أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد حسين يونس - طفولة البشرية ام شعوب أطفال















المزيد.....

طفولة البشرية ام شعوب أطفال


محمد حسين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 3389 - 2011 / 6 / 7 - 19:05
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


اذا سلمنا بان الحياة ـ كما نعرفها ـ تتبدى في اشكال عديدة منها البدائي مثل البكتريا و المركب مثل باقي الكائنات النباتية و الحيوانية حتي تصل الي قمة نضجها في الاشكال الواعية .. و انها ـ اى الحياة ـ لها اسلوبها الذى لا تحيد عنه بأن تبدأ بالبسيط حتي تصل الي المركب .. لا فارق في ذلك بين سلوك النبات (بذرة ، جذور ، ساق ، اوراق ، ثمار ) أو الحيوان ( بويضة ، جنين ، صغير يحتاج الي حاضن ، صغير يعتمد علي نفسة ، كائن كامل ) .. وأن النباتات و الحيوانات تسعي بشكل مستمر لتجديد تواجدها فيما يشبه القوانين الازلية .
و اذا سلمنا بان الحياة خلال رحلتها الطويلة عملت وفق قانون اخر يتصل بالقدرة علي التوافق مع البيئة المحيطة فابادت بعض الكائنات كالديناصورات و اجبرت اخرى علي التغيير لتبقي مثل ذلك الحيوان الثديي الصغير الذى اصبح ممتلكا للوعي .
فان الانسلن كقمة وعي الحياة بذاتها لا يشذ عن هذه القوانين بل لقد سلك بنفس الطريق و اتبع نفس النمط خلال رحلة انتاجه لمعارفه و حضارته .. فاللغة التي بدات اشارات ، فاصوات ، فدلالات ، تطورت لتصبح محملة باعقد النظريات العلمية والفلسفية علي الرغم من اختفاء بعضها و تدهور اخرى، فان الارتقاء كان الحصيلة النهائية .. انها نتاج بشرى شكلته نفس قوانين الحياة الازلية كما شكلت الفن و اعداد الطعام و التداوى و الملابس و المساكن ووسائل النقل و الاتصال .
قانون الحياة لا يرحم ولا يتوقف و لا يجامل انه قانون مثل قانون الجاذبية الارضية ، المد و الجذر، حركة الكواكب .. قانون من البسيط للمركب مع تنحية الغير متوافق و لا امل في تعديله .
المجتمعات البشرية ـايضا ـ خضعت لهذا القانون ، كانت قطيع بشرى هائم ، فقبيلة متنقلة ، فاسرة مستقرة ،فقرية متعاونة ، فمدينة متعددة الانشطة ، فدولة ثم مجتمع بشرى متناقض الميول و الاهداف .. ومع ذلك فيبدو ان الانجازات التي قامت بها القبيلة البشرية عبر عشرون الف سنة ـ هي عمر وعيها ـ لم تكن كافية لعمل انتقال متوازن من مرحلة الطفولة الحاضنة الي التطور الخاص بالكائن الناضج ..المجتمعات البشرية اليوم تعاني من انفصام قاسي بين مراحل التطور البشرى المختلفة يتراوح بين تقدم و انسانية سكان اسكندنافيا ( حاملي الوعي و العقل و الضمير ) في تناقض مع بدائية و تسطح اهل الجزيرة العربية (الذين يروجون لعودة العبودية و تجارة الرقيق )كل منها يقع في مرحلة مختلفة علي سلم التطور البشرى فالاولي تكاد تطرق بقوة علي ابواب عالم النضج و الاخرى لا زالت تحتاج لحاضن (مادى و معنوى ) الدور الذى قام بة دائما الحكام و رجال الدين .
المجتمعات التي تسابق الزمن لاستكمال نضجها الانساني خففت من نفوذ الحكام و اوقفت تأثير رجال الدين ( الحكام بالديموقراطية و احترام حقوق الانسان .. و رجال الدين بفصله عن الدولة و حصر نشاطه في المعبد ) اما المجتمعات التي لازالت تحبو فانها تتمسك بتجميد اللحظة و ترجو العودة الي رحم الام ايام الزمن الجميل المفقود بالوعي .
ما فجرتة انتفاضة الشارع العربي خلال عام 2011 كان بمثابة الاضواء الكاشفة التي اظهرت مدى عجز هذه المجتمعات علي تخطي مرحلة الطفولة البشرية في تناقض مقلق مع سرعة وتيرة تقدم الاخر و الذى يبدو انه يمهد لمفاجأة انقراض بفعل التخلف و عدم التوافق مع البيئة .
في مرحلة الطفولة لا يستطيع الانسان ان يفرق بين الواقع و الخيال Fancy وهو يخلط بين ما يتمنى وما يحدث .. بين ما يفهم وما هو واقع .. لذلك فهو دائما ما يتمسك باحتمالات غير واردة ، كأن يكون هناك عدالة ، رغم أن العدالة مفهوم انسانى متغير من شخص لشخص ومن مجتمع لمجتمع ومن ظرف الى ظرف ولا يمكن قياسه دون الوقوع فى عدم العدالة مادام لا يوجد قانون/ دستور/عقد اجتماعى متعارف عليه ومحترم ... او أنه " لا يصح الا الصحيح "، فى حين ان الفعل غير معروف من الذى سيقوم به ويجعله صحيحا والاسم تعبير غامض غير متفق على معناه، حتى بين أفراد الجماعة الواحدة .
" العدالة والصحيح" هنا احلام .. أن يقوم ولى الأمر " الحاضن " بأخذ الاجراءات التى تعيد الحق لأصحابه كما يراها القائل من وجهة نظره وهو أمر مستحيل الحدوث .
النصيب ، القدر ، المكتوب كلها كلمات تعزية عن فقد الأمل فى التعرف على حقيقة الفعل وأسبابه واختباره للاستفادة منه فى عدم التكرار .
طفولة البشر " الحاضنة " مرحلة استمرت لعشرة آلاف سنة ، كان فيها شيخ القبيلة أو الساحر الكاهن هو المرشد والمسيطر على عقول وأفعال الجماعة ، وهو الذى يوحى ويفسر ويصنف الأفعال .. الشرير منها تقوم به أرواح الأعداء ( بدون سبب واضح ) والخير هو انتصار لأرواح الجدود الطيبة التى حاربت لتحقيق العدالة ( دون إظهار الوسيلة ) .
البشر الذين لم يكن بمقدورهم فهم حركة الكواكب والنجوم ، صدقوا أن أرواح الأجداد اللامعة فى الأفق تؤثر على حياتهم ، كذلك لجهلهم بفعل الجراثيم والبكتيريا وأسلوب انتقال الطواعين والكوليرا ، كانوا يرونها غضبا من الاله .. ولكن .. كان هناك دائما من يشك ويعارض .. وكان هناك من يعانى الظلم لمعارضته وكم قاسى الشكاكون من الحاضنين ولكنه فعل الحياة وصناعتها أن ينتقل البشر من مرحلة لأخرى بواسطة من قال لا .. أن يخرج من بين مليون حيوان منوى مقذوف واحد يلقح البويضة ويضيف للبشر بشرى.. أن ينقد منهج التعليم الأزهرى ويهزه من الأعماق طه حسين فينتشر التعليم المدنى .. أن يكسر احدهم المألوف فيخلع الطربوش أو يستبدل الجلباب بالبدلة فيسير خلفه المجموع .. أن يهجر أحدهم الكارتة والحصان ويستخدم العربة والموتوسيكل فينتشركوسيلة للمواصلات.
المعارضون المضطهدون المطاردون هم الأمل ، كل الأسماء التى تلمع الآن فى سماء البشرية كانت من الفريق المعارض المضطهد ، وفى المستقبل سوف يتذكر الأحفاد هؤلاء الذين كان بمقدورهم إرشاد الشعوب لتعد طعامها بنفسها دون الانتظار لطعام وعدالة السماء .
البشر فى المجتمعات التى توقف نموها لأن الحاضنون مصرين على عدم التنحى ، بمقدورهم أن ينتقلوا بشعوبهم من الطفولة الى المراهقة والرفض للوصاية ، ويعيدوا التفكير فى المسلمات التى اكتسبوها من طفولة البشرية ، إذا كان قد آن الأوان لأن يلحقوا بالركب ويصبحون بشرا ملتزمين ناضجين متوافقين مع قوانين الحياة التى لم تدللهم للأبد.
سيأتى اليوم الذى ينقرضون فيه كالديناصورات لو استمروا على طفولتهم ، فلننظر حولنا ونرفض الوصاية إنه ليس بقدر أو نصيب أو مكتوب ، إنه مستقبل نصنعه بأيدينا ضد رغبة الحكام ورجال الدين وعسس الأمن والأوصياء الحاضنين ، إذا ما فرقنا بين الواقع والخيال Fancy وإذا ما عرفنا بدقة ما هو الصحيح الذى لا يصح غيره .



#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خير أجناد الأرض والخامس من يونيو
- هل هو دجل.. ام جهل !!
- حكمة امريكية .. دع جروحهم تتقيح
- فلينظر الانسان كيف تطور
- هل يقيم الفاشست ديموقراطية !!
- (الخلافة) غضب الله في ارضه
- الي الاجيال المقبلة
- إن لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب
- الفاشيستية الدينية أخطر من القومية والحرامية
- ليس دفاعا.. عن المتهم محمد حسني مبارك (2 )
- ليس دفاعا عن المتهم محمد حسنى مبارك
- ثانيا ..مصر مستعمرة وهابية
- هذا النظام غير قابل للاصلاح
- نعيب بين اطلال نظام مبارك
- - غزوة الصناديق - 19 مارس .2011
- وطن بديل ..يا محسنين
- هل يؤسس البشرى والجمل لخلافة اسلامية
- سيدى الرئيس .. هل أدوات سلفك مناسبة لك ؟؟
- لا أملك الا.. دموعي
- لماذا يكره فقهاء الدستور .. مصر!!


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد حسين يونس - طفولة البشرية ام شعوب أطفال