أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن خضر - الوجاهة القطرية، لماذا كل هذا؟















المزيد.....

الوجاهة القطرية، لماذا كل هذا؟


حسن خضر
كاتب وباحث

(Hassan Khader)


الحوار المتمدن-العدد: 3382 - 2011 / 5 / 31 - 16:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أوقفت لجنة الأخلاق، في الاتحاد الدولي لكرة القدم، القطري بن همّام، للتحقيق في فساد محتمل. كما انسحب المذكور من التنافس على منصب رئاسة الاتحاد، وربما يفتح التحقيق ملابسات فوز بلاده باستضافة مباريات كأس العالم، التي دار بشأنها لغط كثير. ولكن ما لنا نحن وهذا الكلام؟
ما يحرّض على الكلام في هذا الموضوع أن مشروع الوجاهة القطري يثير الاستفزاز والضحك. قبل قليل نافست مصر على منصب الأمين العام للجامعة العربية، وانضمت إلى التحالف الدولي ضد القذافي، وقبل القليل بكثير انخرطت في وساطات مختلفة في السودان واليمن والصومال وفلسطين ولبنان. وهذا غيض من فيض.
ولماذا كل هذا؟
التركي عزيز نيسين خفيف الظل، وكاتب من القطع الكبير، ترك أعمالاً لم تجد صعوبة في احتلال مساحة من الذاكرة، والإقامة فيها وقتاً يطول، بقدر ما تطول قائمة ما شهدناه، وشهدنا عليه من أحداث. فالكوميديا السوداء تُدرّب الذائقة الشخصية على اكتشاف الظلال الخفيفة في فن المفارقة، وفي الوقت نفسه لا تتجلى، بقدر ما تستحق من إعجاب، إلا على صفحة ذائقة شخصية تحررت من أوهام كثيرة.
ومن بين أعماله البديعة، تفرد الذاكرة مكاناً فريداً لرواية بعنوان "زوبك"، صدرت ترجمتها العربية في ثمانينيات القرن الماضي، وفي ثنايا المكان الفريد يتوهّج اسم إبراهيم بيك زوبك، الشخصية الرئيسة، التي تواظب على الحضور، بكفاءة موظف استعلامات أمين، يرد على، ويفسّر، أسئلة كثيرة في الحال.
زوبك وجيه ريفي، في منطقة تركية نائية، مصاب بداء الأهمية، ورياضته المُفضلة، إقناع الناس بأهميته الشخصية، وافتعال أحداث توحي بمكانة رفيعة لدى أصحاب الشأن في المراكز الحضرية البعيدة، على أمل الفوز بمنصب رئيس البلدية. الرواية التي تُرجمت إلى أكثر من لغة عالمية، تحوّلت إلى فيلم في تركيا، وإلى مسلسل درامي قام ببطولته الممثل السوري دريد لحّام، قبل سنوات طويلة.
تحضر في سيرة زوبك، وأوهامه الكثيرة والمثيرة، ناهيك عن أكاذيبه وألاعيبه، وأهميته المفتعلة، كافة العناصر الضرورية لبناء شخصية الفهلوي. لذلك، عُرفت الرواية باسم الفهلوي، أيضاً. ولا نملك في أحيان كثيرة عدم التعاطف معه، والشفقة عليه، باعتباره شخصية روائية، رغم أننا لا نرجو العيش قرب شخص كهذا في الحياة اليومية.
حتى الآن لا ضرر، ولا ضرار. نصادف أمثال زوبك في الحياة اليومية، ونحاول الابتعاد عنهم. نصادف مثقفين، وساسة، وموظفين، ومناضلين، وأصحاب بزنس، من هذا الطراز. ولا نعجز، في جميع الأحوال، عن اكتشاف عناصر كوميديا سوداء، تثير الضحك مرّة، وسخرية يشوبها الأسى مرّات.
ولكن ماذا يحدث: إذا كان الوجيه الريفي دولة أصغر من تؤخذ على محمل الجد، وإذا كانت الدولة مصابة بداء الأهمية، وكان لديها ما يكفي من المال للإنفاق على أوهام تصبح حقيقية، وجدية تماماً، بقدر ما تنجح في إقناع الآخرين بأن تبني القضية ونقيضها، واستجداء الوساطة في كل مكان وأمر تلوح فيه بارقة وساطة، والتصرّف على طريقة الكبار أصحاب الهموم الإستراتيجية، أشياء تكفي للنجاح في مسعى الوجاهة في العالم القريب والبعيد.
إذا حدث ذلك، ينـزل الأدب من ملكوت الخيال إلى أرض الواقع. وهذا محتمل إلى حد ما، بقدر ما نعثر فيه على عناصر للكوميديا السوداء. ولكن، عندما يؤسس مسعى الوجاهة لقيم يصبح وجودها شرطاً لنجاحه، وعندما تصبح محاولة التسلق على جذع قضايا كبرى مدخلا للوجاهة، عندئذ تنفتح الكوميديا السوداء على احتمال الكارثة.
إلى أين يأخذنا هذا كله؟ إلى قطر.
في ليبيا وسوريا واليمن يشتمون قطر. وفي مصر وتونس، شتمها الحكام وأبواقهم قبل سقوطهم المدوي، وحتى في فلسطين ترى فيها نسبة لا بأس بها من الفلسطينيين مصدر إزعاج يبرر الشتيمة.
ولا أحب أن أرى نفسي في خندق واحد مع أنظمة الاستبداد في ليبيا، واليمن، وسوريا، ولا مع الدكتاتورين المخلوعين في مصر وتونس، أو حتى مع الفلسطينيين الذين هاجوا لأن الفضائية القطرية نشرت وثائق معيّنة تخص المفاوضات لإحراج السلطة الفلسطينية.
بيد أن هذه الحقيقة لا تنفي الحرص على ضرورة التعامل مع الظاهرة القطرية، باعتبارها جديرة بالبحث والملاحظة، إذا أردنا أن نفهم ما أصاب العالم العربي من انحطاط في العقود القلية الماضية. وهذا بيت القصيد.
أزعم بأننا لن نتمكن من تفسير الظاهرة القطرية إلا على خلفية الانحطاط، الذي أصاب المراكز الحضرية في القاهرة، ودمشق، وبغداد، وبيروت، والقاهرة. ليس بمعنى أن هبوط تلك المراكز خلق فراغاً في السياسة الإقليمية، فسارع آخرون للاستفادة منه، وصعدوا بناء عليه، بل بمعنى أن صعود هذا النوع من الآخرين جزء عضوي من بنية الانحطاط.
دور تركيا وإيران، مثلاً، ازداد في السياسة الإقليمية نتيجة الفراغ، لكن هاتين الدولتين تملكان، في الواقع، مؤهلات القوّة الإقليمية، أي كل ما لا تملكه مشيخة نفطية صغيرة، تحتاج لحماية عسكرية، وسياسية، من قوى أكبر لتبقى على قيد السياسة والتلفزيون.
في زمن الانحطاط يمكن أن تكون الشيء ونقيضه، فإذا نجحت أصبح الجمع بين الشيء ونقيضه قيمة تحظى بالاعتراف. أن تكون في الواقع شيئاً، وأن تتظاهر بشيء آخر. وهذا ما تتمرد عليه الشعوب العربية هذه الأيام: سوريا، مثلاً، دولة تقول إنها ديمقراطية، رغم أنها محكومة بالجيش والمخابرات، وقطر تموت في الديمقراطية، لكنها بلا برلمان، ولا أحزاب، ولا صحافة حرّة، وحسابات الحكّام المصرفية، لا تخضع لرقابة أحد، ومصر المباركية قالت إنها دولة الاستقرار والتنمية، لكن مبارك في السجن هو وأولاده، وأغلب أعضاء حكومته، بتهمة اختلاس المال العام. وعلى هذا انظر من الماء إلى الماء، وقس.
في هذه المفارقات نعثر على معنى أن تكون الظاهرة القطرية جزءاً عضوياً من حالة الانحطاط العام، التي أصابت العالم العربي. في التاريخ والجغرافيا حقائق لا تقبل التغيير. الدول لا تستمد قيمتها من حساباتها المصرفية وحسب، بل من عدد ما لديها من ألوية مدرعة، وموارد بشرية، ومصانع، وموانع طبيعية، وجغرافيا، وتاريخ. هذه الأشياء لن تتغيّر.
فلنعد إلى بن همّام، والوجيه الريفي الطامح إلى رئاسة البلدية ـ سواء أكانت الاتحاد الدولي لكرة القدم، أم جامعة الدول العربية ـ وإلى مشروع الوجاهة القطري. في علم النفس والاجتماع ما يفسّر الكثير. ومع هذا، لماذا كل هذا؟



#حسن_خضر (هاشتاغ)       Hassan_Khader#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشهدان، وملاحظتان، وتعليق..!!
- سيناريو يوم القيامة في الجولان ولبنان..!!
- الصراع على هوية مصر..!!
- صورة جانبية لرجل اسمه حسني مُبارك..!!
- جول مير خميس: وقائع موت مُعلن..!!
- المخطوفان فلسطين والإسلام رهائن الثورة المضادة..!!
- دعوة للانخراط في المؤامرة ومبايعة للمتآمرين..!!
- كم من الكيلومترات يمشي نداء الحرية في اليوم..!!
- ربيع الشعوب العربية: 1- السنوات العجاف..!!
- ما الذي سيبقى من العقيد..!!
- الله، ومعمّر، وليبيا وبس..!!
- مصر قامت والقيامة الآن..!!
- عَمَارْ يا مصر..!!
- الشعب يريد إسقاط الرئيس..!!
- تحيا تونس..!!
- لا أحد يحب العرب هناك..!!
- إذا نجت مصر نجونا..!!
- مجرد سؤال في مشهد يطل على كارثة..!!
- نعم، الجواب: نعم..!!
- الفشل في استثمار الفوز..!!


المزيد.....




- انتشر بسرعة عبر نظام التهوية.. لحظة إنقاذ كلاب من منتجع للحي ...
- بيان للجيش الإسرائيلي عن تقارير تنفيذه إعدامات ميدانية واكتش ...
- المغرب.. شخص يهدد بحرق جسده بعد تسلقه عمودا كهربائيا
- أبو عبيدة: إسرائيل تحاول إيهام العالم بأنها قضت على كل فصائل ...
- 16 قتيلا على الأقل و28 مفقودا إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة ...
- الأسد يصدر قانونا بشأن وزارة الإعلام السورية
- هل ترسم الصواريخ الإيرانية ومسيرات الرد الإسرائيلي قواعد اشت ...
- استقالة حاليفا.. كرة ثلج تتدحرج في الجيش الإسرائيلي
- تساؤلات بشأن عمل جهاز الخدمة السرية.. ماذا سيحدث لو تم سجن ت ...
- بعد تقارير عن نقله.. قطر تعلن موقفها من بقاء مكتب حماس في ال ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن خضر - الوجاهة القطرية، لماذا كل هذا؟