أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد مسعد محمد السبع - الصين والكونفوشيوسية وربيع الثورة العربية















المزيد.....

الصين والكونفوشيوسية وربيع الثورة العربية


عماد مسعد محمد السبع

الحوار المتمدن-العدد: 3382 - 2011 / 5 / 31 - 20:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الأنباء الواردة من الصين الشعبية تتحدث عن أهتمام متزايد من جانب القيادة الصينية بمتغيرات الحالة فى منطقة الشرق الأوسط . وحيث قام الحزب الشيوعى الصينى بتوزيع ورقة بحثية على أعضائه وكادره الحزبى بهدف وضع تصورحول تداعيات وتطورات ونتائج الأنتفاضات الجماهيرية العربية المتلاحقة.

فى حين ذكرت بعض التقاريرأن قوات الأمن شرعت فى إحتجاز نحو 300 راهب بوذي بجنوب غرب الصين زهاء شهر كامل وفي إطارحملة أعقبت إضرام أحد الرهبان النارفي نفسه على غرار التونسى / محمد بوعزيزى .

ومن الطريف أن الأنباء أشارت لعمد السلطات الصينية إلى حجب مؤشر البحث الأنترنتى الخاص بمفردة ياسمين (yasmine ) - التى تمثل دلالة رمزية للثورة التونسية -وللحيلولة دون مطالعة الشباب الصينى لأحداث تلك الثورة .

وأرجعت التحليلات الراصدة هذا الإهتمام لواقعة تشابه النموذج السياسى الصينى مع بعض جوانب الحالة فى مصروتونس , حيث يوجد حزب سلطوى قابض على زمام الحكم فى ظل تحريرأقتصادى والتزام بآليات السوق الرأسمالى وبجهاز الأثمان السعرى . كما أن ثورة العرب فى الميادين العامة أنعشت الذاكرة بشأن أحداث " ميدان السلام السماوى " فى قلب العاصمة بكين وحيث قمع الأمن بقسوة شباب المتظاهرين الصينيين الداعيين للحرية والديموقراطية .

ومن هنا يظل تفسير السلوك السياسى الصينى تجاه الإنتفاضات العربية ,واشكالية أمتداد المد التحررى والديموقراطى من منطقة الشرق الأوسط لحدود الصين موضع جدل وتساؤل.

فالثابت أنه فى وقت تدخلت فيه أمريكا وروسيا والغرب بقوة على مسرح الحدث العربى يبدو الدورالصينى غيرملحوظ وشبه غائب وتتحاشى الدبلوماسية الصينية أتحاذ موقف قوى وواضح يفهم معه أنحيازها لأى من طرفى الصراع / الحكومات العربية أم الجمهورالثائر. وبالطبع فأن هذا الحياد الرسمى لا يعكس حيادآ فى " الرأى العام الصينى " تجاه هذه الإحداث والذى أظهرتعاطفآ وأهتمامآ متزايدآ بالشأن العربى عامة والفلسطينى على وجه الخصوص.

ويعود الحذروالتراجع الصينى فى جانب عريض منه( لحسابات المخاطروالحوافز) داخل المنطقة العربية التى تعتبر بالغة الأهمية والحساسية بالنسبة للمصالح الصينية لاسيما قطاع النفط . حيث تستورد الصين ما يزيد عن ستين فى المائة من وارداتها النفطية من الشرق الأوسط كما أصبحت المنطقة مكان توطين لإستثمارات صينية و سوقآ رائجة للصادرات الصينية من ملابس وصناعات صغيرة .

ومن هنا ولكى تحمى الصين مصالحها الضخمة والمتزايدة فأنهاتتخذ سلوكآ محافظآ ومترددآ تجاه متغيرات الأقليم ,فمرحلة عدم اليقين السائدة تفرض عليها " نمطآ غيرتفاعلى " فى تلك المرحلة من تطورحياة السياسية والمجتمع العربى .

ويتضح ذلك من تقصى مواقفها تجاه الحدث اليبي وكمعيار لسلوكها تجاه الثورات العربية . فرغبة منها فى عدم الظهور بمظهر المعارض فى الحلبة الدولية - -وعلى الرغم من علاقتها القوية بالقذافى - فقد صوتت لتأييد القرار 1970 الصادرمن مجلس الأمن الدولي والذى ينص على حظرتصديرالأسلحة لليبيا.

ثم بعد ذلك فضلت الإنضمام لروسيا وألمانيا والهند والبرازيل وامتنعت عن التصويت على القرار 1973فى ظل مؤشرات حول أمكانية صمود القذافى وأتساع نطاق المواجهة القبلية ,ولكى تضمن الحفاظ على مكاسبها وعقود النفط التى وعد القذافى بها. ويبدو ركن المصلحة الإقتصادية ضاغطآ فى هذا السياق حيث تضاعفت واردات الصين من النفط الليبي عشر مرات سنة 2010 مقارنة بـ2009 لتتحول إلى خامس مزود للصين ، إضافة لحضورها القوى فى قطاع البنية التحتية والذي عكسه عدد الصينيين الذين تم إجلاؤهم عند بداية القتال وناهزنحوأربعين ألفا.

وقد بررت الصين امتناعها عن التصويت بأنها تأخذ بعين الإعتبارالإنصات لآراء الدول الأفريقية والعربيةعند أتخاذ قرارتها, فى حين شنت صحيفة " الشعب " هجومآ شديدآ ضد التدخل العسكرى معتبرة أنه يمثل تجاوزآ لنطاق القرارالصادر من مجلس الأمن.

ومن هنا يبدو جليآ أن الصين لن ترتضى الجلوس على جانب الخط عن توزيع الكعكة الليبية, ولكنها تدرك جيدآ أن ليبيا تقع ضمن دائرة النفوذ الأمريكى والغربى ولذلك يتعين أن تكون شديد الحرص عند التعامل مع متغيراته الجديدة. فهى لا تريد – من جانب - أن تثير عداء الغرب وأمريكا الراغبين فى أزاحة القذافى , وفى الوقت نفسه تتجنب تكريس موقف سياسي صيني مؤيد للتدخل العسكرى وهى مازالت فى طورالإعداد لشراكة أفريقية وعربية قادمة .

السلوك الصينى تجاه ليبيا ينسحب أيضآ على موقفها أزاء تطورات الأوضاع فى اليمن و سوريا ,وحيث تدرك تعقد الحسابات السياسية داخل عالم عربى منقسم ومجتمعات وشعوب مازالت تتلمس طريقها نحوالديموقراطية وبناء مؤسسات الدولة والحكم .

ولذلك ليس من الصعوبة رصد المنحى البرجماتى للسياسة الصينية أزاء الإنتفاضات العربية ,فهى لا تريد أن ينتهى بها الحال وقد خسرت بعض أصدقائها أو أثارت أستيائهم أو أضاعة وقتها فى أتخاذ مواقف متشددة وغير محسوبة لم تحصل فى مقابلها على شيىء .

كماأن هناك عامل ثقافى هام يتعين الإنتباه اليه ويتلخص فى أن الصين تعتبر ما يحدث بالمنطقة العربية فرصة للحكم على إختبارأفكارالتحول الديموقراطى والحقوقى الليبرالى داخل منطقة تتصف تاريخيآ بالتزام بقيم الطاعة والولاء السلطوى والأبوى.

فقد انخرط الليبراليون والماركسيون الصينيون منذ فترة فى جدل ونقد فكرى شامل لتراثهم وتطلعوا إلى " الكونفوشيوسية " كطريق لتقديم نموذج للإصلاح السياسى و الدستورى الصينى ذو نزعةوروح أنساني جديد .

ويجرى المقترح على سند من الجمع بين الأفكار الديموقراطية الغربية وأفكار " الجدارة " الكونفوشيوسية " فى مركب محلى صينى يكون من شأنه تقسيم العمل بين " أولوية الديموقراطية " فى بعض المجالات بينما تكون الأولوية للجدارة فى مجالات آخرى.

ويعنى ذلك على الصعيد العملى مزيدآ من حرية التعبير للمواطن وتكوين الجمعيات وأنتعاش الفضاء الأهلى وزيادة تمثيل العمال والفلاحين فى المجالس الديموقراطية – وكمفردات سياسية وأجتماعيةومدنية بديلة للنموذج الليبرالى الغربى - تستمد جذورها من القيم والتقاليد الصينية.

وفى الحقيقة فأن هذا التوجه – الذى يحظى الآن بمباركة جناح مؤثر داخل الحزب الشيوعى الصينى – يصادف أعتراضات منها صعوبة قياس نوعية الفضائل التى أهتم بها كونفوشيوس ( المرونة و التواضع و الرحمة و الحرص على المصلحة العامة ) والتى يتعين أن يتسم بها فى الأحوال المثالية متخذو القرار السياسى فى هذا العالم الحديث .

فضلآ عن أن الغرب الراصد لهذه التحولات الصينية مازال يعتقد أن عملية الإحياء الجديد لكونفوشيوس مرتبط بشكل أو بآخر بحركة الإحياء الإسلامى فى آسيا والشرق الأوسط وبما تنطوى عليه فى التحليل النهائى من نزعة قومية معادية للغرب و لقيم الحداثة الأوروربية.

وأياما كان الأمر فأن الجماعة السياسية والثقافية الصينية ستبقى مشدودة لتطورات الإنتفاضات العربية واليوم التالى لها باعتبارها " مختبرآ واقعيآ " لعلاقة الفرد بالحكم والسلطة والمجتمع .

فهذه الكتلة البشرية الرهيبة لن تقف مكتوفة اليد تنظر شرقآ وغربآ تجاه ربيع الديموقراطية وكأنها جزء من عالم الأمبراطور الصينى القديم المستبد برعاياها والذى ينظر اليهم بوصفهم موجودات دنيا أوأدوات سخرت لأغراضهوعبادته و طاعة أوامره .

كان أعتقاد " هيجل " بأن الشرقيين لم يتوصلوا إلى معرفة الروح الإنسانى ومن ثمة لم يدركوا من هو(الإنسان – الحر) . وكان يبرر أستسلام " الإنسان الصينى " بإنعدام وغياب "وعيه الذاتى " فهو من وجهة نظره ( يحمل أسوأ المشاعر عن نفسه فهو لم يخلق الإ ليجرعربة الإمبراطورويظن أن هذا هو قدره المحتوم وبما يعكس ضآلة الإحترام الذى يكنه الصينى لنفسه / كإنسان ) .

ولكن حتمآ ستفطن النخبة الصينية – التى تمتلك خبرات سياسية وتاريخية لا يستهان بها - لحقيقة أن أنتفاضات الجمهور العربي بمنطقة الشرق الأوسط ستكون رافعة نحو تحرير جانب من " الوعى الذاتى لهذا الإنسان الصينى " الذى تحدث عنه هيجل .

وهو وعى سيتقدم على خلفية أن خلاص الإنسان العربى – قرينه ومرادفه فى المعاناة من بطش السلطة - سيدفعه حتمآ نحو الحرية .. فهو ليس السيد و ليس العبد و لكنه " الإنسان الحر " الذى يجب أن يوجد , وأن يكون , وأن ينفى هيجل عند نهاية التاريخ ..!
عماد مسعد السبع



#عماد_مسعد_محمد_السبع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موقع الموسيقى على خريطة الثورة العربية
- الثورة العربية فى عيون الإستراتيجية الإسرائيلية .
- فوبيا الشعر و الثورة العربية
- ملاحظات حول الموقف الإيرانى من الثورة العربية
- العلافات العاطفية فى زمن التحول الثورى
- دلالات ودوافع التوجه الخليجى نحوالمملكة المغربية.
- الصراع حول الدولة المدنية فى مصروتونس
- الثورة العربية ومملكة الصمت السعودى
- دورعنصرالأرض ورأسمالية المقاولات فى سقوط نظام مبارك .
- الإسلام الراديكالى هل سيحصد ثمارالثورات العربية ؟
- فجر القومية العربية الجديد .. هل سيولد من رحم الثورة ؟
- حول موقف الثورتين التونسية والمصرية من قضية تحريرالمرأة
- دورالسياسات والعلاقات الزراعية المصرية فى قيام ثورة 25 يناير
- لماذا غاب العمال عن مشهد الثورة المصرية ؟ .
- ملاحظات حول الرهان الخارجى على الثورة المصرية
- الثورة وتحالف السلطة فى سوريا
- هل الثورات العربية هى ثورات الطبقة الوسطى ؟
- الحالة الليبية بين حقيقة الموقف الثورى ووهم سقوط القذافى
- تحريم فن النحت فى مصر وتونس
- الدولة والإنقسام الإجتماعى والطائفى فى مصر


المزيد.....




- -ضربه بالشاكوش حتى الموت في العراق-.. مقطع فيديو لجريمة مروع ...
- آلاف الأردنيين يواصلون احتجاجاتهم قرب سفارة إسرائيل في عمان ...
- نتانياهو يوافق على إرسال وفدين إلى مصر وقطر لإجراء محادثات ح ...
- الإسباني تشابي ألونسو يعلن استمراره في تدريب نادي ليفركوزن
- لأول مرة.. غضب كبير في مصر لعدم بث قرآن يوم الجمعة
- القيادة المركزية الأمريكية تعلن تدمير 4 مسيّرات للحوثيين فوق ...
- صاحب شركة روسية مصنعة لنظام التشغيل Astra Linux OS يدخل قائم ...
- رئيسا الموساد والشاباك يتوجهان إلى الدوحة والقاهرة لاستكمال ...
- مصر.. فتاة تنتحر بعد مقتل خطيبها بطريقة مروعة
- علاء مبارك يسخر من مجلس الأمن


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد مسعد محمد السبع - الصين والكونفوشيوسية وربيع الثورة العربية