أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مازن كم الماز - إعادة اكتشاف الناس العاديين















المزيد.....

إعادة اكتشاف الناس العاديين


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 3395 - 2011 / 6 / 13 - 09:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كشفت الثورة السورية عن حالة استهتار عميقة بالناس العاديين , النظام لم ير في السوريين العاديين إلا أشياء يمكنه أن يجوعهم طويلا دون أن يكترث حتى لحاجتهم الأساسية الإنسانية البسيطة , و من ثم أشياء يمكنه ان يقصفها بالدبابات و الهليكوبترات , دون أن يتوقع أي عقاب أو توبيخ حتى , بشار الأسد منزعج لأن وحشية ماهر دفعت أردوغان للتذمر , و إن دون جدوى , يستغرب الجلاد أن يكون للسوريين العاديين أي وزن بالنسبة لأي كان في هذا العالم , الحقيقة أن هذا التجاهل اساسا كان هو ما دفع السوريين العاديين للانتفاض بحثا عن إنسانيتهم المهدورة , عن أحلامهم المسروقة و عن حياتهم التي لم تكن تعني أحدا , لنكن واقعيين يجب أن نقول أن معاناة هؤلاء السوريين لم تستفز أيا كان , الإيديولوجيا أو اللعبة السياسية أو الفكرية أو التجاذبات "الأكثر أهمية" كانت لعبة النخب المفضلة , قبل 18 آذار 2011 لا اليسار و لا اليمين , لا حقوق الإنسان و لا الممانعين كانوا يشغلون أنفسهم بهؤلاء البشر العاديين , كانت كل الأشياء و الأفكار و الأطروحات حالة نخبوية , امتيازات نخبوية , وضعتها النخبة لاستهلاكها هي أساسا و ليس لاستهلاك البشر العاديين .... فهم المثقفون , بما في ذلك المعارضون , الصراع في سوريا على أنه صراع بين النظام و الخارج أو بين النظام و النخبة , الناس لم يكن لهم وزن أساسا و لا دور و لا حتى كيان خاص يستحق أن يفرض نفسه بين النظام و خصومه من النخبة .. لذلك عندما تحرك السوريون العاديون كانت صدمة حقيقية للنظام كما للنخبة , تمكنت النخبة من التصالح مع هذا الحراك ( على عكس النظام الذي ليس أمامه إلا أن يقمع هذا الحراك بوحشية ) لكن على طريقتها فهي تعتقد أن هذا الحراك في الشارع يعني في النهاية أنها ستصبح في موقع النظام الحالي بشكل مبرر هذه المرة لا أنها ستتساوى مع السوريين العاديين , أن هذا الحراك يعني منح الشرعية لمشروعها هي , طالما ليس للناس العاديين ( و لن يكون ) مشروعهم الحقيقي الخاص ... صورة أخرى من احتقار الجماهير السورية , جمهور السوريين العاديين , يعبر عنه في وصفهم و إظهارهم على أنهم مجرد كتلة طائفية صماء من لون واحد و أن هذه الصفة هي هويتهم الشاملة الجامعة الأساسية , يعتقد رجال الدين و الشيوخ من كل المذاهب و الطوائف أن الناس العاديين عبارة عن أرقام في حسابهم , أشياء تتقن التصفيق و الترديد و عليها أن تفعل ذلك اليوم بإيمان أكبر و استسلام أكبر و انصياع أكبر ما أن تتوقف عن فعل ذلك للنظام الذي يسحق إنسانيتها , إنهم ينكرون أن يكون هناك هوية أخرى لهؤلاء إلا كونهم سنة أو علويين أو مسيحيين أو ما شابه ذلك , هذا الموقف الذي يصر على اعتبار البشر مجرد أرقام في حساب تلك النخب أو المؤسسات الدينية فقط لا غير ينطوي هو أيضا بطريقته الخاصة على احتقار للناس العاديين , يفترض أنهم ليسوا أكثر من أتباع مخلصين , إما لنخبة ما أو لشيخ ما أو لمؤسسة دينية ما ... إن انفجار النضال الذاتي لهؤلاء البشر العاديين في الحقيقة هو الذي يحمل معه الأمل بسوريا مختلفة , هو الذي يحمل معه الأمل بأن تصبح سوريا أخيرا مجتمعا من بشر أحرار و متساوين , لكن بالنسبة للنخب الدينية و غير الدينية فإنها لا ترى في الناس العاديين أية قدرة أكثر من أن يكونوا تابعين أو في أفضل الأحوال كتلة من الناخبين , أكثر ما يمكنهم فعله هو أن يختاروا النخبة التي تستطيع اجتذابهم لينصاعوا بعد ذلك لتلك النخبة الحاكمة , ناس دون هوية إلا التي تمنحهم إياها النخب و دون مشروع إلا ما تقترحه النخب , لكن دون أن يكونوا أبدا على نفس الدرجة مع النخب و رجال الدين و الشيوخ , الخ , سوريا التي يريدون لا يمكن أن تتألف من بشر أحرار و متساوين , رجال الدين و المثقفون و محترفو السياسة لم و لن يعتقدوا أبدا أنهم يتساوون مع هؤلاء الناس العاديين ... عندما أقرأ سيرة حياة ستالين و تشاوشيسكو يتملكني الرعب , لقد كان هؤلاء الطغاة "مناضلين" جيدين ذات يوم , اعتقل الأول في فترة الحكم القيصري مثلا و الثاني في فترة الحكم الفاشي في رومانيا , لكن في غضون سنوات قليلة فقط كان الاثنان يمارسان طغيانا مرعبا ضد العمال و الفقراء و سائر البشر في مجتمعاتهم , هذا مرعب , فعندما تكون النخب و المؤسسات القائمة واثقة تماما بصوابيتها كمركز ضروري للمجتمع تكون مستعدة لفعل أي شيء لتفرض مشروعها , أي شيء , و تعمل في نفس الوقت على تحويل مشروعها من إمكان و احتمال قابل للنقد و للموافقة أو للرفض إلى مبدأ ثابت دوغمائي نهائي يؤسس لديكتاتورية ما جديدة ... لكن الثورة السورية هزت الكثير من المعتقدات أو المسلمات الدارجة و حتى مطلقة الصحة بين النخب , فالناس العاديون هم من يحررون أنفسهم اليوم من استبداد نظام الأسد , الناس العاديون يفعلون هذا دون توجيه أو أمر من أحد و دون قيادة حقيقية , لا نخبوية و لا دينية و لا شيوعية , يثبت الناس العاديون اليوم أنه لا قمع النظام الحالي بكل بشاعته و لا أي نظام قادم ضروري لاجتماع إنساني آمن و ممكن , لكن ما ينقص الثورة السورية حتى اليوم هو أن يبدأ الناس العاديون بتنظيم أنفسهم بشكل مستقل عن النظام و عن النخب , بحيث ينظموا عمليات الإنتاج و التوزيع و الاستهلاك دون أي استغلال و ينظموا حياتهم بحيث تتخذ كل القرارات في القاعدة , بينهم , و لصالحهم ... الشيوعيون التحرريون السوريون و اليسار التحرري السوري الأوسع الذي يريد الشيوعيون التحرريون إقامته في محاولة لتحويل التيار التحرري إلى تيار شعبي مؤثر في الشارع سيستمرون اليوم و غدا بالدعوة إلى و الدفاع عن التنظيم الذاتي المستقل للجماهير و لا يرون أنفسهم في هذه العملية قيادة ما بل مجرد حفازين لعملية يجب أن تكون الجماهير هي الفاعل و المبادر لها , كجزء من تطويرها لوعيها الذاتي و لمؤسساتها التي تعبر عن تنظيمها الذاتي , في شكل مؤسسات مجالسية شعبية حرة دون اية بيروقراطية دائمة أو صاحبة امتيازات , هذا التنظيم ضروري أيضا في مرحلة النضال ضد النظام , في مرحلة الثورة , لكن هذه المؤسسات ليست أيضا شيئا ثابتا , إنها نتاج خبرة الثورات الاجتماعية السابقة و تطويرها بمبادرة الجماهير ذاتها هي ظاهرة طبيعية من ظواهر الحياة نفسها التي تسير إلى الأمام عندما تدفعها الثورات الشعبية إلى الأمام .. يبقى الهدف الأول للجماهير هو هزيمة النظام و إسقاطه , منذ تلك اللحظة فقط سيبدأ البحث الجدي عن حرية حقيقية للسوريين العاديين , استمرار النظام يعني شيئا واحدا فقط , استمرار عبودية السوريين العاديين , نظام الأسد هو نقيض و نفي تحريرهم التاريخي و الاجتماعي و لا بد من إسقاطه قبل الحديث عن آفاق أبعد لحرية الناس العاديين



#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل اليسار السوري مرشح لانتفاضة في قواعده هو الآخر ؟
- الصراع الطبقي أو الكراهية الطبقية ؟ لإيريكو مالاتيستا
- الاعتراضات على اللاسلطوية ( الأناركية ) لجورج باريت
- الشيوعية التحررية : كمبدأ اجتماعي , من مانيفستو الشيوعية الت ...
- كل جمعة و أنتم شهداء
- الإنسان , المجتمع و الدولة لميخائيل باكونين
- نداء عاجل لكل شيوعي و يساري سوري
- إسقاط الباستيل السوري
- سوريا بعد 18 آذار
- كيف تبدأ مجموعة أناركية
- نحو تشكيل اللجان الشعبية فورا في كل مكان من سوريا كبديل عن م ...
- نحو يسار سوري جديد
- على الديكتاتورية أن ترحل , و يجب البدء فورا بأوسع -حوار وطني ...
- يجب اضعاف و إنهاك و تخريب عمل منظومتي القمع و النهب التابعة ...
- طبيعة الثورات اللعربية و اليسار التحرري
- اللاسلطوية ( الأناركية ) كما نراها - الفيدرالية اللاسلطوية ( ...
- تعليق على مقال نايف سلوم الاقتصاد السياسي للاحتجاجات في سوري ...
- الموت للديكتاتورية , النصر للشعب السوري
- رسالة في ثبوت كفر ابن تيمية و صالح اللحيدان و من على طريقتهم ...
- محاولة لفهم الطائفي و المتطرف


المزيد.....




- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر
- جمعية مغربية تصدر بيانا غاضبا عن -جريمة شنيعة ارتكبت بحق حما ...
- حماس: الجانب الأمريكي منحاز لإسرائيل وغير جاد في الضغط على ن ...
- بوليانسكي: الولايات المتحدة بدت مثيرة للشفقة خلال تبريرها اس ...
- تونس.. رفض الإفراج عن قيادية بـ-الحزب الدستوري الحر- (صورة) ...
- روسيا ضمن المراكز الثلاثة الأولى عالميا في احتياطي الليثيوم ...
- كاسبرسكي تطور برنامج -المناعة السبرانية-
- بايدن: دافعنا عن إسرائيل وأحبطنا الهجوم الإيراني


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مازن كم الماز - إعادة اكتشاف الناس العاديين