أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - حول انسحاب القوات الأمريكية















المزيد.....

حول انسحاب القوات الأمريكية


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 3381 - 2011 / 5 / 30 - 11:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مع تقارب وقت انسحاب آخر ما تبقى من القوات الأمريكية نهاية العام الحالي(2011)، مرة أخرى يحتدم الجدال بين العراقيين، وغير العراقيين، حول بقاء أو عدم بقاء هذه القوات في العراق. وكالعادة هناك فريقان، مع وضد. وكنت قد ساهمت في سجالات سابقة حول مواقف مشابهة قبيل توقيع الاتفاقية الأمنية. لذلك استميح القراء عذراً إذا ما كررت بعض أقوال سابقة لي، خاصة وأن فريق الضد ما انفكوا يكررون باستمرار قولاً مفاده: "أن أمريكا لم تسقط حكم البعث لسواد عيون العراقيين وإنما لمصالحها وخاصة النفط!!)، وكأن حكم البعث كان قد منع النفط عن أمريكا، بينما قراءة منصفة للأحداث خلال الأربعين عاماً الماضية تؤكد لنا أن حكم البعث الصدامي هو أكثر من قدم خدمات كبرى لأمريكا وإسرائيل في المنطقة، وهو المسؤول الأول والأخير عن الكوارث التي حلت بالعراق، وتواجد القوات الأمريكية فيه وفي المنطقة.

المعروف أن أتباع التيارات السياسية الثلاث في العراق، اليسارية والإسلامية والبعثية، تسيرهم أيديولوجياتهم الشمولية المدمِّرة، وليست إرادتهم الحرة، ورغم العداء المستفحل فيما بين أصحاب هذه الأيديولوجيات، إلا إنهم متفقون ومجتمعون على مسألة واحدة وهي العداء للغرب وبالأخص لأمريكا، إلى درجة أنهم اختزلوا الوطنية في درجة العداء لأمريكا، وكل من يخالفهم في هذا الموقف فتهمة التخوين والتكفير والتحقير جاهزة. وأكثر ما يتذرع به هؤلاء في عدائهم لأمريكا هو أنها دولة إمبريالية كانت تنظم المؤامرات وتخطط الانقلابات العسكرية ضد الحكومات الوطنية، وضرب الحركات الوطنية التحررية في العالم الثالث، وحتى منظمة القاعدة وبن لادن والبعث وصدام حسين، هم صناعة أمريكية... نعم، كل هذا صحيح ومفهوم، وبالنسبة لنا كعراقيين، فأمريكا هي التي ساهمت في ذبح ثورتنا الوطنية، ثورة 14 تموز 1958 المجيدة، وأتت بحزب البعث الفاشي إلى الحكم مرتين، عام 1963، وعام 1968...الخ
ولكن، وهنا النقطة التي أكررها على الدوام في الرد على هؤلاء، أن أمريكا تبنت تلك المواقف لخدمة مصالحها في ظروف فترة الحرب الباردة، لمكافحة الخطر الشيوعي، والآن كل شيء تغيَّر، ونحن يجب أن نتغير أيضاً، ونتحرر من شرنقة الماضي والأيديولوجيات التي فاتها الزمن، ونستثمر ما جرى من تغيرات في العالم لصالح شعبنا، فلأول مرة في التاريخ تلتقي مصلحة الدولة العظمى مع مصلحة شعبنا، وإذا كانت أمريكا وراء مصالحها وليس لسواد عيون العراقيين، فلماذا لا يحرص العراقيون على استثمار هذه الفرصة التاريخية، والاستفادة من دعم أمريكا للعراق؟

قبل إسقاط حكم البعث الفاشي، وعندما كنا نعمل في المعارضة، كنا نعتقد أنه بمجرد إسقاط الحكم سيهب العراقيون الذين عانوا أشد الويلات والكوارث، بمن فيهم البعثيون أنفسهم، سيهبون يداً وحدة لبناء وطنهم بخطى سريعة للتعويض عن أربعين عاماً من الزمن الضائع. ولكن، ويا للخيبة، كانت حساباتنا خاطئة، إذ لم ندرك حجم الخراب الذي تركه هذا النظام المجرم، وبالأخص الخراب البشري وتفتيت النسيج الاجتماعي، حيث حل التخندق بالعشائرية والطائفية والمناطقية محل الولاء للوطنية العراقية، إلى حد أنه حتى ضحايا الفاشية من أمثال السيد مقتدى الصدر وأتباعه، بدلاً من أن يرحبوا بالوضع الجديد ودعمه، قاموا بمحاربة العراق الجديد وضرب اليد التي حررتهم من أبشع نظام همجي عرفه التاريخ.

والغريب أنه حتى المشاركين في السلطة من الذين طالبوا أمريكا بالتدخل العسكري لإسقاط حكم البعث، مثل بعض كيانات كتلة "العراقية"، يقومون اليوم بمظاهرات في الموصل وغيرها مطالبين برحيل القوات الأمريكية، وإطلاق سراح المعتقلين بتهمة الإرهاب!! والأغرب أن محافظ الموصل نفسه يشارك في هذه التظاهرة التي رفعت فيها العلم السعودي والعلم البعثي ذو ثلاثة نجوم، كدليل على ولائهم للبعث الصدامي وللسعودية ولية نعمتهم، في تحد سافر للدولة العراقية، ويتم كل ذلك تحت مختلف الواجهات والذرائع وباسم محاربة الاحتلال واسترجاع السيادة الوطنية. الرابط أدناه.

يجب أن نعرف أن رحيل القوات الأمريكية من العراق هو مطلب أمريكي ملح أكثر منه مطلب عراقي. وقد وعد الرئيس الأمريكي أوباما في حملته الانتخابية قبل عامين أنه سيسحب القوات الأمريكية من العراق في نهاية عام 2011 وحسب الاتفاقية الأمنية الموقعة بين البلدين، وهو ملزم بتنفيذ هذا الوعد. ولكن المعروف أيضاً، أن قادة أمريكا، وبغض النظر عن أي حزب في الحكم، يتبعون السياسة البراغماتية الواقعية، وحسب ما تمليه الظروف الميدانية، وها هو أباما قد تنازل عن وعده في إغلاق معتقل غوانتناموا، لأنه أثبت استحالة تحقيقه. ومعنى هذا، وكما صرح مسؤولون أمريكان، ومنهم وزير الدفاع، روبرت غيت، أنه يمكن إبقاء قسم من القوات الأمريكية في العراق، لتدريب القوات العراقية، وحماية المنشئات الأمريكية (السفارة وقنصلياتها) والمساهمة في حماية حدود العراق البحرية والجوية إذا ما طالبت الحكومة العراقية بذلك، وأن يكون الطلب قبل نهاية شهر آب/أغسطس القادم.

ولكن لتعقيدات الوضع العراقي، ومحاولة بعض المشاركين في السلطة اللعب على الحبلين، حيث يقولون في مجالسهم الخاصة شيء وفي العلن شيئاً آخر، وهي مزايدات وتلاعب بعواطف الجماهير على حساب المصلحة الوطنية، نفس السلوك الذي اتبعوه قبيل توقيع الاتفاقية الأمنية قبل عامين، وما أبدوه من معارضة علنية، ولكن في نهاية المطاف تمت موافقة البرلمان عدا كتلة التيار الصدري. ولذلك نعتقد أن موقف رئيس الوزراء، الأستاذ نوري المالكي كان صائباً حين قال أنه سيناقش موضوع تمديد إبقاء القوات الأمريكية مع قادة الكتل السياسية، وأمام وسائل الإعلام مباشرة (نقل حي) لكي يتحملوا مسؤولياتهم أمام الشعب ودون مزايدات رخيصة. ولذلك فعلى الحكومة العراقية أن ترتب أمورها في الوقت المحدد.

نعتقد أن العراق بأمس الحاجة إلى علاقة إستراتيجية بعيدة المدى مع الدولة العظمى، ويجب عدم الإذعان للقوى التي تريد إفشال العملية السياسية. فالتيار الصدري ينفذ أجندة إيرانية، وفلول البعث ما زالوا يحلمون بالعودة!! والكتلة "العراقية" هي واجهة بعثية في السلطة وبلبوس ديمقراطي خادع، لذلك فكل همهم شل عمل الحكومة. فالعراق لا يمكنه أن يستغني عن الدعم الأمريكي وحضوره وهو يمر بمرحلة تاريخية عصيبة حيث تكالب عليه الأعداء في الداخل والخارج ومن كل حدب وصوب. إذ كما قال الأستاذ عبدالرحمن الراشد في (الشرق الأوسط) في عددها الصادر يوم 12/6/2008، فيما يتعلق بالاتفاقية الأمنية آنذاك: "العراق يحتاج إلى استقرار، ولا توجد صيغة أخرى تضمن سلامته من التقاتل الداخلي بدون الحضور الأميركي، وهذا قول يردده معظم الأطراف الرئيسية؛ بما فيها المعارضة. أيضا لا يمكن الاستهانة بالخطر الإيراني الذي يحدق، أو كما يقول العراقيون «يباوع»، في هذا الجار الغني المهم، كصقر يحوم فوق فريسته ينتظر لحظة الانقضاض المناسبة. العراق في الحالتين في ورطة؛ حماية مجهولة العواقب وانسحاب يعرض البلاد للتمزق...". ونفس الكلام ينطبق على حالتنا اليوم، فالعراق ليس مهدداً من إيران فحسب وبل ومن جميع دول الجوار.

وعليه نرى عدم المغامرة بأمن وسلامة العراق ومستقبل شعبه بحسن الظن بدول الجوار أو الاعتقاد بأن قواتنا المسلحة جاهزة للدفاع عن حدودنا الدولية الآن، فالطريق إلى جهنم معبد بالنوايا الحسنة. وربما يسأل البعض: ولماذا تحسن الظن بأمريكا ولا تحسن الظن بإيران وسوريا والسعودية؟ والجواب هو أن معظم الاضطرابات الأمنية ومنظمات الإرهاب في العراق مدعومة من هذه الدول، بينما أمريكا أثبتت حرصها على سلامة العراق وعملت على إطفاء نحو 90% من دونه التي ورثها من البعث الصدامي. كذلك قارنوا بين الدول التي أحسنت الظن بأمريكا فأقامت معها علاقات حميمة مثل دول الخليج، واليابان وكوريا الجنوبية وغيرها، بالأنظمة الثورجية العربية التي وقفت ضد أمريكا مثل نظام البعث الصدامي والبعث السوري وحكم القذافي.

يتذرع المطالبون برحيل القوات الأمريكية بأن بقاء هذه القوات في العراق يضر بالسيادة الوطنية!!. وهذا الكلام مردود، وأقل ما يقال عنه أنه قول حق يراد به باطل. فالقوات الأمريكية أولاً، لم تكن متواجدة في المدن، وثانياً، تقوم بتدريب القوات العراقية، وهي مسألة ضرورية في صالح العراق. وثالثاً، إن وجود هذه القوات لا يسيء إلى السيادة الوطنية بدليل وجود القوات الأمريكية وبكثافة في العديد من دول العالم مثل ألمانيا، واليابان، وبريطانيا، وهي دول كبرى ذات سيادة تامة. وكذلك هناك قوات أمريكية في الكويت، إضافة إلى وجود أكبر قاعدة أمريكية في دولة قطر. كذلك وجود الأسطول البريطاني الدائم في مملكة البحرين، وقاعدة فرنسية في دولة الإمارات العربية، وقوات بريطانية في سلطنة عمان وقبرص....الخ، كل ذلك مقبول ولا يسيء إلى السيادة الوطنية لهذه الدول، فلماذا يشكل وجود قوات أمريكية في العراق فقط ضرراً على السيادة الوطنية؟؟
إن التركيز على السيادة الوطنية ذريعة واهية، وهو ناتج عن الشعور بالنقص والدونية. ففي عصر العولمة، حيث المصالح الاقتصادية والسياسية لها الأولوية، لا تسيء مطلقاً بالسيادة الوطنية.

وعليه، نهيب بالسيد رئيس الوزراء أن يعجِّل بتنفيذ بمطالبة كافة الشركاء في العملية السياسية لمناقشة المهمة والتوصل إلى قرار مشترك وفق ما يتخذه الأغلبية المطلقة. فالمسألة تتعلق بمصير شعب عانى كثيراً من الكوارث التي أنزلها عليه البعثيون وحلفائهم من أتباع القاعدة. والعراق بأمس الحاجة إلى علاقة إستراتيجية بعيدة المدى مع الدولة العظمى.

[email protected]
ـــــــــــــــــــــــــ
هامش:
تظاهرات الموصل يرفعون العلم الصدامي والسعودي
http://www.youtube.com/watch?feature...rf_FtFgY#at=11



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أهمية مقتل بن لادن
- انتفاضة الشعب السوري ونفاق شيوخ الوهابية
- إرهاب الدولة في البحرين
- كتّاب المعارضة وكتّاب الحكومة!
- دعوة لإنقاذ أوغنديات من العبودية في العراق
- الشعب والغوغاء من منظور علي الوردي
- نقد أم تصفية حسابات؟ (رداً على الدكتور كاظم حبيب)
- انتفاضة البحرين وموقف الطائفيين منها
- القذافي على خطى صدام
- إذا كنت لا تستحي يا علي عبدالله صالح
- العداء بين الشعب والسلطة
- حول (إهداء) أربع فرق عسكرية إلى الصدريين!!
- تضامنا مع الحزب الشيوعي العراقي
- تأملات في مظاهرات (الغضب العراقي)
- يسيرون نحو الهاوية وهم نيام
- نعم للتظاهرات ضد الفساد..لا لتسلل البعثيين فيها
- مصر: من الانتفاضة إلى الثورة
- دور المخابرات الأجنبية في انقلاب 8 شباط الدموي
- تحديات تواجه الانتفاضة المصرية
- تكتيكات فدائيي مبارك لضرب الانتفاضة


المزيد.....




- شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف ...
- احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين تمتد لجميع أنحاء الولا ...
- تشافي هيرنانديز يتراجع عن استقالته وسيبقى مدربًا لبرشلونة لم ...
- الفلسطينيون يواصلون البحث في المقابر الجماعية في خان يونس وا ...
- حملة تطالب نادي الأهلي المصري لمقاطعة رعاية كوكا كولا
- 3.5 مليار دولار.. ما تفاصيل الاستثمارات القطرية بالحليب الجز ...
- جموح خيول ملكية وسط لندن يؤدي لإصابة 4 أشخاص وحالة هلع بين ا ...
- الكاف يعتبر اتحاد العاصمة الجزائري خاسرا أمام نهضة بركان الم ...
- الكويت توقف منح المصريين تأشيرات العمل إلى إشعار آخر.. ما ال ...
- مهمة بلينكن في الصين ليست سهلة


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - حول انسحاب القوات الأمريكية