أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - إقبال الغربي - الثورة التونسية بين الجهويات و العروشية














المزيد.....

الثورة التونسية بين الجهويات و العروشية


إقبال الغربي

الحوار المتمدن-العدد: 3396 - 2011 / 6 / 14 - 21:04
المحور: المجتمع المدني
    


إلى صديقتي عائشة من الجنوب

جسدت ثورة الكرامة التونسية في بدايتها تجربة الانصهار الوجداني واندثار الانتماءات الطبقية والجهوية . الجميع في خندق واحد ،يأكلون نفس الرغيف، ويحسون نفس الإحساس ويواجهون نفس المصير وبدا للجميع أن هذه التجربة حبلى بالقيم الإنسانية الأصيلة كأساس لتطهير الوعي الاجتماعي من الأمراض الأخلاقية والتشوهات السياسية التي حولت الجماهير إلى كتل ديموغرافية عديمة الأهمية إذ كان تقدير الفرد يقاس بعدد الوشايات عن جيرانه و زملائه في العمل.‏

لذلك شكلت الأحداث المروعة التي جدت في مدينة المتلوي في بدابة شهر جوان الجاري صدمة عنيفة للوعي التونسي جعلت البعض يخشى ويتخوف من «تطييف البلاد » ومن تهديد للنسيج الاجتماعيّ في تونس وزيادة انغلاق بعض الجهات بعضها على بعض ودخولها في «غيتوهات» اجتماعية و جغرافية .‏

و يبدو أن الحرب الأهلية في المتلوي اندلعت على خلفية حصص الانتدابات المرتقبة صلب شركة فسفاط قفصة و التي يتمكن المواطن من خلالها إلى الوصول إل الوظيفة أو المركز المرموق بموجب التوزيع العشائري .‏
ويبدو أن ذلك كان من الأسباب الرئيسية التي أدت إلى وقوع شرخا كبيرا في علاقات متساكني المدينة أي أولاد بويحيى والجريدية و أولاد سلامة وأولاد معمر و غيرهم و هم في العادة عائلات مسالمة متجاورة متصاهرة و متضامنة .‏

يبين لنا علم الاجتماع السياسي أن الاندماج الجمهوري ليس أمرا مفروضا أو إجباريا بل هو نتيجة نموذج مجتمعي ناجح و يتفق الخبراء على أن أجهزة الانصهار الجمهوري في الغرب كانت تاريخيا الدولة والكنيسة والمدرسة والنقابة و المؤسسة العسكرية .‏
و يعتبر العديد من الباحثين من أمثال دومنيك شنابير أن آليات الاندماج تمر اليوم بأزمات هيكلية عميقة .‏
الدولة القومية أصبحت عاجزة عن الحد من تغول المركبات الصناعية العسكرية و سيطرتها في صنع القرار و كذلك فهي غير قادرة على ضبط حركة الرأسمال العابر للحدود الذي ينذر بتحويل العالم اليوم إلى شركة كبرى متعددة الفروع .‏
المدرسة لم تعد طريقا للنجاح الفردي و لم تعد رافعة للحراك الاجتماعي أي فصل الأطفال عن أصولهم الطبقية و إلحاقهم بوظائف متميزة فهي بالتالي لم تعد تخدع أحدا.‏
النقابة فقدت تأثيرها نتيجة آفة البطالة و الخدمة العسكرية لم تعد إجبارية.‏
أما في بلداننا العربية فأزمة الانصهار الجمهوري هي أيضا و بالأساس أزمة المواطنة .‏
فلا اندماج و حس و طني بدون مواطنة و لا مواطنة بدون حرية وعدالة‏,‏ فهما سبيل خلق المواطن الصالح المدافع عن منجزات وطنه ومكتسباته ‏.‏ فالإنسان المقموع والمضطهد في وطنه‏,‏ لا ينمو لديه حس المواطنة بشكل إيجابي‏,‏ وذلك لأنه باسم الوطن والمصلحة العليا للوطن و هيبة الوطن يضطهد ويقمع‏,‏ وتحت علمه وشعاراته الرنانة تهان كرامته وتنتهك حقوقه‏.‏
كما أن الاستغلال الفاحش للفقراء و منطق الربح أولا و الربح أخيرا يحولهم إلى حشود بشرية فاقدة لمعاني الكرامة الإنسانية والإحساس بالهوية الذاتية والجماعية
تنتج العنف و الدمار.‏
فكيف ندعو شباب المتلوي إلى احترام قوانين الجمهورية وقد حرم آباؤهم من ميزاتها و جردوا من حقوقها .‏
و كيف نقنع أبناء المتلوي بالحفاظ على الممتلكات و المكتسبات بينما وقع التعامل مع هذه الجهات المحرومة والمنكوبة بذهنيّة الغنيمة وأرض «السيبة»، منذ أن كان البايات يسيّرون إليها «المحلاّت» لانتزاع المجبى إلى قيام شركة فسفاط قفصة بعيد انتصاب الحماية على أراضيها المنتزعة غصبا دون أدنى تعويضات ولا امتيازات، وصولا إلى الدولة الوطنيّة التي تعاملت مع أهلها على أنّهم «أهل حِراب» لا يصحّ معهم إلاّ التمييز والشدّة والتفقير والتهميش،كما وضخ ذلك الكاتب مختار الخلفاوي في مقاله المميز " إحداث المتلوّي ليست نزوة نوميديّة.‏
لذلك فإن طريق المواطنة هو الحرية وصيانة حقوق الإنسان والدفاع عن كرامته الإنسانية‏.‏ إن هذه القيم والمبادئ‏, ‏ هي التي تبني آمالا مشتركة و تخلق عند الأفراد الحس الوطني الصادق وتوفر عناصر العقد الاجتماعي الحقيقي‏، و تجعل من وحدتهم سدا منيعا عصيا على الاختراق ‏.‏



#إقبال_الغربي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحقائق الخفية عن ثورة الحرية
- من يكترث لدم مسيحيي العراق و دموعهم في ارض الإسلام
- الاسلاموفوبيا :محنة و فرص
- التحرش الجنسي ضد المرأة :الإرهاب المخفي
- بشرى البشير و ردود الفعل السيكوباتية
- غزة ׃المأساة و اللعنة
- من روزا لكسمبورغ إلى نهلة حسين شالي مسلسل قتل النساء
- الاختلاف في الثقافة العربية الإسلامية: دراسة جندرية
- الفضاء الافتراضي للمرأة المسلمة : دراسة مضمون بعض المواقع ال ...
- في ذكرى 11 سبتمبر , العقل و اللاعقل
- الفتاوى الهاذية بين علم النفس و التراث الإسلامي
- رياح الأنوثة تهب على الفدرالية الدولية لرابطات حقوق الإنسان
- تأملات جديدة حول الحجاب
- -ستار أكادمي- و -على الهواء- التداعيات السياسية و النفسية
- الثورة الجنسية : نداء إلى تطور دون تهور
- دفاعا عن الكلمة الحرة وعن حرية التعبير.
- المثقف الليبرالي والتعذيب
- مقاربة نفسية لفهم الطائفية و التطرف الديني
- لماذا تفضل نساء المسلمين عمرو خالد على ابن رشد و فولتير ?
- ما هي أسباب كراهية العرب للمرأة؟


المزيد.....




- الحكم على مغنٍ إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- الإعدام لـ11 شخصا في العراق أدينوا -بجرائم إرهابية-
- تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت ورئيس ...
-  البيت الأبيض: بايدن يدعم حرية التعبير في الجامعات الأميركية ...
- احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا ...
- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...
- إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس
- الحكم على مغني إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- -نقاش سري في تل أبيب-.. تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال ب ...
- العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريكية ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - إقبال الغربي - الثورة التونسية بين الجهويات و العروشية