أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ماجد احمد الزاملي - المجتمع المدني وتأثيره على السياسة الداخلية للدولة















المزيد.....



المجتمع المدني وتأثيره على السياسة الداخلية للدولة


ماجد احمد الزاملي
باحث حر -الدنمارك

(Majid Ahmad Alzamli)


الحوار المتمدن-العدد: 3399 - 2011 / 6 / 17 - 20:44
المحور: المجتمع المدني
    


ماجد احمد الزاملي
المجتمع المدني وتأثيره على السياسة الداخلية للدولة
ان النقاشات التي جرت ومازالت تجري حول موضوعة المجتمع المدني ومدى تأثيره على سياسة الدولة لانه هو صمام الامان للحفاظ على الديمقراطية .وتزداد أهمية مفهوم " المجتمع المدني " نتيجة تلك النزاعات التي ارتسمت في الفترة الاخيرة والمتعلقة بتطور الدولة وكذلك العلاقات الناشئة بينها وبين المجتمع، حيث تجري بلورة العلاقات الضرورية بين المجتمع المدني والمجتمع السياسي، وتبذل جهود فكرية لتأصيل نظري لتلك العلاقات. ونظراً لأن النقاش الدائر حول " المجتمع المدني " اتخذ طبيعة السياسة العملية الملموسة، فإنه يمكن القول، إذن، أن مصطلح " المجتمع المدني " يصبح شعارا تعبويا لمختلف القوى والفئات الاجتماعية الساعية الى اجراء تحويلات عميقة في مختلف مستويات التشكيل الاجتماعي في العديد من البلدان. ولكن بالرغم من أهمية هذه الاشكالية فقد ظل النقاش حولها، في العديد من المجالات، نقاشا مجردا وعموميا، وظلت بعض القضايا المرتبطة بمفهوم المجتمع المدني غامضة وتتطلب معالجة متأنية. وهكذا فإن الدور الهام للمجتمع المدنى ومؤسساته فى تعزيز التطور الديمقراطى وتوفير الشروط الضرورية لتعميق الممارسة الديمقراطية وتأكيد قيمها الأساسية ينبع من طبيعة المجتمع المدنى وما تقوم به منظماته من دور ووظائف فى المجتمع لتصبح بذلك بمثابة البنية التحتية للديمقراطية كنظام للحياة وأسلوب لتسيير المجتمع . . ويلعب المجتمع المدني دوراً بارزاً في تهذيب السياسة ,حيث ان صون نظام العالم الإنساني لايتحقق إلابحسن سياسته وهذا يتطلب توطيد الحق للهيأة الاجتماعية ,وهو بدورة يوجب تربية حسنة وصالحة لمن يعمل في السياسة ,فالسياسة الصحيحة يتعين ان يكون مجرى شرائعها متساوي على كل أبنائها بدون تمييز على اساس الدين أو العرق أو اللون .كما ينبغي على الساسة ان يجعلوا التعليم في متناول الجميع ,وتسهيل طرق التجارة وقطع دابر التعدي .
المجتمع المدني في الوطن العربي دوره ضعيف ,وذلك لغياب الديمقراطية ,فحتى الانظمة الليبرالية أقدمت على شيء من الحرية والمنافسة السياسية لابسبب قناعتها بالتغيير والتحول الديمقراطي لانها اتضح لها ان اصلاحاً سياسياً محدوداً هو اقل كلفة من استمرار الازمة الاجتماعية القابلة للانفجار في اي لحظة.
وإذا كان التحرر السياسي للمجتمع المدني، قد شكل خطوة تقدم كبيرة، حيث أن الديمقراطية البرجوازية قد حطمت الامتيازات الاقطاعية، وأعلنت المساواة السياسية، عبر المشاركة السياسية للمجتمع المدني، ولكنها بمقابل ذلك أبقت على الامتيازات الاقتصادية الرأسمالية، والاضطهاد، والاستغلال البرجوازي. وتأسيسا على ذلك فان هذا التحرر السياسي، متطابق مع مصالح البرجوازية في الدولة السياسية، وبالتالي فهو ليس كل التحررالإنساني بل إنه تحرر غير صحيح ولأن الديمقراطية البرجوازية من دون أن يكتمل ببعده الملازم له، أي التاريخي والعالمي، أي التحرر الاجتماعي والإنساني يظل ويستمر اغتراباً سياسياً، حيث سلطة الدولة السياسية تتجلى في سيادة سلطة الملكية الخاصة لوسائل الانتاج.
في بداية عصر الأنوار وما بعد أو ما نسميه عصر النهضة (القرن الثامن عشر)،يمكن وضعها ضمن الرؤية "الوضعية" للمستقبل حيث السياسة مكلفة بالإنجاز باسم مصالح الشعب. في الثورة الفرنسية، النظام التمثيلي أو نظام الممثلون، الذي تأسس بصعوبة ضد رؤية العصر السائد آنذاك، هذا النظام الذي أخذ بالديمقراطية المباشرة المختلطة بالمفهوم اليوناني القديم لها، يبرر من خلال استطاعة النخب بإجراء مصالحة التمثيل الشعبي والتفكير في المستقبل مع تحقيق المصير الوطني. على هذه المسافة الفاصلة بين النخبة التي تعلم وتفكر بالمستقبل وبين الذين ليس لديهم هذه المعرفة أسست الشرعية ومصير المستقبل الديمقراطي التمثيلي. هذه القاعدة المؤسسة للديمقراطية التمثيلية والتي تميز من هم في الأعلى ومن هم ليسوا كذلك، اليوم هي بشكل عميق قد تزعزعت. فالإيديولوجيات الكبرى أعطت معنى للتاريخ، في البلاد الغربية على الأقل، أصبحت من الماضي، والتمييز بين اليسار واليمين يتركنا الآن حائرين. إضافة لاستهلاك واستنفاذ المحتوى المتعلق بالإيديولوجيات، فإن الأكثر ركاكة هو عدم استطاعة إحداث جذب أو انتماء للخطاب، أو حتى جعل الناس يحلمون كما كان من قبل.
الانتخابات اليوم أصبحت "الحجة" الأولى والأخيرة من أجل شرعنة النظام السياسي ، ومبررة من جهة أخرى تفوقها على جميع أشكال الشرعية الأخرى وهنا نتطرق إلى أشياء كانت تتعلق من جهة بالناخب , نوعية الناخب، مشاركة الناخب، حرية اختياره. تعريف النوعية للناخب وحدود المشاركة بالاقتراع الوطني كانت دائماً علامات جيدة لتطور مفهومنا للديمقراطية وللنظام الديمقراطي خلال التاريخ. حالياً، لقد أصبح من الضروري طلب ثلاثة أشياء جديدة: العمر الانتخابي، حيث يٌطلب من الشباب ليبرهنوا على إدراكهم ونضجهم، تصويت الأجانب أو المهاجرون، تنظيم الاقتراع المباشر على الصعد الإقليمية.والذي يعيد تعريف حدود ونطاق المواطنة والتي بدورها لا تستطيع نهائياً أن تكون راضية بأرض الدولة/ الأمة. حرية الاختيار بالنسبة للناخب يجب أن يعالج بشكل جيد ويلفت الانتباه، خاصة عندما لا نعرف سوى القليل عن مساحة الاعتمادات الممنوحة للطبقة السياسية وللأحزاب السياسية التي تقوم بتصفية واختيار ثم تقرر المرشحين الذين سيمثلوها. على كل حال وفي النتيجة الاختيار الانتخابي هو على الأغلب اختيار تشوبه الشوائب. نتائج صناديق الاقتراع هي إجابة لمتطلب اجتماعي، لكن في الأكثر هي إجابة مكرهة ومجبورة على عرض محدد سابقاً، كما يحصل في عملية استقصاء الرأي التي تسبق عملية الاقتراع. وفي الأغلب المنتَخب الجديد يكون قد اختير من ممثليه ومناصريه أكثر مما يختار من الناخب بشكل عام، حيث أن هذا الأخير يمكن أن يحجم عن الانتخابات وهذا ما يحصل اليوم كما نعرفه جميعاً. ولكن ما نوعية هذا الإحجام ، عدم مصلحة، اختلاف، رفض، أو أن الفعل الانتخابي هو فعل يحتاج إلى نضوج سياسي ؟ ربما يكون الجواب صعباً، خاصة عندما يكون هناك أوراق بيضاء كثيرة وملغاة أيضاً، حيث هذه الأوراق لا يتم الإعلان عنها اعتياديا ً في النتائج التي لا تعلن سوى الأوراق الواضحة والمحددة. ولا في مواجهة السياسة التي تترجم تراجع الديمقراطية التمثيلية، إنه من العبث أن ننتظر إصلاح ذاتي تقوم به الطبقة السياسية. حتى السياسيّ إذا يستفهم حول نفسه وعن أسباب عدم شعبيته، فإنه لن يكون جاهزاً ليضع في المساءلة ظروف وشروط ممارسة السلطة، وأكثر من ذلك ، أن ينظر في عملية اقتسام السلطة مع الفاعلين الجدد القادمين من المجتمع المدني. إنه يرفض تقبل أن عمق الأزمة واتساع التغيير في المجتمع يتطلب مفهوماً أخر للسياسة، مفهوم يقتسم الأدوار في عملية ديمقراطية أكثر اكتمالا. إذ هناك الكثير من السلطات، الكثير من المصالح في الرهان حتى تكون الرسائل المكررة من قبل المجتمع المدني ليست فقط مسموعة وإنما أيضاً-مقبولة. الإجابة على جميع التساؤلات لا يمكن أن تأتي إلا من مرحلة جديدة والتي لا يمكن بلوغها إلا من خلال المجتمع المدني. لابد وبواسطة الهدوء والتمهل والصبر من إعادة بناء نظام سياسي صادق، يدرك وينظر إلى السلطة ليست كطبقة محمية ومحجوزة له وعليه هو فقط أن يحتكرها. نسى الذي يسقط بالإهمال أو عمداً والتي لا تظهر على القائمة الانتخابية.
أن العلاقات من خلال الجمعيات بعيدة من أن تلبي كل علاقاتنا الاجتماعية، ابتداء من علاقات العمل. الجمعية ، والتي هي معرض حديثنا وقضيتنا ، يجب أولا فهمها ابتداءا من الزمن الجديد للفردية، ابتداءا من الفرد العلائقي الذي يغير بشكل لا شعوري علاقته مع نفسه ومع القريبين منه. هذا يعني ثورة اقرب ما تكون إلى الفرد ، وفي علاقاته مع الجوار، التي من خلال موجات متعاقبة ، تربح ميدان العلاقات الاجتماعية. الارتباط عبر الجمعية يتقدم بداية داخل العلاقات بين الأشخاص، داخل الارتباطات غير الشكلية، وفي الشبكات التي تختفي عن المؤسسات، وتكون على هامش المجتمع، هنا حيث الفرد يتأكد كشخص. هذه الثورة الجديدة في الاتصال الاجتماعي تمضي بشكل غير منظور أكثر من أي وقت في المؤسسات ، مثل المدارس، العمل، ولا تظهر أنها بعيدة عن الوظيفة التي تقوم بها الجمعيات.
الشكل الذي نقيم ونحكم فيه اليوم على الخلل الوظيفي للمؤسسات يظهر وكأنه علامة لتطور روح الارتباط والاتصال وبصماتها داخل العقليات. ففي علاقات العمل مثلا، الأفراد يريدون أن يكونوا مسموعين معروفين محترمين ، يعاملون كأشخاص مستقلين بذاتهم مرتبطين بالقرارات، مهما كانت وظائفهم أو درجتهم في عملية ترتيب المشروع. هنا يوجد قاعدة للمطالبات الجديدة، خارج الأسئلة المتعلقة بأمورهم المادية مباشرة ، وتخالف الثقافة الاعتيادية للمشاريع. من هنا تأتي مشاعر القلق الدائمة وعدم الرضى عن العلاقات القائمة في العمل والمشاريع، مهيجة من خلال الضغط ومناخ عدم الأمن والخوف من فقدان الوظيفة. ولكن في الواقع آمال العاملين تغيرت و تطورت أكثر من موقف المديرين والمسؤولين داخل المشاريع نفسها. الرؤية التي يملكها الفرد اليوم حول العلاقات الاجتماعية تجعله من الآن فصاعدا لا يحتمل الأوضاع التي يعيشها والتي ارتضاها منذ زمن طويل.
إنه من الصعب كثيرا متابعة مشهد يتغير، مفاهيم جديدة تنبثق ، خيال جديد يتراءى ، أكثر من متابعة حقيقة موضوعية منفصلة عن مراقبها. ويظهر أنه سنقدر ونثمن بحكم أفضل هذه الحقيقة إذا وضعناها داخل منظور التطور العميق للاتصال الاجتماعي الذي يشترط رؤيتنا ونظرتنا ، أحكامنا، حتى أن تصل مقاييس مرضية. في الواقع ،إرادة التجمع أو الاجتماع تتقدم وهذا هو السبب الذي من اجله الحقيقة المؤسساتية مهما كانت اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية ، تظهر لنا أن قابليتها تقل يوما بعد يوم ، وتتم إزاحتها وهذا يعني أنها بعيدة عن روح الجمعية أو الاجتماع. هذا هو السوء الكبير للفهم الأول حول تطور الاتصال الاجتماعي.كلما يتقدم أكثر داخل ذاتية الأفراد كلما ظهر لنا يتأخر في الواقع الاجتماعي.
سوء الفهم الثاني يتعلق بصورة الجمعية أو الاجتماع. بواسطة الجمعية ، نحن نفهم و ندرك تقريبا التنظيم المرتبط والمحدث بواسطة القانون رقم 1901 ، المفتوح من أجل الخير العام ،كما هو الحال في " الإغاثة العامة " ، " الصليب الأحمر " ...الخ. هذه الرموز للجمعيات كمنظمات أخفت حقيقتها الأولى وهي الارتباط أو الاتصال الاجتماعي، وبشكل خاص ، الذي يبرز بشكل أعجوبي، مع الاستثناء التاريخي للمدينة الاثينية . فمن غير هذا الاتصال الاجتماعي لم يكن هناك مفكر به لا الفرد ولا القيم المتعلقة بالحرية والمساواة، ولا النظام الديمقراطي، ولا أيضا تنظيم المؤسسات المتعلقة بالمجتمع نفسه. مقارنة أو تمثيل التجمع أو الجمعية مع تنظيمها المؤسساتي هو عملية مضرة حيث أنها لا تسمح ببلوغ أو إدراك نشرها و اتساعها في مكان آخر حتى داخل الجمعيات نفسها. في العلاقات الشخصية وفي داخل الشبكات اللاشكلية وحتى داخل العديد من المشاريع ، علاقة أو ارتباط الجمعية هو في العديد من الأحيان أكثر حياة وفعالية وقوة من العديد من كبرى المنظمات المتعلقة بالتجمعات أو الاتصال. فعودة التفكير في أصالة وتفرد العلاقة من خلال الجمعية هو جوهري جدا من وجهة نظهر الفلسفة السياسية. هذا يساعدنا لنتحرر من التضاد العقيم بين الفرد والمجتمع، وتخلص فلسفاتهم السياسية الخاصة والتي هي : من جانب ، الفردية القادمة من الليبرالية ،ومن جانب آخر ، الانغلاق وردة الفعل المجتمعية الضيقة التي تنتج الشمولية في الكثير من الأحيان. و إذا وجد أي " طريق ثالث " ممكن ، فهو يبدأ من إعادة اختراع وخلق الاتصال عبر الجمعيات من ثم نشره.
في النهاية، العلاقة من خلال الجمعية ليست هذه العلاقة أسطورية أو ملائكية من إيثار نقي وخالص، من تعاون و ود اجتماعي ، كما نتصوره في اغلب الاحيان. أيضا الصورة حول شكل ونموذج الاتحاد للإرادات الجيدة والخيرة و الأخوية ليس بالضرورة تخدم العلاقة من خلال الجمعية لأنها تبقي علاقة من نظام خاص قليل الاحتمال ، ومن علاقة فيها اتصال مثالي محفوظ للروح الجيدة الخيرة ، والتي لن تكون مكونة لمبدأ الهيمنة في العلاقة الاجتماعية أو داخل المجتمع.
العلاقة من خلال الجمعية هي بالعكس ، علاقة في الغالب صراعية حيث تتصادم فرديات متأكدة من حقوقها الجيدة ، والتي ترفض حجج السلطة ، تتطلب نفس الاعتراف، نفس الكفاءة من أجل القرار أو التقرير لنفسها ولمجتمعها ومدينتها.
إنها علاقة أو ارتباط تتصالح بصعوبة مع المؤسسات ذات الصرامة والصلابة. في حالة حركة دائما ومتغيرة ومتناقضة ، إنها تفترض مؤسسات مرنة و مقبولة ، لديها القدرة في أن تصلح دون توقف وذلك من أجل الحفاظ على الديناميكية الثابتة التي تذهب من الفردي إلى الجماعي ، وبالعكس.
الجمعية في الغالب تكون من الجانب الذي هو في تضاد مع السلطة أكثر من الجانب الذي يساندها. ضمن هذا المبدأ ، الارتباط من خلال الجمعية هو ارتباط حي وصاخب وحيوي فيما يتعلق بصورة الديمقراطية. حتى يكون هناك هدوء وحرية لابد من الاختيار . ولكن، عدم إعطاء الوسائل للتعبير الخاص إلى هذا النوع من الاتصال أو الارتباط هو اليوم عنف عميق يعمل ضد المجتمع المدني اليوم.
ضمن هذه النظرة ، يمكن القول أنها ليست المؤسسات التي ،لحد كبير، فقدت فضلها و أحقيتها ، وليس أيضا الاتصال أو الارتباط الاجتماعي الذي هو يتفتت أو يتفسخ ، ولكن إعادة تركيبها بشكل عميق يغذي رغبات ومتطلبات جديدة فيما يتعلق بالمجتمع والسياسة. هذا التطور في أعماق الارتباط الاجتماعي هو الحامل لحد كبير " لتطورات وتغيرات كبيرة" . عندما العلاقات بين الأفراد تتحول من أساسها وقواعدها، فهي تحدث أو تجعلنا نتوقع دائما التطورات أنها قادمة في المستقبل وستؤثر على المحيطات الاجتماعية و الاقتصادية والسياسية. و هذا يكون صحيحا إلى درجة كبيرة في " مجتمعات الأفراد " إي في المجتمعات التي يغلب عليها طابع الفردية، حيث التطورات الكبرى تذهب من الفاعلين ومفهومهم للعلاقات الاجتماعية، أكثر من المؤسسات أو الأنظمة التي تجهد للسيطرة عليهم " على الأفراد " .الارتباط الاجتماعي ينتهي دائما بإدارته للسياسيّ . كذلك في مجرى التاريخ، نقابل النظام القديم والنظام الجديد ، فنحن هنا لا نشير فقط إلى تغير في النظام السياسي والدستوري الذي ينتقل من الملكية إلى الجمهورية، بل نعني قطيعة و إعادة تركيب عميق لمجمل العلاقات الاجتماعية من القاعدة إلى القمة. الصعود البطيء وبقوة للفرد سيزعزع الدائرة الاجتماعية الضيقة " أو دائرة المجتمعات الضيقة والمغلقة" والتي رتبت الارتباط الاجتماعي على قاعدة من الأقاليم ، أو المقاطعات ، و الاشتراطات، والطوائف و الجماعات ، وعلى هذا النوع من الارتباط المذكور استقرت الأنظمة الإقطاعية والملكية. ابتداءا من هذه " الفردية" المحررة سينتشر نظام اجتماعي جديد حول عقد جديد وحقوق إنسانية جديدة.وهو أيضا نظام اقتصادي مؤسس على حرية العمل وعلى السوق ، كذلك هو نظام سياسي منظم حول عقد اجتماعي جديد ، على الانتخابات وعلى التمثيل السياسي الشعبي. فمن الارتباط الاجتماعي المغلق المطابق للتجسد في شخص الملك، وقمع الفرد ، إلى حرية الفرد والعقد الجديد للسلطة. وبشكل آخر يمكن القول إن التطور العميق للارتباط الاجتماعي يعلن ويترافق مع نوعية ونموذج الإنتاج الاقتصادي وطبيعة النظام السياسي. وهنا هل هو من قبيل الصدفة أن نقارن وندعي إننا نحتاج إلى توقف حتى نستطيع أن نقيم ونحكم على هذا السؤال. مع ذلك ، إنه يظهر تماما أن التطور نحو الفردية العلائقية ونظام الجمعية أو الجمعيات يبدأ أيضا بالظهور في الحقل السياسي والاجتماعي كما هو في الميدان الاقتصادي.
الشركات متعددة الجنسية الكبرى هي أيضا تم حملها للتنظيم مع الجمعيات التي تتعلق بالمستهلكين و مع المنظمات غير الحكومية، حيث أن الضغط لا ينقطع وهو في حالة تزايد على المستوى الدولي على هذه الشركات. موضوع التنمية المستديمة تم نشره وجعله شعبيا على المستوى الدولي من قبل الجمعيات ذاتها وهو يفرض من الآن وصاعدا على جميع الفاعلين الاقتصاديين. فالشركات لا تستطيع كما كان من قبل إلا تقيم وزنا أو تتجاهل احترام الطبيعة والبيئة أو ما يمكن أن نسميه الاستثمار الأخلاقي. الحالة الاجتماعية تدخل تدريجيا في حساب الشركات وفي قرار الاستثمار. العلامة أو الرمز المتعلق بالبيئة أو الحماية أصبحت من أساسيات البيع للسلع و اصبح المستهلك يبحث عنها و أصبحت من خياراته في عملية الشراء. من كل الجوانب ، الجمعيات تمارس تأثيرا متناميا في عملية توجيه المسيرة الاقتصادية. حتى ولو كنا مازلنا بعيدين عن سلطة حقيقية للمستهلك والموظف و المستخدم ، رغم ذلك هناك ما يؤشر على إرساء أحكام جديدة للاقتصاد ، في الواقع، إذا قيمنا الجمعيات أنها ضرورية لتطوير الرأسمال الإنساني، وإذا كانت العلاقات من خلالها تتغلغل في فضاءات العمل ، و إذا كانت تسيطر على الاتصالات أو الارتباطات ، إنه يصبح وقتها ممكنا تشكيل أو شبك دائرة " فاضلة" و شكل جديد من التنظيم الاقتصادي من خلال المجتمع المدني وممثليه. في مواجهة الضعف أمام السوق من قبل قدرات العامة، يظهر وينبثق نموذج آخر من التنظيم من قبل المواطنين أنفسهم. إنه مفهوم " الاقتصاد التضامني" والذي بدا يأخذ معناه مجددا. هو ليس محجوزا في موجة " القطاع الثالث" ، وعلى هامش اقتصاد السوق ، ولكن أصبح نموذجا للإنتاج خاص بذاته وهو يتطور وينتشر بدرجات مختلفة، من الجمعيات الصغيرة للتكوين إلى الشركات الكبرى متعددة الجنسيات. وكما يتساءل عنه من جهة أخرى العديد من رؤساء الشركات الكبرى ، وهم واعون للتراجع في صورتهم أمام الرأي العام، المجتمع المدني يجب أن يستثمر الشركات ويعيدها أكثر مواطنة أو مواطنية. من خلال هذا النموذج الجديد للتنظيم الاقتصادي والذي يجب أن نسانده ونعمقه، يرتسم أمامنا إمكانية ديمقراطية اقتصادية. هذا يعني مشاركة اجتماعية على أعلى مستوى من خلال الجمعيات ، في عملية وصيرورة الاقتصاد. بدأنا " ربما " نلمس هذه اللحظة التاريخية حيث المجتمع المدني ، من خلال الدور الاقتصادي المتنامي للجمعيات والقيم التي ينشرها ، يستطيع أن يعيد حقوقه على كامل اقتصاده. هذه المثالية تصبح في النهاية حقيقة واقعة لأن " دمقرطة " الاقتصاد لا تعتمد فقط نظرة ورؤية أيديولوجية أو إرادة اجتماعية، ولكن تقترن مع الضرورة الاقتصادية ذاتها، عندما الاجتماعي يمتد ليصبح المصدر الاقتصادي المتفوق و الراجح ويقدم " اقتصادا اجتماعيا" يخرج من التهميش وتأطير للسوق.
العديد يرون أنه لا بد من الابتعاد عن العنف و عن ممارسته في ردع التحركات في الداخل، ولكن هناك خلاف كبير على هذه القضية " استخدام العنف "، والتي ظهرت بين أوساط اليمين و أصحاب النظرية الأمنية. إننا نجد هذه النظرية اليوم تقريبا في كل مكان، في الولايات المتحدة و في معظم الدول الأوربية، حيث تظهر هذه الممارسة كشاهد على نجاح السياسات التي تأخذ من القسوة و الصلابة منهجا لها. الرئيس جورج بوش الابن أصبح من اختصاصه هذه الممارسات على الصعيد الخارجي من أجل الحفاظ على شعبية مصطنعة. وعندما التهديد الداخلي لا يكفي، فإنه يستحضر الخطر الخارجي الكامن أو المحتمل من أجل تبرير الحرب كما هو الحال في الحرب على العراق و من أجل ضمان توافق داخلي حوله من قبل الأمة الأمريكية لا بل إمكانية انتخابه مرة أخرى. هذا الانحراف لا يتعلق للأسف فقط بأحزاب اليمين ولكن بجميع الأحزاب التي في الحكم، بما فيها اليسار. ومن وجهة نظر تتعلق بالإجراءات الديمقراطية في فرنسا وفيما يتعلق بمسالة الأمن الداخلي لم يكن فرق بين اليمين واليسار. السؤال السياسي الجوهري من وجهة نظر الديمقراطية يبقى بشكل " أقل " داخل المعارضة بين اليمين واليسار على ما هو عليه الحال بين من هم في " الأعلى " ومن هم في " الأدنى". الانشقاق السياسي يمضي أو يمر بشكل أقل ضررا في داخل الطبقة السياسية أكثر مما هو يفصل أو يمزق هذه الطبقة السياسية عن المجتمع المدني.
التقدم الديمقراطي و من أجل تخفيض و بشكل مستمر العنف الحقيقي ، يعتمد وعلى الأقل سياسة من اليسار ومن اليمين تعطي إدارة ذاتية للمجتمع المدني و لتأسيسه و بناءه على أساس لاعب سياسي بشكل مستقل وكامل. ولكن على العكس من ذلك، يحضر أمامنا شكل من التحالف الموضوعي داخل الطبقة السياسية حول رفض " دمقرطة " السياسة و الوصول لطلبات مجتمع مدني يمكن أن يهدد سلطة هذه الطبقة. إن إهمال المجتمع المدني و إدانته و السياسة الأمنية تمثل لدى الطبقة السياسية الوسائل الأخيرة لاحتكار السياسة و مقاومة الحركة الاجتماعية و الأمل في إقامة ديمقراطية أكثر تطابقا مع حالة المجتمع.
الخطابات حول " الديمقراطية "، حول أهمية الحركة الاجتماعية و الجمعيات و المجتمع المدني لم تغير شيئا. ما دامت الأحزاب السياسية لم تفهم أو لم ترد أن تفهم ، أن دورها هو القرب من المجتمع المدني وسماعه وتمثيله بشكل أفضل، أكثر مما هو تشكيل منظمات جديدة داخل هذه الأحزاب. فالمجتمع المدني ينتظر على الأقل أن يكون ممثلا أكثر مما ينتظر أشكالا أخرى تمثله أو أشكالا أخرى للتمثيل. فليس شكل التمثيل هو قيد المسألة ، ولكن نظام التمثيل السياسي الحالي نفسه, أو بشكل آخر يمكن القول أن المطلوب هو تغيير نمط المفهوم السياسي و الأفكار السياسية أكثر مما هو تغيير الأداء السياسي القائم.
إننا نعتقد أن أعضاء و ناشطي المجتمع المدني لديهم القدرة على تمثيل الحركات الاجتماعية على المسرح الشعبي و المسرح السياسي، بحيث في النهاية لديهم القدرة للعمل كحزب سياسي كلاسيكي. مرة أخرى الإجابة ليست في داخل السياسة بمفهومها التقليدي، وليس في داخل الأحزاب السياسية، إنها في اقتراحات إعادة تنظيم السلطات و في المشاركة في الإدارة الذاتية للمجتمع المدني. و هذا لا يعني تغيير السلطة أكثر مما هو يعني إعادة توجيهها وتقسيمها بشكل مختلف، و يعني إعطاء الوسائل للمجتمع المدني لتمثيل نفسه أكثر من البحث عن تمثيله. هذه المفاهيم الجديدة لا تتناسب مع الطبقة السياسية، ولكن ستعطيها فرصة كاملة لدور آخر، لا يتمحور حول العقائدية أو التحكيم.
كما أنه لا يوجد أي شخص ينتظر بشكل حقيقي تغييرا من " الأعلى " ، الطريق اليوم مفتوحا في أحد أجزاءه من أجل عودة كبيرة للمجتمع المدني الذي هو أساس النظام الديمقراطي. الغنى الواضح ضمن حقل الفلسفة السياسية في أوربا كما في الولايات المتحدة ، يشهد على العودة إلى منابع الديمقراطية و العقد الاجتماعي. نهاية الأنظمة الأيديولوجية يؤدي في الواقع إلى هذه العودة إلى الديمقراطية المثالية. يوما بعد يوم يقل عدد أولئك الذين يؤمنون بفضائل الأيديولوجيات الكبرى، إن كانت ليبرالية أو اشتراكية، من أجل تحقيق السعادة على الأرض والحصول على الديمقراطية المثالية. الديمقراطية لا تكتمل نهائيا من هذه العودة الطويلة أو البعيدة ، مهما كان من فردية ليبرالية ,مجتمع الكثرة والوفرة، أو من التحول الضروري من خلال الأنظمة السلطوية. نفس الشيء ، التسوية الاجتماعية / الديمقراطية الناتجة من بعد الحرب العالمية الثانية، و المؤسسة على نقابية شعبية و عمالية و على دولة رفاهية ذات وصاية، استنفذت القدرة التاريخية الكامنة لديها. نحن نتواجد بشكل ولو بسيط في حالة عام 1848 حيث اشتراكيين ذلك العصر مثل " بيير لورو " يعودون حول ثورة فرنسية غير مكتملة، يطعنون بكل شيء من ليبرالية إلى اشتراكية من أجل التفضيل عليهما " الترابطية " أو " التجمعية" من جمعية أو تجمع، و التي هي في نظرهم أكثر تطابقا و قربا مع أصول الديمقراطية. الديمقراطية تكون من الآن فصاعدا متطلب راهن و للحاضر وليس مشروع بعيد الأجل من أجل المستقبل. هي تكون من خلال نفسها، متطابقة مع أصولها، ومع " نظامها " الخاص، مبدئها الخاص، و " نظامها " الاجتماعي الخاص أيضا، سياسيا كان أم اقتصاديا. الديمقراطية ليست ليبرالية ولا اشتراكية. هي تكتفي بنفسها. بعد خيبات و إحباطات متعددة و لاسيما منذ زوال حائط برلين و الشيوعية، نحن نعود ببساطة إلى مصادر الديمقراطية و الحداثة، كما كانت متقدة في عصر الأنوار وموجودة بشكل مكثف في العقد الاجتماعي. الاختلاف الكبير يكون مع العودة البطيئة لقيم الحرية و المساواة، نحن نكون اليوم أكثر قربا بكثير من العلاقة عبر الجمعيات و تقوم بين الأفراد، و التي بدأها جان جاك روسو من خلال وضعه الشروط الأولى للتأسيس لنظام ديمقراطي. و من غير هذه العلاقة ، كل عقد ، سيكون و سيقول لنا أنه " عقد خادع ". الظروف التاريخية و حالة الترابط والاتصال الاجتماعي لم يكن لديها الجاهزية، لقد فقدنا الرؤيا في أن العلاقة من خلال الجمعية و حول قيم الحرية و المساواة كانت مقدمة و ليست نتيجة للعقد الاجتماعي. تطور الاتصال أو الارتباط الاجتماعي يقودنا اليوم نحو عقد اجتماعي أصلي كما كان في منبعه، مؤسسا على كل القيم الديمقراطية الحقيقية. نفس الشيء ، المتطلب الديمقراطي ليس هو فقط تجريد فلسفي أو عقيدة لأقلية متنورة. إنه يتغلغل في كل الفئات ، و الحالات الاجتماعية ثم يتمركز في قلب المطالبات وقلب الصراعات. من غير أن يكون جديدا، العمل من أجل الديمقراطية و التضرع من أجلها هو الآن أمر واضح. إننا نصبح أكثر قربا من بعضنا، و أكثر تجسدا، وبعيد عن الانقسام، فالديمقراطية تظهر اليوم سهلة البلوغ أكثر من أي وقت بل إنها تترك العنان للخيال السياسي المنسي منذ زمن طويل. عودة السؤال و القضية الديمقراطية يظهر كذلك بعد قرون طبعت بالتنافس و الصراع الأيديولوجي. هذه العودة للسؤال الديمقراطي سيكون من نتيجته إعادة إرسال كل واحد إلى مسؤولياته الحقيقية. و بعد غياب تلك الأنظمة الأيديولوجية لسنا اليوم بحاجة إلى نخب ترشدنا إلى الطريق. نفس الشيء ، المتطلب الديمقراطي ليس هو فقط تجريد فلسفي أو عقيدة لأقلية متنورة. إنه يتغلغل في كل الفئات ، و الحالات الاجتماعية ثم يتمركز في قلب المطالبات وقلب الصراعات. من غير أن يكون جديدا، العمل من أجل الديمقراطية و التضرع من أجلها هو الآن أمر واضح. إننا نصبح أكثر قربا من بعضنا، و أكثر تجسدا، وبعيد عن الانقسام، فالديمقراطية تظهر اليوم سهلة البلوغ أكثر من أي وقت بل إنها تترك العنان للخيال السياسي المنسي منذ زمن طويل. عودة السؤال و القضية الديمقراطية يظهر كذلك بعد قرون طبعت بالتنافس و الصراع الأيديولوجي. هذه العودة للسؤال الديمقراطي سيكون من نتيجته إعادة إرسال كل واحد إلى مسؤولياته الحقيقية. و بعد غياب تلك الأنظمة الأيديولوجية لسنا اليوم بحاجة إلى نخب ترشدنا إلى الطريق.
لقد رأينا في تعبير المجتمع المدني نوعا من الرفض و نقدا للطبقة السياسية. وهذا حقيقة ولو كانت جزئية. فلا بد من النظر أيضا إلى المجتمع المدني كقوة سياسية لها انفصال كامل ومستقل. لأن الصعود القوي للمجتمع المدني يحول المجتمع إلى مجتمع سياسي، في جسد سياسي ، معيدا التخيل حول مجتمع يدار ذاتيا. نجاح مفهوم " الإدارة " هنا وضرورة ارتباط الفاعلين الاجتماعيين بأشكال مختلفة للسلطة يترجم أيضا هذه الحالة من التفكير.
السؤال هنا يكون : كيف نعرف متى نمضي من المفهوم المجرد للمجتمع المدني إلى تجسيده على أرض الواقع ، و كيف نمضي من أقلية ناشطة و فاعلة إلى مشاركة ضخمة، و كيف نمضي من حركات غير مشكلة بشكل واضح إلى أشكال مؤسساتية، و كيف نمضي من تمزق و انقسام كبيرين إلى وحدة جامعة كاملة. أو في كلمة واحدة ، كيف نمضي من مجتمع مدني كامن إلى مجتمع تمارس فيه المواطنة بالكامل. من غير الادعاء بالإجابة على كل الأسئلة، لا بد من فتح طريق في أحد أجزائها مطبوعة بالنقاشات المتعددة حول طبيعة الجمعيات المعنية بالنقاش ، وقدرتها على النشاط و العمل و التأثير ، و أشكال تعبيرها، و كيفية انخراطها بالمناخ السياسي أو بالحكومة و الإدارة.
الموافقة على ذلك الموقع و المكانة للجمعيات في عملية تجديد المسيرة الديمقراطية لا يأتي هكذا من نفسه. الجمعيات تتضمن حقائق مختلفة ومتنوعة. كذلك الانفتاح نحو الخارج، أو بالأحرى خدمة المصالح العامة، هي مهمات شعبية تتعلق بالعامة، ولكن لا تتعلق بجميع الجمعيات. حيث هناك العديد من الجمعيات لها أبعاد ضيقة جدا، فهي تدور فقط في فلك إرضاء أعضائها وبمواضيع محددة، إذ لا تمتد لتوحيد جميع المصالح، ويكون ذلك بشبكات صغيرة تمثل بعض العامة. هذا التصنيف لا يقلل من قيمتها و فائدتها ولكن لا يعطيها حق المشاركة المباشرة في النقاش الوطني العام أو وظيفة تمثيلية. و لكن ما هو المشترك ، على سبيل المثال، بين الدوائر الصغيرة للقاءات و التعارف و بين كبرى منظمات و جمعيات الدفاع عن التعليم الدائم و المستمر و التي تضم أحيانا أكثر من عشرة آلاف من الموظفين و تستوعب عمل أكثر من مائة وخمسين ألف متطوع، هذا من غير الحديث عن المنتسبين ، أو مثل منظمة " السلام الأخضر " العالمية التي تضم ما لا يقل عن ثلاثة عشر مليون عضو عبر العالم, ضمن هذه الحالة ، الإجراءات الحالية للاعتراف بالجمعيات لا يجعلنا نفرق بين الاختلافات الكبيرة في الدور الشعبي للجمعيات. في فرنسا مثلا : هذا الاعتراف يحدد وفق ما ترغب الوزارات به أو وفق فائدتها للعامة. إذا لدينا عقبتين بأن تكون الجمعية لها بناء عالي التنظيم ، و حرية تقييم الوزراء لها. لهذا السبب ، في الجانب الآخر لإجراءات وجود الجمعيات ، لا بد من تأسيس حالة من الفائدة العامة للجمعيات التي نريد إعلانها ، و مؤسسة على معايير دقيقة وواضحة " فائدة اجتماعية ، لها مساهمة في العمل الديمقراطي، في العيد المائة للقانون 1901 " الذي يبيح إقامة الجمعيات في فرنسا "، كانت فرصة جيدة للعودة للحالة القديمة و إعادة تعريف نطاق الفائدة و المصلحة العامة. إن تقييم ووضع المعايير فيما يتعلق بالفائدة العامة للجمعيات لا يمكن من خلال سلطة عامة واحدة تتمثل مثلا في الوزراء. و نتيجة للقلق من حياد التقييم ، لابد من لجنة متعددة الأطراف " خبراء ، قضاة ، برلمانيين، كبار الموظفين ..الخ " ، هؤلاء يقومون بتقييم النشاطات المتعلقة بالجمعيات و احترام المعايير فيما يتعلق بالمصلحة العامة. ضمن هذا المجال يمكن الاستفادة من التجربة البريطانية حيث يوجد لجنة مستقلة عن جميع السلطات ، تضمن احترام الاستقلالية.
إن المشاركة الضعيفة للجمعيات في النقاش العام و الديمقراطي يعود في بعض جوانبه لفقدان الاعتراف و الاستقلالية من قبل السلطات العامة. من هنا لابد للعمل من أجل بناء قاعدة للجمعيات داخل الرأي العام، فتح المجال أمامها للعمل الحر والديمقراطي ثم فرض هذه الجمعيات كشريك في النهوض و في الوسائل لا يتعلق فقط بالمنظمات و الجمعيات، و لكن أيضا بالمشاركين فيها. و هذا يصيب القطاع الكبير من المتطوعين و الذي يبلغ مثلا في فرنسا أكثر من أحد عشر مليون ،و يشكل القوة و أساس النشاط و الفعل في ما يتعلق بالجمعيات و بكل أبعادها بالارتباط بالمواطن. إذا كنا نعترف به ، بأن الأهمية الاستراتيجية ، الاقتصادية ، الاجتماعية و السياسية للخدمات المتعلقة بالصالح العام ، توجيه المواطنة، و إذا كنا نقدره أنه لا بد من تشجيع هذا النوع من المبادرات و مساعدة كل واحد للمشاركة وفق قدرته و إمكانيته و مهاراته ، هذا كله يفترض أفضل اعتراف بالأشخاص المتطوعين و إيجاد حالة خاصة بهم تحولهم إلى تطوع و عمل إرادي منظم.
ما بين التطوع الكامل و الخالص و الذي يكون وفق مناسبات معينة وبين الموظفين ، يوجد مكان لتطوع منظم و فق مقابل ما، ويكون هذا تطوعا إما في قضايا تتعلق بالخارج أو خدمات مدنية داخلية. منذ زمن طويل ، تلك الحالة العامة المتعلقة بهذا النوع من التطوع هي على طاولة البحث ، ليس فقط من خلال الأشكال المختلفة للخدمات الاجتماعية والمدنية، ولكن أيضا مع عقود للتوظيف " التضامني " ، فيما يتعلق " بالشباب " ، ولكن لماذا فقط بالشباب ؟ إن هذه الأشكال المختلفة لإدراج الناس ، من تكوين و تدريب وتنوع في العقود أو بالوظائف التطوعية التضامنية المحجوزة لمن هم فوق الخمسين من العمر ، كل هذا قد يؤدي إلى ضعف في التماسك في العمل و النشاط و يؤدي إلى تفرقة سلبية بين الفئات الاجتماعية. كذلك هناك خطأ في موضوع " التوظيف الشبابي" و خاصة الذي يتم في الضواحي و الذي يعطي الأفضلية لحملة الدبلومات و التعليم العالي.
يمكن أن نقترح أو نطرح قاعدة أو قانونا بحيث كل واحد و بشكل مستقل عن عمره أو مهارته و خبرته ، يستطيع الوصول و بسهولة إلى هذا النوع من العمل التطوعي المأجور و يتوافق مع وضعه الاجتماعي، و أن نقدم حدا ادني من الأجر يكون قريبا أو مساويا لقانون الأجور المتعلق بوظائف الدولة ، بشرط أن يكون المتطوع لا يملك مصادر أخرى للحصول على امن جهة أخرى ،إن المشاركة الواسعة بالعمل و النشاط التطوعي و المشترك بين المواطنين ، يقدم وعلى مستوى كبير ميزات متعددة. أولا ، إنها الوسيلة الأكثر ضمانا لاستئصال البطالة و الفقر و عدم الثبات في العمل. ثانيا ، لا أحد يتوجب عليه الحصول على دبلوم من أجل المشاركة في قضايا ذات فائدة اجتماعية. إنه من المفيد إن نلحظ أن الحركة و الاتجاه نحو الجمعيات و العمل التطوعي يربح يوما بعد يوم مواقع جديدة في المدارس و الجامعات حيث أصبح هذا بالنسبة لهم دليلا وطنيا للالتزام و السلوك. المشاركة في الحياة الجماعية عن طريق الجمعيات تمتد إلى داخل المدارس و الجامعات و إلى ما بعد هاتين المرحلتين. و لكن التطور الجديد و الملفت هو أن الشباب أنفسهم يؤسسون جمعيات جديدة. هذه الجمعيات ولنقل الجمعيات الشابة ، تدار من قبل الشباب و الذي هو نفسه يضع قواعد وقوانين هذه الجمعيات و أهدافها وميزانيتها. الظاهرة هذه تتسع من خلال شبكة وطنية أصبحت مؤسسة أو تم تأسيسها. كل هذا يمكن أن نعتبره تعليما وتحضيرا مجسدا وعمليا للمواطنة و التي تتناول خطابات متعددة حول القيم الجمهورية و دروسا معرفية مدنية.
إنه من المفيد إن نلحظ أن الحركة و الاتجاه نحو الجمعيات و العمل التطوعي يربح يوما بعد يوم مواقع جديدة في المدارس و الجامعات حيث أصبح هذا بالنسبة لهم دليلا وطنيا للالتزام و السلوك. المشاركة في الحياة الجماعية عن طريق الجمعيات تمتد إلى داخل المدارس و الجامعات و إلى ما بعد هاتين المرحلتين. و لكن التطور الجديد و الملفت هو أن الشباب أنفسهم يؤسسون جمعيات جديدة. هذه الجمعيات ولنقل الجمعيات الشابة ، تدار من قبل الشباب و الذي هو نفسه يضع قواعد وقوانين هذه الجمعيات و أهدافها وميزانيتها. الظاهرة هذه تتسع من خلال شبكة وطنية أصبحت مؤسسة أو تم تأسيسها. كل هذا يمكن أن نعتبره تعليما وتحضيرا مجسدا وعمليا للمواطنة و التي تتناول خطابات متعددة حول القيم الجمهورية و دروسا معرفية مدنية. حتى عند أكثر المقتنعين بالعمل في الحقل العام و المصلحة العامة، الاقتصادية والسياسية، يبقى الاعتراض كبيرا من حيث كلفتها و تمويلها. في الوقت الذي يظهر أكثر وضوحا تناقص التمويل العام و زيادة الضغط الضريبي ، الاعتراض يأخذ مساحة أكبر. و لكن يجب أن نميز هنا ما بين مسألة مبدأ التمويل و الوسائل نفسها المتعلقة بهذا التمويل.
من حيث المبدأ ، الحكم بالتكلفة ، من غير تقدير الأرباح ، يكون طرحا للمسألة بشكل معكوس. فنوعية الارتباط الاجتماعي، التكوين و الخدمات المقدمة للعامة، و الذي ما يزال أمامه عملا كثيرا من أجل إحداث تنمية إنسانية ، الفوائد المتنامية للمشاريع التي ليس لديها و بشكل خاص شكل المشاركة كإحسان و قناعة ، رغم كل هذا إنها تشارك شيئا فشيئا في تمويل هذا القطاع ، كل هذه العلاقات و الارتباطات هي من غير شك بداية للجواب . بشكل عام وفيما يتعلق بالتمويل من قبل المشاريع، إنه مستوى إعادة التوزيع و الإنفاق الذي يحسب أكثر من فعالية و نوعية الخدمات المقدمة للعامة و الارتباط عن طريق الجمعيات. ان أزمة النمو الديمقراطي و الذي بناءا عليه أردنا أن نقتنع بأن السلطة هي في حالة تراجع في القيم، نحن نعيش شكلا من أزمة نمو الديمقراطية. هذه الأزمة تعكس عدم القدرة، و الجحود و الإنكار، و بشكل أكبر رفض إيجاد الأشكال المؤسساتية والسياسية في مرحلة من نشوء و انبثاق نظام جديد من الاتصال و الارتباط بالمجتمع المدني الذي يعرف العلاقة الارتباطية الجديدة في المجتمع بتاريخ ميلاده في العالم المتطور و الحديث، سجل في عملية صعود الفردية و قيم الديمقراطية في وجه المقاومة من قبل المؤسسات و السلطات القائمة. هذا الصعود لم يحدث دون صدام ودون العودة أحيانا بشكل دراماتيكي إلى الخلف. و لم تكن المرة الأولى و التي فيها الدفع الديمقراطي يعود أو يقوم بأشياء تناقضه. و لم تكن المرة الأولى أيضا أن آمالا ديمقراطية جديدة تحدث للوهلة الأولى تأخر ديمقراطي في الواقع. وعودة النظام و النسق الأخلاقي و الأمني، لحماية طبقة سياسية مندحرة و أشكال من التمثيل السياسي الباطلة، يكون اليوم شكلا من أشكال هذا التأخر أزمة في النمو الديمقراطي الذي تحدثنا عنه. هذا النسق الأخلاقي الجديد لن يحل أية مشكلة سياسية عميقة خاصة الأكثر عمقا منها وهي : الارتباط الاجتماعي و لا سيما الارتباط السياسي. لا بد لنا من جديد أن نواجه الفردية المتنامية من خلال انطوائها على التناقض الغير متماسك في المسيرة والعملية الديمقراطية. الذات و ابتعادها عن الالتزام المدني، فنحن فعلا في مأزق. من وجهة النظر هذه، لدينا الحق بأن نكون حائرين و في حالة حرجة في مواجهة الدفع الديمقراطي الذي معالمه تتوقف عند حقوق الإنسان، و التي هي قانونية بحتة. حقوق الإنسان ليست عمليا سياسة، حتى ولو كونت قاعدة كل ديمقراطية. ولكن ، من جهة اخرى، لابد من قبول أن كل تقدم للديمقراطية يحمل في طياته تقدما و تأكيدا للفردية وحتى أحيانا للفوضى والتي هي في نفس الوقت مخاطرة و ديناميكية، و من جهة أخرى في هذا التاريخ الطويل من الدعوة " للفردنة "، أعتقد أننا لسنا أبدا في " فردية " واحدة من الهبوط أو التراجع، و التي هي انطواء على الذات، بل نحن ندخل في عصر الفردية العلائقية منبثقة في نسيج جماعي و اجتماعي. إنه واقعي و ليس أكثر من ذلك أن حقوق الإنسان و الجمعيات لا تشكل في ذاتها سياسة. ولكن بما أنها علاقة أو اتصال اجتماعي ، فهي تربة يمكن فيها إعادة تأسيس العلاقات الاجتماعية اليومية، لا بل منظمات جماعية و أشكال أخرى من المؤسسات، في العائلة ، في العمل أو في المدينة والدولة. بالطبع ، كل هذه الأشكال من الجمعيات تبقى بشكل جلي تحت خط التطور وهذا يعود في المسؤولية إلى السياسة، و هي مسؤولية تاريخية للسياسة بأن تعطي هذه الجمعيات " جسدا " واضحا و منظورا ، و تمكنها من التمثيل. ضمن هذا التناقض نحن نصارع و لا بد من الصراع على المستوى الشعبي و العام، كما نشهد اليوم من قبل الحركات الاجتماعية. و كما هو داخل كل أزمة لعملية النمو الديمقراطي، نستطيع الخروج مؤقتا بواسطة الأدنى " العامة "، وهذه الأزمة تؤكد لنا عودة بسيطة إلى النظام و إلى الأمن. مع كل أخطار التزحلق التي تفترضها هذه الحالة. كما نستطيع الخروج بواسطة الأعلى، من خلال الذكاء التاريخي للحركة الاجتماعية، و أن نبني أشكالا أخرى من التمثيل للمجتمع المدني و تكون الجمعيات رمزا له بكليته، وفي نفس الوقت كاتصال و ارتباط اجتماعي و كنموذج للتنظيم.



#ماجد_احمد_الزاملي (هاشتاغ)       Majid_Ahmad_Alzamli#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجرائم الالكترونية
- السياسة غير الجنائية للحد من جرائم العنف ألإرهابي
- ألإستجواب
- حقوق ألإنسان وسلطة الضبط الجنائي في القبض
- دور المنظمات غير الحكومية في ترسيخ مباديء حقوق الانسان
- جريمة غسيل الاموال القذرة
- ألإرهاب
- ضمانات الحريات العامة بين قانون الاجراءات الجنائية والدستور
- توازن القوى الدولية
- ألإجراءات الجنائية والدفاع عن حقوق ألإنسان
- الدولة القانونية
- كيف تتهاوى الدكتاتويات
- الاسس التي تحافظ على ديمومة الديمقراطية


المزيد.....




- عائلات الأسرى المحتجزين لدى حماس تحتشد أمام مقر القيادة العس ...
- استئجار طائرات وتدريب مرافقين.. بريطانيا تستعد لطرد المهاجري ...
- تعذيب وتسليم.. رايتس ووتش: تصاعد القمع ضد السوريين بلبنان
- كنعاني: الراي العام العالمي عازم على وقف جرائم الحرب في غزة ...
- كيف تستعد إسرائيل لاحتمال إصدار مذكرة اعتقال دولية لنتنياهو؟ ...
- منظمة التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بش ...
- الأمم المتحدة: الطريق البري لإيصال المساعدات لغزة ضرورة
- الداخلية التركية تعلن اعتقال 23 مشتبها بانتمائهم لـ-داعش- بع ...
- تقرير كولونا... هل تستعيد الأونروا ثقة الجهات المانحة؟
- قطر تؤكد اهتمامها بمبادرة استخدام حق الفيتو لأهميتها في تجسي ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ماجد احمد الزاملي - المجتمع المدني وتأثيره على السياسة الداخلية للدولة