أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد رحيم - سخط














المزيد.....

سخط


سعد محمد رحيم

الحوار المتمدن-العدد: 3382 - 2011 / 5 / 31 - 00:25
المحور: الادب والفن
    


أشتري أحياناً رواية لمؤلف لم أقرأ له قبلاً، ولم أقرأ عنه، وربما لم أسمع به قط. وقد تغريني الجمل القليلة المستلة من متن السرد، أو العبارات المقتضبة لتقديم الناشر أو أحد النقاد، والمنقوشة على الغلاف الأخير للكتاب. غير أني في الأحوال كلها أقرأ، على وجه السرعة، المقطع الأول، في الصفحة الأولى من الرواية ( الاستهلال ). وهذا يكفي لأقرر فيما إذا كان الكتاب يستحق مغامرة شرائه وقراءته، أم لا. معتمداً على حدسي الذي لا يخيبني، في الغالب. وآخر رواية من هذا القبيل قمت باقتنائه هي ( سخط/ ترجمة؛ خالد الجبيلي.. منشورات الجمل 2010 ) للروائي الأمريكي فيليب روث الحائز على جائزة بوليتزر/ 1997 عن روايته ( الراعي الأمريكي ) وعلى الميدالية الذهبية للرواية/ 2002.
اللافت في هذه الرواية أن أحداثها تُسرد على لسان ميت، أي أن الراوي يقف في الجانب الآخر، خارج نطاق وجودنا، في اللامكان. فنحن لا ندرك موقعه الحالي، وهو أيضاً لا يخبرنا عنه الشيء الكثير ( بضع جمل ليس إلا ). إنه يبدأ السرد في لحظة يكون فيها كل شيء قد انتهى في العالم الذي لم يعد ينتمي إليه. فقد قُتل في الحرب الأمريكية ـ الكورية مطلع الخمسينيات من القرن الماضي وهو لمّا يزل شاباً في التاسعة عشرة من عمره.
"حتى الآن، إن كان من الممكن القول إن ( الآن ) لا تزال تعني شيئاً، وراء الوجود الجسدي، حياً كما أنا هنا، إن كانت ( هنا ) أو ( أنا ) تعني شيئاً. بما أن الذاكرة وحدها، إن كانت الذاكرة بالتحديد، هي الشيء الذي يجعلني أستمر باعتباري أنا ( نفسي )".
فما يبقى أخيراً، حتى في الآخرة، بحسب ما يورده لنا، هو إمكانية تذكّر أي لحظة من الحياة، بتفاصيلها كلها، ربما لمليون سنة. إنه، الآن، حيث يسرد، في مكان غامض لا يعرف عنه شيئاً، ولذا يظل الشك ينتابه بصدد الأسئلة التي تواجه العقل البشري حول القضايا الوجودية الكبرى. فهناك لن يعثر على إجابات حاسمة عليها، كما لو أنه معاقب بأن يتذكّر ما حصل له، وحسب، وإلى الأبد. وسنعلم، في الصفحات الأخيرة، أن سرده يتدفق وهو في تلك الفاصلة بين الحياة والموت، حيث أُصيب بطعنات قاتلة في أجزاء من جسمه على إثر هجوم القوات الصينية على خطوط الجيش الأمريكي. أما كيف جرى تسجيل ذلك ومن نقله إلينا، فلن نصل، بصدد ذلك، إلى إجابة مقنعة.. ثم سنُخبر من قبل سارد عليم، يتحدث بضمير الغائب، بأن الذاكرة تتوقف هنا قبل أن تُدخل حقنات المورفين المتعاقبة الراوي/ المجند في حالة عميقة من السبات، وبعدها في ملكوت الموت.
إنها قصة شاب ذكي، مجتهد في دراسته، وجدّي في قضاء شؤون حياته، اسمه ماركوس ميسنير. ينتمي لعائلة يهودية، متوسطة الحال، يعمل والده جزاراً في منطقة نيوآرك ـ نيوجيرسي.. مع بروز نذر الحرب في كوريا، ولأنه وحيد والديه، تتولى الأب حالة من الذعر والقلق، والتي ستتحول إلى مشكلة حقيقية تحاصر الشاب وتؤثر على سلوكه ووضعه النفسي. وفي الجامعة حيث يدرس سيجد نفسه في ظل تقاليد صارمة لا تنسجم وطبيعة شخصيته وثقافته. وحين يتعلق، عاطفياً وجسدياً، بفتاة ( أوليفيا ) سبق لها وحاولت الانتحار تبدأ مشكلاته الحقيقية مع إدارة الكلية، ومع أسرته، وفي النهاية؛ مع فتاته ومع نفسه. فيُفصل من الدراسة ويجنّد في الحرب ليموت هناك.
أعتقد أن الرواية أوسع وأعقد من أن تؤسر في إطار هذه الخلاصة المبتسرة والمخّلة. وهي تتضمن انتقاداً لاذعاً لنمط التعليم في أميركا منتصف القرن العشرين، وإدانة صارخة للحرب. فضلاً عن طرحها صورة مركّبة عن طبيعة العلاقات القائمة في المجتمع الأميركي، والصراعات الفكرية المحتدمة في الوسط الجامعي، آنذاك.



#سعد_محمد_رحيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بإهمالنا القصة القصيرة نُحدث ثلمة مؤسية في جدار ثقافتنا
- -السرد والكتاب-: السيرة النظرية لمحمد خضير
- آليات الكتابة السردية
- الغبش
- سيرة ظل
- ثورة الشباب العربي: حول أدوار المثقفين
- الثقافة التحتية ومثقفو الهوامش
- ما بعد ماركس.. ما بعد الماركسية 9 وجهتا نظر عربيتان
- ما بعد ماركس.. ما بعد الماركسية 8 غودولييه.. جوناثان ري.. وآ ...
- ثورة الشباب العربي: الدخول في عصر ما بعد الحداثة
- موسم سقوط الثقافة السياسية الفاشية عربياً
- ما بعد ماركس.. ما بعد الماركسية 7 كاسترياديس.. جون مولينو
- ما بعد ماركس.. ما بعد الماركسية 6 ألتوسير.. ريجيس دوبريه
- ما بعد ماركس.. ما بعد الماركسية 5 سارتر والماركسية
- ما بعد ماركس.. ما بعد الماركسية 4 مدرسة فرانكفورت ونقد أسس ا ...
- ما بعد ماركس.. ما بعد الماركسية 3 غرامشي.. لوكاش
- ما بعد ماركس.. ما بعد الماركسية 2 من كاوتسكي ولينين إلى الست ...
- ما بعد ماركس.. ما بعد الماركسية: 1 مدخل
- مأزق النقد
- بين الرواية والفلم


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد رحيم - سخط