أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلاقات الجنسية والاسرية - أحمد حمدي سبح - المجتمع والزواج















المزيد.....


المجتمع والزواج


أحمد حمدي سبح
كاتب ومستشار في العلاقات الدولية واستراتيجيات التنمية المجتمعية .

(Ahmad Hamdy Sabbah)


الحوار المتمدن-العدد: 3395 - 2011 / 6 / 13 - 13:45
المحور: العلاقات الجنسية والاسرية
    


للعجب العجاب على الرغم ما يحيط بفكرة الزواج عندنا في المجتمعات المصرية والشرقية من قدسية ، الا أنه ووفقآ للدرسات البحثية الديموغرافية والاجتماعية المحلية والدولية فان مصر تاتي على رأس قائمة أكثر الدول ارتفاعآ في معدلات الطلاق يليها كل من الأردن والسعودية ، حيث تؤكد الدراسات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء أنه وفي مقابل حالة زواج كل ثلاث دقائق فانه تقع حالة طلاق كل خمس دقائق في مصر ، نعم وهو رقم مفزع ، ولا يمكن ايلاؤه فقط الى الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها اغلبية الشعب المصري ، فلو الأمر كذلك لكان من المفروض ان تسبقنا الدول الأفريقية ، ولكن الأمر يتجاوز ذلك الى غياب مفهوم التواصل الفكري والشخصي بين الرجل والمرأة قبل الزواج لتبادل الأفكار والرؤى ووجهات النظر حول الذات وحول الآخرين والمجتمع والتصورات المُنسجة عن الحياة الزوجية ومتطلباتها وأساسياتها والتفاهم حول مفهوم غاية في الأهمية ولا أبالغ حين أقول غاية في القدسية ألا وهو مفهوم فن ادارة الخلاف والتواصل والتفاهم في ظل وجود خلافات بين الطرفين دون أن يتسبب ذلك في اشاعة جو من الريبة والشك والاهانة في المنزل بين الطرفين .

ففي مجتمعاتنا الشرقية الاسلامية أضحت هناك خلفية ثقافية مؤطرة لنسق فكري معين وحاكمة لمشهد الخلافات الزوجية المحتدمة والمستمرة بين الطرفين ، ألا وهي فكرة مسيطرة على السواد الأعظم من الرجال دونما تمييز للمستوى الفكري والاجتماعي متمثلة في أن الرجل لابد أن تكون كلمته هي المسيطرة ولاجدال ولانقاش الا في حدود ما يسمح ويتفضل به ، وأن المرأة لابد أن تكون أداة طيعة في يده لا رأي ولاصوت لها (نموذج سي السيد) ، ومن ناحية أخرى أضحت تسيطر على السواد الأعظم من النساء فكرة مفادها أنه لا للعبودية ولا للقهر ولا للاذلال وعدم السماح للرجل بأن يهينها ويتعامل معها ككم مهمل وأنها بلا معنى وأن دورها محدد فيما يحدده هو لها في اطار تنظيف وترتيب المنزل وتربية الأطفال .

وبالطبع فانه في ظل استحكام نموذج السيطرة الندية وشيوع مفهوم المباراة الصفرية (مكسب طرف خسارة للطرف الآخر) وانتشار ثقافة المواجهة والاعتراض المستمر المبرر والغير مبرر فاننا بالتالي نتحدث عن قنابل لا موقوته بل بالفعل متفجرة في كل منزل والضحايا هم جميع قاطني المنزل خاصة من الأطفال ؛ فانفتاح عقليات وتعمق خبرات النساء وهو أمر جد محمود ( لا يرفضه الا الماضويون ومجمدوا الفكر والمتطرفون ورجعيوا الحياة ) واقتحامها المستمر والمتطور لمحاور العلم والحياة والعمل وهي الأمور التي كانت ممنوعة عليها فيما ولى من الأيام والتي كانت تشهد أيضآ أمية متفشية جدآ بين الرجال أنفسهم .

ناهينا عن تطور الحياة نفسها والتطور الرهيب في وسائل الاتصال والمواصلات ، والتقدم الشديد (والمستمر) في وسائل التواصل وتبادل الخبرات والثقافات حتى في المنزل من خلال القنوات الفضائية والانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي التي لا تعترف بأية حدود ثقافية أو جغرافية تتيح للجميع الاضطلاع والتعرف على خبرات وثقافات ومفاهيم الآخرين التي شكلوها عن الحياة والحقوق والواجبات ، فاذا كانت الفضائيات والانترنت استطاعت أن تكون سببىآ رئيسآ لاندلاع ثورات التحرر من نير الاستعمار الديكتاتوري والفساد المستشري في كل مناحي الحياة في عديد من الدول وعلى رأسها الدول العربية ، اذا كانت كذلك فكيف لاتكون هذه الوسائل الحديثة مدعاة وسببآ في تغيير عقلية المجتمع وأفكاره .

والتي في أغلبها ما هي الا محض أفكار أورثته الظلم والقهر والديكتاتورية ورفض الرأي الآخر ، بل الأهم القبول بكل ذلك بل والدفاع عنه والترويج له حتى في نطاق الأسرة الصغيرة حيث نجد أعلى مستويات التجبر من الآباء ضد أبنائهم ورفض الاستماع اليهم والحوار معهم واتباع نظام العقاب البدني المهين ، ورفض كثير من الأزواج الاستماع الى زوجاتهم ورفض التعامل معهن بشكل يسوده التفاهم والاحترام المتبادل بعيدآ عن سياسة بل ثقافة الاملاءات والأوامر ، مما يقدم الى المجتمع في النهاية النموذج البشري المطلوب من قبل الفاسدين والمستبدين الذين يريدون أجيالآ من الخانعين والمستسلمين والخائفين من التعبير عن آرائهم والمطالبة بحقوقهم بكل حرية وأريحية ،وذلك كترجمة حقيقية ونتيجة نهائية لشيوع ثقافة القهر منذ الصغر ورفض الرأي الآخر واستنكار الحوار لو كان معارضآ لا مؤيدآ وممجدآ .

وبالطبع فان غالبية رجال الدين المنتفعين من السلطة أو الخائفين منها أو ضعاف الفكر والثقافة ومنعدمي الرؤية الحقيقية والمتطرفين المتنطعين ، أدلوا بدلوهم وساهموا في نشر هذه الثقافة وفي ترسيخ هذا الفكر منذ مئات السنين وحتى اليوم حين سعوا الى اختراع الأحاديث النبوية والقصص التراثية و لوي التفسيرات الدينية لكتاب الله سبحانه وتعالى ليتلائم مع قيام الحكام (المفترض أنهم مسلمون) باحتكار السلطة و قمع المعارضين وقهر الراغبين في تطبيق المراد الالهي في الحياة والسلطة ألا وهو العدل ، واخترعوا من بنات أفكارهم ما سموه المستبد العادل وأن ستين عامآ مع حاكم ظالم أفضل من يوم بلا حاكم وغيرها وغيرها من الأقاويل التي تبرر للحكام ظلمهم وبطشهم بالرعية .

(فَاتَّقُوا اللهَ وأَطِيعُون * ولا تُطِيعُوا أمرَ المُسرِفِين * الذين يُفسِدونَ في الأرضِ ولا يُصلِحُون) {الشُّعراء/ 150-152}. .
لماذا لم يذكر ويتشدق رجال الدين بهذه الآية وهم طوال الوقت يكررون على مسامعنا ويزرعون في عقولنا آية (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) { النساء . 59} ، ماذا كانوا يفعلون ويقولون من على منابرهم ومجالسهم وقنواتهم الفضائية حيث كانوا يمنعون الناس من الثورة والخروج على الحاكم ويصفون الثوار بأنهم فجار وأهل ضلالة واليوم يقولون عنهم شهداء ومنهم من يسعى الى تكوين أحزاب سياسية والتنعم بما كان له مكفرآ ولاعنآ .

وبما أن كلكم راع وكل راع مسؤول عن رعيته ، وبالتالي فان الناس وخاصة الرجال يفهمون ذلك ووفقآ للواقع الذي يعيشونه من قهر وظلم من قبل الحاكم ، يفهمون ذلك (كفهم خاطئ على نحو مدمر) مدعاةً وتشريعآ للسماح بالقهر فيمارسون ذلك بالتبعية على نسائهم وأطفالهم ويعتبرون مع ذلك أنفسهم صالحين وعظماء طالما ظل الحكام الظالمون المستبدون في القصور ينعمون وفي الحكم يخلدون ، ورجال الدين على المنابر يرفعون الدعاء بدوام الحاكم وطول عمره وتمجيده آناء الليل وأطراف النهار ، أو حتى لتعوي ما يعانوه من عقد النقص والخوف من السلطة ورموزها بدءً من العسكري في الشارع انتهاءً بالديكتاتور الطاغية أبدي الحكم .

وبالتالي فاننا لو قمنا بجمع هذه العوامل وهذه الأفاعيل والسياسات الكلية المجتمعية مع بعضها البعض ، سنجد السبب الرئيس وراء اندلاع الثورات في البيوت وانهيارها ، ولان كثيرآ من الشباب والفتيات ثاروا على هذه الأنماط الفكرية والتربوية مدعمين بتواصلهم الاجتماعي البيني العابر للحدود الجغرافية والثقافية البائدة استطاعوا أن يقيموا ثوراتنا المجيدة ، ولأن كثيرآ من النساء استطعن انتزاع حقوقهن والتعرف على الحياة الحقيقية الكريمة والثقافة الرفيعة المكرسة للعمل والعلم والحرية وهي ثقافة تتلاقى مع الثقافة الاسلامية الحقيقية المغيبة تحت وطاة التطرف والتشدد المجتمعي والديني ، فانهن اما عدن يقبلن بظلم الرجال وقهرهن ورفضهن لتأسيس حياة زوجية أساسها الضعف والمهانة والاستكانة بل سعي الى حياة ملؤها الحب والاحترام والصداقة الفعلية والفاعلة .

فقد أضحينا اليوم منحصرين في نماذج متعددة من الفشل الاجتماعي الزوجي :

فالنموذج الأول : نموذج عدم القدرة على التواصل والتفاهم والعيش المشترك والمعارك المتواصلة وعدم سعي أحد الطرفين أو كلاهما لايجاد حل لمشاكلهما المتفاقمة ، بالتالي انتهاء الأمر بالطلاق والانفصال .

النموذج الثاني : نموذج استكانة أحد الطرفين واستسلامه لسيطرة واملاءات الطرف الآخر ، وهو نموذج خطير للغاية ويرسخ لدى الأبناء اطارآ مفاهيميآ مدمرآ عن الحياة الزوجية بل قد يصل الى اطار انتقامي ، بمعنى أن يسعى الابن حين يكبر ويتزوج للانتقام لوالده الضعيف والمستكين في صورة محاولة اذلال واهانة زوجته الشابة ، أو أن تسعى الابنة حين تكبر وتتزوج الى الانتقام لأمها الضعيفة والمقهورة في صورة معاندة واهانة واحراج زوجها ؛ وبالطبع فاننا في هذه الحالات نتحدث عن مشاريع كراهية لا مشاريع حب ، مشاريع عداء مستحكم لا تفاهم محترم ، مشاريع حرب لا مشاريع زواج .

النموذج الثالث : نموذج الانفصال العاطفي والشعوري بين الزوج والزوجة وتحين الفرص للابتعاد المكاني الجغرافي كغرفة أو حتى بيت منفصل أو استغلال لفرصة سفر ، مع الحفاظ على الاطار الاسمي لمفهوم الزواج ، فنجد كلآ منهما منزويآ مع نفسه رافضآ للتحاور مع الآخر ، ولاعنآ في نفسه للآخر ومحملا اياه السبب في أية أمور سلبية ومشاكل يعانون منها ، ولكن كلا الطرفين لا يحققون الانفصال الرسمي ألا وهو الطلاق اما لأسباب مادية أو لأسباب اجتماعية تتعلق بالعائلة الكبيرة ورفضها للطلاق أو لتقدم العمر أو مخافة عدم وجود شريك حياة آخر وغير ذلك من الأسباب واما لأسباب تتعلق بالرغبة في تربية الأبناء تحت سقف واحد ؛ ولكن هذا النموذج يتجاوز في بؤسه مرحلة العلاقة بين الزوجين وانعكاساتها على الطرفين الى مرحلة التأثير النفسي السلبي الرهيب في الأبناء ، فساعتها فاننا نتحدث عن أبناء يعانون من برود المشاعر والأحاسيس والخوف من الاختلاف في الرأي مع الآخرين مخافة الشعور بالرفض ، والعصبية الزائدة ، والانزواء والانطواء وتقديس الوحدة والابتعاد عن الناس ، والشعور بالدونية تجاه الأصدقاء والأقران في كثير من الحالات ، فأبناء يعانون من هذا النموذج هم أبناء لا يمكن ان يتوقعوا في غالبية الحالات من آبائهم وأمهاتهم ان يخرجوا معهم في نزهات ورحلات ويوفروا لهم حياة كريمة ومريحة ويهتموا بنوفير سبل الرفاهية والراحة لهم أو أن يكون ذلك في اطار صراع أبدي بين آبائهم وأمهاتهم بغية جذبهم الى احد الطرفين (المتصارعين في صمت) وصولآ في النهاية الى الشعور اليقيني بضرورة الزهد في الحياة الزوجية .

ويرجع بعض علماء النفس والاجتماع وأميل معهم الى هذا الطرح التفسيري أن السبب في غياب نموذج أصيل للتفاهم المتبادل بين الزوج وزوجته ، يرجع الى قيود مجتمعية مفرطة تم فرضها على العلاقة بين الجنسين في المجتمعات الشرقية والاسلامية منها خصوصآ ، حيث النظرة الاتهامية المسبقة لكل شاب وفتاة يتبادلان أطراف الحديث أو على علاقة صداقة بريئة وطاهرة ، فنجد مجموعة تمثل غالبية العقل الجمعي في المجتمع تصادر هذه الصداقة وتحشرها تحت مسميات الرذيلة والضياع وأنه لا يوجد ما يعرف باسم الصداقة بين الرجل والمرأة بل هو الضياع وسوء الأخلاق والرذيلة وسوء الأخلاق ، ويفوت أصحاب هذا الطرح انهم بذلك يصدرون عن أنفسهم وعن المسلمين جميعآ يصدرون الى العالم أجمع انهم والمسلمون لا يفكرون الا في الجنس والغواية وأن الحياة تتمحور عندهم حول هذين المفهومين ، وهم بذلك أستءوا الى الاسلام والمسلمين .

وهو حتى ما نلمسه من الحساسية المفرطة التي أضحت تتسم بها علاقات الأجانب والمسلمين فنجد المرأة الاجنبية حذرة جدآ في تعاملها مع الرجل المسلم ، حيث تم لأشد الأسف تصدير نسق فكري قيمي عن المسلمين بأنهم لا يحترمون النساء وأنهم لا ينظرون اليهم الا على أنهن مصدر غواية وضياع ، وبالطبع فان المسؤولين عن هذه الصورة السلبية التي نعاني منها نحن المسلمون هم الذين ألقوا القبض بالأمس القريب على مجموعة من ست فتيات بتهمة قيادة السيارة لا تحت تأثير مسكر بل تحت تأثير كونهن مجرد نساء ، وان كن المسكر الوحيد الذي تناولنه هو اعتقادهن أنهن مثل بقية أقرانهن من الرجال بشر مثلهم ولهم نفس الحقوق حتى البسيطة منها كقيادة السيارة ، ولألعن الأسف نجد في مصر وعديد من بقية الأقطار الاسلامية من يوافقون على ذلك ويتمنون تحقيقه في مجتمعاتهم .

قد يجد البعض أننا خرجنا قليلآ أو كثيرآ عن محور حديثنا حول الزواج ، ولكن لو تم النظر الى الزواج على أنه مسألة شمولية تنصهر فيها بوتقة الأفكار والأخلاق والممارسات السابقة عليه ، لأمكننا فهم أسباب حقيقية كبيرة حول انهيار هذه المؤسسة بشكل كبير في مجتمعاتنا ، فالانهيار هنا لا يكون بالطلاق فهذا انهيار اسمي متوج لمرحلة سابقة من الانهيار الفعلي فيما يمكن تسميتها بالانفصال الفكري والعاطفي والتي تشوبها في بعض الأحايين مراحل من العنف اللفظي والبدني (يرتبط بالمستوى الفكري والثقافي) بين الطرفين ، ان المسألة تتمحور حول سؤال واحد هل المطلوب هو الزواج لذاته ؟ أم المطلوب هو الاتصال الناجح المعروف باسم الزواج الحقيقي والدائم؟

ان الراغب في الخطيئة لن يعوزه أبدآ الطريق اليها فحتمآ سيجده ، ففكرة بناء مجتمع مثالي خالي من الأخطاء ، هي فكرة تظل مثالية ، ولتحقيقها يشرع جمهور من الناس الى اتباع طرق ومسالك معينة ظنآ منهم أنها الطريق الى الفلاح والى الجنة ، ولكنها تظل في حقيقة النهاية ما الا محض سفوح الى الهاوية ، فوفقآ للدراسات البحثية الاجتماعية عن المجتمع السعودي وهو واحد من أشد المجتمعات انغلاقآ فكريآ تحت راية تطبيق الشريعة الاسلامية (وفقآ لمفهومهم الذاتي على الرغم من الملك العضوض والديكتاتورية الحاكمة والرافضة حتى لنشوء أية أحزاب سياسية والنافية للمخالفين في الرأي) ، نجد ان الدراسات البحثية تشير الى ارتفاع معدلات الشذوذو الجنسي بين الرجال والنساء في هذا المجتمع ، وبعيدى حتى عن تلك الدراسات التي سيخرج علينا من يشكك فيها من المؤيدين للانغلاق المجتمعي يكفينا حتى الجلوس في المقاهي والنوادي وسماع الروايات المتناقلة حول هذا الموضوع من كثير من العائدين والعاملين هناك ، ويمكن كذلك الاستماع بل ومشاهدة حديث مجموعة من الباحثين والباحثات السعوديين حول هذا الموضوع على اليوتيوب ومواقع التواصل الاجتماعي الأخرى.

ان انفتاح المجتمعات ومعالجتها لمشكلاتها بعيدآ عن الخطاب التكفيري واحتكار رجال الدين للوصاية على المجتمعات ومستندين الى تفسيرات ماضوية تتفق مع أهوائهم ، ووضع الأطر الملائمة لتطور المجتمع وترك مسؤولية بناء هذه الاطر لشباب كل جيل مع ما يتفق مع توجهاتهم وزمانهم وذلك بعد التحديد الأساسي لأسس تلك الاطر والتي تتمحور حول الاحترام ومخافة الله والحرص على النفس وتهذيب أهوائها تطبيقآ لمبدأ الهي ألا وهو أن المؤمن القوي خير عند الله من المؤمن الضعيف ، كل ذلك كفيل نحو بناء علاقة متميزة ونقية بين طرفي المجتمع من الرجال والنساء ، ونحو بناء أسر يكتب لها الدوام باذن الله تعالى ، لا أسر تنشأ لاشباع الرغبات ثم يكتشف كلا الطرفين أنهما لا يناسبان بعضهما البعض فيدفع ساعتها الأبناء الثمن ، فنستبدل الأبناء الغير شرعيين بمجتمع يفقد فيه الآباء الأبناء ، ومن المؤكد ان ليس هذا هو هدف أي دين ولكنها ممارسات من يدعون أنهم أوصياء الدين .

عندما كانت مجتمعاتنا تتمتع بدرجة أعلى من الانفتاح والتسامح في العلاقات البينية بين الرجال والنساء في اطار من التفاهم والاحترام المتبادل ، ان اشكاليات العلاقة بين الجنسين وضرورية الفصل التام والنظرة الدونية تجاه المرأة والتي صبغ بها الفكر البدوي الوهابي عقول الرجال في نظرتهم للنساء مثلما هو الحال الآن في كثير جدآ من الحالات التي نلمسها حتى في التعامل مع النساء في الشوارع أدت الى ارتفاع معدلات التحرش الجنسي والاختطاف والاغتصاب في مجتمع انتشر في الحجاب والنقاب بشكل لم يكن موجودآ ولا حتى معروفآ في زمن آبائنا وأمهاتنا ، بل وتحميل المرأة المتحرش بها او المغتصبة المسؤولية فاما لأنها غير محجبة مما يعطي الذريعة والعذر لمغتصبها (وفقآ لوجهة نظر الكثيرين اليوم من حاملي العقول الظلامية) ، أو اما لنها خرجت من بيتها ونزلت الى الشارع وكأنها ليست كبقية البشر من الأسياد الرجال .

ومع ذلك عندما كنا ننعم بمجتمعات أكثر انفتاحآ وأريحية من الناحية الاجتماعية (لا السياسية) ظهرت الزيجات الناجحة في غالبية الحالات ولم تكن حالات الطلاق بهذا الرقم المفزع الذي هي عليه الآن ، وكانت حالات الاختطاف والاغتصاب ان وقعت تحتل مانشيتات رئيسة في الصفحات الأولى من الجرائد لا كخبر عادي ضمن الأخبار في ذيل صفحات الحوادث كما هو الحال الآن .

وعندما نقول انفتاح وتسامح واختلاط وصداقة وما الى ذلك من المسميات ، نجد فريقآ من الناس ينظر اليك والشرر يتساقط من عينيه ، ويرتعد جسده وتهتز مفاصله ، وينطق لسانه صراخآ وعويلآ ، ايذانى بسماع وصلة تكفيرية رعدية والقائك في معسكر أعداء الله ، ذلك لأن عقله
أعطاه الاشارة بأنك داع الى الزندقة والفجور والمجون ، وهو ما يكشف لنا الطبيعة الميكانيكية التطرفية لعقلية هؤلاء فعندهم اما العزل والتغييب والحجب التام للنساء واما الرذائل والفسوق والمجون وهذا بالضبط هو مربط الفرس ، فهم بذلك يكشفون الميكانيكية المتطرفة التي تنتهجها عقولهم وتطلق بها احكامهم مستندين الى ما يوازيهم من تفسيرات ماضوية تتناسب مع أفكارهم ، فاما السواد واما السواد أيضآ ، لا توجد منطقة وسطى ثم يتشدقون بقولهم انا أمة وسطا ، ولكن الوسطية عندهم هي الوقوف في منتصف جحيم فتاويهم المتطرفة والكارهة والمدمرة للحياة .

يجب أن نعي حقيقة هامة مفادها أن كل من يدعم التطرف تجاه النساء ، واجبارهن على التمثل بمفاهيمه الضيقة ، ورفض عملهن وخروجهن من المنازل والاختلاط بالناس ، من واقع أن النساء ما هن الا شر محض وغواية تامة والرجال ما هم الا ذئاب متوحشة تسير في الطرقات تبحث عن الفرائس لتلتهمها ، وان النساء كما قال أحد المشايخ السلفيين الوهابيين أنهن جاهلات ولا يؤخذ العلم منهن ، ومن وجهة نظري البسيطة أن من لا يؤخذ منه العلم على اطلاقه لأنه لم يٌحصله بل لأنه ينتمي الى جنس غير ذكوري ، ففيه من الفاشية ما يتقاطع مع مشايخها وأئمتها موسوليني وهتلر ؛ يجب أن نعي أن أمثال هؤلاء ما هم الا محض متطرفون أو محض معقدون وكارهون بل وخائفون من النساء ضعاف أمامهن لا يطيقون معهن صبرا ، فيختبؤون وراء ستار الدين الذي ما هو الا دينهم الذي أوجدوه بتفسيراتهم وتفسيرات الأولين منهم أو هكذا فهموها ، ويريدون اشاعة فهمهم ورؤياهم تلك على المجتمع ككل حتى لا يكونوا وحيدون في عالمهم الظلامي الذي أساسه التطرف والخوف .

لايمكن ان يتحقق الزواج الناجح الا بالاتصال الناجح ، وهو اتصال فكري وروحي بين طرفين لا بغية تحقيق الزواج فقط بل بنية بناء قلاع من الثقة وضخ أنهار من التفاهم وزرع أشجار من الصداقة الحقيقية وتنفس هواء من الاحترام المتبادل ، فلو أمكن تحقيق هذه الصورة فانها يمكن أن يتم النظر اليها على انها لوحة جمالية رائعة لأسرة تسكن فيها ، ولانجاز مثل هذه اللوحة والتنعم بها فلابد من أن تكون علاقات الصداقة وتبادل الرؤى في أجواء طبيعية من الحرية والاحترام المتبادل ، ولابد من تغيير جملة من القيم والأفكار المتطرفة التي أضحت حاكمة لعقليات غالبية شعوبنا وأبناء مجتمعاتنا بفعل التطرف والفكر البدوي الذي تم تصديره الينا من عقول كارهة للحياة وللنساء وكل ما يتعلق بهن .



#أحمد_حمدي_سبح (هاشتاغ)       Ahmad_Hamdy_Sabbah#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انهم يهينون الثورة المصرية
- مصر وايران يد واحدة
- الديموقراطية عند السلفيين
- أيتها المطلقات لا تزرعن الشوك
- مع السلفيين ... ذلك ضياع جدآ
- الحدود في الشريعة الاسلامية
- لماذا المطوعون ؟!
- خريطة طريق نحو تحقيق سلام عادل وحقيقي بعيدآ عن الأماني والاد ...
- فصل المقال فيما بين النظامين السوري واليمني من اتصال
- ساركوزي ، كاميرون .. أنتم رائعون ، أردوغان .. !!! ، أوباما . ...
- محبط من المجلس العسكري
- السلفيون واسرائيل
- العدل في الميراث و الشهادة
- تداعيات مقتل بن لادن
- لا يمكن احداث مصالحة مع التيارات الاسلامية
- الى أشقائنا ثوار اليمن
- كفاكم ... دعونا لشأننا
- يا داعيآ الى النور
- ضروريات التدخل العسكري في ليبيا
- آليات التعامل الراهن في الثورة المصرية


المزيد.....




- ” قدمي حالًا “.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة في الب ...
- دراسة: الوحدة قد تسبب زيادة الوزن عند النساء!
- تدريب 2 “سياسات الحماية من أجل بيئة عمل آمنة للنساء في المجت ...
- الطفلة جانيت.. اغتصاب وقتل رضيعة سودانية يهز الشارع المصري
- -اغتصاب الرجال والنساء-.. ناشطون يكشفون ما يحدث بسجون إيران ...
- ?حركة طالبان تمنع التعليم للفتيات فوق الصف السادس
- -حرب شاملة- على النساء.. ماذا يحدث في إيران؟
- الشرطة الإيرانية متورطة في تعذيب واغتصاب محتجزات/ين من الأقل ...
- “بدون تشويش أو انقطاع” تردد قنوات الاطفال الجديدة 2024 القمر ...
- ناشطة إيرانية تدعو النساء إلى استخدام -سلاح الإنستغرام-


المزيد.....

- الجندر والجنسانية - جوديث بتلر / حسين القطان
- بول ريكور: الجنس والمقدّس / فتحي المسكيني
- المسألة الجنسية بالوطن العربي: محاولة للفهم / رشيد جرموني
- الحب والزواج.. / ايما جولدمان
- جدلية الجنس - (الفصل الأوّل) / شولاميث فايرستون
- حول الاجهاض / منصور حكمت
- حول المعتقدات والسلوكيات الجنسية / صفاء طميش
- ملوك الدعارة / إدريس ولد القابلة
- الجنس الحضاري / المنصور جعفر


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلاقات الجنسية والاسرية - أحمد حمدي سبح - المجتمع والزواج