أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حملات سياسية , حملات للدفاع عن حقوق الانسان والحرية لمعتقلي الرأي والضمير - محمد فلحي - فزاعة الزعيم العربي الذي فقد ظله















المزيد.....

فزاعة الزعيم العربي الذي فقد ظله


محمد فلحي

الحوار المتمدن-العدد: 3386 - 2011 / 6 / 4 - 13:52
المحور: حملات سياسية , حملات للدفاع عن حقوق الانسان والحرية لمعتقلي الرأي والضمير
    


فزّاعةالزعيم العربي..
الذي فقد ظلّه!!

الزعامات العربية المهزومة ظلت تمارس مع الشعوب المنكوبة لعبة الأصل والظل،الضوء والعتمة،الحقيقة والخيال، طوال عقود،وقد جاءت لحظة الحقيقة، فانكشف المستور أخيراً!
علاقة الأصل بالظل شائكة ومعقدة،رغم بساطتها الظاهرية،فلكل شخص، بل كل كائن، ثمة ظل يلازمه،وهو ظاهرة فيزياوية ضوئية،فالظل يمثل مساحة اللاضوء أو العتمة،التي تناظر الأصل ولا تشبهه تماماً،الظل يتحرك ويتوقف مع الأصل،وقد يسير أمامه أو خلفه أو بجانبه، وهو يطول أو يقصر،يكبر أو يصغر،حسب موقع الأصل من مصدر الضوء،ومن البديهي أن يختفي الظل عندما يسود الظلام،فيفقد الأصل ظله مؤقتاً، ويمكن القول أن هذه العلاقة يشوبها الكثير من الوهم والخداع!
تعامل الإنسان،قرون عديدة، مع هذه الظاهرة البصرية،باعتبارها لعبة،وعمل على تطبيقها في مسرح الظل أو خيال الظل،ثم جاء اختراع السينما ليجعل من ظاهرة الضوء والظل فناً وعلماً يعتمد على تلك الخدعة اللذيذة،وقد ترجمت السينما في بعض الدول العربية، إلى كلمة(الخيّالة) التي تعني لعبة خيال الصورة، أي ظلها!
أغلب الزعامات العربية المعاصرة المغتصبة للسلطة،من خلال الوراثة أو الانقلاب العسكري فهمت هذه اللعبة الضوئية تماماً،فالزعامة تعني الأضواء والشهرة والخطابة والتمثيل،الزعيم هو الأصل، اما الظل فهو الشعب او الجمهور،فلا زعامة بلا مزعومين،ولا قائد بلا مقودين، ولا رئيس بلا مرؤوسين، ولا ملك بلا مملوكين،ولا جماهيرية بلا جمهور،وكل الزعماء يرددون في خطاباتهم وشعاراتهم كلمة الشعب،بحب طاهر وإخلاص شديد،فحياتهم تصبح بلا معنى، لو تغيب الجمهور، الذي يهتف ويصفق ويزغرد ويرقص أمامهم،وربما تكون علاقة الزعيم بجمهوره الحبيب مثل علاقة السمكة بالماء، فهي علاقة حياة أو موت، ولا ثالث بينهما!
لكن الزعيم يعرف أيضاً أن الظل الذي يلازمه،اي الجمهور، ليس مخلصاً أو صادقاً دائماً، فهو متغير المزاج والشكل والحجم، ومتعدد المطالب ومتزايد الرغبات، ومن ثم لا بد من آليات للسيطرة على ذلك الظل الخادع وتطويع الشبح الماكر، الذي قد يتحول الى وحش كاسر،فيلتهم الأصل، أي الزعيم ومن حوله، فجأة،أو يسحقهم تحت اقدامه بلا شفقة أو رحمة،ويستبدلهم بغيرهم، بسهولة عجيبة!
ولعل من أبرز وسائل السيطرة على الجمهور،التي يعتمدها الزعيم،لكي لا يفقد ظله أو يتخلى شعبه عن عقله أو رشده أو يغير اتجاهه، وضع حواجز أو (بوابات) للرقابة والتحكم في عقول الناس،أو نصب (وسادات هوائية) أو الاحتماء وراء (بطانة رخوة) لامتصاص قوة الصدمة،في الظروف الطارئة، مثل الحزب الحاكم أو الحزب القائد، أو القوات المسلحة أو اللجان الثورية أوالعائلة المالكة أو القبيلة أو الطائفة،أو الاستعانة بقوة خارجية متمركزة في قاعدة عسكرية قريبة،أو حاملة طائرات متحركة، فالزعيم الذي يعشق ظله، أي جمهوره في العلن،تحاصره في لحظات العزلة، وسط غرفته المظلمة،كوابيس مرعبة، عن غدر الشعب وعدم وفاءه، ونسيانه لأيام الهيام والغرام!
ومن الوسائل الحديثة التي يستخدمها الزعيم للتحكم في حركات الناس وسكناتهم،اللجوء إلى ما يسمى(القوة الناعمة) في عملية الاقناع والترغيب بدلاً من القسوة والترهيب،حيث يحتكر الزعيم الصورة الإعلامية،ومن ثم يصبح ما عداه مجرد ظلال أو أشباح من الأتباع والمريدين والمتملقين،فالزعيم هو القائد الأوحد، وهو الخالد إلى الأبد،وهو المفكر الملهم،الذي يتعلم العالم من فيض نظرياته ومؤلفاته، وهو المثقف الذي يتجاوز ابداعه كل ما أنتجته مخيلة الشعراء والقصاصين والنقاد،وهو الممثل الذي لا ينافسه المسرحيون والسينمائيون، ولا يجاريه أحد، في حكمته وذكائه ودهائه وشجاعته، من السابقين أو اللاحقين!
يشعر الزعيم أن كل بناء يرتفع بقدرته، وكل مشروع عام يعبر عن موهبته، وكل مولود أو مفقود لا بد أن يعمل في خدمته،وكل المنجزات العظيمة منسوبة لقيادته الحكيمة، وكل مظاهر الفساد والفشل والجريمة من صنع الأعداء المتآمرين.
الزعيم يصبح،مع مرور الوقت، هو الإله الذي يمشي على الأرض، وليس ظل الله في الأرض،مقتنعاً بأنه يمثل الصورة الحقيقية الوحيدة،أما الجمهور،فهو نوع من الظلال والأوهام،أما المؤسسات فهي وسيلة للخداع واللعب في الوقت الضائع،أما الدستور فهو وريقات صفراء،يكتبها ويغيرها الزعيم أو يلغيها وفق مصالحه وظروفه ورغباته،أما البرلمان فهم مجموعة من المصفقين بالأجرة المقطوعة، يهتفون بحرارة عندما يخطب الزعيم،فلا صورة إلا صورة الزعيم،في كل مكان،وما الناس إلا ظلال هائمة على وجوهها،في مدن مهملة،تعاني سكرات الموت من القهر والجوع والمرض.
الزعيم لا يريد الاستحواذ على الحاضر فقط،بعد أن ألغى الماضي برمته، بل يرغب في الهيمنة على المستقبل،من خلال استمرار سلالته الجينية في السلطة،فيتزوج الكثير من النساء،عدا العشيقات السريات والممرضات الخاصات،والضابطات المسلحات،وينجب الكثير من الأبناء والبنات،ويوزع المناصب عليهم،ويغمرهم بالهبات والمكرمات،لكي يرثونه بعد الممات..الوطن لدى الزعيم مزرعة،ينتصب في وسطها تمثاله،وترتفع في أرجائها صوره وتنتشر فيها قصوره،وما تحت الأرض وما فوقها تتكدس كنوزه،التي يعطي منها ما يشاء ولمن يشاء،ومتى يشاء،وكيف يشاء،بلا حسيب او رقيب إلا الله سبحانه!
الزعيم يزعم أنه مجرد خادم للشعب، فهو لا يملك ثروة،ولا يحكم،ولا يتقلد منصباً او مسؤولية،سوى كونه قائداً ومفكراً،لكنه في الواقع يجمع كل سلطات البلاد بين يديه،ويضع كل مقدرات العباد بأيدي أبنائه وأقربائه،رغم انه يقول ان الديمقراطية أصلها عربي،وتعني(ديمو الكراسي) أي اجعلوا الشعب يجلس على الكراسي،في حين نجده يجلس وحيداً على الكراسي،ويترك الشعب تائهاً في الصحاري والغابات والشوارع المتربة!
الزعيم لا يتخيل نفسه إلا زعيماً دائماً،فلا ينافسه أحد على السلطة، ولا يفكر أن يكون زعيماً سابقاً، أو رئيساً متقاعداً،او ملكاً بلا مملكة،مهما طال عمره،وتدهورت صحته،واضمحلت قواه الجسدية والعقلية والجنسية،فهو يحكم حتى الرمق الأخير!
الزعيم العربي نسخة مكررة، في كل البلدان،نصّب نفسه ملكاً على ملوك الغابة، قرونه من حديد وعيونه من نار، ،فالناس لا يحبون ولا يهابون ولا يخضعون إلا للقوي القاهر،"إنما العاجز من لا يستبد" لذلك يتحدث الزعيم بعجرفة ويتحرك بخفة،ويبدو منتصب القامة، شامخاً،مرفوع الرأس، أمام عدسات التلفزيون، لكنه يصبح هزيلاً خائفاً مريضاً، في مخابئه السرية، تحت الأرض، ولا ينقذه من حالة العجز والانهيار، سوى جرعات من (الفياغرا السياسية) مصنوعة خصيصاً لسيادته،تتركب من المال الحرام والجنس الحرام والدم الحرام، لكي تستمر فحولته وسطوته حتى اللحظة الأخيرة!
ويفضل الزعيم تقليد( الطاووس) في مشيته ومظهره، رغم أن الصقور تجلس على كتفيه،فهو لا يريد أن يرهب الناس بمخالبه، بل يسعى لدغدغة القلوب بملابسه المزركشة، وقبعاته المطرزة،ونياشينه الملونة وأوسمته اللامعة، وهو يعشق الألوان الفاقعة والأضواء الساطعة، ويكره الخفافيش ويرتعب من الفئران والصراصير التي تعيش في الظلام!
يطرب الزعيم لمديح الشعراء ويسحره غناء المطربين والمنشدين،فيكافئهم بسخاء، وهؤلاء قد تخرجوا من مدرسة النفاق والرياء،في الأدب العربي، فمنذ أكثر من ألف عام يقول المتنبي في زعيم زمانه، سيف الدولة الحمداني:
إن كان قد مَلَك القلوب فإنه
مَلَك الزمان بأرضهِ وسمائهِ
مضت الدهور وما أتين بمثلهِ
ولقد أتى فعجزن عن نظرائهِ
وما بعد الزعيم إلا الفناء.. ومن يتجرأ على منافسة الزعيم على السلطة، لا بد أن يتسلم أرضاً بلا شعب،فمن يكره الزعيم لا يتوقع إلا الموت، ومن لا يدافع عن الزعيم لا يستحق الحياة، ومن يحكم بعد الزعيم سيجد بلداً منكوباً مدمراً محتلاً، ويواجه شعباً محطماً مشرداً، فشعار الزعيم، أيها الناس، أما أن تخضعون لسلطتي فتعيشون نعمة الحياة الهادئة المستكينة القانعة.. أو تتمردون فتدفعون الثمن، بحاراً من الدماء..وأنا خيرتكم فاختاروا، بين الموت بأسلحة كتائبي أو فوق دفاتر أفكاري!
وقصة الزعيم مع الموت عجيبة،فهو لا يفهم أنه ميت، وكل الناس ميتون، في كتاب معلوم،وهو لا يعترف بالموت، وما بعد الموت،رغم أن الموت هو الحقيقة المؤكدة لكل البشر،بلا استثناء،لكن الزعيم يطرد شبح الموت بفرضه على الآخرين،لكي ينجو من المؤامرت والاغتيالات والحوادث المدبرة،فيقوم هو ومساعدوه باصطياد الناس،وقتلهم على الظن والوشاية،وفرض أنواع من الموت الرهيب على الظل الذي يطارده ويؤرقه دوماً، وهو الشعب الطيب المسكين!
الزعيم لا يريد أن يفهم أن الأزمان تتغير،وأن الناس يتغيرون معها،وأن الجيل الذي ولد في عصر الفضائيات والانترنيت والعولمة، أصبح يعرف الكثير ويريد التغيير،اليوم وليس غداً، ويبحث عن الكرامة والحرية قبل الخبز والدنانير،وهو واقع جديد لم يفهمه الزعيم، ولم يجد تفسيره في نظرياته المكتوبة،سوى نظرية(الجرذان) و(حبوب الهلوسة)، لذلك يبدو الزعيم في حالة من الذهول وعدم التصديق أمام أمواج من البشر،أغلبهم من الشباب الصغار، الذين ولدوا في عهده، ويعيشون في مزرعته، ويتمتعون بالغذاء المجاني والدواء المجاني والتعليم المجاني،ولا ينقصهم سوى الحرية والكرامة، يشاهدهم عبر الشاشات المرئية،يهتفون بسقوطه،ويطالبونه بالرحيل،ويرفعون السلاح ضده، وهولا يكاد يعرفهم اليوم ولا يعرفونه،ولا يفهم ما يريدون،فيسألهم بدهشة(من أنتم؟!!)..ثم يتحدى هؤلاء الذين يصفهم بالمارقين والزنادقة، فيقول:(أنا معي الملايين)، ولكن مع الأسف، لا يجد من حوله سوى قطعان من المرتزقة أو القناصين المأجورين أو البلطجية أو الشبيحة، تعددت الأسماء في كل بلد، والجريمة واحدة!
فجأة وجد الزعيم،لأول مرة، أن الظل اصبح حقيقة،وقد انقلبت الصورة،وأن الجمهور خرج عن صمته الطويل وكسر حواجز الخوف،وبات الشعب يطالب بالسلطة والثروة والسلاح،فاختار ذلك الزعيم المزعوم الاصطفاف مع الطغاة والوقوف في خندق الحكام الفاسدين،ونسي كتبه ونظرياته العالمية،وفقد ظله ورشده،ومن ثم فقد شرعيته، وسقط مشروعه،ليصبح أمير حرب مطارد من شعبه والعالم كله!
الزعيم لا يريد ان يتلقى نهايته المكتوبة من الله، مثل البشر العاديين،بل يعمل على كتابة نهايته بنفسه،فهو يتحدى قدر الله،ويتجاهل إرادة الشعب،ويصر على استخدام كل الأسلحة،من اجل تدمير البلاد وقتل العباد،لكي يضمن جلوسه على كرسي الزعامة،حتى حين،ولكن الله أحكم الحاكمين!!



#محمد_فلحي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثورة الشاشة والطوفان الجماهيري
- لا تستغربوا من ازدواجية الحاكمين والمعارضين: كلهم في أحضان(ا ...


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- حملة دولية للنشر والتعميم :أوقفوا التسوية الجزئية لقضية الاي ... / أحمد سليمان
- ائتلاف السلم والحرية : يستعد لمحاججة النظام الليبي عبر وثيقة ... / أحمد سليمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حملات سياسية , حملات للدفاع عن حقوق الانسان والحرية لمعتقلي الرأي والضمير - محمد فلحي - فزاعة الزعيم العربي الذي فقد ظله