتعالى) علينا بالعقل ، مركز التفكير عند الانسان، وهو مع النطق السمة البشرية عن الحيوانية، فالانسان كالحيوان ولكنه مفكر وناطق، وهي حُجة الله علينا يوم القيامة، في تفسير الامور واعتماد المواقف، بعد ان بعث فينا الانبياء والرسل والكتب السماوية، فنحن المسلمين لدينا دليل عمل يستند على كتاب الله (سبحانه وتعالى) القرآن الكريم وأحاديث نبينا محمد (ص) وسيرته، وآل بيته في السلوك والعبادة. هذا الارث العظيم هو خزيننا في الحياة الدُنيا نستلهم منه العبر والدروس في العبادة والتعبير عن حبنا.
وإذا ما تحجج البعض بجهالة الاخرين واميتهم في قراءة القرآن والاهتداء به، او في العودة الى قراءة الاحاديث النبوية وتفسيرها، فاين هو أذن دور هذه المرجعيات في تأشير هذا الخلل الكبير للأمة الاسلامية ووضع الحلول العلاجية له، في التعليم والتعلم، والقضاء على الامية، ألم يضرب لهم رسولنا العظيم الدروس في تعامله مع أسرى معركة بدر الكبرى. وان الله (سبحانه وتعالى) أقسم بالقلم وما يسطرون...ام انهم مالوا حيث تميل مكانتهم في هذه الدنيا التي تتطلب اللجوء لهم والاستعانة بهم، وبالتالي فان تعليم الناس ونشر المعرفة والعلم هو آخر ما يفكرون فيه، إذ ان وجودهم واستمراريتهم هو بوجود الامية والجهالة، وربما هذا ما يفسر انتشارهم بين الفقراء وبسطاء الناس .
ودون العناء في التفكير، وحيث ما تسود الامية والجهالة، يبرز التأثير والانقياد الاعمى وراء الآخر، عندما يمتلك هذا الآخر المعلومة ويمزجها بالعاطفة في تفسير الموقف. ولذلك سادت ظاهرة "التقليد" والمقولة الشعبية المشهورة " ذبه براس عالم وأطلع منها سالم "، وهي انعكاس واضح في عدم الرغبة بالتفكير واحضار الموقف التاريخي للتفسير وهو ما يذكرني بالمثل الشعبي المعبر عن الاستسلام والكسل؛ "أكعد بالشمس لمن يجيك الفيٌ" . فكان هذا الانجرار والانغماس في ممارسات مكررة ومبتكرة بين الحين والآخر، بعيداً عن روح الاسلام وجوهره. فهل قام الحسين (ع) بثورته ليثير فينا غريزة الجاهلية الاولى في لطم الخدود والصدور وايذاء جسم المسلم وأثارة العواطف في العويل والبكاء. لقد أستغل هؤلاء هذه الثورة العظيمة ليكرسوا مكانتهم من خلال الاجتهاد في تفسير المواقف ضمن مجموعة ممارسات واحاديث ديموغوغائية لا تعرف لها بداية او نهاية غير أثارة الشجون وغرائز الانسان العاطفية في اجواء ملبدة بالنعي والصراخ المقترن بحركات اليد وتشبيهها في مواقف مسرحية مثيرة للعواطف والاشجان و...و...و حتى للسخرية لمن يجيد التفكير بها، كيف لا وهم يجنون حتى على شخصية الامام الحسين (ع) في مجموعة اشعار ومواقف في المناجاة، وهم بذلك يرتكبون ، من حيث يعلمون او لا يعلمون، خطأ بحق هذا الرجل العظيم الشجاع الرافض للظلم والثأر لتصحيح مسار التاريخ والعودة به الى مباديء الاسلام واصوله، وهو القائل "إذا كان دين محمد لا يستقيم إلا بقتلي فيا سيوف خذني" ايستحق هذا الموقف التاريخي ان نتعامل معه بكل هذه السذاجة والتزيف للتاريخ في أثارة عويل النساء وبكاء الرجال واللطم على الخدود والصدور واسالة الدماء في مواقف تفنن البعض في اظهارها واعتمادها حرفة له في الحياة (الرادود..مثلاً) وأطلاق العنان لهم للمتاجرة بها في الاسواق مقرونة باعلام (رايات) الى جانب صور مزيفة عن الامام علي واولاده (رضي الله عنهم جميعاً) وعن مواقع مفترضة من واقعة الطف وبالوان لاحصر لها، وكأنها التقطت في كاميرات حديثة، تثير في السامع والناظر ما يبتغونه من تأجج عاطفي يحقق لهؤلاء التجار ومن يقف وراءهم ما يبتغونه من أرباح وتشويه لحقائق التاريخ، ومن المؤسف له عدم تصدي المرجعيات الدينية لهذه الظواهر المزيفة وسكوتهم عنها دفع الكثير من الجهلة الى اعتمادها في حياتهم اليومية داخل المساكن واماكن العبادة وخاصة "الحسينيات". وفي كل عام يظهر لنا ممارسات جديدة فهذا يحث الهمم على زيادة الصراخ وذاك يعظم الاجر بالبكاء وهذا باللطم باليد او الزنجيل وهناك من يجمع كل ذلك وهم مستمرون بالبدع والتفنن في تأجيج المشاعر وشق الصف حتى وصلنا الى المسير على الارجل حيثما تكون باتجاه كربلاء.
وازاء هذا التخبط والهوس في الانجرار خلف البدع والاجتهاد هناك أفتقار واضح للعقلانية في التفسير لهذه الحوادث التاريخية ، أليس من الاجدر على هذه المرجعيات ان تتحمل مسؤوليتها الدينية في رفض هذه الممارسات والدعوة الى قراءة جدية وناضجة لثورة الامام الحسين (ع) في الصمود والتضحية ورفض الظلم وبما يجعل منها نبراساً يقتدى به في التمسك بمباديء الاسلام والسيرة النبوية العظيمة في أنارة العقول وتغذية الروح بهذا العطاء الثر. نعم هم من يتحمل هذا الانجراف لآلاف الناس البسطاء في الفهم السطحي والعابر فيما يمارس اليوم في ذكرى واقعة كربلاء.
ان ما يثير الشجون هو ان ننصب انفسنا اولياء على آل بيت النبي محمد (ص) وكأننا الورثة الشريعين لهم، نحكم على هذا وذاك بالكفر والشتيمة حتى وأن كان من اصحاب رسول الله (ص)، ومن خلفاءه الراشدين، نفسر التاريخ وننبش في الحوادث ونضخم كل ما يثير الفرقة والتشتت بين المسلمين، وكأننا نتجاهل قوله تعالى " تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ {البقرة/134}"، من الذي اعطانا هذا الحق في أحتكار حب آل البيت ؟؟ لماذا هذا التزيف للتاريخ؟؟ اليس نحن العراقيون الذين شهدوا مقتل الامام علي في ارضهم ؟؟ ثم أليس نحن الذين حثوا الامام الحسين (ع) للمجيء للعراق من أرض الحجاز، واحتضان ثورته؟؟؟ ثم غدره في معركة الطف أمام الجيش الاموي وحيداً وهو ينادي في صحراء كربلاء : ألا من ناصر ينصرنا ....."، اين كان أجدادنا مما بعثوه من رسائل ومخاطبات لتعجيل قدوم ابن بنت رسول الله الى الكوفة ؟؟ لماذا لا نقول الحقيقة ؟؟ من قتل الحُسين ؟ اليس هم جلدتنا ممن يدعون الاسلام؛ يزيد بن معاوية، عبد الله بن زياد، عمر بن سعد، شمر بن ذي الجوشن.....وغيرهم الكثير، ممن نطقوا بشهادة الاسلام !!!!!!!!!!!! لم يرتكبها امريكي او صيني او روسي..او ...او. ...
ان كل ما نقوم به في احياء هذه الذكرى هو في حقيقته بكاء وعويل على حالنا بعد ان فقدنا الحاضر في ممارسات وطقوس ما أنزل الله بها من سلطان ، وقبل ذلك خسرنا الماضي في الانغماس في الفتن والاجتهاد في التفسير وبناء المواقف على هذا المذهب او ذاك وبأتباع السبل، وكان حصيلة ذلك تشتيت المسلمين وتفريقهم بدءً من الأختلاف في ممارسة شعائرهم الدينية التي، ومع الأسف، تحجج بها الكثير من شباب هذا اليوم في عدم أداء هذه الشعائر وما يتريب على ذلك وبمرور السنوات والاجيال من ضياع أركان الاسلام بين هذا التفسير او ذاك والانجرار نحو شخصنة هذه الشعائر والتخندق خلفها.
أما آن لنا ان نصحوا قبل فوات الآوان ؟ ونعلم الاجيال حقيقة الاسلام في جوهره القائم على التسامح والمحبة ونبذ العنف والكراهية وفي اركانه الاساسية في الصلاة والزكاة والصوم وحج البيت وقبل ذلك كله شهادة ان لا اله إلا الله محمد رسول الله، وفي نهجه الواضح في القرآن الكريم وسُنة نبينا محمد (ص)، وآل بيته الطيبين الاطهار في السلوك والتصرف.
اللهم أجعلنا من عبادك الصالحين، وارحمنا وسدد خطانا بما يرضيك وابعدنا عن زلة الشيطان يا ارحم الراحمين يا الله.
اللهم نجير بك لا بغيرك في ان تنور عقولنا وتهدنا الى اصلاح حالنا ولم شمل المسلمين وابعادهم عن الفرقة والتشرذم يا مجيب الدعاء يا الله.
اللهم اغفر لنا وقدرنا في أمرنا وتفسيرنا.....لك وحدك أشكو حالنا مما نحن فيه من تشتت في الرؤى والتأويل، ومما نحن فيه من تباين في العبادات والشعائر، ومما نحن فيه من تخندق و تناحر....اللهم استغفر باسمك العظيم من البُدع والضلالة ، ومن الشرك والجهالة ...ومن عبادة اللاهوت والبشر....انت وحدك ربي سبحانك وتعالى عما يصفون....لك وحدك أسجد واعبد واناجيك في الليل والنهار دون خليل او شريك.
لك الحمد ومنك المغفرة واليك المصير...والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد (ص) وعلى آل بيته واصحابه الطيبين الطاهرين.



#نبيل_فوزي-العراق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نبيل فوزي-العراق - حوار مع الذات