أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلال سمير الصدّر - الحياة حلوة 1960 لفدريكو فليني: تأريخ للحظات معينة في حياة صحفي يتوه في الفراغ















المزيد.....

الحياة حلوة 1960 لفدريكو فليني: تأريخ للحظات معينة في حياة صحفي يتوه في الفراغ


بلال سمير الصدّر

الحوار المتمدن-العدد: 3384 - 2011 / 6 / 2 - 01:53
المحور: الادب والفن
    


من روائع السينما العالمية
الحياة حلوة 1960 لفدريكو فليني: تأريخ للحظات معينة في حياة صحفي يتوه في الفراغ
أولا،وقبل الحديث عن حبكة هذا الفيلم يجب علينا أن نعرج ولو قليلا على اسمه،ففليني أراد تسميته ب(حلاوة الحياة) فانقلبت التسمية -كما يروي فليني نفسه- إلى الحياة حلوة.
وهناك اختلاف شاسع بين الاسمين،فالتسمية الأولى والتي أراد منها فليني أن تكون عنوانا لفيلمه الرائع هذا (حلاوة الحياة-The sweetness Of Life ) تحتمل في طياتها السؤال عن (ما هي حلاوة الحياة) وهي عبارة تبرز المعنى الفلسفي بشكل جلي وواضح،ومن الجدير بالذكر أن جملة الحياة حلوة أضيفت إلى معجم أمريكي للمصطلحات متوسط الحجم،كعبارة إنجليزية تشير إلى حياة الانغماس في الملذات بعد عرض هذا الفيلم بفترة قصيرة رغم التنويه على الأصل الإيطالي لهذه الجملة...
يبدأ الفيلم بالفضائح،فالقطة الافتتاحية للفيلم هي عن تمثال للسيد المسيح محمولا فوق أجواء روما في محاولة من الصحفي مارشيلو-قام بالدور مارسيلو ماستروياني في افتتاحية لتعاون طويل بينه وبين فليني-للحصول على أرقام هواتف لفتيات يرتدين لباس البحر مستلقيات للحصول على حمام شمسي....هذه اللقطة بالذات أقامت الدنيا ولم تقعدها وشكلت المواجهة الأكبر بين فليني والسلطة الدينية الكاثوليكية...ولكن السؤال الأهم هنا هو لماذا يبدأ فليني فيلمه برمز ديني؟!
مارسيلو صحفي يلتقط أخبار النجوم والأرستقراطيين لنشرها في صحف الفضائح والشائعات،ولا يوجد حدث مركزي يستند عليه الفيلم سوى ليالي يعيشها مارشيلو لالتقاط الأخبار وما تحمله هذه الليالي من أحداث متوقعة وغير متوقعة،فالحلقة الأولى أو الليلة الأولى من ليالي الفيلم يتجول فيها مارشيلو مع مدلينا الأرستقراطية فاحشة الثراء ليقضيا ليلتهما في منزل تحت أرضي أشبه ما يكون ببيت للدعارة..وهناك عاشقة مارسيلو المتيمة(إيما) التي تحاول الانتحار مع بداية الفيلم يأسا من حب مارشيلو لها وقضية الانتحار تتكرر كثيرا في ثنايا الفيلم.
في حلقة أخرى من حلقات الفيلم يتابع مارشيلو حضور ممثلة سويدية مشهورة إلى ايطاليا في دور لا ينسى للممثلة (Anita Ekberg ) والتي تدعى بسيلفيا،وسرعان ما سيهيم مارشيلو بها ويقول لها أنت أول امرأة في الخلق...ترقص سيلفيا على أنغام موسيقى الكاراكا في مشهد من أشهر مشاهد الفيلم ولا يقل المشهد الذي يلحق فيه مارشيلو سيلفيا إلى نافورة المياه شهرة عن المشهد الذي قبله.
الفيلم هو عبارة عن تقسيمات لرؤى حياتية فنحن أولا وأخيرا نتابع لحظات مارسيلو وهو يخوض في غمار الحياة الحلوة ولا نستطيع أن نحدد ما إذا كان مارشيلو يحمل بعض العمق في شخصيته،أو عن طبيعة أفكاره حول الحياة بمعناها الهدفي،ومع كثرة الرقص الفنتازي الذي يذكرنا طبعا بفليني،فليالي الفيلم لا يمكن النظر إليها على أنها أثر أدبي تهكمي أو ساخر أو أي شيء من هذا القبيل،سوى بأنها عبارة عن تأريخ للحظات معينة في حياة صحفي يتوه في الفراغ مع طبقة أرستقراطية شهيرة ولكنها فارغة في نفس الوقت.
هناك ستاينر،صديق مارشيلو والذي قد يصلح لأن يكون (مركزا لموضوع الفيلم) وليس شخصيته المركزية،فهو شخصية تبدو هادئة ومتزنة وعالية الثقافة يدير ناديا أدبيا وبيته أقرب إلى متحف للفن ويتقن العزف على الأرغن ولكن شكواه الوحيدة هي بأنه يعيش في مجتمع منظم.
ولكن هذه الشخصية الهادئة والأقرب إلى الصفاء والنقاء ستنتحر بعد أن تقتل طفليها وزوجته.
من الواضح بأن الفيلم يبرز الخلل الاجتماعي والعقد النفسية التي أسست فيما بعد لما يدعى ب((انهيار الحضارة الغربية)) وكم من النقاد أختصر أحداث الفيلم ضمن الجملة الأخيرة فقط.
ثم تبدأ حلقة طويلة من حلقات الفيلم لتغطي أحداث عن طفلان رأيا السيدة الطاهرة.
من الواضح أن فليني يعرج على الرؤية الدينية للمجتمع ومكانه فيها،ولكن ضمن رؤية متقشفة تنحاز نحو العلمانية وعدم التوجه نحو طرح حلول تتعلق بالدين أو حتى الرؤى الفلسفية العميقة،ففليني في هذا الفيلم -الذي يعتبر أكثر أفلامه تفلسفا وبعيدا نوعا ما عن أحلامه وعوالمه الفنتازية – ناقد اجتماعي أكثر منه فيلسوف ومن الممكن إعطاء أفكاره تفسيرا قد يكون أكثر سهولة ومعقولية من زميله السويدي انغمار بيرغمان.
ففليني في اللقطة الأولى-التي صورت تمثال السيد المسيح محمولا فوق مدينة روما-كان يريد الحديث عن المجتمع وتسطيحه بل وتفسيره العشوائي العاطفي للقيم الدينية،فمن أي منظور فكري ومن أي زاوية رؤية يمكن أن ننظر إلى فتاة بلباس البحر تحيي السيد المسيح؟
لقد حرف الدين ليتماشى مع أخلاقيات المجتمع الحديث
فليني في الحياة حلوة ينظر ويرى فهو فرد ضمن منظومة اجتماعية عقيمة تتأمل في معجزة-الأطفال الذين رأوا السيدة الطاهرة-لعلها تجد عبرة فيها فهذه المعجزة ضمن تسلسل أحداث الفيلم تقاطع هذه المنظومة الاجتماعية التي غالبا ما تلجأ إلى وسائل الهروب الثلاث(الشرب والتدخين والنوم) وتتحدث عن الموت ضمن جمال الزهور التي تلقى على قبر الميت دون أخذ أي عبرة من الحدث الحقيقي أي الموت.
إن مشكلة مارشيلو هي مشكلة مجتمع يشكل هو أصلا احد أعمدته الفردية الصلبة،ربما يحاول أن يجد الخلاص في المرأة التي يبحث عنها ولا يجدها،ولا يتفاهم معها في شخص إيما التي تهيم به حبا،ولكن الخلاص ربما سيكون مع باولا وهي فتاة ضعيفة التجربة الحياتية التقاها في رحلة نقاء محاولا تحقيق مشروعه الأدبي وعرض عليها أن يعلمها الطباعة.
وإذا أردنا أن نعرج قبل الوصول إلى الخاتمة على الليلة التي يلتقي فيها مارشيلو عرضيا بوالده،ليتحدث فليني عن بعد آخر للمشكلة وهو ضعف التواصل العائلي والأساس الاجتماعي لهذه المنظومة الاجتماعية لأن الوالد وابنه سيقضيان الليل في نادي ليلي.
ولكن هناك الوحش الميت البشع الذي سيقع ضحية لشبكة الصيادين مع نهاية الفيلم،وسيثير هذا المنظر جميع أعضاء الحفلة الماجنة التي اختتم بها الفيلم وشارك مارشيلو فيها بكل قوة وحماس،وسيتوقفون لإلقاء نظرة تخلوا من التأمل لهذا الوحش.
أجمل ما في الفيلم هو اللغز،لأن البداية كانت مع رمز ديني ولكن النهاية كانت مع رمز حياتي بشع...إن باولا-الفتاة البريئة-تؤشر إلى مارشيلو من بعيد،تحاول أن تذكره بنفسها ولعرضه لها بتعليمها الطباعة ولكن مارشيلو لا يسمعها ويهز كتفيه إشارة إلى عدم الفهم ويمضي في طريقه.
يرى فليني بأن باولا هي حنين مارشيلو ورومانسيته ولا يفهم ما ينطوي عليه قبولها لتعليمها الطباعة من أشياء أخرى قد تمنحانه النضارة التي يمكن أن تحول فلسفته الساخرة المتشككة إلى ثقافة بناءة وكل ما استطيع قوله عن الوحش بأنه رمز دنيوي يشير إلى قبح الحياة ضمن هذه المنظومة الاجتماعية وهناك أيضا ضعف في التواصل بين الرمز الدنيوي والرمز الديني.
عدم التواصل يتمثل أصلا وأيضا في مفارقة عرض الفيلم،لأن السمعة السيئة التي سبقت عرض الفيلم حول مشهد تمثال السيد المسيح وحول مشهد التعري في الحفلة الماجنة الختامية لم تساهم في سوى زيادة العوائد المالية للفيلم.
حصل الفيلم على جائزة مهرجان كان الكبرى لعام 1960 وترشيح لجائزة الأوسكار لنفس العام.



#بلال_سمير_الصدّر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دوغفيل 2003:تجريد ومسرح بريختي في ثلاثية جديدة عن الولايات ا ...
- الاحتفال1998:دوغما لم تضل الطريق لكن بقيت عاجزة عن خدمة المخ ...
- تحطيم الأمواج 1996 للارسن فون تراير: رؤية عن الإنسان الطيب ا ...
- جوليتا والأرواح 1965:عندما تخون الأحلام فليني
- فيلم الحمقى1998 :فكرة غير واضحة لدوغما ماتت قبل أن تولد
- آلام جان دارك لكارل دراير 1928:التحفة الأبرز في مجال السينما ...
- فيلم غريزة أساسية 1992: عناصر ناجحة لفيلم ناجح على شباك التذ ...
- فيلم الطريق 1954 لفليني:الفيلم الذي قاد فليني إلى التحف
- فيلم (Bocaccio 70)رسالة حب موجهة للمرأة
- الحالمون2004:أين كنا عام 1968
- راقص في الظلام:رؤية تشاؤمية للأخلاق البشرية:لارسن فون تراير ...
- التانغو الأخير بباريس:الحواس كتعبير عن اليأس الروحي:برتولوتش ...
- أضواء المنوعات 1950 استعراض لحياة فليني القادمة من خلال قصة ...
- مدينة النساء1980(فدريكو فليني):صورة لمجتمع نسائي منفصل عن ال ...
- مدينة الملائكة(1998): فانتازيا رومانسية تعالج مسألة الحب وال ...
- لارسن فون تراير وتأسيس سينما الدوغما
- حب في المدينة -1953- لقاء العمالقة في نقطة لن تتكرر أبداً
- بروفة اوركسترا لفليني 1978قصة تحذيرية عن خطر الفوضوية
- أغيرا: غضب الرب 1972 فيلم عن الشخصية بامتياز
- (Little Chilren2006) أطفال صغار نظرة طبيعية لمجتمع مستقر أو ...


المزيد.....




- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...
- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلال سمير الصدّر - الحياة حلوة 1960 لفدريكو فليني: تأريخ للحظات معينة في حياة صحفي يتوه في الفراغ