أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سمير عبد السلام - بين تشكل الهوية ، و جماليات التجاوز .. قراءة في رواية أرضنا و أرض صالح ل أحمد الشيخ















المزيد.....

بين تشكل الهوية ، و جماليات التجاوز .. قراءة في رواية أرضنا و أرض صالح ل أحمد الشيخ


محمد سمير عبد السلام

الحوار المتمدن-العدد: 3382 - 2011 / 5 / 31 - 06:41
المحور: الادب والفن
    


في نصه الروائي (أرضنا و أرض صالح) – الصادر عن دار الهلال بمصر سنة 2008- يعيد أحمد الشيخ إنتاج العلاقات الإبداعية بين الإنسان ، و الأرض ، و الرؤى الفكرية ، و الصيرورة الجمالية المختلطة بين النص ، و المجتمع ، و الجدل بين العلاقات العائلية العبثية ، و البحث عن كينونة مختلفة للذات في تطورها المعرفي ، و الوجودي ، و الاجتماعي.
و تعزز تداعيات النص السردية ، و دواله من البحث عن الروح الفنية اللامركزية ، و التداخلية في المسافة بين صلابة الأرض ، و جمالياتها ، و تأويلاتها الثقافية ، أو بين الفقدان ، و التحقق الحلمي ، أو الصيرورة السردية ، و المعرفة ، و التأويل .
و يقوم النص على البساطة في اكتشاف المكان ، و الشخوص ذوي التكوين الفريد في السياق المحلي ، و المخيلة الثقافية الجمعية من جهة ، و السياق الإنساني العالمي – بما يحمل من هموم فلسفية ، و اجتماعية ، و ذاتية إبداعية – من جهة أخرى.
يواجه البطل العالم من خلال المفارقة بين اندماجه بالتكوين الروحي / الجمالي للأرض ، و العلاقات العائلية القائمة على الانقسام ، و الاستغلال ، و العداء الدفين بين عائلة الأب ، و أهل الأم من جهة ، و الأخ المنشق / صالح الذي استولى على الأرض ؛ نتيجة للظروف المعقدة للعائلة من جهة أخرى .
و منذ تطور الوظائف السردية الأولى المكونة للنص ، حتى نهايته نعاين تناظر مجالي العلاقات الموروثة ، و ما يرتبط بها من قيم ثقافية ، و اللقاء الجمالي المتجدد بالأرض ، و الوطن ، و الشخوص ، و العالم انطلاقا من البناء المستمر للهوية الذاتية القائمة على التعديل ، و الإضافة في بنية الأنا ، و عوالمه الداخلية ، و أحلامه.
إن البطل يتجاوز صلابة الأرض ، و لكنه يحمل في تكوينه أخيلتها ، و معانيها الإبداعية ، و آثارها المتجددة في العلامات الحياتية ، و الكونية الأخرى ؛ و كأنه يجردها من مركزية مدلول الملكية ، و يعيد إنتاجها في بنية الفعل الأدائي للذات ، و تفاعلها المتجدد بعناصر الكون ، و الحياة ؛ فهي جزء أصيل من تكوينه الروحي ، و صوته الخاص ، و ذاكرته التي تدمجها بالأم المتخيلة ، و بدايات التكوين ، و المعرفة بالعالم.
يجمع نص أحمد الشيخ – إذا – بين تشكيل البنية السردية ، و اتساع هامش التعدد ، و الاختلاف ، و الثراء الإبداعي لدوال الأرض ، و الشخوص ، و الأماكن ، و الانشقاق الدائري عن النماذج الثقافية الثابتة ؛ فهو يجمع بين توثيق العوامل المشكلة للشخصية ، و التحول السردي الديناميكي في عوالمها الداخلية ، و تطورها الجمالي معا .
و يمكننا رصد خمس تيمات رئيسية في النص ؛ هي :
أولا : الأرض بين الأصالة ، و التجاوز الإبداعي .
ثانيا : من الذاكرة إلى صيرورة السرد .
ثالثا : دلالات ثقافية للأرض .
رابعا : تداخل الأزمنة .
خامسا : الروح الجمالية للمكان .
أولا : الأرض بين الأصالة ، و التجاوز الإبداعي :
تختلط لحظات تكوين الصوت المتكلم بمادية الأرض ، و أخيلتها ، و كذلك بلحظات التهديد ، و الفقدان ، و الفقر ، ثم الطرد المجازي ، و ارتباطه في الوعي ، و اللاوعي بالأصالة ، و العقاب معا ، دون مركزية .
لقد اتسعت صورة الأرض رأسيا في تاريخ البطل ، و بدايات تشكل هويته الإبداعية ، و أفقيا في تنامي صورتها المجازية في الآخر ؛ مثل الأم ، و سالي ، و الوطن ، و الأخيلة الفنية ، و الحلمية .
التجاوز في النص هو بديل فني لمركزية الفقدان ؛ فدائما ما تنتمي الأرض للبنية العائلية ؛ و من ثم يتولد الشعور بالفقدان ، و الغياب ، ثم تصير فكرة طائرة تسهم في الإضافة لصوت المتكلم ، و تطور وعيه ، و صيرورته السردية .
تختلط الأرض بمستوياتها الدلالية المادية ، و المجازية ببكارة لقاء البطل بالعالم ، و تتحد باتساع عوالم اللاوعي قبل أن تكتسب حدودها العائلية ، و التاريخية .
يقول :
" يبدو لي أنني – على نحو غامض – كنت قد انعجنت برماد تلك البقعة ، ثم تنفست هواءها ، و أنني لأول مرة سمعت فيه أصواتا ، و صرخات ، و همسات لم أميزها ، تحسست الأرض ، أو تحسستني ، انطبعت على بدني بمثل ما انطبعت أنا على سطحها ، تلقتني بحنو مولود سقط لتوه فوقها " ص 5 .
يحيلنا السارد إلى مجموعتين من الوظائف السردية ، تشيران إلى الأصالة ، و التجاوز في علاقة البطل بالأرض .
و تشير المجموعة الدالة على الأصالة إلى كمون أخيلة الأرض في بنية الصوت المتكلم ، و وعيه ، و لاوعيه ؛ مثل (البطل يندمج برماد الأرض ، و يستنشق هواءها ، و انطباع الأرض على بدنه ، و تمثيلها المجازي لدور الأم).
أما الوظائف الدالة على التجاوز فنستشعر فيها الأرض بصورة غير مباشرة في تطور الضمير ، و تشكله الذاتي ؛ مثل (محاولة تحديد الأصوات انطلاقا من اتحاده بالأرض ، و بحثه عن الأم الواقعية من داخل أخيلة اتساع الأرض في المسافة بين الواقع ، و الوعي).
إن توالي ضمير المتكلم في المقطع يدل على تناظر عمليتي الاندماج الاستعاري بأصالة الأرض ، و تطور تشكيل المتكلم للهوية انطلاقا من التجاوز الإبداعي للحدود التاريخية ، و الحتمية المفروضة عليه سلفا في السياق الاجتماعي.
و قد يعيد السارد بناء علاقته بسالي في حلم مملوء بالورود ، و الأمنيات ، و كأنه يمثل دور العاشق في الأساطير القديمة ، و تاريخ الفن ؛ و من ثم تجدد الأرض وعيه بذاته ، و تطور هويته في التجربة الواقعية .
و قد يؤول جسد سالي انطلاقا من استدارة الأرض ، ثم يصنع منها كونا جزئيا يدور في مداره ، و كأنه يجدد حدث الولادة في الصور البديلة للأرض ، و يتجاوز خلفية الفقر ، و تزايد المظاهرات في إطار علاقته بسالي .
إن أخيلة الأرض تتجاوز الأزمات التاريخية ، و تحقق وجودا مختلفا للبطل ، مثلما تجاوزت حدث الانشقاق ، و الفقدان القديم .
و تقوم أخيلة اليقظة هنا على اتساع الفضاء في الوعي ، و اللاوعي ؛ و من ثم انتشار ضمير المتكلم – بصورة دائرية – في الأحلام ، و الحكايات ، و الأفكار المتعلقة بالمدلول الروحي / الجمالي للأرض.
ثانيا : من الذاكرة إلى صيرورة السرد:
تقع البنية المحددة للحدث – في النص – في حالة من التصارع مع التحولات الذاتية للفرد ، و الدوال الأخرى المتواترة ؛ مثل الأرض ، و العلاقات العائلية ، و الأم ، و غيرها .
إن الصيرورة الإبداعية للسرد تفكك مركزية التاريخ الشخصي للبطل ، و بنية العلاقات العائلية من خلال أصالة التعدد في الحلقات الحكائية الممثلة للوجود نفسه ، دون أي انفصال بين الواقع ، و المجاز ؛ فالأب يخرج من عبثية العلاقات العائلية عبر فعل التسامح ، دون أن تتلاشى آثارها من الذاكرة . أما البطل فيختلط حنينه للأرض ، بالأحداث الصاخبة ، و معاينته للشخوص الفريدة ، و الاتجاهات الفكرية المتباينة ، و رغبته اللاواعية في تخييل صور الأم ، و الأرض في سياق شعري متعال ينبع من أطياف الذاكرة ، و لا ينتمي إليها في الوقت نفسه.
أما صالح فيخرج من بنية التملك إلى عوالم الحلم ، و تنتقل الأرض نفسها من بنية الصلابة إلى كونها فكرة جمالية اختلافية .
تقوم بنية الصراع في النص على الغياب العبثي للحوار بين عالم الجد ، و عائلية الشلبي ؛ و هم أهل الأم ؛ و كأن هذا التعارض في الطبائع ينتقل إلى العوالم الداخلية للشخوص ، و يحدث انشطارا متكررا داخل الذات التي كانت من قبل في مواجهة مع الآخر .
لقد تحولت المأساة إلى شعورين متناقضين داخل البطل ؛ و هما الانتماء الأصيل لروح الأرض ، و الشعور بالفقدان المستمر ؛ نظرا لاستحواذ الأخ / صالح على الأرض ، في حلقة سردية جديدة تعيد تكوين مأساة التعارض بين الأنا ، و الآخر .
و بصدد المآسي القدرية التي ارتبطت بالعلاقات العائلية ، يرى فرويد أنها تكشف عن تأويل تراجيديا الشخصية الإنسانية ؛ فقد ظلت مسرحية (هملت) لشكسبير موضع إعجاب ، دون اكتشاف معناها ، و كشفت مسرحية (أوديب) عن الصفة اللاشعورية لميوله الإجرامية (راجع / فرويد / حياتي و التحليل النفسي / ترجمة مصطفى زيور ، و عبد المنعم المليجي / دار المعارف بالقاهرة / ص 96).
إن مأساة البطل في نص أحمد الشيخ تنبع من أولية الاختلاف الجذري بين عائلتي الأم ، و الأب من جهة ، و درجة استبدال صالح لصورة الآخر في اللاوعي ؛ و من ثم تناسخ العلاقات العبثية من الخارج إلى الداخل ، و لكن النص يمنح الأرض تعددية بنائية تخرجها من مركزية المأساة ، و تطورها في سياق الهوية الإبداعية للبطل / سيد من الذاكرة إلى معرفته الأولى بصوته الداخلي ، و تشكيل منظوره للعالم انطلاقا من المأساة ، و التجاوز معا .
و تتخذ الأرض صورة غول عملاق على هيئة الجد عبد القادر في أحلام صالح ، و لكن تكوينه من الطين ، و ينصحه بالحفاظ على ملكيتها ، ثم يهدده بأن يلقي به في الجب إذا فرط فيها .
إن صالح – بغير وعي – يحاول نقل المأساة إلى البنية الصلبة للأرض ، و كأنها تلزمه باحتوائها ، و لكنه في الوقت نفسه يفكك بنيتها المادية من خلال صوتها الكوني ، و تحولاتها الأسطورية المناهضة لبنية الملكية ، أو بنية الوجود المادي نفسه .
و تنقلب المظاهرات ، و الأفكار الوطنية ، و الثورية في وعي البطل إلى حلم قهري يسأل فيه البطل عن الفرق بين الأنظمة الشمولية ، و الحرة ، و علاقته بالمرأة ، و أي الكلاب يثير فزعه ، و تفضيله لصفار البيض ، أم بياضه ، و الكتب التي قرأها ، ثم توضع غمامة على عينيه ، و يرفع من على الأرض ، ثم يترك مرة أخرى .
إننا أمام تحولات جمالية حلمية تعكس المفارقة بين تشكيل الضمير الشخصي ، و سطو الآخر عليه من خلال ألعاب لغوية تفكك الأنا ، و الآخر من خلال تناقضاتها ، و إعادة تمثيلها للمآسي العبثية في الواقع.
ثالثا : دلالات ثقافية للأرض:
تتراوح الأرض – في وعي ، و لا وعي البطل – بين التمرد ، و الانشقاق الأصلي / الإنساني عن تكوينها المادي ، و الشعور المتكرر بالفقدان المولد عن بنية الملكية في الواقع ، و يكشف النص عن الثراء الثقافي لدال الأرض ؛ إذ تكتسب حضورها السماوي من المفهوم الديني للخلود ، و تلتحم بالفن في انتصار الجانب الجمالي على الحتميات التي تقيد حرية الإنسان ، و قدرته على الاختيار ، و التطور الروحي ، كما تجسد حلم الاتساع الكوني القديم ، و درجة استشرافه في المستقبل .
إن مسار الأرض في النص – يميل إلى فكرة التجدد ، و الانشقاق المستمر عن حالات الفقر ، و الاضطهاد ، و الفقدان ؛ و كأنها تستعصي على التحديد ، و يعاد تكوينها في بنية الجسد نفسها من جهة ، و في الأداء السردي المشكل للهوية الفردية من جهة أخرى .
و يذكر جيمس فريزر بعض الرواسب الثقافية في الذاكرة الجمعية ، و التي تتعلق بالتمثيل المجازي لعلاقة الأنسان بمكونات الأرض ؛ مثل الأشجار ؛ إذ توضع صورة الإنسان الحي بجوار غصن كبير ، أو شجرة ، بحيث يصير كل من الرمزين ترجمة للآخر ، أو كتابة بلغة مختلفة (راجع / جيمس فريزر / الغصن الذهبي ج1 / ترجمة د أحمد أبو زيد / الهيئة المصرية للتأليف و النشر سنة 1971 ص 429 و 430).
و يؤكد التأويل الإبداعي لتلك الممارسات الثقافية الصلة البنائية المستمرة بين الإنسان ، و التجسدات الخيالية المختلفة للأرض ، و مدى ارتباطها بأفكار التجدد ، و التجاوز ، و مقاومة مركزية الموت .
و في سياق بعض المتاعب المادية ، و التوتر ، و البحث عن الحقوق السياسية ، و الاقتصادية ، تبرز الصورة الفنية / الثقافية للأرض من اللاوعي ؛ لتجدد هوية البطل / سيد ، و ذاكرته المتعلقة بالأب .



يقول عن أرض أبيه :
" كانت أرضه بتفاصيلها ثابتة في ذاكرته ، و منقولة لذاكرتي ، ترتسم مساحات خضراء بلا حدود يحق لي أن أرمح فيها بحكم أنها تخصني على نحو غامض ، رغم أنها بحساباته مغتصبة ، و خارجة عن حيازته " .
إننا أمام مجموعتين متصارعتين من الوحدات السردية ؛ إحداهما تؤكد الدلالات الثقافية القديمة الممثلة للأرض في الذاكرة الجمعية ، و ترتكز على حلم الاتساع ، و التمثيل الإنساني الرمزي للأرض ، و الرغبة في العودة إلى دائرية الحياة ، أو الخلود ؛ مثل (الأرض ترتسم في مساحة خضراء – الأرض تبدو بلا حدود – البطل يرمح في ملكية غامضة ، أو مجازية).
أما الأخرى فتؤكد الأبنية الواقعية ، و التاريخية ، و منطق الملكية ؛ مثل (الأب يحفر تفاصيل الأرض في ذاكرته التاريخية – الأب يرى الأرض مغتصبة – تاريخ الأرض ينتقل إلى ذاكرة سيد ، و يستشعر مرارة الفقدان كالأب).
و تظل هذه الازدواجية في الوعي ، مع تأكيد السارد للثراء ، و التجدد ، و التجاوز في بنية الأرض ، و أخيلتها الروحية .
رابعا : تداخل الأزمنة :
دائما ما يكمل الحدث نفسه – في النص – في صياغة دائرية تجمع بين المتناقضات المشكلة للأرض ، و ذاكرة البطل ، و هويته ؛ فتزدوج الولادة – بما تحمل من أصالة ، و بهجة – بالانشقاق ، و الاختلاف ، كما يختلط الترحيب العائلي بتنامي الغربة ، و العبث ، و التاريخ ، بالصياغات المتجددة للوعي ، و أخيلته ، دون حسم واضح ؛ و هو ما يكسب النص ثراء دلاليا .
و يبدو التداخل بين الغربة ، و ذكرى الولادة التي تحمل دلالة الاندماج الكوني بالأرض واضحا في المشهد الأخير من النص ؛ إذ يحاول صالح طمس الماضي ، مع تثبيت العلاقة العائلية بالبطل / سيد ، بينما تختلط في العالم الداخلي للأخير الغربة بالصمت ، و موافقة صالح .
إن الأزمنة تتداخل ، و تتصارع في النص ، ثم تعيد تشكيل نقطة البداية ؛ كي تفسح للأخيلة الذاتية ، و الكونية مجالا مناهضا لحتميات الواقع ، و العلاقات العائلية ، و التاريخية.
خامسا : الروح الجمالية للمكان :
للأرض بنية جمالية تتجاوز الصمت ؛ و كأنها شخصية طيفية يعاد تشكيلها – من منظور تأويلي ذاتي – في الأحداث ، و المعاني ، و الشخوص ، و الإيماءات النصية المتغيرة .
و تصب جماليات الأرض هنا في اللامركزية المميزة للأطياف ، و الدوال الفنية ؛ فأثناء زيارته للقبور تأمل البطل الأرض انطلاقا من تجدد أرواح الموتى فيها ، و تجدد الموت نفسه في نباح الكلاب ، و الاتصال الخفي بين الموتى ، و الأحياء من خلال ذلك الصوت الخفي للأرض ، و هو المحور ، أو التيمة التي تتبلور عندها رؤية السارد للقبور .
للأرض – إذا – عمق روحي في وعي ، و لاوعي البطل ، و منه يتشكل الصوت نفسه ، و يتماس مع الموتى ، و الأحياء في صخبهم ، و صمتهم ، و أدائهم الإبداعي المتجدد على الأرض بمفهومها الواسع.
و يعبر النص عن رؤية المثقف المصري للعالم من خلال تواتر مجموعة من السمات التي تميزه في السياق الثقافي لمراحل التحرر الوطني ؛ فهو يمارس نقدا لرموز السلطة ، و الاستبداد ؛ مثل رجل التوظيف ذي الشارب المبروم ، و القهر السياسي ممثلا في مقتل صديقه السنباطي في إحدى المظاهرات ، و تتجسد بداخله أحلام الاختيار ، و تشكيل الهوية الفردية ، و الاهتمام بالإنتاجية الفنية ، مع معاناة الفقر من الزاوية الاقتصادية .
إننا أمام صوت يمثل مجموعة طليعية ، تحلم بنوع من التعديل في الشروط الاجتماعية انطلاقا من موقعها في الطبقة الوسطى الصغيرة ، و هي تعيد تشكيل عالمها انطلاقا من رؤى تجمع بين الفكر ، و الاختيار ، و الفن .
لقد خرج سيد من مرحلة الخضوع للحتميات العائلية في القرية إلى محاولة تشكيل تأويل متجدد لوجوده الفردي في اشتباكه مع السياق الثقافي للمجتمع .
و قد تشكلت رؤيته انطلاقا من ضغوط السلطة ، و صعود أحلام التحرر معا في الأبنية الاجتماعية ؛ و من ثم تضافرت رؤى الفكر ، و الضغط السياسي ، و الاقتصادي في تكوين وعيه القائم بالتناقضات بين شاعرية الأنا ، و جمود الواقع .
و قد ارتكزت رؤية البطل على الوعي بالشخصيات الفريدة ؛ مثل المتولي الذي كان يقسم العالم إلى ثنائيات متعارضة بينما يلجأ للخدر ، و الغياب ، و يترك دولابه مشاعا لأصدقائه ، و يقترن انتحاره بهزيمة 67 ، و تزايد مشاعر العبث .
و مثلما تعددت البنى الثقافية المؤثرة في الشخصية ؛ فقد تعددت الأفكار ، و تعارضت في مناقشات المثقفين بين الانحياز للاشتراكية ، أو الرؤى الفنية القائمة على الروح الفردية ، أو مناقشة أفكار كولن ويلسون السلبية ، و غيرها ؛ مما يعكس أصالة التعدد ، و دائرية كل من التأثر ، و التجاوز الجمالي للواقع داخل المثقف .
محمد سمير عبد السلام – مصر



#محمد_سمير_عبد_السلام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من الهيمنة الرمزية إلى أصالة الإبداع .. قراءة في موسيقى المو ...
- بين الحلم ، و تناقضات الهامش
- من السلب إلى اكتشاف الحياة .. قراءة في نص متشردا في باريس و ...
- من التحليل البنيوي إلى التعددية النصية و الثقافية
- أغنية كونية للأثر الجمالي .. قراءة في حجارة بوبيللو ل إدوار ...
- جماليات العوالم الصغيرة .. قراءة في شارع بسادة ل سيد الوكيل
- الهوية الجمالية للمكان .. قراءة في واحة الغروب ل بهاء طاهر
- التفاعل الصاخب بين الفن و الحياة .. قراءة في نساء و ألغام ل ...
- مرح جمالي للبساطة الأولى .. قراءة في عتبات البهجة ل إبراهيم ...
- تجدد الهوية الشعرية .. قراءة في ديوان سيرة ذاتية لملاك ل فري ...
- فضاءات جمالية ، و كونية في كتابة جمال الغيطاني
- انفتاح الشكل .. قراءة في نص من حديث الدائرة ل علاء عبد الهاد ...
- بين البهجة ، و الصمت .. قراءة في ضربتني أجنحة طائرك ل إدوار ...
- مغامرة الأداء .. قراءة في أين تذهب طيور المحيط ل إبراهيم عبد ...
- نيرمانا كهوية شعرية .. قراءة في ديوان البحث عن نيرمانا بأصاب ...
- السجن ، و الولادة الإبداعية .. قراءة في رواية الجوفار ل مروة ...
- الوفرة الإبداعية للشخصية .. قراءة في رواية لم تكتب بعد ل فرج ...
- دائرية الإيماءات ، و الصور .. قراءة في تجربة علاء عبد الهادي
- الحكي ، و تجدد الحياة .. قراءة في مجموعة نصف ضوء ل عزة رشاد
- الإيماءات الإبداعية للحكي .. قراءة في نوافذ صغيرة ل محمد الب ...


المزيد.....




- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...
- -كنوز هوليوود-.. بيع باب فيلم -تايتانيك- المثير للجدل بمبلغ ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سمير عبد السلام - بين تشكل الهوية ، و جماليات التجاوز .. قراءة في رواية أرضنا و أرض صالح ل أحمد الشيخ