أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - برهان الشاوي ....القصيدة من الكوت إلى البولشوي والملكوت...!















المزيد.....

برهان الشاوي ....القصيدة من الكوت إلى البولشوي والملكوت...!


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 3401 - 2011 / 6 / 19 - 18:56
المحور: الادب والفن
    


برهان الشاوي ....القصيدة من الكوت إلى البولشوي والملكوت...!

نعيم عبد مهلهل

أتذكرين .. الأمواج
الأمواج الغاضبة .. إنها تتلاطم أمام العتبة
تقرع بابي .. بينما حطت الغربان على النافذة
أنقذيني بصوتك الرحيم إذاً ..
برهان الشاوي ــ ديوان شموع السيدة السومرية


يقول أبي في تعليقه على ترحيل جارنا ( العراقي ) إلى إيران بصفته ( عجمياً ــ فارسياً ) :
أن محنة تهجير وطن بسيارة لوري وبطانيات وأرغفة خبز بعدد أفراد الأسرة لهي محنة لاتمتلك شروطها الإنسانية أبدا.!
بيت جارنا اخذ مفاتيحه مفوض أمن وجعله وكراً لعلاقاته الغرامية ....
يعلق الشاعر الفرنسي رينيه شار على هذه المفارقة البشرية : إنها محنة الورد حين نحوله إلى تفاهة ذبابة لاتعرف ملامسة الأعضاء الأنثوية للوردة.!
أتذكر هذه الرؤية المأسوية لشعب من مستلبي الهوية والتاريخ بالرغم من إنهم يمثلون طيفا آرياً أسطرته أحلامه وقدريته لينال القسوة من كل الولاة والسلاطين ورؤساء جمهوريات الانقلابات .بل هو شعب ضحية هاجسين ( تشيعهُ .وجغرافية مكان وجوده..)
هذا الخضم المتوارث من رقة الروح في محبتها لوقيعة غير متكافئة بين الأمام الحسين بن علي ع وجنود يزيد ابن معاوية أفرز لنا أقلية هي كانت ومنذ تلك اللحظة الحامية العطوفة لأئمة المنفى في محاولتهم التخفي من العسس العباسي والهروب من العراق إلى إيران عبر الحدود الشرقية .فكان الكورد الاوفليين ساكني تلك الأمكنة هم سُقاة لعطش تلك المسيرات القسرية لأبناء الأئمة ألاثني عشرية ومن يموت من تعب الطريق يتولى هؤلاء الشيعة الطيبين بناء مقاماتهم وهي قائمة على طول الحدود العراقية الإيرانية حد اللحظة...!
الشاعر برهان الشاوي ينتمي أزليا وحضاريا وعاطفيا إلى تلك البقعة من الضوء الدامع على هامش تاريخ مختل العقل والموازين...تاريخ الحرب والاستلاب والهوية ...
عام 1978 حمل الشاوي حقائب هجرته ليتوارى خلف غمام الثلج والمحطات ...عارفا إن وقيعة أخرى ستحل بمظلوميته كما حدث عام 1969 ويشحن باللوريات مع البقية المتبقية من أصحاب المكان الجغرافية الحقيقيين ساكني سواد ارض واسط والتي تشمل جغرافيا أقضية ونواحي ( بدرة ومندلي وخانقين والحي ).
يحمل الشاب ( الكوتاوي ) حقيبته ومشاريع قصائد حماس السبيعنيات ويبدأ رحاله القائم بين حزن ورؤى ثورة يفسرها هو في أوراقه الأولى :الحنين إلى المكان نتوارثه من قدرتنا على صناعة الحلم .
وتظهر لنا قصائده المكتوبة في المنفى الروسي ذلك الخيط المؤدلج لحماس الشاعر وهو يتخلى عن كل هيبة الشعر الروسي وأساطينه من بوشكين حتى مايكوفسكي ليتعلق بثياب الشاعرة العظيمة اخمانوتوفا وكأنه يصنع في قدريه منفاه تشابها قدريا مع حزن ومحنة هذه الشاعرة وليبدأ من لحظتها بمحاولات لاسطرة هذا التمازج حتى في رؤاه السينمائية حيث كان يتخصص فيما ، ظلت قصائده هناك تمثل الهاجس الآخر للبحث عن البدائل المقنعة لضياع تلك الجغرافية المقدسة بين بيانات الحرب وحقول الألغام وحجابات الحرب الضروس التي اتخذت من الحدود العراقية ــ الإيرانية مسرحا لهوسها المجنون في إبادة المتحاربين من ( جنود ) العراق وإيران .
يرينا الهاجس الشعري لبرهان الشاوي مشهدا لمفارقة فيه سوى هذا الحنين الصاعد في سماء روحه وهو يعد متاهات الأزمنة في خيال البحث عن المفقود ، يرسم سعيه ورؤاه في محاولة الحصول على يقين أنه سيعود ذات لحظة إلى وردة وبيت ونهر...يحشد أمراء منفاه في فجيعة الصوت ويمرر الكاميرا السينمائية على مدن روحه وفي النهاية نراه يفجر إيقونات عذاباته في صدى الوحشة والأنشودة والتقارب بين حلم الأمير ودمعة راقصة البولشوي ليخلق لنا هذا المشهد الشعري المؤثر في قصيدة مرثية الأمير :
(( أنا أميرُ الحزن ِ.. والدهشة
بين جفوني اشتعلت كل شموع الماء.
أخط في دفاتر الريح عذاباتي ..
أكتب مرثية عن جسدي الحالم ، عن عظامي الهشة
أنا أمير الحزن والدهشة أكتب بالماء مراثي الماء.. لأطـرد الوحشـة..!!))
هو يرينا ( أنا ) المكان البعيد بهاجس روحه وإيقاعها المترامي الإشكاليات في جعل أرواحنا ذاكرة لكل مايحدث في أماسي الفجيعة التي يجعلها الشاوي شاهدة لذكريات الريح والإمارة المفقودة من خيبة لحظة أن تتمنى العدالة والوطن والمذهب.
يقف برهان الشاوي في منجزه الشعري عند حدود المشاعر المرئية بذات التأمل لما يحدث في وجودنا . وربما المنفى الروسي ادلج إيقاع خواطره ليحوله كما لحظة سعيد بن جبير في هيبة الولاء وحكمة شاعرية الثورة والسيف .
وكلا الصورتين الرفيق الشهيد بن جبير والرفيقة اخمانوتوفا المحبوسة بأمر من الرفيق ستالين في شقتها يمثلان تبدلات الرؤى وحكمتها عند الشاهر الشاوي والذي استفاد منها تماما ليخلق لذاته موقفا متصلبا ليقوى على عيش المنافي وسياط الثلج وسيقان الإغراء الشعري عند راقصات البولشوي.
في ديوان ( دموع السيدة السومرية ) يرينا برهان الشاوي أخيلة لاتحصى من محاولته لصناعة الذات الغائبة لتحضر وجودها عبر بحثها الأبدي عن حضارتها المكانية والروحية .
يجعل من سيدته السومرية نحيبا مشابها لدمعة اخمانوتوفا الممزوجة بوجه وردة في ساحل دامع على سدة الكوت .
يثيرنا وعي القصائد بوعي الموقف والمنافي ويعيدنا الشاعر إلى قراءات حضارية ووجودية لمحنة أهله وقوميته وتواريخهم المندثرة في أمزجة الولاة والمتصيدين في محنة شعب نال من الأذى والتهجير والقتل الكثير حتى قال احدهم لاتوجد طابوقة في مبنى الأمن العام في بغداد لم يدون عليها كوردي أفيلي ذكرياته .!
هذا الديوان هو البديل الرؤي لدى الشاعر عن كل تلك التواريخ والمحن وهو في معادلته الوجدانية منح الشعر قدرة على قراءة ما في روح الشاعر من أسى وانتباهه ورسالة وقيمة من غرام جسده وروحه عندما يتفاعل مع المكان الجديد دون أن ينسى هاجسه ( السومري ــ الأوفيلي ) الأول ....لهذا فالديوان الذي نجعله أنموذجا في انطولوجيتنا عن برهان الشاوي ( دموع السيدة السومرية ) يمثل خلاصة الوجود الشعري والنفسي لتواريخ المكان وهاجسه وعقدته أيضا لنقرا في شهوة المدائح الدامعة لهذا الكاتب صورة موت الطفولة في قبو دمعتها كما عملية الدفن الحي في الطقوس السومرية القديمة والتي وجدها ليوناردو وولي في أقبية مقبرة أور المقدسة عام 1920.
يعيدها برهان الشاوي بصورتها العولمية الطفولية ويجسدها في مأساة شعبه وقومه ..ويجعلها نشيدا أبدياً لحياة ما بعد الموت وللذكريات كلها ..:
(( زهرة ٌ برية ٌ.. تنمو على قبـر صبـي قد ثوى في السابعة
وسياج المقبرة حجـرٌ أنهكه السـيل..وعشبٌ وزهور رائعة..
ما الذي يعرفه هذا الصبي الراقدُ الآن عن الموت..؟
وماذا يعرفُ الموتُ عن الأطفال ِ؟
ما جدوى الطفولة.. حينما يقتاتُها الموتُ.
ولا يترك غير الحزن للأم وبقيا ذكـريات دامعـة...))
وهكذا .تجد هذه المقدمة في التعريف برائية الشعر عند أحد صناع كلمة المنافي صورة لأثر ما تمنحنا القسوة التاريخية المشتغلة بسيفها على جسد البراءة .
برهان الشاوي الشاعر الحالك بالأكاليل المخبئة في نعوش أهله وأصدقائه وانتماءه يرينا في كل تراثه الأدبي الصورة الأقرب للملكوت السومري وهو يبحث عن عطر وردة في شوارع أمل ربما تحقق وربما لم يتحقق بعد....!
دوسلدورف في 15 حزيران 2011
* *فصل من كتاب ( محطات شعراء المنفى البعيد ) وهو مقدمات لانطولوجيا شعرية ل20 شاعرا من شعراء المنفى العراقي وممن يعرفهم الكاتب شخصيا .نشر منه لحد اللحظة مقدمتين عن الشاعرين نصيف الناصري وصلاح حسن .والكتاب يطبع في مطابع بيروت ...



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يحيا نبي المندائيين.....!
- الروح والجسد ما قبل الموت وبعده ...!
- صلاح حسن الجنائن الشعرية ونخل الحلة .....!
- نصيف الناصري ... القصيدة نثر من نهر الغراف
- الترجمة وإيقاع القصة والعقل المعرفي العراقي .!
- صدام حسين ورومي شنايدر ....!
- المعدان* ورومي شنايدر ....!
- الصابئة المندائيون وأعيادهم ..!
- أور أول المدن المقدسة على الأرض....!
- مسيحيو ويهود مدينة العمارة العراقية ...!
- المعدان وبابا نوئيل ......!
- الأسكندر ومعدان سمرقند ...!
- الناصرية ...مدينةٌ يليقُ الغرام لها..
- المعدان ...عطش ودشاديش مقلمة .........!
- حياتي التي أتخيلها ...
- مدينة البصرة وزفاف الأمير وليام وكيتي...!
- سورية حسين ...ياسمينة تذبح ذبح........!
- المحظور في ممارسة الغرام.......!
- البابلي قاسم عبد الأمير عجام ...!
- الخبز وسذاجة البعض وثمالة الغرام...!


المزيد.....




- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - برهان الشاوي ....القصيدة من الكوت إلى البولشوي والملكوت...!