أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حملات سياسية , حملات للدفاع عن حقوق الانسان والحرية لمعتقلي الرأي والضمير - وجيهة الحويدر - انا سوسنك يا والدي














المزيد.....

انا سوسنك يا والدي


وجيهة الحويدر

الحوار المتمدن-العدد: 1013 - 2004 / 11 / 10 - 11:43
المحور: حملات سياسية , حملات للدفاع عن حقوق الانسان والحرية لمعتقلي الرأي والضمير
    


انا سوسنك يا والدي..
ابي الغالي علي الدميني..

انت يامن علمتني ان السماء لا تُمطر احبابا ولا رفاق...والارض لا تُـنُّــبتهم بين الحشائش والاشجار..لكن مكوثك في سجن الشرفاء يا والدي كان درسا ذا مذاق آخر، كشفَ معادلة العلاقات بقواسمها المشتركة بين الأهل والأصدقاء ومن يُطلق عليهم بالطبقة المثقـفة..فإحتجازك وراء القضبان، بدد كثير ممن تعرفهم بودهم وتوددهم المصطنع ..وفضح ألوانهم الزائفة..وعرّى احاسيسهم الباهتة..ومواقفهم التي تنم عن تملق نتن لأصحاب الذوات...

يا والدي..

العيد سيزورنا عن قريب وانت مازلتَ عنا بعيد..انت عودتني في كل عيد ان تهبني اهازيج شموخ صائب..وتُسمعني قصائد حب مككلة بالورد، وتكحل عيني بأقواس قزح لا تعرف الإنحناء..اتذكر يا ابي حين كنت تحلق بي في فضاء رحب.. فتقطف لي نجوما، وتزرع في سفوحي احلاما بلا حدود..وكل مرة تَعِدني بفجر اكثر نصاعة وحضور.. لازلت اشتم رائحة شفافيتك بين خلجات البيت وأروقته، واشعر بصمودك المتوهج بين الزوايا، واحس بأنفاسك الناعمة على الحيطان..انا افتقدك بالرغم انك قابع قسرا هناك خلف الأسوار بين رفيقين جميلين اختارا مثلك ان يكونا هُدى للناس وبينات من النور في سماءنا الحالك .. احبابي الشرفاء عمي متروك الفالح وعمي عبدالله الحامد..


ابي العزيز..

لا تتعجب ان تلاشت الاقلام، واندثرت الحناجر، وتوارت بالخذلان ..فكما تعلم يا والدي فقد ضاقت بنزاهتكم ذرعا ساحات اشباه المثقفين وانصافهم..وهل اجتمع قط النور والظلام في مكان واحد..؟؟ لا تستغرب يا ابي ان اصبحت اذهانهم معطوبة، ولغتهم عديمة الفائدة، وكلامهم خال من المصداقية ومحشو بالنفاق..لا تحزن يا والدي ان صغرت الاكتاف، وقصرت الاعناق، وعجزت الألسن، وتنكرت الاسماء لحلمك النبيل اللامع...فهكذا دائما حال المأزومين مع النبلاء.. فتلك الفئة من الناس لاتُحسن سوى ان تطبل وتزمر للمتخمين بعفن الثراء، والملوثين بشح العفة والحياء..

ابي الحبيب..

ان من حجبوك عني سيقضون عيدهم بين احضان احبابهم..وفي كنف اسرهم..فهنيئا لهم ..لكنهم لم يشعروا بمدى حاجتي لك..وخوفي عليك..لقد تصلّبوا ضدي وضدك وحالوا بيننا فشحّت الدنيا علينا بلقاء.. ارادوا لنا الا نتعانق في هذا العيد..ربما غابَ عن اذهانهم ان الصلابة عنصر لا ينتمي للحياة.. فقسوة العين بالعين تنجب إناسا كفيفين وعُور..والعنف لا يُولد سوى ثقافة موت بإصرار وترصد..فهاهي الاكفان كل يوم تقضم بشراهة ونهم في كل عضو من جسد شرقنا المنهك البائس ...
والدي..انهم قلة الذين يفقهون ان "الجسد الحي رقيق ولين، وكذلك العشب والشجر الغض..والجسد الميت صلب وقاس، وكذلك العشب الجاف والشجر اليابس، لأن القسوة والصلابة من علائم الموت، واللين والرقة من علائم الحياة" فمتى يعي من يُمسك بالصولجان ان نهج كسر الضلوع، وتهشيم الوجوه، ومصادرة الحقوق، لا يخـّلف سوى اناسا ذليليين مجردين من اي حس انساني..

والدي الفذ..

لا تقلق علي في هذا العيد فاني سأقضيه مع طيفك وبين ما غرسُته لي في روحي من انفة وعزة واعتزاز..فأبنتك سوسن ابدا لن تنساك، وكيف لأبنة ان تنسى ابا مثلك..؟؟ سأنتظرك يا ابي رغم انف هذا الزمان الأغبر، وضحالة المكان، ولن احني هامتي لهذه الرياح العاتية ابدا، فهي لا تخيفني، وصوتها لن يخترق عالمي مهما اشتد وتصالب... انا يا والدي متيقنة انك آتِ.. وان السماء ستعانق سحبك الخيّرة، ومروج الارض ستحتضن زخات امطارك.. فالكل يعلم أنك قادم مع صحبيك الأبيين الفالح والحامد ..لا محالة في ذلك ..فقافلة الشرفاء لم تتوقف ولم تتراجع قط عبر السنين والايام، وان ارادوا لها القوم عكس ذلك....فلا تتأخر عنها يا والدي فأنا انتظارك..

* رسالة متخيَلة من سوسن ابنة الشاعرعلي الدميني تبعث بها في ليلة العيد الى والدها في المعتقل..

وجيهة الحويدر



#وجيهة_الحويدر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مناجاة بين طهران والظهران
- سُخف واستخفاف حتى الثمالة
- من اجل ذاك القنديل
- العالم يقطر انسانية
- رغد وعائشة ورانيا..حالات عَرَضية أم عاهات مستديمة؟
- إن كيدهم أعظم
- الى متى سيظل تاريخ الحضارة الإنسانية يُلقن مبتورا؟
- هل توجد هناك علاقة بين تناسق الجوارب وإزهاق الروح؟
- قذارة امرأة وازدواجية عالم ذكوري
- لاستاذ حيّان نيّوف.. الاحتضار هو حين تسكن روحك جسد انثى عربي ...
- خرافة سندريلا المسكينة تمتهن الأنثى ومادونا تعيد إليها الروح
- وجيهة الحويدر تتلقى تهديداً بالإعتداء - إن يدنا تطول امثالك ...
- العنوسة خير ألف مرة من الزواج من رجل في هذا الشرق البائس
- لا يكفي أن يسترد النساء العربيات حقوقهن! أيها الفحول: دماء ا ...


المزيد.....




- كاميرات مراقبة ترصد فيل سيرك هارب يتجول في الشوارع.. شاهد ما ...
- على الخريطة.. حجم قواعد أمريكا بالمنطقة وقربها من الميليشيات ...
- بيسكوف: السلطات الفرنسية تقوض أسس نظامها القانوني
- وزير الداخلية اللبناني يكشف عن تفصيل تشير إلى -بصمات- الموسا ...
- مطرب مصري يرد على منتقدي استعراضه سيارته الفارهة
- خصائص الصاروخ -إر – 500 – إسكندر- الروسي الذي دمّر مركز القي ...
- قادة الاتحاد الأوروبي يتفقون على عقوبات جديدة ضد إيران
- سلطنة عمان.. ارتفاع عدد وفيات المنخفض الجوي إلى 21 بينهم 12 ...
- جنرال أوكراني متقاعد يكشف سبب عجز قوات كييف بمنطقة تشاسوف يا ...
- انطلاق المنتدى العالمي لمدرسي الروسية


المزيد.....

- حملة دولية للنشر والتعميم :أوقفوا التسوية الجزئية لقضية الاي ... / أحمد سليمان
- ائتلاف السلم والحرية : يستعد لمحاججة النظام الليبي عبر وثيقة ... / أحمد سليمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حملات سياسية , حملات للدفاع عن حقوق الانسان والحرية لمعتقلي الرأي والضمير - وجيهة الحويدر - انا سوسنك يا والدي