أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ابراهيم فيلالي - السلطة و الذاكرة















المزيد.....

السلطة و الذاكرة


ابراهيم فيلالي

الحوار المتمدن-العدد: 3400 - 2011 / 6 / 18 - 15:49
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


السلطة و الذاكرة

مشكلتنا في التأقلم و الانسياق. نتكيف بسرعة و ننسى أو نتناسى بسرعة و تصبح الأشياء غير العادية عادية مع استمرارها و تواصلها. اذ يوفر لها ضعفنا إمكانية التحول من غير عادية إلى عادية. انتفاضات تلو انتفاضات،احتجاجات و مظاهرات و مواجهات ضد السلطة و ضد النسيان.
"إن صراع الإنسان ضد السلطة هو صراع الذاكرة ضد النسيان" هكذا قال ميلان كونديرا. لهذا فالخطورة تكمن في التكيف. نتكيف مع الأحداث و يصبح الانفجار و القصف و إحصاء الجثث مسألة يومية ككل الأشياء التي تمر أمام أعيننا، و الموت غير الطبيعي جزءا من حياتنا اليومية. ثم من غير العادي أن يمر يوم دون وقوع جرائم و سقوط ضحايا. أما التشرد و الموت في الأزقة و الشوارع و الجبال بردا و جوعا فهو شئ مألوف منذ زمان، أو أن تموت النساء في المخاض و هي في الطريق نحو أقرب نقطة للإسعاف على ظهر بغلة أو حمار. لازلنا و نحن في القرن الواحد و العشرين نعيش هذه الأشياء . قد يستغرب من يقرأ هذا في مكان آخر مختلف . و لكن الواقع هو أكبر دليل على ما نقول. ما على من يكذب إلا أن يقطع المسافات في اتجاه الجنوب و على هامشه : ورزازات الى بومالن ومنه الى أمسمريرو هنا تتفرق الطرق و يمتد الخط إلى املشيل – أغبالا حتى خنيفرة أو إلى زاوية أحنصال في اتجاه واوزخت و بني ملال أو في اتجاه آيت امحمد –أزيلال و صولا إلى مراكش ...حين تمر من هذه الأمكنة ستعرف أن المغرب متعدد و مختلف . كل شئ مختلف من طبيعة التضاريس و المناخ إلى طبيعة العيش و ملامح الوجوه .الطبيعة جميلة و غنية مقابل بؤس و فقر و تهميش و جهل و حرمان . و لكن، لماذا نتناسى بهذه السرعة ؟ لماذا لا تقاوم ذاكرتنا و تناضل ضد النسيان؟ لماذا نتحمل طويلا و لا ينخرنا التعب "فنختار" أن نتناسى ؟لماذا لا نفهم أن الذاكرة مجال للصراع ؟
كان الصراع في المجتمع الإنساني عبر التاريخ مركز حول السلطة بما توفره من وسائل مادية لفرض الوجود عبر مؤسسات محصنة بتشريعات و قوانين هي الإطار النظري لممارسة السلطة، اذ بهذه الترسانة القانونية تحتكر الدولة مشروعية ممارسة العنف.
ارتبط تاريخ البشرية بالصراع من أجل الملكية و من أجل السلطة، لأن هذه الأخيرة هي التي تسمح بالتملك باسم القانون، و ظل الصراع قائما دائما دون توقف و سيبقى قائما طالما بقي الاستغلال و الاستعباد. إذ بالقضاء على البقايا أو الراسب الحيوانية في الإنسان، بانتقاله من الغريزة إلى العقل يمكن أن يتحرر . فالغريزة الوحيدة التي لا نشركها مع الحيوان هي غريزة الحرية . فالإنسان هو الحيوان الوحيد الذي يستطيع أن يفهم الحرية و هو الوحيد الذي يستطيع أن يطرح السؤال. هذه مسألة، غير أننا نريد أن نركز اهتمامنا ليس على الصراع ضد السلطة كي نفهمه، بل نريد أن نركز اهتمامنا على صراع الذاكرة ضد النسيان . فنسأل أنفسنا : لماذا تتلف ذاكرتنا أو تثقب بحيث لا تستطيع أن تصارع النسيان ؟ هل يمكن أن نمارس الصراع ضد السلطة بذاكرة مثقوبة ؟ هل يمكن أن نمارس بدون ذاكرة؟ كيف يمكن أن نتعامل مع الذاكرة ؟ كيف نربيها ؟
لا نستطيع أن نتحدث عن الذاكرة خارج الانتماء للمجتمع لأن لها علاقة وطيدة بالثقافة إن لم تكن هذه الأخيرة هي المحددة لكيفية اشتغال الذاكرة ، بحيث أن ثقافتنا و تصورنا للأشياء هي التي تغذيها أو تخنقها لأن الذاكرة تاريخ . فإذا كانت ثقافتنا مؤسسة على فهمنا للتاريخ أو على اتكاءنا عليه لإضاءة الحاضر و تفادي التكرار – لأن من أهم ما يميز الذاكرة هو الاستحضار كي لا نبدأ من الصفر دائما كي لا نكون سيزيفيين - فستكون ذاكرتنا قوية و تتصدى للنسيان. و هذا مرتبط بالوعي بأهمية الذاكرة و التركيز عليها في حياتنا اليومية و في ممارستنا للصراع ضد السلطة ، اذ يحتاج هذا الأخير إلى وعي سياسي و ثقافي، أي إلى وعي شامل و غير مزيف ، لأن السلطة تمارس عبر مؤسسات دولة هي أداة سياسية لطبقة أو طبقات اجتماعية مالكة لوسائل الإنتاج المادي و الرمزي ، و تمارس الصراع على المستوى السياسي بالدولة التي من بين أدوارها الأساسية تدمير أية قوة تسعى لتدمير السلطة . فالدولة مهما كان لونها تسعى لتأبيد السلطة و ليس للقضاء عليها . فالخطر الذي يهدد السلطة ليس الدولة بل المجتمع .
و لكن ما هو المدخل للتأسيس لثقافة الذاكرة ، كي تكون لدينا ذاكرة للثقافة و لأشياء أخرى. لن تكون السياسة السياسوية –طبعا- هي المدخل .لأن من بين شروط اعتمالها تشويه و تزوير التاريخ و ضرب الذاكرة لإضعافها و ترويضها على نحو معين. على هذا الأساس قلنا إن للثقافة دور في كيفية اشتغال الذاكرة . فالسياسة تسعى إلى غسل الدماغ و محو الذاكرة لخلق نموذج إنسان و مجتمع كما تريده على مقاس محبكي خيوطها ، صانعي الأوهام.
فزراعة الأوهام و تغذيتها و مزجها بالخرافة و الشعوذة و الدين هي حرب حقيقية على الذاكرة و هي مهنة الساسة و رجال الدين. لهذا لن تكون السياسة مدخلا لعملنا بل سيكون على نقضها. و لا نجد أفضل من من الفلسفة و الرواية و الشعر و الموسيقى . لا نجد أفضل من الفن و الإبداع مدخلا لثقافة الذاكرة القوية و التاريخ غير المزور. فالحرية التي تغتالها السياسة هي ماهية الفن و الإبداع و التفكير .
تلتقي السياسة و الدين في شئ أساسي هو رسم الحدود. فيسيج كل حقل بقوانين و تشريعات و فتاوى و نصوص . بمعنى أنك محتاج لدليل كي لا ينفجر بك لغم حين تريد أن تتجاوز الحدود الحمراء المرسومة.
ترفع الدولة شعارات كالمصالح العليا للوطن و مقدساته و الأمن و الاستقرار و ترسم الحدود للتعبير و الرأي . و يرفع الدين شعارات كالمقدسات الدينية و عدم الشرك بالله و محاربة الإلحاد و الكفر و ينصب نفسه محاميا على الله و بهذا يرسم حدود التفكير و العقل .
أما الفن / الإبداع و التفكير الفلسفي فلا يرسمان الحدود و لا يحتاجان لشعارات يشرعنان بها تدخلهما في سيرورة الأحداث و صيرورتها . الفرق هو أن الدولة و الدين يحتاجان للقمع من أجل الاستمرارية ، إذ ليس هناك دين غير قومي و غير عنصري و ليست هناك دولة تحترم مواطنيها كما يقولون . أما الإبداع و الفلسفة فتجمعهما طبيعتهما الشمولية و الكونية ، لا حدود و لا قوانين و لا خضوع ولا طاعة و لا انصياع و لا يتحملان الخوف . فلا إبداع تحت الخوف و الرعب و لا فلسفة تحت رقابة الجلاد.
الإبداع و الفلسفة هما الوسيلة التي يمجد بها الإنسان نفسه و هما اللذان يكتبان التاريخ الحقيقي. ينظفان الذاكرة و ينوران العقل




#ابراهيم_فيلالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لن تمروا ! No Passaran
- دفاعا عن الطفولة
- في امسمرير –إقليم تنغير صيدلية فريدة من نوعها
- الجرح القديم
- الجماعة القروية لامسمرير – ورزازات-
- الكتابة كما اراها
- - المنطق نتاشنوين -
- زمن القفز و التقليد زمن ماذا إذن ؟
- المغرب بصيغة الجمع
- هذا الكلام...او معنى سياسي لمفهوم غير صحيح
- الفنان و الاشهار
- يقال ان...ا
- 2001 /سبتمبر11/
- العشق زين وسط الهموم
- هذا الطريق ...
- ثقافة الحوار والاختلاف
- الإنسان و القضية، الإنسان قضية
- احنجيف -


المزيد.....




- مبنى قديم تجمّد بالزمن خلال ترميمه يكشف عن تقنية البناء الرو ...
- خبير يشرح كيف حدثت كارثة جسر بالتيمور بجهاز محاكاة من داخل س ...
- بيان من الخارجية السعودية ردا على تدابير محكمة العدل الدولية ...
- شاهد: الاحتفال بخميس العهد بموكب -الفيلق الإسباني- في ملقة ...
- فيديو: مقتل شخص على الأقل في أول قصف روسي لخاركيف منذ 2022
- شريحة بلاكويل الإلكترونية -ثورة- في الذكاء الاصطناعي
- بايدن يرد على سخرية ترامب بفيديو
- بعد أكثر من 10 سنوات من الغياب.. -سباق المقاهي- يعود إلى بار ...
- بافل دوروف يعلن حظر -تلغرام- آلاف الحسابات الداعية للإرهاب و ...
- مصر.. أنباء عن تعيين نائب أو أكثر للسيسي بعد أداء اليمين الد ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ابراهيم فيلالي - السلطة و الذاكرة