أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - مصر: هبوب نسائم الدولة الدينية















المزيد.....

مصر: هبوب نسائم الدولة الدينية


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 3383 - 2011 / 6 / 1 - 18:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


-1-

كُثرت التعليقات في الإعلام العربي والغربي عن بدء هبوب نسائم الدولة الدينية في مصر. وازدادت هذه التعليقات التي امتلأت بتلميحات إلى بدء هبوب هذه النسائم، عندما وجد الإعلام في الشرق والغرب، أن هناك ليونة سياسية ملحوظة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة تجاه الجماعات الدينية، وخاصة جماعة الإخوان المسلمين و"الجماعة الإسلامية"، التي تم إطلاق سراح زعيميها طارق وعبود الزمر، والسماح لهما بالصعود إلى النجومية في الإعلام الحكومي والأهلي على السواء، وهما مجرمان وإرهابيان قاتلان لرئيس مصري. وسبق ذلك تقارير الصحافة الغربية عن وجود عدد لا بأس به من الضباط المنتمين إلى تنظيم جماعة الإخوان المسلمين. ثم قرأنا أسماء اللجنة التي قامت على تعديل بعض مواد الدستور (76، 77، 88، 93، و189) وإلغاء المادة 179 الخاصة بقانون الطوارئ، والتي كانت مكونة من عضويين من قادة الإخوان وهما: الأكاديمي عاطف البنا (المستتر)، وصبحي صالح (المنتشر)، عضو الكتلة الدستورية للإخوان، وعضو اللجنة الدستورية والتشريعية في مجلس الشعب، 2005. ورئس هذه اللجنة المستشار طارق البشري الذي كتب مقدمة كتاب القيادي الإخواني عبد المنعم أبو الفتوح (شاهد على تاريخ الحركة الإسلامية في مصر 1970-1984) وقدم له بمقدمة تبجيلية. والمستشار طارق البشري، من الباحثين المصريين الذين اتجهوا مؤخراً إلى المناداة بتطبيق الشريعة الإسلامية في مصر، كما أصبح من كبار منظري "الإسلام السياسي"، ومؤلف عدة كتب دينية/سياسية، تدعو إلى تطبيق الشريعة الدينية، وقيام الخلافة الإسلامية منها: "الوضع القانوني بين الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي"، و "منهاج النظر في النظم السياسية المعاصرة لبلدان العالم الإسلامي"، و "ماهية المعاصرة"، وكتابه الأخير: "الجماعة الوطنية: العزلة والاندماج" ، وهو من أكثر كتبه وضوحاً في شرح، وتبني منهاج "الإسلام السياسي".

-2-

ثم سمح المجلس الأعلى للقوات المسلحة للشيخ يوسف القرضاوي (المرجعية الفقهية العليا" لجماعة الإخوان المسلمين. وما زال عضواً فاعلاً في "الجماعة")، بأداء صلاة الجمعة في ميدان التحرير. وكان الإخوان المسلمون قد دعوا القرضاوي لزيارة القاهرة بمباركة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة. ثم قاموا بتنظيم هذه الصلاة الدينية/السياسية. وقاموا بحراسة القرضاوي، طوال زيارته لميدان التحرير وللقاهرة.

ولعب الإخوان دوراً كبيراً في حصول التعديلات الدستورية على أكثر من 70%، حين كانوا يسرون في آذان المستفتين المتدينين تديناً شعبياً بأن من سيقول "نعم" للتعديلات سيدخل الجنة، ومن سيقول "لا" سيدخل جهنم، حسب ما أفادت به الإعلامية سهير جودة، في برنامجها التلفزيوني "البيوت أسرار"، 26/5/2011.

-3-

وكان "الإخوان"، أول من حصل على ترخيص بإقامة حزب جديد (الحرية والعدالة) بعد ثورة 25 يناير. وقالوا إن الحزب سياسي وليس دينياً. وأنا لا أفهم هذه العبارة أبداً. فالإخوان المسلمون منذ 1928 حتى الآن، وهم يعلنون، ويعملون كحزب ديني. وعرفوا في العالم العربي والإسلامي على أنهم حزب ديني، يعمل في السياسة ويطمح إلى السلطة دائماً. فما الذي يدفعهم إلى الخروج عن منظومتهم الدينية، غير إيجاد أسرع الطرق، وأسهلها، وأضمنها للوصول إلى السلطة.

وفي الواقع، فإن من حق الإخوان – كأي حزب ديني/سياسي، السعي إلى السلطة بعد جهاد ونضال وصبر، دام أكثر من ثمانين عاماً منذ 1928. وهم على طريق الرشد والرشاد حين تخلوا عن العنف للوصول إلى السلطة، وسعوا بالطرق السياسية لتحقيق ذلك. وهو ما كنا نأمله من الإخوان المسلمين، في مثل هذه الظروف الحالية. ومن يتلاوم على الإخوان المسلمين على تبديل جلودهم، وتغيير بعض مبادئهم (من المطالبة بالخلافة الإسلامية إلى الإقرار بالدولة المدنية) فهو غير منصف. فالأحزاب السياسية في التاريخ، وفي العالم كله تتلون، وتتغير، وتتحالف حتى مع الشيطان، من أجل تحقيق أغراضها السياسية، شرط أن يتم كل ذلك من خلال العمل السياسي الديمقراطي المحض، وليس من خلال العنف الذي شهدناه من تنظيم الإخوان المسلمين المسلح، في الأربعينيات من القرن الماضي، الذي اغتال النقراشي باشا، والمستشار الخزندار، وحكمدار القاهرة. كما أن النفي، والكذب، والإنكار، والدس، والوقعية، من أخلاق الأحزاب السياسية في التاريخ، قديماً وحديثاً. وإذا كان الإخوان يلجأون إلى بعض هذا في بعض الأحيان، فتلك من طبيعة العمل السياسي. وهو ما يستهجنه بعض المعلقين على جماعة الإخوان المسلمين كجماعة دينية، وليست كجماعة سياسية. وتلقى هذه الجماعة من المعلقين والمحللين السياسيين من التأنيب والنقد الجارح، ما لا تلقاه بقية الأحزاب السياسية المصرية. فتلك أحزاب سياسية واضحة في أهدافها، وخططها.



-4-

وكان آخر المعلقين السياسيين المستهجنين لمواقف جماعة الإخوان المسلمين المحلل السياسي العراقي حسين كركوش، الذي كتب مقالاً بعنوان صارخ: (جماعة الأخوان في مصر: غوغائية بلا حدود، وكذب صراح، ورعب من يقظة الشعب) (جريدة "إيلاف"، 28/5/2011) قال فيه: "جماعة الأخوان المسلمين رفضت المشاركة ووصفت مظاهرات جمعة الغضب الثانية، بأنها ثورة ضد الشعب وأغلبيته، وتهدف للوقيعة بين الشعب والقوات المسلحة. وقالت، إن هذه المظاهرات ينادي بها العلمانيون والشيوعيون ضد إرادة الشعب. وأعلنت أنها تحترم دور المؤسسة العسكرية في حماية الثورة، والشعب. أما الجماعات السلفية، الظهير الاستراتيجي للإخوان، فإنها اعتبرت هذه المظاهرات خروجاً على الحاكم، وإقصاء الشريعة الإسلامية. وقالت، إن هذه المظاهرات ينادي بها العلمانيون، والليبراليون، والكفرة، والملحدون."

-5-

فإن كنا حقاً من الليبراليين، ونؤمن بالحرية والديمقراطية، فعلينا أن نرى في موقف الإخوان من "جمعة الغضب الثانية" ما اعتبروه "جمعة الوقعية" وانقلاباً على الشرعية.. الخ. مواقف سياسية للرأي الآخر الحر. ولكن شرط عدم تجريم الآخرين المخالفين لهم في الرأي ورميهم بالكفر والخيانة. وشرط أن لا يُستعمل الدين أو نصوصه المقدسة، لخدمة هذه المواقف السياسية المحضة. فإن خطأ الإخوان الأكبر خلال السنوات الماضية، كان خطف الدين وامتطائه لأغراض سياسية محضة. وليس في ذلك خدمة للدين بل خدمة للسياسة. وإقحام الدين في السياسة كان على مدار العصور والدهور، لمصلحة السياسة وضد الدين، الذي كان دائماً هو المتضرر من هذا الإقحام القسري، نتيجة لثوابت الدين، وتحولات السياسة المستمرة، ونتيجة لقداسة الدين ونجاسة السياسة.

-6-

من المسلم به أن رياح الدولة الدينية بدأت بالهبوب على سطح النيل الرقراق. فمرحباً بالدولة الدينية، إذا كان هذا خيار الشعب المصري الديمقراطي السياسي السليم، الذي لا يشوبه عنف، ولا يشوبه المال السياسي، ولا يشوبه الضغط الديني الإعلامي والدعوي. فالوصول إلى الدولة المدنية الديمقراطية الحقة، لن يتم، ولن يتحقق، إلا إذا حكمتنا هذه الدولة وتجاوزنا حكم الدولة الدينية الحالمة، لكي نعرف بياضها من سوادها. فالتحقيق شرط التجاوز، كما قال الفيلسوف هيجل.



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصر: من استبداد الدولة الى استبداد الفوضى
- لكي لا تتحول الثورات الى أزمات!
- يا كاهنة المعبد: كفى عبثاً!
- لماذا كانت وعود الدكتاتوريات كاذبة؟
- لنتعلم قليلاً من أخطاء الثورات في التاريخ
- حطمنا طوطم الإرهاب.. فماذا عن تفسير الظاهرة؟
- ماذا عن ثعالب الغابة الأخرى؟
- من مظاهر غباء الدكتاتوريات العربية
- لماذا تخلو بعض الثورات من المفكرين والفلاسفة؟
- لماذا تخلو بعض الثوؤات من المفكرين والفلاسفة؟
- عندما ترتدي الدكتاتورية جلود الحملان وتستعطف!
- أسئلة المستقبل المصري بعد ثورة 25 يناير
- الثورات والمفكرون والحريات
- ليبيا: من ثورة بيضاء الى حرب دموية!
- ما مستقبل الديمقراطية في مصر؟
- عسل الدكتاتوريات المُرّ!
- الدكتاتوريون الكاريكاتوريون
- الإعلام المصري قبل وبعد 25 يناير
- في التحليل النفسي لظاهرة شباب الثورة
- ضباع الدكتاتورية والفساد في سوريا والعراق


المزيد.....




- كاميرا مراقبة ترصد لحظة اختناق طفل.. شاهد رد فعل موظفة مطعم ...
- أردوغان وهنية يلتقيان في تركيا السبت.. والأول يُعلق: ما سنتح ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
- الدفاع الروسية تكشف خسائر أوكرانيا خلال آخر أسبوع للعملية ال ...
- بعد أن قالت إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة.. أستاذة جا ...
- واشنطن تؤكد: لا دولة فلسطينية إلا بمفاوضات مباشرة مع إسرائيل ...
- بينس: لن أؤيد ترامب وبالتأكيد لن أصوت لبايدن (فيديو)
- أهالي رفح والنازحون إليها: نناشد العالم حماية المدنيين في أك ...
- جامعة كولومبيا تفصل ابنة النائبة الأمريكية إلهان عمر
- مجموعة السبع تستنكر -العدد غير المقبول من المدنيين- الذين قت ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - مصر: هبوب نسائم الدولة الدينية