أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد البدري - أضغاث احلام بالخلافة القديمة















المزيد.....

أضغاث احلام بالخلافة القديمة


محمد البدري

الحوار المتمدن-العدد: 3395 - 2011 / 6 / 13 - 17:59
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


منذ سقطت الخلافة الاسلامية بردائها العثماني وحتى اليوم، ظل فصيل من اليتامي يبكيها وينادي باستعادتها. أسباب متعدده حكمت هؤلاء القلة منها الفشل في عودة حقوق الفلسطينيين باعتبارها ارثا اسلاميا رغم انه عربي او فلسطيني بالاساس وكونه منقوصا لاستحقاقات اليهود في جزء من تلك الارض حسب ما تقوله كتب التاريخ والاديان ايضا. كان فشل التكتل العربي في احراز اي تقدم لصالح الفلسطينيين هو ما حدا بتنظيمات جهادية ان ترفع راية الخلافة علي امل تحقيق ما لم يحققه العرب تحت راية القومية العربية. لكنهم وبكل قصر نظر لم يدركوا ان الاسلام او اي فصيل للاسلام السياسي هو ايضا عربي. باختصار فاننا بتلك البديهية سنعيد انتاج الهزيمة التي لم تحدث فقط للفلسطينيين انما ستمتد الي كل دول تتحدث العربية وكل كيان اجتماعي اصبح للاسلام فيه شأن. ولعل الثورات الجارية حاليا في المنطقة خير دليل علي هذا الطرح، لانه وبسبب الاسلام تسربت العروبة فقامت الثورة علي هزائم الاخيرة وفسادها. فالثورات الحالية ضد فكرة العروبة الحاكمة بعد ان اتضح ان من يقومون بتولي الحكم علي اساس ان المنطقة عربية هم من سلالة افكار البعث او الناصرية القوميتين العروبيتين. انكشف مؤخرا ان هذه الانظمة العروبية كانت ضد شعوبها ولم تكن ضد اسرائيل، بل كانت متحالفة معها سرا مما حدي بالاخيرة الي مساعدة بعضهم في الكفاح ضد شعوبهم كما الحال في ليبيا وسوريا وبالدفاع عن مبارك. بل حافظوا وحموا الارض التي احتلتها اسرائيل منهم وعلي راسهم منظمتة حماس وحزب الله في لبنان تحت غطاء المقاومة باقامة مناطق عازلة. كان السادت هو الوحيد الجاد في استعادة ما فقدته اكبر دولة في المنطقة بعد تهور ورعونة واهمال وتسيب لسلفه زعيم القومية العربية من القاهرة. وكان قصر ادائه بقدر قصر حلفائه في الحرب. فالنظم الخليجية العربية كلها لا يهمها استعادة اي حقوق بقدر همها باحكام السيطرة علي اموال النفط كولاة لامر شعوبها صاحبة الثروة ومنتجتها في آن واحد. اما البعث السوري فقد كان حارسا للدولة اليهودية بالصمود والتصدي للشعبين السوري واللبناني. لكن ما يثير الاستغراب والدهشة في دعوة الخلافة انه كلما زاد الاقتراب من تحقق بعضا من المكاسب الديموقراطية في عالم العرب والمسلمين كلما ارتفعت اصوات المناداه بالخلافة. كما لو ان هناك تربصا او كمينا يتم نصبه كلما لاحت بوادر الحريات علي شعوب المنطقة.

ولا يمكن فهم هذا التزواج المتزامن بين مطلب الخلافة وما يتحقق علي الارض من تثوير واحتجاج او مكسب ديموقراطي ضد السلطات الا بفهم اعمق لما هي الخلافة الاسلامية عبر السلطوية والولاية وطاعة اولي الامر والاستبداد وهي امور كلها ليست ديموقراطية بل تتفق والنظم العربية التي أخفت علاقاتها الداعمة لاسرائيل ولم تحقق انجازا واحدا لشعوبها أو في فكرة تسيس الاسلام حتي ولو حكم به غير عرب كالفرس او الاتراك. ففكرة الخلافة نبعت اصلا من بلاد الحجاز قديما ومازالت تحكمها بنفس الاداء القومي العربي المهين الاسرة السعودية ولكن علي ارضية دينية اسلامية.

انتهي الوضع الاسلامي علي ارضية الخلافة بانهيار تام للمركز وللاطراف، ولم تكن الهزيمة بعيده عن طبيعة الحكم بالدين من القلب العثماني وغير منبتة الصلة عن الثقافة العربية السائده في الاطراف. فلفظ الخلافة في الاسلام ذكر مرتين فقط في القرآن ولم تكن تعني ما جري في واقع بلاد الاسلام حتي سقوطها في القرن الماضي. فالقرآن رهنها للانسان عامة او لشخصية من شخصيات اليهود بقول القرآن :
1- وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاِئكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا ... الي آخر الايه.

2- يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ.


فالإنسان حسب الموروث الاسلامي هو حالة يهودية وفقط حيث لم يكن التصور التوراتي او القرآني مهموما الا باليهود باعتبارهم الناس المفضلين علي العالمين وان الله لم يكن علي علم بباقي شعوب الارض المتعدده وان اليهود وفقط الموكل اليهم خلافة الارض رغم شموخ حضارات اقدم لا تخطئها العميان وقتها. اعتنت نصوص الاسلام باليهود، ففي نهاية سورة الانعام يقول مشيرا الي مرجعية ابراهيم المؤسس الاول للقبيلة العبرانية اليهودية: قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۚ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿١٦١﴾ ...
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الارْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۗ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿١٦٥﴾

ولنترك النصوص بما لها وما عليها من مصداقية وندلف الي واقع ما تم تاسيسه كنظام خلافة لا علاقة له باعمار الارض او العدل وهو ما جري في اللحظة التالية لوفاة مؤسس الاسلام وصاحب القرآن. فبمجرد وفاته سارع رجاله واصحابه للاجتماع من اجل تولي ارث الجماعة التي بزغت وروعت اهل الجزيرة من اليمن جنوبا وحتي تبوك شمالا. استحقاقات الغزو والاخضاع السياسي علي اسس دينية بعباده اله قريش الذي انتصر علي باقي الهه الكعبة كانت كلها مادية، ويستلزم الحفاظ عليها السيطرة علي من تم اخضاعهم بوجود قيادات تضمن إستمرار تحصيل العوائد. فلم يكن من الضروري التعرض لمن ارتد الا بقدر كونه مقاتلا سيضعف القدرات الحربية لجماعات الغزو الاسلامية وبالتالي اضعاف المداخيل من جزية او اتاوات عليهم. لهذا يصر المتشددون من المسلمين علي حق قتالهم وعلي كل من ارتد. اما المعتدلون منهم فيفسروه بان الزكاة او الجزية الممتنع دفعها هي من المعلوم من الدين بالضرورة ولهذا فانكارها هو انكار للدين واعتبار صاحبها مرتدا وجب قتله. هنا يلتقي الجميع علي هدف واحد هو قتل من تناله فكرة الارتداد او انكار احدي ركائز الاسلام. لكن ظلت قضية الارتداد معدومة بنصوص اخري وردت في القرآن بالقول من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، وهو ما تم اغفاله تماما لحظة الخلاف علي قتل المرتدين بعد تولي ابو بكر رئاسة الجماعة، ذلك لان المداخيل الراسمالية كانت اهم وكانت علي المحك وعرضة للخطر. فلم يكن حق الكفر (وهو حق طبيعي ومطلق تحت اي ظرف) خادما للحالة الاقتصادية التي وجدت الجماعة الاسلامية نفسها عليها لحظة اختيار قائدهم، ولهذا السبب بالذات استحدثوه كحديث بعد انتهاء الوحي والحديث بوفاه صاحب الوحي.

في سقيفة بني ساعده جرت امور لم يتطرق اليها احد من البحاث او المستشرقين او حتي كتاب السيرة من المسلمين انفسهم. كان من المتوقع للمهاجرين والانصار ان يحاولوا البحث في القرآن عما يجب فعله بعد وفاة مؤسس الاسلام. اليس غريبا أذن ان يتم تجاهل النص القرآني في هذه اللحظة الحاسمة لاختيار الحاكم بينما يتم استدعاؤه ككتاب أحكام وشريعة من نجاسة وطهارة وفروج وقضاء وقصاص بل وقصص واساطير في كل صغيرة وكبيرة تجري في حياتهم اليومية. فكيف تم تجاهله في هذه الحالة الحاسمة وهو يقول "وما فرطنا في الكتاب من شئ" وفي نفس الوقت نجد الجماعة الاسلامية بشقيها المكي والمديني (مهاجرين وانصار) يحتكمون الي قواعد القبيلة لاختيار زعيمها او شيخها في حالة خلو المنصب وعدم وجود وريث شرعي له، حيث قالوا منا امير ومنكم وزير في تقسيم للتركة. لم تتطرق كتب السيرة لعدم حرص الصحابة علي الاحتكام الي القرآن من اجل تولي السلطة في حالة فراغها، بل لم يستدعي احد من المجتمعين في السقيفة القرآن للبحث فيه للخروج من مازق فراغ السلطة حتي انفضت السقيفة وتولي ابو بكر الامر. لم يكن الامر سهلا للوصول الي تلك النتيجة حيث مارس البعض العنف ضد بعضهم مما حدي الي قتل سعد ابن عباده الانصاري فيما بعد لعدم رضاه عن نتيجة التحكيم.

الخلافة إذن وحتي هذه اللحظة الفارقة في تاريخ المسلمين تاسست علي نظام القبيلة وليس الاسلام حتي ولو قام بها مسلمون. فالاسلام وطبقا لما سبق هو القرآن وهو خال من اي نظام حكم او خلافة. فالارث الحضاري لمجتمع البداوة القبلية كان هو الحاضر الدائم. وللحقيقة فما اكثر ما استدعي هؤلاء القوم الارث القبلي لحل مشكلاتهم بغض النظر عما قاله النص في اي قضية كانت.

تتاكد الحالة القبلية لاختيار من يخلف مؤسس الاسلام في موقف علي ابن ابي طالب الذي اعتبر نفسه الاحق بها من ابو بكر لصلته بعلاقة الدم بالنبي. فعند الاحتكام لشريعة البداوة القبلية فان الاقرب لشيخ الجماعة المتوفي (الابن مثلا او الاخ الاكبر) هو الاولي بها. فطالما ان لا ابناء للمتوفي ولا عصب دموي له في الحاضرين الا لابن ابي طالب خاصة وانه من الشق الهاشمي الذي اسس الدين وليس من الشق الاموي التجاري المشكوك في ايمانه الا تحت تهديد السلاح لحظة فتح مكة حسب ما جاء علي لسان ابو سفيان وباقي اهل مكة الذين اعتقوا وذهبوا كطلقاء شرط عدم مقاومتهم للفاتحين لمكة، فان علي اعتبر نفسه الاحق بها.
لهذا السبب بالذات رفض الرجل مبايعة ابو بكر فهو ليس من بني هاشم وظل رافضا له حتي انقطع ما يصله نسبا برسول الاسلام بموت فاطمة زوجته، عندها اضطر للخضوع لشيخ القبيلة الجديد املا في المستقبل، فابو بكر رجل عجوز وقصيرة ايامه، لكن خاب ظنه عندما رست الامور علي ابن الخطاب من بعده ثم علي ابن عفان. خاب ظن ابن ابي طالب لفترة تقرب من الربع قرن انتظارا للحظة الحاسمة. وعندما اتت بموت كبار الصحابة والاكثر اهمية من العشرة المبشرين بالجنة كانت الامور كانت قد تغيرت وموازين العلاقات لم تعد كما هي عليه قبلها حيث اصبحت الثروة بعد الفقر المدقع والحياة الرغدة والشبع بعد الجوع هي المحددة للمصالح وليس للتقوي او صلة الرحم والدم او التفقه في الدين، ولا حتي البلاغة التي اشتهر بها علي لاقناع اعدائه واصحابه علي السواء كما في زمن الجاهلية. بل اصبحت الثروة والاموال ترد عليهم من الخارج ولم يعد الداخل يدر شيئا. كان هذا هو الحال لحظة اغتيال الخليفة الثالث للمسلمين. ولعل هذا هو السبب في خروج علي الي البصرة والكوفة لقتال جالبي الثروة واخضاعهم له في الامصار المدرة للثروات في محاولة للسيطرة عليها من المنابع بعد ان سقطت في يد معاوية وبشرعيه مطالبته بدم عثمان. فابن عم النبي سار علي سنة ابو بكر، الم يكن الاخير هذا مهموما بما يغله الداخل من جزية او من فيئ المغانم كاول مشكل واجهه بعد توليه الخلافة والمعروفة باسم حرب المرتدين وبذل فيها السيف، أما علي فقد كان عليه الخروج الي مناطق انتاج الثروة بعد ان اصبحت من خارج جزيرة العرب. فكلاهما خليفة واهدافهما واحده.

اما قضية الحوار عن ما يطرا من مشكلات فقد شكل المسلمون منذ وفاة نبيهم جماعة تعتقد نظريا بان القرآن ضامن لهم في الحياة وفي الاخرة علي السواء، لكنم لم يواجههوا انفسهم لماذا ساوم زعمائهم علي اهم الامور التي واجهتهم من خارج القرآن ومن احاديث رسولهم. فحادثتي تولي الزعامة ومسالة المرتدين رهنهما ابو بكر وعمر لرأيهما الخاص وليس لما يحكمان به الناس من كتاب الله. وفي الحالة الثانية كان رأي الخليفة الاول مختلفا تماما عن رأي ابن الخطاب الي حد انه عنفه بقوله : أجبار في الجاهلية خوار في الاسلام". كان التعنيف بسبب ان ابن الخطاب راي بالا يقاتل من وصفوا بالمرتدين او ممن قيل انهم ممتنعين عن دفع الجزية. لكن ابو بكر كان اكثر صرامة في حيازة حقوق رسول الاسلام لصالحه فقال بحق قتالهم لو امتنعوا عن دفع ما كانوا يدفعوه لمحمد. اما الموقف الثالث علي نفس المنوال فهي التي اختلف فيها ايضا الرجلان عندما ارتدت احدي زوجات النبي، قتيلة بنت قيس، اخت الاشعث وعادت معه الي اهلها فتزوجها عكرمة ابن ابي جهل وهو من المشركين. طلب ابو بكر قتلها رغم عدم ورود حكم بشانها في الكتاب المرجع لهم لكن عمر عارضه وكان راي عمر هو الراجح هذه المرة ربما للحرص علي بيت النبوة حتي لا يتعرض لتشققات، ومن الافضل التكتم عما ستفعله نسائه من بعده.

لم تذكر كتب السيرة الكثير عن زمن الخليفة الاول لكنها ذكرت تفاصيل يعطيها مشايخ الاسلام اهمية رغم عدم اهميتها ربما لانها الشئ الوحيد الممكن الاعتماد عليه لتبرير خلافة الرجل وتحسين صورتها. كذلك سلوك عمر طوال عهده لم تكن حسب الاخلاق او القيم المنصوص عليها قرآنيا مما يعطي انطباعا آخر بان الخلافة في نظام الحكم عامة لم تكن مهتمة بما في القرآن انما حسب اهواء من يحكم. فعمر يتجسس علي بعض من يتعاطون الشراب ويولوموه هم علي تجسسه عليهم عندما اراد اقامة الحد عليهم وافحموه بما قال القرآن. بل ويدلس علي واليه الذي اتهم بجريمة الزنا فاوحي للشاهد الرابع بانكار مشاهدته للمرود في المكحلة، حفاظا علي ما تغله سلطة واليه من الثروة وهو"المغيرة ابن شعبه" وارسالها له في يثرب. تبدو هنا مفارقة تدعوة للدهشة ان الرعية، حسب ما كتبه الرواه عن عصر الراشدين كانوا يعلمون من القرآن باكثر مما يعلم عمر وان ضوابط الحكم لم يكن يتملكها الحاكم بقدر ما يتملكها العامة من الناس. وهذا يطرح سؤالا كيف كان لرعية يرتكبون معاصي وربما لم يكونوا من صحابة نبي الاسلام او ربما لم يشاهدوه في حياتهم ان يجادلوا المبشرين بالجنة ممن رضي الله عنهم ويدحضوا حجته عليهم من نصوص القرآن الذي هو ادري به منهم؟ وكان الامر اكثر مدعاة للهزل في زمن عثمان حيث اصبحت معايير الثروة والوصول الي السلطة اهم من كل نص او ارث قبلي اجتماعي موروث. فعندما ثار الناس علي عثمان اندفعت عائشة لتكفر عثمان وتستحل دمه، اما الرجل فقد تم قتله وهو يقرأ في القرآن الخالي من اي نص يبرر به قوله " لا اخلع قميصا البسنيه لي الله". لربما كان يبحث عن نص يبرر به القميص او خيطا لاصلاح الثوب بعد ان بلي علي صاحبه. قتله الثائرون قبل ان يجد النص لكن سلوك الخلفاء طوال الخلافة وحتي سقوطها بعد الحرب العالمية الاولي كان علي نمط ابن عفان دون بحث عن نص حيث اصبح السيف اصدق انباءا من الكتب لكل من الحاكم والمحكومين علي السواء، بررها الحاكم بان الله يزغ بالسلطان ما لا يزغ بالقرآن. وهنا يبرز السؤال الذي علي المسلمين مواجهته ما الداعي للقرآن إذا كان السيف هو الذي يحكم الموقف منذ لحظة تولي ابو بكر الخلافة حتي مذابح القذافي والاسد في ليبيا وسوريا. قال ابو بكر "أطيعوني ما أطعت الله فيكم، فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم"، وقال عمر عندما خلف أبا بكر: "إن رأيتموني على الحق فأعينوني وإن رأيتم في اعوجاجًا فقوّموني"، عندها قال له أحد العامّة من المسلمين "لو رأينا فيك اعوجاجًا لقوّمناه بسيوفنا" فرد عليه: "الحمد لله الذي جعل في أمّة محمد من يقوّم عمرًا بسيفه". فهل هناك اعتراف ضمني بان السيف هو الفيصل في حسم الخلافات عند العرب وانتقلت لكل من اوقعه الحظ العاثر في الاسلام باعتبار الاسلام امرا عربيا بجدارة.

كانوا جميعا حكاما ومحكومين يقرأون القرآن ويحتكمون الي ما ليس قرآنا. وكانت ذروة هذا النمط من التسلط بكرسي الحكم في الاسلام في زمن بنو امية عندما وصل خبر ولاية عبد الملك بن مروان خامس الخلفاء الامويين وهو جالس يقرأ في كتاب الله، فاغلقه ووضعه جانبا وقال "هذا آخر عهدنا بك". فهو علي علم بانه ككتاب لا يفصل في اي شئ سوي ادعاء التقوي علي المحكومين وطلب الخضوع. انها بالفعل اللحظة الكاشفة لماذا كان الجميع حكاما ومحكومبن منذ لحظة خلق فكرة الخلافة، بل وقبلها في زمن اسلام يثرب، يحتكمون الي السيف والعنف لاذلال الناس واهانتهم ويبرروا الامر بانه كتاب الله لانه لا يغادر صغيرة او كبيرة الا واحصاها وانه الكتاب الذي لن يضلوا بعده ابدا ... الخ ما يصدع به اصحاب فكرة الخلافة عقول العامة به. فيتركوهم يقرؤا القرآن ويحفظوه اكثر من مرة ويقفون هم لهم بالسيف ضمانا للعوائد والرساميل اما في بيت المال الذي نهبه ابن عباس والقي مفاتيحه حسب ما جاء في السيرة واما في بنوك سويسرا ويلاحقها العامة من حفظة القرآن بالقوانين المدنية وحقوق الانسان لاستعادتها.
فهل سقطت الخلافة الاسلامية فعلا في العقد التالث من القرن الماضي، ام اننا لازلنا نجني كوارثها ونعيش تجلياتها من نهب وسلب تحت رايات ملكية وجمهورية او تحت حكم جماعات منشقة كحماس وحزب الله؟



#محمد_البدري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دستور آل سعود المطبق عمليا على بلاد نجد والحجاز
- رسالة الي المصريين
- الوصايا العشر للسلطة الفاسدة
- حديث الذكريات المبكر
- إحذروا هؤلاء
- الوكر
- وسقطت الابوه السياسية
- عندما يصاب المفتي بالهلع
- جلد الحية... وقبل ان يرحل الدكتاتور
- تونس وخرائط النوايا والاولويات
- الفتنة الطائفية صناعة محلية
- علي ماذا اقسم البشير؟
- العمرانية ونهاية عصر الشهداء
- كيف نفهم الجرائم الاصولية الاخيرة
- اغلاق مؤقت باذن الله وباذن السلطة
- تحالف الاصولية الاسلامية مع الصهيونية اليهودية
- السلف وسذاجة الفكر
- قمة فضح العرب
- ما قد حدث للمصريين
- أزمة النص عند العرب والاسلاميين التاريخية


المزيد.....




- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- لوموند: المسلمون الفرنسيون وإكراهات الرحيل عن الوطن
- تُلّقب بـ-السلالم إلى الجنة-.. إزالة معلم جذب شهير في هاواي ...
- المقاومة الإسلامية تستهدف تحركات الاحتلال في موقعي المالكية ...
- مكتب التحقيقات الفيدرالي: جرائم الكراهية ضد اليهود تضاعفت ثل ...
- قناة أمريكية: إسرائيل لن توجه ضربتها الانتقامية لإيران قبل ع ...
- وفاة السوري مُطعم زوار المسجد النبوي بالمجان لـ40 عاما
- نزلها على جهازك.. استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة الجديد 20 ...
- سلي أولادك وعلمهم دينهم.. تردد قناة طيور الجنة على نايل سات ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد البدري - أضغاث احلام بالخلافة القديمة