أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فخر الدين فياض - الثورة السورية.. و-الشعب البديل-















المزيد.....

الثورة السورية.. و-الشعب البديل-


فخر الدين فياض
كاتب وصحفي سوري

(Fayad Fakheraldeen)


الحوار المتمدن-العدد: 3388 - 2011 / 6 / 6 - 20:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


استطاع الأسد الأب، أن يحكم سوريا طيلة ثلاث عقود، بميكافيلية نموذجية، قلّ نظيرها في الشرق الأوسط، فاجتث معارضيه منذ بداية حكمه، بالتصفية أو الاعتقال، وأقصى معارضيه "المحتملين" بالتهميش والنفي.. وأصبح واضحاً اليوم، أنه أجهض الأحزاب مع تشكيله ما يسمى "الجبهة الوطنية التقدمية" عام 1972، ودأب منذ ذلك التاريخ على أمرين أساسيين:

الأول عدم السماح لأية شخصية موالية في الدولة أن "تكبر".. بمعنى إبقاء الجميع صغاراً وتحت السيطرة، مع الاستفادة من كل ما يمكنهم تقديمه لدعم حكمه، الأمر الذي ينطبق حتى على شقيقه رفعت الأسد.

الثاني: عسكرة الحياة السياسية والثقافية، وصبغها باللون الواحد..من خلال تهميش الثقافة الوطنية الليبرالية، واستبدالها بثقافة حزب البعث "الاشتراكية".. بناء إعلام "بائس" قائم على الولاء و"التنبلة"، ضرب أي حراك نقابي يبتعد عن "مجهر" البعث، تفكيك الأحزاب المعارضة رويداً رويداً في سبيل الوصول إلى إلغائها واقعياً، ومن داخلها.. ويذكر الجميع أن ثمانينيات القرن الماضي، كانت سنوات البطش بالحركة السياسية في سوريا، اليمينية واليسارية، حتى أننا دخلنا التسعينات دون أثر يذكر لأية معارضة في سوريا.

ترافق هذا مع التثبيت اللفظي لمقولة "سوريا الصمود والتصدي" في ظل الإبقاء على الجولان محتلاً، وكأن احتلاله ضرورة من ضرورات الحكم "بعد حرب 1973 غاب تحرير الجولان عن أية أجندة فعلية للنظام".. احتواء حركات المقاومة العربية في فلسطين ولبنان، دون القيام بأي فعل مقاوم على الصعيد الواقعي، ما خلا الدخول العسكري إلى الأراضي اللبنانية، والإمساك بجميع أطراف اللعبة السياسية، بتناغم استثنائي في اللعب على أوتار الشرق والغرب معاً، والاستفادة من المعسكرين النقيضين في ظل مفاعيل الحرب الباردة من أجل تثبيت موقع إقليمي فاعل لسوريا في المنطقة.

أخطر ما نتج عن تلك الفترة، هو الفراغ السياسي داخل الشارع السوري، وعزوف الناس عن السياسة، وتشكّل ما يمكن تسميته بـ"الفجوة" بين جيلين سياسيين.. جيل القدامى الذي تحوّلت شخصياته الباقية اليوم إلى ما يشبه "الديناصورات" السياسية، والجيل الحالي الذي لم يعرف بمعنى ما، إلا "طلائع البعث" و"شبيبة الثورة"، في محاولة لمحاكاة النموذج الكوري الشمالي أو الصيني الماوي في الحكم، الأمر الذي حقق فيه الأسد الأب بعض النجاحات، وظهرت نواة لما أسميه "الشعب البديل".. وكان يمكن لهذه النواة أن تتحول مع "تأبيد" الحكم في آل الأسد إلى الانتهاء في سوريا بشعب بعثي قائم على رموز تاريخية :الأب والابن وابن الابن.... إلخ، إلا أن ثورة المعلومات "الإنترنت والفضائيات التلفزيونية" إضافة إلى العولمة الثقافية فيما يتعلق بحقوق الإنسان والحريات العامة، أطاحت بهذا السيناريو، الذي يحتاج اليوم لإعادة إحيائه، إما إلى "السور الصيني العظيم" أو العودة بعقارب الزمن ربع قرن إلى الوراء.. على أقل تقدير.

لكن الأسد الابن استطاع العمل على ما تبقى من "الشعب البديل"، وشكّل نواة حقيقية كان يمكن أن تكبر لولا الربيع الثوري الذي اجتاح المنطقة برياح الحرية والكرامة أواخر 2010، فأطاح بأحلام هذه النواة وحوّل أفرادها إلى أشخاص فصاميين، يعيشون نقائض غير قابلة للفهم.. ويحملون معايير للوطن والأمة والإصلاح، تعود بأصحابها إلى أيام موسوليني وستالين، إذ أن حصر الوطن بشخص الرئيس الأسد تبدو ترّاهة بالية، غير قابلة للحياة في عصر عنوانه التنوع والاختلاف.

اليوم، إضافة إلى الكتلة الصامتة "أو ما يمكن تسميتها بالكتلة المرعوبة".. يجدر بنا التساؤل: هل يوجد في سورية شعبين متناقضين، لا يمكن لأية مفاعيل حوار الجمع بينهما، أحدهما وصل بحبه للرئيس بشار الأسد، حد وضع صوره على الأرض وتقبيلها بعد الركوع على عتباتها، والآخر رمى صوره وداس عليها؟!!

وهل انقسمت البلاد بين هذين الفريقين فعلاً؟

دون الدخول بمعيار الأقلية والأكثرية، يبدو أن النظام استطاع خلق "شعب" يخصه، وربما استطاع "تفصيله" في العديد من الأماكن السورية على حسب مقاسه!!

"شعب" يقاتل من أجل الأسد، يحمل مع صوره هراوات ويهاجم كل من يتلفظ بكلمة "لا" في وجه النظام.. "شعب" ألغى قنوات "الجزيرة" و"العربية" والـ"bbc" من قائمة قنوات التلفزيون واكتفى بالقنوات السورية المحلية، مصدراً وحيداً لحقيقة "المؤامرة" التي تجري على "أرض الوطن"!!.. وبالتالي قام بتقسيم العالم إلى فسطاطين: الأول خيّر، يعشق بشار الأسد "الإصلاحي، الممانع" والثاني شرير، يتآمر مع "القوى الاستعمارية" ضد بشار الأسد.

جدير بالذكر التأكيد على أن ما نعنيه بـ"الشعب البديل" يختلف في مكوناته عما يسمى "الشبيحة" أو البعثيين "العقائديين".. فالشبيحة والبعثيين يدركون أن ما يجري هو ثورة شعب مُذهلة ومُفاجئة، تمتلئ كرامةً وحريةً وعدالةً، وهم يقاومونها ويحاولون خنقها بشتى الوسائل لكونهم يدركون حقيقتها.. الحقيقة التي تتعارض ليس مع مصالحهم فحسب، وإنما مع كامل وجودهم، لكن "الشعب البديل" يَفترض صادقاً أن الثوار والمتظاهرين ما هم إلا خونة "سلفيين أو علمانيين.. لا فرق عنده" ويدعو إلى تصفيتهم فرداً فرداً، أو مدينة مدينة، حتى لو قام النظام بقتل مئات الألوف منهم.. فلا بأس!!

"الشعب البديل" حقيقة يدركها النظام جيداً، إذ تمثل رصيداً "شعبياً" حقيقياً بالنسبة له، لذلك فالإعلام الرسمي، برفقة قناتي الدنيا والإخبارية والصحف التي تدور في نفس الفلك الأمني، يتوجه في رواياته "الغريبة" عن المندسين والعصابات المسلحة والقوى السلفية ومؤامرات الخارج، إلى هذا "الشعب" حصراً، المصدق لهذا الإعلام حد الإيمان، وحين يستعصي علينا فهم "روايات" النظام أو فهم هذه السذاجة المفضوحة التي يقدم فيها رواياته، فإن الإجابة عن أسباب ذلك نجدها في مقولة "الشعب البديل".. ونخطئ حين نتصور أن الحديث عن الإصلاحات هو من أجل التسويق الخارجي فقط، إنه بالدرجة الأولى موجه إلى هؤلاء الناس المحليين أولاً، في سبيل إبقائهم في حالة جاهزية لخوض المعركة حتى النهاية.

تتسع رقعة تواجد ما نسميه بـ"الشعب البديل" في المناطق التي تغلب عليها صفة "الأقلوية" الدينية أو المذهبية (مسيحية، دروز، علويين).. وأحياناً العرقية (أرمن، سريان.. بعد أن فشلت هذه المقولة في المناطق الكردية)، مع وجوده في مناطق الأكثرية على نحو أقل، وبالطبع هناك المتعلم والأمي بينهم، الغني والفقير.. تقوم "الدعاية" الإيجابية للنظام عنده على أساس وجود أقلية "متنورة، حديثة، مقاومة" وأكثرية "أصولية، ظلامية، متعصبة، مرتبطة بأميركا وممالك الجزيرة العربية"!!.. "الأقلية" تمثل طليعة المجتمع السوري، وقيادته، في حين أن "الأكثرية" ما هي إلا دهماء لو وصلت إلى الحكم فإنها ستحوّل البلد إلى "مملكة" متخلفة تدور في الفلك "الإمبريالي" وبالوقت نفسه ستحوّل الأقليات إلى مواطنين درجة ثانية.. أو عاشرة، وربما ستُعمل السيف في رقابهم، وتضطهدهم في دينهم أو مذهبهم.

يرى هؤلاء أن بشار الأسد شاب حضاري مثقف وشعبي، ولا يوجد سواه أملاً كرافعة وطنية نحو التقدم والحداثة، فضلاً عن دعمه لحزب الله وحركة حماس، وهنا يتحوّل حسن نصرالله وخالد مشعل إلى مفردتين من مفردات النظام، التي تلقي عليه شرعية ثورية، تُحوّل بدورها انتصارات حزب الله وحماس إلى انتصارات للنظام.

يتغنى هؤلاء بالقدرة الفذة للرئيس على الإفلات من براثن أميركا والصهيونية والخروج من مآزق عديدة، بدأت مع جورج بوش وجاك شيراك إبان غزو العراق، ولم تنته باغتيال الحريري واتهام سوريا..

أيضاً يرى هؤلاء أن بشار الأسد استطاع بناء شبكة علاقات دبلوماسية تجمع الشرق والغرب، مثلما تجمع تركيا "السنية" مع إيران "الشيعية" في سبيل حماية سوريا وازدهارها.

"الشعب البديل" رغم قلة عدده، نسبة إلى عموم الشعب السوري، جاهز للقتال إلى جانب الرئيس الأسد، وقد يشكّل قوة لا يستهان بها، إذا دخلت البلاد في آتون حرب أهلية، أو تحوّلت الثورة السلمية إلى ثورة مسلحة.



#فخر_الدين_فياض (هاشتاغ)       Fayad_Fakheraldeen#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آزادي... أحبك
- الشعب السوري ما بينذل
- رسالة مفتوحة إلى الرئيس بشار الأسد
- رسالة حب إلى الثورتين العظيمتين في تونس ومصر
- هل تقبلني اليمن.. يمنياً؟
- الشعب -غدّار-
- بنغازي.. عروس الحرية
- --كل الحكاية عيون بهية..
- رحيل زمن -البلطجية-
- الوصفة التونسية.. في مصر
- -الوصفة- التونسية
- قراءة في -قائد الطائرة الورقية- مشاهد روائية.. تحفر عميقاً ف ...
- مشهديات شمولية والفكر القومي السائد!!
- تزاوج الأنظمة الشمولية مع دجالي الأصوليات الفاسدة ..في قضية ...
- وحدهم أهل غزة يدفعون ثمن الجحيم الإسرائيلي
- في ذكرى رحيل روزا باركس
- بيروت وبغداد.. ثانية..
- بيروت تنسى صور شهدائها
- الحوار المتمدن ومحنة الكلمة ..ثانيةً
- المحرقة الطائفية.. بين جورج بوش وعبد العزيز الحكيم


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فخر الدين فياض - الثورة السورية.. و-الشعب البديل-