أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كابي حنا - الحب يا بلاد النهرين















المزيد.....

الحب يا بلاد النهرين


كابي حنا

الحوار المتمدن-العدد: 1008 - 2004 / 11 / 5 - 10:49
المحور: الادب والفن
    


مزيدٌ من الحب سيحترق كوقود ضوئي لنجوم الليل ...
أهي العتمة السوداء نتذكرها ؟ حين نحلم بليلة نجمية تلمع فيها الأماني ؟
أم أننا لا نتذكر من الليل غير نجومه وننسى ثوب السماء الأسود .
هذه المعادلة المتعاكسة ...
أهي ضوء النجمة أم سواد العتمة ما يُسعد قلوبنا في ليلة تنقطع فيها الأضواء الاصطناعية ؟
هل تنطبق هذه الازدواجية على الحب والموت ؟
ذلك إذا اعتبرنا أن نقيض الحب هو الموت وأن الحب يشمل كل ما هو خير للبشرية فيكون نقيضه إذن كل ما يزيل سعادة الإنسانية ولا يعبر عن ذلك غير كلمة الموت .

أستذكر هنا قول الشاعر الإغريقي سوفوكليس :
الحب ليس وحده الحب
لكن اسمه يخفي أسماء أخرى
إنه الموت والقوى التي لا تزول .

في مسرحيته ( أنتيجونا ) يختار هيمون الموت تأكيداً على حبه المطلق حبيبته, وفي الأساطير اليونانية يقولون في وصف تعليلي للحب :
إن الآلهة غضبت على الجنس البشري لوقاحته فوقف الإله المشتري خطيبا فيهم وقال :
أظن أنني وجدت طريقة لإضعاف الجنس البشري وتقليل وقاحته دون إهلاكه ، سأشق كل واحد إلى نصفين وبذا يضعفون جميعاً ، وهكذا شقت الآلهة كل إنسان إلى شقين وأخذ كل نصف يسعى للاتصال بنصفه الثاني فيلقي أحدهما بذراعه حول النصف الآخر وكله أمل أن يعود إلى ما كان عليه النصفان .

سامحوني أيها الأعزاء إذ أدخلتكم في موضوع ليس هو موضوع الساعة على الإطلاق فالعالم يغلي بالكره والقتل والإرهاب ينهشنا يومياً من صباح الخير حتى مساء الخير ، يغرز أسنانه في قلوبنا ونحن نتسمر أمام شاشة التلفزيون ، ينقر آذاننا بمخالبه أينما ذهبنا ، في الباص يُسمعكَ المذيع آخرَ حصيلة قتلى في بلد ربما لم تسمع عنه من قبل ، تنتقل إلى الجلوس في أحد المقاهي فلا أخبار غير بن لادن وبن بوش والآن بن كيري .
وحين ينحل قلبك خلف ساعة النوم هل تحلم مثلي بليلة مضيئة بالنجوم بدون أي نقطة سوداء؟
ربما تجده سؤالا غبياً.
الحقيقة هذا هو ما يجعلني أنام بعد تكرار الموت اليومي بمشاهده المروعة والتي تتأنق الفضائيات بنقله كأنها تنقل لون الربيع إنها طريقتي بالهروب أيضاً من مواضيع الإنترنت وأخر تسريحة شعر لباسييف آكل لحوم الأطفال ولا أخفيكم أنني أستعيض بنفس الطريقة للهروب من جاري السويدي العجوز الذي أتعبني بزياراته العجيبة فهو يتخيل أحياناً أن دخاناً يتصاعد من مطبخي فيركض ليحذرني فأريه المطبخ يضحك ويقول عذراً ، ولأقطع عنه الطريق امتنعت عن تحضير الغداء فقط سندويشات سريعة ومع ذلك لم ينقطع عنه هذا الإحساس الدخاني .

أعتقد أنه يحس بحريقي وأنا أراقب لغة الحرب التي تعصف في كل مكان ، ولهذا أحلم أو أساعد نفسي على تبني حلم ينتفي عنه السواد الذي طغى على قلوب المجرمين .
أسألهم كم من الأبرياء تحتاجون لحرقهم من أجل أفكار سوداوية هل ليلكم أبيض فتحتاجون لدخان الجثث المحترقة فتنتشي أرواحكم لتشاهدوا النجوم ؟
أيعقل أنكم تبحثون عن نصفكم الأخر وسط كل هذا اللهيب أم تريدون الالتصاق بقنبلة تعبيراً عن حبكم البارودي .
أظن أن إله المشتري كان يقصدكم ....
وأعتقد أنه يلوم نفسه لأنه لم يمسح أمثالكم عن الوجود بدل أن يكون خياركم الجلوس على قذيفة هاون أو سيف مسلول لذبح الكفرة كما تسمونهم .

ربما هذا ما كان يقصده أرسطو عن الحب حينما قال :
إنه جهل عارض صادف قلباً لا شغل له .
هو الجواب الصحيح الجهل الفائض الذي ربما يحقق أعلى المعدلات في عالمنا العربي لسوء الحظ صادف قلوباً فارغة من أي حب منطقي فما كان غير البارود يشغله ويشعله .
إنها مأساة الساعة ...
ما يخلفه اختفاء الحب هو فراغ شاسع يملؤه الحقد وقطع الرقاب وخطف النساء وسحق أحلام الأطفال وتدمير أي طريق للحوار وتقبل الأخر حيث تعلو نبرة الأنا الأنانية رافضة أي جديد أو أي رأي أخر .
نجد عند يوحنا الرسول الذي عايش السيد المسيح أن الحب عنده واسع وشامل إذ يقول :
من لا يحب لا يعرف الله ، لأن الله محبة .
وفي القرآن :
قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله .
هذه رسالتي أن نحتضن الطريق نحو الأخر ، أينما كنا في البيت أو في العمل أو في الشارع أو في السوق أو في المقهى .

يحدثنا جبران خليل جبران عن الحب واضعاً إصبعه على طرفي المحبة بدقة فائقة قائلاً :
كما أن المحبة تكللكم فهي تصلبكم وكما تعمل على نموكم هكذا تعلمكم وتستأصل الفاسد منكم .
وحتى بلزاك الفيلسوف الكبير يعتبر الحب مفتاحاً لكل ما هو عظيم .

هذا الحب لكي يحمله الإنسان بين جوانحه لا بد آن يمهد له تربة في الروح ، وأرى كما قال محمد إقبال :
ليس العاشق من يحرك شفتيه متأوها بالحب بل العاشق الحقيقي هو الذي يحمل العالم على كتفه .
لنحمي صفحة الإنسانية في ذاكرة التاريخ حين يقرأها أحفاد المستقبل ولنجعل عالمهم في القلب عطاءً لاستبقاء إنسانيتنا .
ومن منا ينسى ما قاله البياتي عن الحب :
لم أجد الخلاص في الحب وإنما وجدت الله
الواقع الذي يحدث الآن هو العكس تماماً ....
هؤلاء الذين يدوسون العالم كله حاملين الرصاص على ظهورهم مع أن حمل رسالة المحبة ليست ثقيلة هي أخف من ريشة يداعبها طفل بأصابعه البريئة أما صحن الدار .
أفريقيا كانت لها رسالتها في الحب وشاهد ذلك ما قاله الشاعر أوتامسي نشيكايا :
ذات صباح بصقت الشمس غيظها
وقالت انهضوا معي وناموا معي
أنا هي شمس الحب .

الحب يا بلاد النهرين كان رسالتك في أول قصيدة سومرية وجدت تحت خرائب نينوى العظيمة ، حيث غنت العاشقة الملكية لحبيبها :
لقد أسرت قلبي
فدعني أقف بحضرتك
وأنا خائفة ومرتعشة
أيها العريس دعني أدلكك .

رسالة الحب هي التي بقيت على أرضك بعد أكثر من 7000سنة هو الحب ماؤك يا أرض الرافدين .
شربت منه البشرية فارتوت
حتى ملحمة جلجامش البابلية ، حيث تجسدت رسالة الحب بأبرز أشكاله أو تظهر جدلية البقاء والفناء ، إذ يدفع الحب بطلَ الملحمة جلجامش للبحث عن إكسير الحياة ليدفع الموت عن خله أنكيدو .
ومن ينسى عودة تموز من العالم السفلي إلى العالم الأرضي استجابة لنداء الحب من قلب عشتار .

هل تلك الرسالة فقدت المعنى وباتت ورقة تلعقها أضواء المتحف ؟
التاريخ الأن يسجل للعراق الحزين أفظع رسائل الموت والعراق بريْ من القتلة كما هو كل العالم بريء من أفعال هؤلاء المختلين
لن يقبل العراق زرقاوياً أو سوداوياً أو متعصباً أو دموياً يحتكر كل تاريخ العراق بالرصاص .
افتحوا أذرعكم للنور للخير للمحبة .
اقرأ صديقي الألواح الذهبية التي وجدت تحت أقدام مومياء مصرية :
أمنيتي أن أسمع صوتك الحبيب
الحب سيعيد الشباب إلى أطرافي .

ما نحتاجه الأن هو الكثير من المحبة ، هو الحديث عن فتح الباب لضوء السلام ، تعبنا من لغة الدم وأخبار الدم ، لنرسل خيطاً من الحب مع الريح .

تقول الشاعرة السورية جاكلين سلام :
لنهدي أنفسنا وردة كل صباح لتعيننا على فتح مجالٍ للربيع فيما بيننا .
وأقول بدوري :
لتهدي كل من تلتقيه عيوننا باقة ضياء من طمأنينة ، أعلم إنها مهمة صعبة لكنها أسهل من حمل بندقية .

ربما أثقلت عليكم بإستحضار ذاكرة البشرية عن الحب ستعذروني إذ لم أجد مفراً من ذلك وأنا أشعر بالقيظ يكوي فؤادي كما يكوي عيونكم .
الحوار والتفاهم هو ساحة لا تحتاج فيها إلى بارود ومعارك لا تحتاج فيها إلى دخان أسود لتظهر أن فكرتك لماعة أكثر ، فالقمر جميل حتى في الصباح حتى في نهار مشمس .
وعلى فكرة جاري السويدي العجوز لطيف جداً نضحك كثيراً ونتمازح بكل محبة .

كابي حنا
شاعر سوري
2004-09-19



#كابي_حنا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلى سكان ديكتاتورية الأنترنت


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كابي حنا - الحب يا بلاد النهرين