أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - غازي الصوراني - حول سؤال ما الماركسية في الوضع الراهن ؟















المزيد.....

حول سؤال ما الماركسية في الوضع الراهن ؟


غازي الصوراني
مفكر وباحث فلسطيني


الحوار المتمدن-العدد: 3401 - 2011 / 6 / 19 - 19:05
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



بداية لابد من أن أُشير إلى أن هذه اللقاءات الحوارية نوع من الاستجابة الواعية لكل التحديات .
سؤال ما الماركسية (يندرج تحت ما يسمى في اللغة بالسهل الممتنع) فهي باختصار نظرية علمية تاريخية اجتماعية قابلة للتطور والاغتناء، تتناول أيضاً علم القوانين الطبيعية التي تتحكم في سير وتطور المجتمعات الإنسانية .
نشأت الماركسية في أتون الاستغلال الرأسمالي والصراع الطبقي، وتميزت بنضوجها ووعيها لطبيعة النظام الرأسمالي .
إلا أن هذه النشأة لم تكن بمعزل عن التيارات السابقة للفكر الاجتماعي.
فقد عالج ماركس وإنجلز بصورة انتقادية منجزات الفلسفة الكلاسيكية الألمانية والاقتصاد السياسي الكلاسيكي الإنجليزي والاشتراكية الطوباوية .
مأثرة ماركس تكمن في انه بَيّن بالملموس أن الصراع الطبقي هو القوة المحركة لتطور التشكيلات المتناحرة.
تتألف الماركسية من علمين متحدين، وأن كانا متميزين هما: المادية الجدلية والمادية التاريخية. وأساس التمييز بينهما هو اختلاف موضوعهما.
فموضوع المادية التاريخية أو علم التاريخ هو تصور التاريخ من خلال دراسة مختلف أساليب الإنتاج، والتكوينات الاجتماعية، أي دراسة بنيتها، وتكوينها، وسيرها، ودراسة أشكال الانتقال من تكوين اجتماعي إلى تكوين اجتماعي آخر.
أما موضوع المادية الجدلية، أو الفلسفة الماركسية فهو إنتاج المعارف. أي دراسة بنية وسير عملية التفكير. إن موضوع المادية الجدلية هو – بعبارة أدق – نظرية تاريخ الإنتاج العلمي.
ان القضيتين الأساسيتين في المادية الجدلية، والتاريخية هما :
1- التمييز بين عمليات الواقع، وعمليات الفكر. أي التمييز بين الوجود والمعرفة.
2- أسبقية الوجود على الفكر. أي أسبقية الواقع على المعرفة.
والقضية الأولى هي التي ينبغي التأكيد عليها أما القضية الثانية فواضحة.
إن أساس وحدة العمليتين: العملية التي تجري في الواقع، وعملية الفكر هو التمييز بينهما، فالعمل النظري أيا كانت درجة تجريده يتناول دائماً العمليات التي تتحقق في الواقع.
أما أسلوب الإنتاج – حسب المادية التاريخية – فهو يضم مستويات مختلفة: اقتصادية، وسياسية، وايديولوجية ونظرية.
فإذا كان المستوى الاقتصادي هو الذي يحدد البنية الاجتماعية في نهاية المطاف. فإن هذا لا يعني أن الاقتصاد يلعب فيها دائماً دور العامل المسيطر.
لقد أوضحت النظرية الماركسية أن الرأسمالية لا تستغل الطبقة العاملة وتضطهدها وتستعبدها فقط ، بل تُصَلّب عودها أيضاً.
أما في المستوى السياسي فقد دافع كل من ماركس وانجلز عن استقلالية البروليتاريا السياسية النظرية والتنظيمية ،أي لا بد للبروليتاريا أن تبني حزبها.
المهم أيضاً ان ندرك أن الماركسية ليست كل ما قاله ماركس .
المهم يا رفاق ان نعي أهمية وراهنية ماركس والماركسية التي لا يمكن تجاوزها.
أن اعظم انجازين لماركس هما:
الأول: منهجه المادي الجدلي في دراسة الظواهر الطبيعية والاجتماعية (بما في ذلك قوانين الديالكتيك ومقولاته).
الثاني: هو دراسته العلمية للرأسمالية، فكتابه رأس المال صورة تاريخية لأصل الرأسمالية، نشأتها وتطورها في أوروبا.
فالماركسية ليست تصور أو مجموعة أفكار فقط، إنها فلسفة الشك التي تفترض إعادة تقييم الظواهر بلا توقف، إنها قوة فعل كذلك.
لهذا يجب أن يتحدد دورها في الصراع الراهن، وهذا هو واجبنا في الجبهة لمواجهة وإزاحة قوى اليمين الوطني واليمين الديني عبر النضال الديمقراطي .
المهم أن يأخذ الحزب دوره في توعية هذه الجماهير، بشرط أن يكون موحداً فكرياً وسياسياً وتنظيمياً بعيداً عن كل مظاهر الأزمات.
هذا يتطلب تفعيل العلاقة الجدلية بين نضالنا الوطني والتحرري الديمقراطي وبعده القومي العربي.
انطلاقا من إدراكنا أن الماركسية ليست عقيدة جامدة، بل هي نتاج معرفي متواصل مع تطور فكر البشرية ،ولذا فهي ليست انعزالية، بل فكر حي مبدع ومتجدد (هكذا يجب أن نتعامل معها).
وها نحن اليوم في مرحلة جديدة من تطور الشعوب والمجتمعات العربية في إطار الحالة الثورية الراهنة،
تستدعي منا في الجبهة البحث الدؤوب عن الإجابة على كثير من الأسئلة في سياق البحث عن جوابنا لسؤال ما الماركسية؟ .
حقاً إن الأوضاع والظروف السائدة ، باتت تبشر بفرص ثورية في الأمد المنظور ، وهاهي وقائع الحياة تؤكد لنا أن هناك أسساً موضوعية لإعادة بناء حركة معادية للرأسمالية.
إن الاشتراكية اليوم ضرورة حتمية لضمان انتصار الثورة وانتشارها في الوطن العربي .
وفي ضوء ما تقدم، فإننا في الجبهة نسترشد بالماركسية ومنهجها انطلاقاً من كونها نظرية علمية قابلة للتطور والتجدد.
من هنا تتبدى الحاجة الملحة أمام رفاقنا في الجبهة صوب مزيد من الوعي بالماركسية ومنهجها المادي الجدلي.
واليوم في ظل الانتفاضات العربية ، فإن الحاجة إلى الاشتراكية تتزايد، لكن الإشكالية تكمن في استمرار أزمة اليسار العربي أو العامل الذاتي/الحزبي، ما يعني استمرار العجز في مواجهة العدو الوطني والطبقي.

ما يجري اليوم هو «بروفة» لانتفاضات او ثورات قادمة، وبالتالي علينا أن نستفيد من هذه الانتفاضات إلى الحد الأقصى، وتحويل الممارسة الثورية إلى خبرة تفتح على بلورة رؤية نظرية جديدة.
يجب أن يُبنى الحزب الماركسي، القادر على تطوير الصراع الطبقي وتحقيق التغيير. يجب أن تنصهر القوى الماركسية المنخرطة في هذا الصراع، ويجب أن تُصقل الكوادر الجديدة في خضمه، وأن يُفرض بناء الحزب المعني بالثورة والتغيير.
يجب أن تتطور المطالب مع تصاعد الصراع وتوسّع الانتفاضة، كما يجب أن يرسخ في وعي الطبقات الشعبية أنّ مطالبها لا تتحقق إلا بتحقيق التغيير. هذه هي المسألة التي يجب أن ترسّخ منذ الآن.

ولهذا نحن معنيون في الجبهة بتحديد الموضوعات الأساسية الذي يشكل وعيها مدخلاً أساسياً لوعي حركة وتناقضات النظام الرأسمالي من جهة وحركة الواقع الفلسطيني والعربي.
إننا معنيون بتوضيح الفارق بين الماركسية كمنهج، والماركسية كمنظومة ، من أجل ان يظهر ثبات الأول واعتباره طريق عمل ومن ثم رفض الجمود.
لذلك لابد من العودة إلى الأصل ( المبادئ العامة – المنهج ومن ثم التعاطي مع الواقع) دون أن نلغي الاسترشاد ببعض تحليلات المفكرين على تنوعهم فكل هؤلاء لديهم أفكار هامة لكن ذلك لا يعني ان يتحول أي منهم إلى مرجع أساسي ووحيد .
وبالانطلاق مما تقدم يمكننا الآن صياغة جواب السؤال الرئيسي لهذه الندوة : ما الماركسية ؟ وبالتالي تحديد تعريفها كما يلي :
إن الماركسية هي علم القوانين الطبيعية التي تتحكم في سير وتطور المجتمع الإنساني، وهي بهذه الصفة علم متجدد ومتطور لا يقل دقة عن سائر العلوم الطبيعية.
والماركسية هي علم تطبيق المادية الجدلية على تاريخ المجتمع البشري بجميع مراحله وأنماطه المختلفة.
أن تكون ماركسياً يعني أن تبدأ من ماركس، ولكن لا تتوقف عنده، أو عند أحد كبار خلفائه في العصر الحديث، حتى لو كان لينين أو ماو. وهناك فرق بين أن تكون ماركسياً، أو أن تكون ناطقاً بالماركسية. أن تبدأ من ماركس، يعني أن تبدأ بالجدلية المادية.
وبهذه الروح يجب، في رأيي ، أن ننظر في قضية النظرية الثورية اليوم.
وعلى هذا الأساس فإن الحفاظ على الماركسية ومتابعة رسالتها الإنسانية لا يكمن في الدفاع اللاهوتي أو الدوغمائي عن تعاليمها، وإنما بالنقد الدائم لأفكارها وتجديدها ارتباطاً بأهدافنا العظيمة من أجل التحرر الوطني والقومي والديمقراطي.

أما السمات الرئيسة للماركسية فهي تتحدد وتتميز عن غيرها في العناصر الثلاثة التالية:
الأول:- أنها تستمد عناصرها ومعطياتها وبالتالي قوانينها من الدراسة العلمية العينية الملموسة للواقع الاقتصادي والاجتماعي الفكري والصراعي (الطبقي).
الثاني:- هو أنها ليست مجرد نظرية معرفية علمية تستمد هدفها من الدراسة العلمية
الموضوعية وإنما تتضمن كذلك موقفاً موضوعياً كنظرية لتغيير الواقع تغييراً جذرياً.
الثالث:- الممارسة العملية تتم وفق هذه المعرفة، وهي شرط لها.
هذه الرؤية هي التي تؤسس لعمل ونضال ماركسي يمكن أن يصبح قوة فعلية في المواجهة السياسية الديمقراطية لكل من فتح وحماس من ناحية وفي بلورة دور حزبنا في إطار الحركة الماركسية العربية من ناحية ثانية .
فهل نستطيع أن نبدأ من هنا ( من النظرية ومن الواقع ) للخروج من أزمتنا الفكرية لكي نتمكن من الخروج من أزمتنا التنظيمية والسياسية والأخلاقية، مسترشدين بكلمات الرفيق الراحل المؤسس جورج حبش.
فقد نخسر الجبهة العسكرية والسياسية ولكن لا يجوز أن نخسر الجبهة الثقافية ..."
وهنا يجب أن يعود التفكير في قيمة الماركسية، في بلادنا، حيث إن الماركسية هي القادرة على تنظيم القوى الطبقية العربية المفقَرة والمهمَشة من أجل فرض بديل يفتح أفق التطور الاقتصادي (وهنا الصناعي خصوصاً) والمجتمعي الشامل، وينقل مجتمعاتنا العربية المتخلّفة إلى طريق التطور والحداثة والتنمية المستقلة والعدالة الاجتماعية.
الأمر الذي يستدعي منا أيها الرفاق استيعاب القضايا والمفاهيم الأساسية للماركسية .
أ- المبادئ العامة ، وتتمثل في المسائل التالية :
أولا: التزامنا بالماركسية لكونها أداة منهجية تتأسس على الجدل المادي، تسهم في وعينا للواقع بصيرورته ( و بالتالي بتاريخيَّته) و تنوّعه و تعدّد تناقضاته.
ثانيا: إن الحركة الماركسية هي التي تعبّر عن مصالح الطبقة العاملة و عن الفلاحين الفقراء.
ثالثا: و هي تعبّر عن المصلحة العامة لمجمل الأمة في نزوعها نحو التحرّر و تحقيق التطوّر في إطار النضال من أجل انتصار المبادئ الإنسانية الهادفة إلى إلغاء الاستغلال والاضطهاد.
رابعا: الانطلاق دائما من الواقع الملموس.
ب) حول الماركسية :
إن الخطوط العامة التي نعتقد في صحَّتها هي التالية:
1) إن الماركسية هي النظام المعرفي ( أو الأدوات المنهجية) التي تحكم تفكيرنا في بحثه في الواقع من أجل وعيه ( وعي كل مكوّناته و وعي تناقضاته)، فالماركسية كنظام معرفي، منهجية و قوانين و مقولات و مفاهيم.
2) الماركسية هي نظام معرفي يمكننا من تحليل وتشخيص الواقع بصورة موضوعية/علمية.
3) على ضوء ذلك، فإن من المفيد أن يقوم رفاقنا في الجبهة باكتشاف ما هو معرفي في مجمل النظام المعرفي للماركسية ، و استخلاص كل الإضاءات و الإضافات الفكرية فيه. و هنا فإن الاطلاع- بالمعنى النسبي – على بعض الانتاج المعرفي لبعض الماركسيين من ماركس/ إنجلز و كاوتسكي و بليخانوف و هلفردينغ، إلى لينين و روزا لوكسمبورغ و تروتسكي و ماوتسي تونغ و جيفارا و هوشي منه، إلى جورج لوكاتش و أنطونيو غرامشي، مع الاهتمام بالاطلاع الواسع بصورة خاصة على بعض الإنتاج المعرفي للماركسيين العرب.
ج) حول مستقبل الاشتراكية :
في هذا الصدد لابد من التأكيد على المبادئ التالية :
1) التأكيد على الماركسية و الاشتراكية، و إعطاء هذا الاختيار معناه الواقعي و أبعاده الثورية العميقة، و توضيح كون الاشتراكية هي بديل ممكن و ضروري.
2) التأكيد على ديمقراطية الاشتراكية و على انطلاقها من التعددية و حق التنوّع و الاختلاف.
3) الدفاع عن الاشتراكية كبديل ممكن للنمط الرأسمالي.
4) التأكيد على ضرورة دراسة التجارب الاشتراكية.
د) ضد الرأسمالية :

إن نضالنا في الجبهة الشعبية ضد التحالف الامبريالي الصهيوني ، ونضالنا مع القوى اليسارية والديمقراطية العربية اليوم ضد أنظمة التبعية والتخلف في بلداننا العربية ، هو في حقيقته نضال ضد النظام الرأسمالي الامبريالي المعولم.
ومن هذا المنطلق فإن نضالنا مع كل القوى اليسارية الماركسية القومية –في ظل الانتفاضات العربية- يقوم على رفض الرأسمالية و بالتالي العمل على تقويضها، باعتبار أنها أساس التناقضات التي تحكم العالم الراهن.
* حـول الماركسيـة والواقع الراهـن :
في ضوء كل ما تقدم فإننا في الجبهة الشعبية معنيون باستمرار وتجدد النضال من أجل :
أولاً : يجب أن تستعيد الماركسية دورها ككاشف لحركة الواقع وكمنظر لها (على الصعيدين الوطني والقومي).
- يجب أن نعمل من أجل أن تستعيد الحركة الماركسية دورها الثوري في بلادنا عبر دور طليعي متميز لجبهتنا على طريق الحوار الجاد لتأسيس الحركة الماركسية العربية .
- هذه هي المهمة الراهنة، وهذا هو الهدف الراهن في لحظة تفاقم التناقضات الطبقية وبداية تفكك الأنظمة العربية الدكتاتورية ، والتابعة للإمبريالية، إلى جانب تفاقم التناقضات التناحرية مع دولة العدو الإسرائيلي.
- لهذا يجب العمل- في إطار الصراع الطبقي والديمقراطي ضمن دوائر قومية وإقليمية- على تفعيل وبلورة الذات القومية العربية" في مضمونها الجديد الذي تتداخل فيه مصالح الطبقة العاملة والفلاحين مع مصالح الأمة في إطار اقتصادي / اجتماعي يعبر عن مصالح العمال والفلاحين وكل الفقراء والكادحين في بلادنا.
- إننا في لحظة إعادة صياغة الأهداف التي تعبر عن الطبقات المعنية بالصراع ضد الرأسمالية، ومن أجل تأسيس نمط إنتاجي بديل، اشتراكي وديمقراطي.
وفي هذا الجانب نقول ، إذا كان الصراع ضد الرأسمالية في المراكز هو صراع تدرجي مطلبي الآن، فإن الصراع ضدها في الأطراف هو صراع ثوري (وهذا ما يجب أن يكون في مجتمعاتنا العربية).
- ووفق هذه الرؤى، فإن المهمة المركزية للحركة الماركسية العربية، تتمثل في تجاوز أنظمة التبعية والتخلف أولا ، تمهيدا للبدء في عملية الثورة الوطنية الديمقراطية بآفاقها الاشتراكية.
- وعلينا أن ندرك إن تحقيق هذه الأهداف يتطلب تأسيس القوة المنظمة الجذرية حقا ، و الثورية حقا ، و نقصد بذلك الطبقة العاملة المتحدة مع الفلاحين الفقراء في إطار تحالف يضم كل الفئات المتضررة من الرأسمالية.
وهذا كله يفترض وعينا العميق للمبادئ الرئيسية العريضة للحركة الماركسية:

أ‌) إن الهدف الأساس الذي يشكّل محور اللحظة الراهنة هو إعادة بناء الحركة الماركسية في كل قطر عربي أولا ، لكي تصبح - في مرحلة لاحقة - قوّة فعل في الوطن العربي.
ب‌) وهذا يقتضي إعادة الاعتبار للماركسية كونها أداة تحليل فاعلة قادرة على وعي الواقع بشموليته و عمقه و كونيّته.
ج‌) الدفاع عن الاشتراكية كونها أفق البشرية و مخرجها من همجيّة الرأسمالية ووحشيتها .
إذن، لكي نستطيع وعي الماركسية، علينا أولاً امتلاك الوعي بمنهج الجدل المادي، وهي الخطوة الضرورية من أجل بناء التصورات والأفكار، انطلاقاً من إدراكنا لطبيعة ومفهوم الحزب الذي هو شكل «الاتحاد» بين فئات مثقفة وفاعلي (أو ناشطي) الحركة الاجتماعية (المحددة في العمال والفلاحين الفقراء أساساً).
لذا يصبح طرح السؤال ما الماركسية ذو أهمية وله معنى. إذ أننا أمام هدف تحديد ماهية الماركسية بالذات، وكيف نطبق المنهج المادي الجدلي على واقعنا بكل خصوصياته؟ وهي اسئلة لا يمكن الإجابة عليها دون التخلص الواعي من الأفكار المثالية أو الغيبية، ومن ثم البحث في الجدل المادي وفي تطور الاقتصاد السياسي والصراع الطبقي والحراك الاجتماعي .
من هنا نعتقد ان البحث في الماركسية يجب أن يبتدئ من التخلص من إرث الأفكار البالية الرجعية والمتخلفة، وامتلاك الوعي بالمنهج الجدلي المادي وتطبيقاته على الاقتصاد كما على كل جوانب الواقع في الممارسة التنظيمية والنضالية واليومية لرفاقنا.
وعلى هذا الطريق فإننا في الجبهة الشعبية، يجب أن ننطلق من رؤية، وقوانين علمية هي قوانين ومقولات المادية الجدلية.
المهم أن ننطلق من قناعتنا بأن "الناس هم الذين يصنعون التاريخ" ... هذه هي القيمة الثورية التاريخية للماركسية.
خاصة وأننا نعيش اليوم في ظروف انتشار الروح الثورية ضد أنظمة التبعية والتخلف من ناحية وفي ظروف انتشار الإسلام السياسي والثورة المضادة والفتن الطائفية ، وتفاقم مظاهر الفقر والصراع الطبقي، وغياب الأفكار التوحيدية على الصعيدين الوطني والقومي، وبالتالي فإن الحاجة إلى برنامج الثورة الوطنية التحررية والديمقراطية بآفاقها الاشتراكية اكبر بما لا يقاس من أي مرحلة سابقة.
أخيرا لابد من التأكيد على أن تقدم ونجاح المسار النضالي لحزبنا مرهون بتوفر شرطين:
الأول: وعي العضو الحزبي بالمنطلقات الفكرية والتنظيمية والسياسية المادية الفلسفية، الديالكتيك، المفهوم المادي للتاريخ، الصراع الطبقي، مذهب ماركس الاقتصادي، القيمة، القيمة الزائدة، الاشتراكية، تكتيك نضال البروليتاريا الثوري.
والثاني: قدرة الحزب على بلورة وتطبيق السبل الكفيلة ببناء وتكوين المناضل الماركسي في صفوفه.
وعلى هذا الطريق فإن التفاعل الإيجابي بين العامل الذاتي (العضو ) والموضوعي (الحزب)، يشكل عاملاً رئيسياً من عوامل وحدة الحزب وتقدم حركته وتوسعه وفي هذا السياق تبرز الهوية الفكرية الماركسية.
وفي كل الأحوال فإن تساؤلاتنا وإجاباتنا – حول الواقع والنظرية – ستكون بالضرورة محدودة بحدود معرفتنا أو طبيعة التزامنا... وكلنا ثقة بأن السواد الأعظم من رفاقنا ورفيقاتنا في الجبهة حريصون على توسيع معارفهم بالنظرية ومنهجها بمثل حرصهم على وعيهم لمكونات واقعنا الفلسطيني والعربي المأزوم والمهزوم في اللحظة الراهنة ، من أجل توفير كل مقومات القوة والوحدة السياسية والفكرية والتنظيمية لحزبنا بما يمكنه من مواصلة نضاله وانتصاره الحتمي القادم .

(محاضرة للرفاق في المنطقة الوسطى - نادي المغازي الثقافي )



#غازي_الصوراني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 5 حزيران 2011 ... موعد مع إسقاط أنظمة الاستبداد والفساد
- كتاب - المشهد الفلسطيني الراهن
- رؤية أولية حول موقف اليسار الفلسطيني والعربي من حركات الإسلا ...
- بمناسبة الذكرى الثالثة والستين للنكبة
- جورج حبش .. قائداً ومفكراً ثورياً .. في ذكراه الثالثة
- قراءة سياسية اجتماعية للحالة الثورية العربية
- دلالات وانعكاسات الانتفاضة التونسية على الواقع العربي
- الأوضاع الصحية في الضفة والقطاع
- الاوضاع الاقتصادية في الضفة والقطاع
- غازي الصوراني في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: القضايا ...
- دلالات التجربة الثقافية والتنظيمية في حياة أبو علي مصطفى
- المرأة الفلسطينية ودورها في المسار الوطني والديمقراطي
- كيف تقدم الجبهة الشعبية غسان كنفاني ؟
- الانتماء القومي وإشكالية الهوية [1]
- ماذا بعد وصول حل الدولتين إلى أفق مسدود ..؟
- هل انتهت الفلسفة
- كتاب - التحولات الاجتماعية والطبقية في الضفة الغربية وقطاع غ ...
- كتاب- التحولات الاجتماعية والطبقية في الضفة وغزة-
- وعد بلفور ومسار الصراع العربي الصهيوني
- الحصار والانقسام وآثارهما الاقتصادية والاجتماعية على قطاع غز ...


المزيد.....




- محتجون في كينيا يدعون لاتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ
- التنظيمات الليبراليةَّ على ضوء موقفها من تعديل مدونة الأسرة ...
- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - غازي الصوراني - حول سؤال ما الماركسية في الوضع الراهن ؟