أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - وليد يوسف عطو - لاهوت التحرير والشيوعية















المزيد.....

لاهوت التحرير والشيوعية


وليد يوسف عطو

الحوار المتمدن-العدد: 3397 - 2011 / 6 / 15 - 10:38
المحور: في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
    


مثلما بحثنا سابقاً المقابلة بين شيوعية الاحرار وشيوعية العبيد وبين العلاقة الجدلية بين شيوعية الاحرار والتصوف. نبحث الان العلاقة بين الشيوعية ولاهوت التحرير.
ماهو لاهوت التحرير؟
هو لاهوتي طبقي واجتماعي ورسالة تحرير للانسان وللشعوب تستند الى تعاليم المسيح حسب الاناجيل وخصوصاً الموعظة على الجبل كما وردت عند متى الاصحاحات 5 و 6و 7 من الانجيل . وفي تعاليم يسوع حسبما اوردها لوقا وخصوصاً برنامجه الثوري لتحرير الانسان كما تم عرضه من قبل يسوع في (لوقا/4).
ابتدأ لاهوت التحرير في كنائس اميركا الجنوبية من كاثوليكية وانجيلية . هذه الشعوب الرازحة تحت تسلط انظمة قمعية عسكرية ديكتاتورية حيث بدأ اضطهاد هذه الشعوب منذ الاستعمار الاسباني لها في القرن السادس عشر والى اليوم . ان لاهوت التحرير يعمل ضد التمييز العنصري وضد انتهاك المرأة واستغلالها ويدعو الى حفظ كرامتها ومساواتها بالرجل .
ظهر لاهوت التحرير بصورة واضحة وجلية منذ 1965 حيث شهدت دول اميركا الجنوبية بروز الحركات الثورية والشيوعية وانتصار الثورة الكوبية، وفي كولومبيا استشهد كاميلو توريس في 15 شباط 1966 ومنذ عام 1965 اخذ علماء لاهوتيون مسيحيون يستخدمون لفظة (التحرير) وسمع صوت الاب كوستانو كوتياريز من ليما (بيرو) حول (لاهوت التحرير). تطور مفهوم لاهوت التحرير في عام 1968 بانعقاد مجمع ،
( سنودس ، كونفرنس / مؤتمر) مديلين للكاثوليك . حيث عبر الاساقفة عن تضامنهم مع شعوبهم والدفاع عن تقاليد شعوبهم واخذوا يتعلمون ويستلهمون الخبرة من الشعب ووقف الاساقفة الى جانب الفقراء مستلهمين تعاليم المسيح الثورية لتحرير الانسان فعندما تحدث المسيح مع الشاب الغني (لوقا 18/18 -25) طلب منه ان يبيع املاكه ويوزعها على المحتاجين، مما اثار غضب ذلك الشاب. وفي هذا قال السيد المسيح: (ان دخول جمل من ثقب ابرة ايسر من ان يدخل غني الى ملكوت الله) (لوقا 8/25) وتحدث المسيح عن تحرير المرأة ونظرته الثورية الى المرأة تمثل نظرة الطوائف المعمدانية المستقلة مثل الاسنيين وليست نظرة الطوائف اليهودية. لقد كانت الشريعة اليهودية تحاسب المرأة الزانية، و لا تحاسب الزاني والرجل. فقال المسيح في الوعظة على الجبل: (ان من ينظر الى امرأة ليشتهيها، فقد زنى بها في قلبه). (متى 5/27-28). وقد اراد بذلك ان يجعل الرجل مسؤولاً كالمرأة.
كما دافع عن المرأة التي كانت تطلق لاتفة الاسباب، ومنع الطلاق الاَ لعلة الزنى (متى 19/3-10) حفظاً لكرامة المرأة، واعطائها حقها.
ورغم ان السيد المسيح لم يكن رجل سياسة بالمعنى المعروف، ورغم انه لم يتدخل في السياسة بصورة مباشرة، الا ان كلماته كان لها مضمون سياسي. فدفاعه عن الفقير مقابل الغني، وثورته على الاغنياء الذين كانوا يستغلون الهيكل في التجارة، عندما طهرَ الهيكل (متى 21/12-13)، ودفاعه عن المرأة ومكانتها في المجتمع، ومساندته للمظلومين، كانت كلها تتضمن جوانب سياسية. واخيراً، ارتفع السيد المسيح على خشبة الصليب، بقرار سياسي، حيث دفع ثمن ثورته على الظلم، فكانت القيامة انتصاراً على الظلم الانساني.
لقد وقفت الكنسية الكاثوليكية في البداية وعلى رأسها بابا الفاتيكان موقفاً معارضاً من لاهوت التحرير وهذا الموقف مفهوم. وفي عام 1986 تغير موقف البابا عندما قال في رسالة له: (هذا اللاهوت ليس مناسباً فحسب بل مفيداً وضرورياً). وكان البابا بوب بنيديكت الخامس عشر ، امتدح ماركس ومهارته في التحليل (1) .
لقد اعلن لاهوت التحرير بأنه ملتزم بنضال الشعب من اجل التحرير. لقد مارس لاهوت التحرير ثلاث شبكات تحليلية: التحليل الاجتماعي العلمي، ثم التفسير اللاهوتي، واخيراً الموقف الرعوي العملي. لقد اختار لاهوت التحرير لتحليل الوضع الاجتماعي، مدرسة التحليل الماركسية أي التحليل الدياليتيكي وعلم النفس الاجتماعي مع الاهتمام بالثقافة العامة والثقافة الدينية. ثم حاول فهم نتائج العلوم على ضوء الايمان. وبحث لاهوت التحرير عن طرق رعوية لتحقيق تحرير المظلومين، حسب المبادئ الكبرى: الايمان، الاحترام الانجيلي للانسان، تجديد المجتمع باتجاه الاشتراكية.
( المطران الشهيد اوسكار روميرو نموذجاً للاهوت التحرير في السلفادور)
اغتيل المطران اوسكار روميرو رئيس اساقفة السلفادور للكنيسة الكاثوليكية بطلق ناري في 24 اذار من عام 1980 وهو رمز من رموز المعارضة الوطنية ومن المدافعين من اجل تحرير الشعب وكادحيه من الاستغلال ومن الظلم ومن اجل الحرية والعدالة الاجتماعية. وكان الاسقف في اليوم السابق لاغتياله قد القى موعظة، وجه كلامه فيها الى رجال الامن في بلاده قائلاً: (ايها الاخوة، انتم من هذا الشعب مثلنا، تقتلون اخوتكم الفلاحين. ولئن تلقيتم الاوامر من انسان فالاولى بكم ان تطيعوا وصية الله التي تأمرنا: لاتقتل، فكل قانون ان كان غير اخلاقي لا ينبغي ان يخدم ولا ان يطاع.. والكنيسة التي تدافع عن حقوق الله، و كرامة الشخص البشري، لا تقف مكتوفة وصامتة امام ارتكاب جرائم بغيضة) . على اثر اغتياله اعلن الحداد الرسمي في البلاد لمدة ثلاثة ايام. واثناء مراسيم الدفن تجمعت حشود غفيرة من داخل البلاد وخارجها انتهت باطلاق الامن النار على المحتشدين فقتل عشرين شخصاً وجرح مئة اخرين. بدأت احداث العنف بصعود رئيس الجمهورية منصب الرئاسة عام 1977 فباشر عهده بمذابح في شوارع العاصمة ذهب ضحيتها المئات. واتهمت السلطة، الاحزاب الشيوعية بافتعال الصدامات. كما اطلقت الحكومة على رجال الكنسية من الرافضين لسياستها بأنهم (الكهنة الحمر)، فزجتهم في السجون وعذبتهم. وقد صدر بيان عن الحكومة جاء فيه (كن محباً لوطنك واقتل كاهناً).
نرى هنا المشتركات بين شيوعية الاحرار ولا هوت التحرير في كنائس اميركا اللاتينية من كاثوليكية وانجيلية... الدفاع عن الحرية الشخصية والحريات العامة، والدفاع عن حقوق الشعب الكادح وعن الفقراء ، وعن المساواة و العدالة الاجتماعية وعدم استغلال الانسان لاخيه الانسان ، وعدم استخدام العنف . ان لاهوت التحرير والشيوعية مثل دائرة التاو المشتركة احدهما يكمل الاخر.
طوبى للفقراء فان لهم ملكوت الله.
طوبى للجياع فانهم يشبعون.
هذه رسالة المسيح الجليلي في تحرير الانسان انها رسالة طبقية واجتماعية لتحرير الانسان من الفقر والجوع والمرض والاستغلال بشتى انواعه.
بعد اكثر من الفي عام على المسيح عندما نرى الفقراء والمرضى يتزايدون والحروب في ازدياد وماكنة العمل الرأسمالية تسحق بشكل رهيب معظم شعوب العالم لصالح فئة ضئيلة من اصحاب الشركات العابرة للقارات ، نكتشف ان الشيوعيين والمسيحيين وعلى رأسهم الكنسية لم يعملوا ما يكفي لكي لا يبقى فقير وجائع وعامل ليس له سكن . ان وجود رصيد في البنك لدى المسيحي والشيوعي معناه انه خان المسيح والشيوعية .. هذا المال الفائض عن حاجته يسميه المسيح (مال الظلم) او (المال الباطل) ( لوقا 16/9 ) الذي يجب توزيعه على المحتاجين.. عندما يمد فقير يده ويقول (من مال الله)... انه يطالب بحصته من مال الظلم الذي حجبه الاغنياء عنه. هذا المال الذي يجب ان يكون مشاعاً وتسبيلاً . ان الموعظة على الجبل كما عرضها متى في الاصحاحات (5 و 6و 7) من الانجيل ورسالة التحرير كما دونها لوقا في الاصحاح الرابع من الانجيل تمثل مشروع تحريري... طبقي... مساواتي.. لقد استخدمت الكنسية التطويبات كما وردت عند متى كنوع من المورفين لتخدير الفقراء المؤمنين كأنما المسيح قال لهم (من حسن حظكم انكم فقراء... فابقوا اذن على هذا الحال! وسيكافئكم الله فيما بعد عند انتقالكم الى السماء) ان من يكرز بتعاليم المسيح في الكنسية وفي المجتمع عليه ان يعمل وبجميع الوسائل على تحقيق مضامينها بدءً بالمحبة وبتقاسم الاموال، وتقاسم المسؤوليات. ومن العمل الفكري والنقابي الى العمل السياسي لكي لا يبقى فقراء. ان المثال الذي اعطته الكنسية الاولى ليس مثال فقر بل مثال محبة قائم على المشاركة فان جعل الناس اموالهم واملاكهم مشاركة فيما بينهم، فليس معنى ذلك جعلهم فقراء، بل لكي لا يبقى فقراء . وهنا ترى التكامل بين الشيوعية ولاهوت التحرير.. هدفها الاول والاساس... الانسان وحريته وكرامته.

المصادر
1.اللاهوت المعاصر للاب منصور المخلصي بغداد 2002 من ص93 الى ص108 (لاهوت التحرير في امريكا اللاتينية).
2.لاهوت التحرر للدكتور القس صموئيل حبيب عن دار الثقافة في القاهرة/ط2.
3.مجلة الفكر المسيحي العدد 415-416 ايار-حزيران 2006 (المطران الشهيد اوسكار روميرو) للاب يوسف عتيشا.
4.رسالة التطويبات تأليف الاب جالك ديبون بيروت 1986 دار المشرق.
الهوامش
(1) مقال بعنوان ( هل كان ماركس على حق ؟ ) تأليف تيري أنغليتون ترجمة ابتسام عبد الله ، جريدة المدى العدد 2160 الثلاثاء 14 حزيران 2011



#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نداء الى المفكر والباحث فراس السواح
- اكذوبة استحالة الخبز والشراب الى جسد ودم المسيح جوهرياً
- بشار وصدام وجهان لعملة واحدة
- موقف المسيحية من السلطة
- العلاقة الجدلية بين شيوعية الاحرار والتصوف
- ابليس .... اله اليهود وأعداء يسوع
- بين شيوعية الاحرار وشيوعية العبيد
- كشكول شيوعي
- المسيح ولد في الجليل لا في اليهودية
- الحزب الشيوعي العراقي والاقليات
- العلاقة الجدلية بين اوثان الشيوعيين واوثان المتدينيين
- هل كتب داود المزامير ؟
- جذور تحريم لحم الخنزير لدى العبرانيين وشعوب الشرق القديم
- أوثان الشيوعيين
- الحزب الشيوعي العراقي الى اين ؟!


المزيد.....




- السعودية.. أحدث صور -الأمير النائم- بعد غيبوبة 20 عاما
- الإمارات.. فيديو أسلوب استماع محمد بن زايد لفتاة تونسية خلال ...
- السعودية.. فيديو لشخصين يعتديان على سائق سيارة.. والداخلية ت ...
- سليل عائلة نابليون يحذر من خطر الانزلاق إلى نزاع مع روسيا
- عملية احتيال أوروبية
- الولايات المتحدة تنفي شن ضربات على قاعدة عسكرية في العراق
- -بلومبرغ-: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائ ...
- مسؤولون أمريكيون: الولايات المتحدة وافقت على سحب قواتها من ا ...
- عدد من الضحايا بقصف على قاعدة عسكرية في العراق
- إسرائيل- إيران.. المواجهة المباشرة علقت، فهل تستعر حرب الوكا ...


المزيد.....

- عندما تنقلب السلحفاة على ظهرها / عبدالرزاق دحنون
- إعادة بناء المادية التاريخية - جورج لارين ( الكتاب كاملا ) / ترجمة سعيد العليمى
- معركة من أجل الدولة ومحاولة الانقلاب على جورج حاوي / محمد علي مقلد
- الحزب الشيوعي العراقي... وأزمة الهوية الايديولوجية..! مقاربة ... / فارس كمال نظمي
- التوتاليتاريا مرض الأحزاب العربية / محمد علي مقلد
- الطريق الروسى الى الاشتراكية / يوجين فارغا
- الشيوعيون في مصر المعاصرة / طارق المهدوي
- الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى -روح- -الرفيق- في ... / مازن كم الماز
- نحو أساس فلسفي للنظام الاقتصادي الإسلامي / د.عمار مجيد كاظم
- في نقد الحاجة الى ماركس / دكتور سالم حميش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - وليد يوسف عطو - لاهوت التحرير والشيوعية