أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد حميد حسين البطاينة - حكايات














المزيد.....

حكايات


خالد حميد حسين البطاينة

الحوار المتمدن-العدد: 3381 - 2011 / 5 / 30 - 07:35
المحور: الادب والفن
    


(1)

لا تعلم لماذا ما تزال عندما تحضر طعامك تأتي بملعقتين بدلا من واحدة وطبقين بدلا من طبق واحد وكأنك لم تعتد وحدتك بعد.تنام في الجانب الأيمن من السرير كما كنت تفعل دائما : الغياب ذو حضور قوي في المكان تراه في كافة الأشياء التي استسلمت للغبار والاهمال في تعبير صامت عن الغياب الحاضر بقوة.
رغم الحزن لا تملك أن تملأ قلبك بالحقد : تشعر بالاسف لكل الهدايا التي لم تقدمها ولكل الرحلات التي لم تكن وكل لحظة حميمة ضاعت دون ان تتحقق وكل الكلمات الجميلة التي لم تقال وكل القصائد التي لم تكتبها رغم انها كانت دائما تصرخ في قلبك.تتذكر لحظات انتظار شروق الشمس من قلب البحر في الصيف الأخير عندما كنتما تمشيان معا وانتما تحاولان تجنب السقوط بسبب حجارة الشاطئ ، قطع المرجان التي قمتما بجمعها ما تزال ملقاة في الاناء الزجاجي على الطاولة الصغيرة في غرفة الجلوس ، تتجنب سؤالها الذي تكرره كلما مررت بها وتتجنب لمسها كما لو أنها قطع من الجمر أو صور فوتوغرافية تخاف أن تنزف لحظات الماضي بين يديك في لحظات تحول الذاكرة الى جرح.
تتذكر الأبيات التي كتبتها بالحياة الجديدة التي التي بدأت قبل أقل من عام ، قلت :
العشق يولد طفلا ثم يكتهل والنار تخبو ولو في الغاب تشتعل
والنبع ينضب ان طال الزمان به والأم يوما عن الابناء تنشغل
لكن عشقي ل...مذ حبا جبلٌ انٌا تهزك ريح أيها الجبل
كنت تدمن قراءة الشعر والان تتجنب كلمات اوكتافيو باز وبابلو نيرودا لأنك تعلم الابواب التي قد تفتحها تلك الكلمات تعلق بذاكرتك كلمات شاعرة لم تلتزم نصيحتها :
لا تكن غضا وأحمق
حين تعشق !
كن كتوما..
كن حكيما..
وصموتا..
حين تلقاك عيون الآخرين !
لا تكن نفسك إلا ..
حينما تخلو إليك
أو- على رسل التمني-
حينما يسنح وقت للتغاضي
فتراني
- صدفة -
بين يديك !!
لا تكن مثلي فتغرق
أنا حمقاء جموح
أملأ الكون صراخا
حين أعشق !!!

(2)

لا تدري لماذا تطاردك هذه الفكرة مؤخرا : تتخيل بأنك سوف تستيقظ في صباح أحد الايام قريبا لتكتشف عندما تنظر في المراة وأنت تغسل وجهك بأنك قد أصبحت عجوزا وقد اجتاح الشيب شعرك تماما، ربما لأنك فقدت الاشياء الجميلة التي كنت تملكها .
تفكر كثيرا بالاشياء التي لا يمكنك القيام بها ،الاشياء الصغيرة جدا ولكنها بحجم الدنيا لديك : تفكر بحقيقة أنك لم تقبل ابنك الصغير عندما استيقظت صباح اليوم وقبل أن تخرج : هو بعيد عنك ، كل يوم تخرج دون أن تراه وتعود ولا تراه ، يكبر بعيدا عنك ، عندما رأيته قبل أسابيع نظر اليك بعينين تتساءلان : من تكون ؟
اخترت أن تتناول معه ومع امه الغداء في أحد المطاعم القريبة من الحي الذي تسكن به :اكتشفت أثناء الغداء أنه يمكنه الان الجلوس لوحده على الكرسي ومشاركتك الطعام الذي تأكله بعد أن كان لا يستطيع أن يتناول الا الحليب عندما رأيته في المرة السابقة ، وقد برزت أسنانه اللبنية ، وتكتشف العديد من التفاصيل الصغيرة الاخرى الرائعة كاللالئ .
وأنت تتذكر تلك اللحظات يبدأ احساسك باللامعنى الذي يحيط حياتك : كل يوم مئات المكالمات الهاتفية التي تجريها أو تتلقاها والرسائل التي تحملك بعيدا عنك ، تأخذك من ذاتك ، عندما تبادر بالاتصال بأحد الاصدقاء يتوقع ان تدعوه الى اعتصام أو مسيرة أو ندوة حوارية أو ما شابه ذلك ، لا يتوقع أن تدعوه الى مجرد الجلوس في أحد الاماكن العامة لشرب فنجان قهوة معا والدرشة حول " لا شيء".
الدردشة حول " لا شيء" أمر جميل : أن تمتلك رفاهية تبذير الوقت – امتلاك الوقت وامتلاك الحق بتبذيره كيفما تشاء والأجمل : أن تجلس تتناول الطعام مع طفل جميل يحمل ملامحك وعيناه تنظران اليك وتضيئان وجودك .
تقول له : نورت الدنيا ! دون أن يفهم ما تقول ويبتسم رغم ذلك .
تغلق هاتفك وتمضي ذلك النهار وأنت تتجنب النظر الى ساعة يدك : تحمله بين يديك وأنتم تتجولون قبل غروب الشمس ، ينام وقد اسند رأسه الى كتفك . وتعود وحدك في النهاية الى منزلك غريبا كما خرجت في الصباح.



#خالد_حميد_حسين_البطاينة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوق سوداء لمتطلبات التعليم العالي في الاردن
- انجازات العهد الملكي الجديد في الاردن
- رسالة من الاردن : موضوع مترجم
- حنين الى سكينة الجهل
- جرائم الطاعة والاولاء : قراءة أولية
- مغالطات وحقائق
- لغة الخطاب السياسي وأسس نظام الحكم في الاردن
- لتجنب مجازر جديدة: نحو مبادرة شعبية عربية لحقن الدماء
- الاردن والاصلاحات السياسية الوهمية
- الدساتير العربية كأداة لوأد تطلعات الشعوب : الاردن نموذجا
- الشعوب العربية تحرر حكامها
- قبل أن تحدث الكارثة: دعوة إلى المجتمع الدولي لنزع أسلحة الأن ...
- سيدة مصر الاولى :سوزان مبارك والسير على خطوات ليلى الطرابلسي


المزيد.....




- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...
- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد حميد حسين البطاينة - حكايات