أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - ادارة الأزمات















المزيد.....

ادارة الأزمات


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3391 - 2011 / 6 / 9 - 11:18
المحور: كتابات ساخرة
    


تشير كل الصور والتقارير عن (اتسونامي الياباني) الذي تعرضوا له مؤخرا تقدما في أسلوب إدارة الأزمات من قبل المواطن الياباني نفسه بحيث أخذ المواطن الياباني من المحلات التجارية فقط ما يلزمه وترك لغيره من المواطنين ما يلزمهم,دون أن يخضع المواطن الياباني لأي درس ديني من مليون مسجد, أما نحن العرب فإذا حدثت أزمة في الأردن وفي أي دولة عربية فورا يهرع التجار أولا إلى تخزين المواد الغذائية ونكران وجودها أصلا ومن ثم يضع التاجر إلى جانبه القرآن ليضع عليه يده مقسما بأنه لا يوجد عنده المواد الغذائية المقطوعة من السوق ,وذلك لكي ترتفع أسعارها, وإذا انتشرت شائعة عن أزمة عالمية حول الشاي أو القهوة فورا ينكر التجار وجودها في متاجرهم , ويحلفون اليمين تلوى اليمين ويقسمون بالله وبالرب وبالكعبة وبالبيت الحرام وبالطلاق ويدعون بالموت على أبنائهم إذا كان مثلا متوفرا لديهم ما يبحث عنه المواطن العربي سواء أكان ذلك طحينا أو سكرا أو شايا, طبعا والمواطن مثل التاجر بل أدهى وأمر من التاجر بحيث يهرع إلى المحال التجارية فيفرغها من كل محتوياتها الغذائية سواء لزمته أو لم تلزمه.

ولو حدث معك شيء لا تتوقع حدوثه فكيف ستتعامل معه إذا وقع حدوثه فعلا؟ وفي الإجابة عن هذا السؤال نتوصل إلى كيفية إدارة الأزمات , وعن مدى استعدادنا للتدخل السريع لتفادي الأزمة ولكن للأسف نحن حينما نقع في أزمة فإننا نعالج أزمتنا في طريقة متخلفة بحيث نتسبب لأنفسنا في إحداث 100مائة أزمة وأزمة, وخصوصا وأننا الشعب العربي الوحيد في العالم المتخلف جدا في إدارة الأزمات, فحين تحدث الحروب تجد المواطن العربي يكدس في منزله شتى أنواع البضائع والحبوب واللحوم التي يوجد عنده مثلها والتي تلزمه ولا تلزمه, ومن المواطنين من يقوم بالتخزين بسبب الخوف من الجوع والغالبية جشعا حتى ترتفع الأسعار, ومنهم لمعرفتهم بأن الحرب قد تعيق تدفق السلع لذلك يشتري المواطن العربي كل ما في السوق لكي يبيعه وقت الأزمة والضرورة, وهذا ليس في الأردن وحسب,لا, بل حتى في العراق نفسه موطن الثلاث حروب عالمية كبرى حديثة, وهذا هو التعامل الخاطئ جدا مع الأزمات حيث تكون لدينا أزمة بسيطة ونحن نخلق منها عدة أزمات وحيث من المفترض في مثل تلك الحالة أن ندع لغيرنا ما يأكله لا أن نهجم على البضائع هجوم الكواسر والضواري والقاطورات حتى لا ندع لغيرنا رغيف خبز يأكله , وشاهدتُ أو مررتُ في حياتي بعدة أزمات كانت أولها أزمة(السمن)على ما أذكر وبين يوم وليلة اختفت السمنة من الأسواق والدكاكين بسبب وجود إشاعة عن ارتفاع سعرها 10 قروش, وثاني أزمة شاهدتها كانت عن الدخان سنة 1993م بحيث كان من الصعوبة بمكان أن تجد أي نوع من أنواع الدخان بسبب وجود إشاعة عن ارتفاع أسعاره, وكان المواطن الأردني إذا وجد محلا به دخان يشتري لنفسه عشر باكيتات منه وليس باكيتاً أو عبوة واحدة , وأكبر أزمة شاهدتها كانت أزمة حرب الخليج الأولى لإخراج العراق من الكويت ,التي لم أجد يومها ولا كيلو طحين واحد أشتريه أو أن يهبني إياه أي أحد, ولم أجد نقطة كاز واحدة للصوبة الفوجكا(المدفئة) ذلك أن الناس سحبوا الطحين وشفطوا الكازوقاموا هم والتجار بتخزين أنابيب الغاز.

وما زلتُ أذكر إذ صحوتُ ذات يوم على صوت أمي وأختي وهن يقلن لي:

- قوم ابسرعه..نايم..نايم؟!! والقيامه قايمه!! أمريكيا هجمت على العراق...وصدام حسين أطلق على تل أبيب الصواريخ, وشامير لبس كمامات..

فقمت مذهولا من نومي مثل المجنون ولا أكاد أصدق الخبر وأصوات الآليات الثقيلة مثل هدير الرعد فوقفت على نافذة البيت ونظرت في الشارع وكانت الدبابات وناقلات الجنود والجرارات تمر من أمام بيتي لتقف على المرتفعات الأردنية المطلة على بيسان وبحيرة طبريا حيث لا تبعد كل تلك الأماكن عن بيتي مسافة ربع ساعة في السيارة, وأصوات بعض الناس تتعالى:إلى الصلاة.. ,وقلت:

- شو بدي أعمل أنا للأمريكان وللعراقيين؟ شو دخلني؟.

فقالت أمي, وكنت يومها أبلغ من العمر 20 عاما : مش أنت الزلمه؟..روح اشتر يلنا خبز وكمان إشوال طحين..وسمنه..وكاز..وغاز وقهوة.. وساد الصمت للحظة وقلت:
-ليش هو ما عندناش طحين؟ولا كاز..ولا غاز..ولا رز؟.. فقالت أمي:

- يا زلمه لا تتهبل مثل عوايدك, اللي بسمعك بقول هذا أهبل, الناس من الصبح هجموا,وأنت روح أهجم معهم على السكر والشاي والقهوة والطحين والكاز والغاز..,فقلت: شو هجموا ما لسا الآن الساعة يا دوب 4:30 صباحا مين اللي صار قايم من نومه!!فقالت أمي:عندنا إشوال وروح جيب كمان واحد هسع الناس بشتروه, فتبسمت وقلت:

-شو يشتروه ويخلص ما هي البلد مليانه طحين خلوني أنام.

وأصرت أمي وأصرت أختي أن أذهب لشراء الطحين, فخرجت من الدار في تمام الساعة السادسة صباحا وأنا أقول في نفسي: أي مين هسع فاتح دكانته أو رايح يشتري خبز؟وأصوات الراديو مفتوحة على (المونتي كارلو) وهيئة الإذاعة البريطانية البي بي سي, وكذلك إسرائيل فكل أهل بلدتنا يثقون بالإعلام الإسرائيلي.. وحين وصلت الشارع رأيتُ أناساً وأمماً كثيرة لم أر مثلها طوال حياتي في الشارع ورأيت رجلا يصيح في الناس: الصلاة..الصلاة موتوا على دينكم, واتجه أناس إلى المساجد بكثرة ليصلوا وليتوضئوا دون أن يكون هنالك وقت للصلاة, ولأول مرة كنتُ أرى الناس يدخلون المساجد أفواجا وكأنهم اليوم فتحوا مكة.. ووصلت أول فرن يخبز ويعجن ويبيع الطحين سرا فقلت: العوافي يا خال.. بدي خبزلو سمحت, فقال:

-والله مافيش..خلص..ألله جبر.

- شو يا عم ألله جبر! الدنيا بعدها الصبح والواحد بعده يا دوب بقول يا ألله..يا رزاق يا عليم.
-والله شطبنا.

- ماشي مش مشكلة أعطيني شوال طحين..خلص أمي اليوم رايحه تعجن وتخبز.

فقال: وكمان خلص, فقلت :ليش معقول! فقال: الناس أجت من الساعه 4 الصبح واشتروا الطحين على شان الحرب قامت, فقلت ساخرا وضاحكا كعادتي:
-يعني إذا أمريكيا هجموا على العراق وعلى صدام حسين على شان احتل الكويت تقوم الناس تهجم على الطحين؟, ول شو أعمل يا ألله,شو أحكي لأمي؟ هسع بتقول عني (زي صقر أم كيس ودوه يهجم على العربان أجا هجم على جاجات أم قيس) وكدتُ أن أبكي من القهر وبعد ذلك قلت: ما هو كل الناس مثل أمي عندهم طحين بالدار وراحوا يشتروا الطحين غير الضروري,طيب لعاد ليش الزعل؟ أي في عند أمي بالدار طحين بكفينا شهر كامل .

ولم يتوقف الموضوع عند هذا الحد يعني تعدى كثيرا أكثر من إشوال أو أكياس الطحين, فأيضا تهجم المواطن الأردني على السُكر وأفرغه من الدكاكين وعلى الشاي.. والذين لم يكن في بيوتهم سُكّرْ لم يجدوا في المحلات التجارية ولا حتى كيلو سكر واحد, أمريكيا هجمت على العراق والمواطن الأردني هجم على الطحين والسكر والحليب أي أنه هجم على قوت نفسه وقوت عياله وجيرانه وساهم إلى حد كبير في ارتفاع أسعار السكر والطحين والدخان والشاي وكافة أنواع الحبوب والبقوليات واللحوم الطازجة, وأذكر بأن جارتي لم تجد ولا في أي دكانة أو سوبر ماركت أي نوع من أنواع الحليب لأبنتها, فالناس أيضا هجموا على الحليب وقصفوه قصفاً عشوائيا, ولاحظت بعض الناس استدانوا نقودا واشتروا بها سجائر ومعسل نرجيله طبعا هؤلاء غير مدخنين ولكن ليستغلوا الوضع ويبيعونه للمستهلك بضعف ثمنه الحقيقي, وحين جاء المدخنون ليشتروا الدخان لم يجدوا ولا في أي دكانة أي سيجارة, وكذلك الكاز خزنوه في بيوتهم, وعلى فكره بيت المواطن الأردني مستودع للاحتكار لا تستطيع أي سلطة ضبط محتوياته.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اقتراح توفيق الحكيم
- أفكار سخيفة
- عزيزي القارئ من فضلك أقلب الصفحة
- البحث عن السعادة
- أنا من عالم آخر
- صحابة شربوا الخمر
- كلابنا
- اعتصام الأطباء الأردنيين
- هل تستطيع تقييم الآخرين؟
- على قيد الطفولة, لجواهر الرفايعه
- حزّر فزّر
- الدورة مرة أخرى
- البحث عن مشكلة
- خارج المرأة وداخل الرجل
- المجانين الحقيقيين
- المجرم الخطير
- زجاجة عطر
- الست بريق
- اللي ما بفهموش السؤال
- لو حسبناه صح


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - ادارة الأزمات