أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صادق البصري - صديقي السياسي ..














المزيد.....

صديقي السياسي ..


صادق البصري

الحوار المتمدن-العدد: 3401 - 2011 / 6 / 20 - 03:22
المحور: الادب والفن
    


صديقي السياسي .. ( قصة قصيرة )

منذ أكثر من عقد من الزمان فارقته ، لا اعرف أين هو ألان ولم اسمع عنه أية أخبار، كباقي أصدقاء الطفولة والدراسة الذين فرقتهم السنون والأيام والأحداث ، صدفة وأنا أراجع دائرة حكومية في وزارة ما لمحت شخص حاشد للوجوه له ملامح صديقي وأن طرأت بعض التغيرات الطفيفة من زيادة وزن وسحنة مالت إلى البياض ،وهندام أنيق ،كان يتوسط حلقة من أشخاص كأنهم حمايته الشخصية ؛ لم يكن سياسيا في يوم من الأيام وكانت أفكاره على الدوام رجعية ، وفشل في الدراسة حسب علمي ، إذا كيف وصل إلى هذا الحال وما السر!؟ ظلت تلك الأسئلة تراودني والفضول يأسرني دون إجابات ، لوحت له بيدي من بعيد ،
في البداية لم يعبأ بتلويحتي ،سخرت من نفسي وترددت ،إلا إن شعورا ما دفعني إلى الاقتراب من حلقة حمايته ومناداته باسمه ،فألتفت إلي وظل محدقا بي وكأنه يحاول شحذ ذاكرته ،أمرهم أن يسمحوا لي بالاقتراب أكثر وكأنه عرفني ، تصافحنا وتعانقنا وتبادلنا التحيات والأمنيات والود ،كأي صديقين يتقابلان بعد مدة طويلة ،وضع يده في يدي وسرنا معا ، ألغى جدول إعماله ، وصرف طاقم حمايته،وأدخلني جناحه الخاص في الوزارة ، تكلمنا كثيرا ، عن الذكريات والأصدقاء وشؤون الحياة ، تكلمنا عن الزواج والأطفال والمعيشة ، والغلاء والسياسة .
قال : إن الحياة مأدبة كبيرة ذكي من يستخلص لنفسه مكانا لائقا أمام وجبة شهية .
وقال أيضا : إن الجو جميل ورائع .
قلت : إن درجة حرارة الطقس في الخارج جحيم لايطاق
قال : إن الشتاء حين يأتي بمطره يغسل الأبنية والشوارع ويمسح عن أعين الناس الحزن ويمحو ذكر حرارة الصيف ولهيبه .. والنسيان نعمة.

قلت : :بل قل إن الشتاء إذا كان بمطر غزير يغرق الأزقة وتكثر الأوحال ، وتطفح المجاري في الشوارع و البيوت المنخفضة ،ويمنع أرزاق الكسبة ويقتل المزروعات .
قال وهو يضغط على يدي انه من الأفضل للمرء دائما أن يفترض النيات الحسنة ويتفاءل ، يجب أن يكون قلبك أغنية تتسع لكل أحزان الناس ياصديقي ، وأردف لا اخفي عليك أحيانا يرافقني الحزن عندما أكون وحيدا ، اشعر إني غريب ووحيد وخائف، وكثيرا ما افتقد وجوه الأصدقاء . . كنت أهز راسي موكدا صحة ذلك ..
وأخيرا دعاني إلى وليمة غداء في جناحه الخاص .
قال : اطلب ماتشاء من طعام وشراب ، ودون أن اطلب أي شيء امتلأت الطاولة بصنوف الطعام الشهي، و بصمت بدأنا تناول الطعام الفاخر كانت فعلا وليمة فاخرة ، بعد مغادرتنا مائدة الطعام جلسنا في مكان آخر أكثر شاعرية ، طلب لنا الشاي وقال إن الشاي هنا أطيب مايكون ، وأنا احتسي الشاي تطلع في وجهي وضحك واستمر في الضحك ، تساءلت في نفسي ماالذي اضحك صديقي السياسي ، لكنني شاركته الضحك ببلادة ، فجأة رن نقاله بنغمة كئيبة ، وعلى عجل قام ليغادرني قال اعذرني لقد قضيت معك وقتا طيبا، وأنا مسرور برؤيتك ، صافحني وعانقني ، وقال أكمل شايك أو اطلب أي شيء آخر من النادل ، وأنا أستأذنك وخرج ،رشفت الشاي بسرعة وهممت بالخروج وأنا أسير في رواق الوزارة استرجعت ذاكرتي مادار بيني وبين صديقي السياسي من كلام
ومواقف ، تأكدت إن الجو خارج الوزارة ليس رائعا ، وأيقنت أن أحزان الناس لاتسعفها أغاني الكون ، وأدركت أن النسيان ليس نعمة دائما، وأن على المرء أن لايفترض النيات الحسنة في كل المواقف ، وأن طعم الشاي كان ليس طيبا ، ولكن حقيقة مآدبهم فاخرة ، وتذكرت أيضا أننا كنا نتكلم طيلة الوقت مع هز أقدامنا .



#صادق_البصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هي أمك هي أمي ..
- أقحام الجمال في حياة البائسين ومحاربة الأنحطاط ، كانت مهمة ت ...
- يوسف والجمعة والرصيف ..
- الضوء يأتي كل صباح ..بانوراما رحلتي صوب ساحة التحرير
- بانوراما رحلة الحج صوب نصب الحرية
- مع ثورة الشباب العراقي في يوم الغضب 25فبراير
- دع ملايين الزهور تتفتح .. ولكن
- حيث لاموقف !؟
- ميكانزم وئد الثورات
- بيت النار ..
- للوزراء الدمج حصرا (نصائح)..!؟
- مالكي يوم الدين وحق الرد (للمأجورين) !؟
- رسالة مفتوحة الى الاستاذ كامل النجار
- مزيد من النور :الحوار المتمدن يتألق
- نشيج شموس غاربة ..
- خريف البطريرك -بشارة ماركيز ووهم الانعتاق /قراءة متأخره
- لوركا..الفكاهة في ممازحة الموت
- نزف كلمات ..
- رمضان شهية للأحتيال
- دمعة على ثرى صاحبي ..


المزيد.....




- تحويل مسلسل -الحشاشين- إلى فيلم سينمائي عالمي
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...
- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صادق البصري - صديقي السياسي ..