أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد زكريا توفيق - كيف نشكل لجنة وضع الدستور المصري الجديد















المزيد.....

كيف نشكل لجنة وضع الدستور المصري الجديد


محمد زكريا توفيق

الحوار المتمدن-العدد: 3381 - 2011 / 5 / 30 - 01:28
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


شاهدت بالأمس مناظرة بين الأستاذ صبحي صالح العضو البارز في الإخوان المسلمين والدكتور خالد منتصر الإعلامي المشهور في برنامج السيدة منى الشاذلي "العاشرة مساء".

المناظرة كانت عن فكر الإخوان بصفة عامة والتصريحات المريبة الأخيرة للأستاذ صبحي، عن وجوب زواج الإخواني بالإخوانية، وحتمية الدولة الإسلامية، وتكفير العلمانيين والليبراليين، أمثال الإمام محمد عبده، وطه حسين، وأحمد لطفي السيد، والشيخ على عبد الرازق، إلخ.

الحلقة تاريخية أرجو أن يرجع إليها السادة القراء حتى يعرفوا إلى أين تأخذنا المقادير بدون رحمة أو هوادة.

لم تفاجئني فكرة وجوب زواج الإخواني من الإخوانية حفاظا على المزايا الأخلاقية والدينية العشرة التي اكتسبها كلاهما عن طريق الوعظ والإرشاد، وانتقالها عن طريق الوراثة إلى الأبناء.

بذلك نخلق نوعا جديدا من الإخوان (سوبرخان) عن طريق الوراثة، أفضل من الجنس الموجود حاليا "الهوموسبيان". لكي يسود الأمة وينتشر إلى بقية أنحاء العالم.

فات الأستاذ صبحي وهو للأسف قانوني ضليع، لكن ليس عالم وراثة بالضرورة، إن الصفات المكتسبة لا تورث. بطل كمال الأجسام لا يورث عضلاته، والكهل لا تأتي أطفاله كهول، وعنتر ذو الوجه المجروح لا تأتي أبناؤه بعلامات مميزة في وجوههم.

لكن الذي أحزنني وأقلق مضجعي، هو علمي بأن الأستاذ صبحي كان أحد أعضاء لجنة تعديل الدستور الخمسة المكلفة من قبل المجلس الأعلى، برئاسة الإسلامي المعروف المستشار طارق البشري.

فمن الذي رشحه كعضو في هذه اللجنة، بدلا من الفقيه الدستوري الدكتور إبراهيم درويش مثلا؟

بالطبع، وأكاد أجزم، أن الأستاذ صبحي بنظريته الجديدة سوف يكون عضوا في اللجنة التى تقوم بوضع الدستور الدائم، وربما يكون رئيسها. الدستور الذي سوف يشكل مستقبلنا ومستقبل أولادنا لعشرات بل مئات السنين القادمة.

مادمنا قد تطرقنا إلى اللجان والمفكرين الذين يضعون الدساتير، وطالما أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة لا يستمع إلا لنفسه، فليس أمامنا إلا التوسل والإستجداء. وهما حيلتي الضعيف المغلوب على أمره في مواجهة القوة والسلطة المطلقة.

إذا كانت جمعة الغضب الثانية لم تجد أي آذان صاغية، فليس أمامنا سوى التحدث عن اللجان والمفكرين الذين وضعوا دساتير الغير. الدستور الفرنسي والدستور الأمريكي على سبيل المثال. لعل وعسى نتعلم منهم شيئا يفيدنا ونحن نضع مسودة دستورنا الدائم.

كوندورسيه:
كان كوندورسيه عالم رياضيات وإحصاء وفيلسوف وسياسي فرنسي. يتبنى قضايا حقوق الإنسان وخصوصا المرأة والعبيد والسود.

كان يؤيد نظام الحكم الجديد فى الولايات المتحدة. ويشارك بإقتراحاته السياسية والإقتصادية فى الإصلاح المنشود فى فرنسا. وكان من الرعيل الأول فى الحملة التى شنت على تجارة الرقيق عام 1781م.

عندما قامت الثورة الفرنسية، كان كوندورسيه فى طليعة المؤيدين لها. فى عام 1790م، أختير للمجلس البلدي، ثم أنتخب عضوا فى الجمعية التشريعية التى حكمت فرنسا من أكتوبر 1791م إلى ديسمبر 1792م، وأصبح فى مدة قصيرة رئيسا لها.

وضع بوصفه رئيسا للجنة التعليم، تقريرا يوضح خطة قومية للتعليم الإبتدائي والثانوي العام. وعندما وطد نابليون سلطته، جعل تقرير كوندورسيه أساسا للتعليم الجديد فى فرنسا.

يؤيد كوندورسيه بحماس الديموقراطية، ويعمل جاهدا على تطبيقها ونشرها. لم يمل كتابة المنشورات التى تطالب بالإصلاح وتعديل الدستور. وكان أحد المنادين بإلغاء الملكية وإقامة الجمهورية فى فرنسا.

كان كوندورسيه، هو و"توماس بين"، أبرز الشخصيات فى اللجنة الثمانية المكلفة بصياغة مسودة الدستور الفرنسي عام 1793م.

كان كوندورسيه، مثل فولتير، يشجب العصور الوسطى ويناهض سيطرة الكنيسة على الفكر الأوروبي. ويتهمها بتخدير الناس بسحر القداس وعبادة القديسين.

مع أنه كان يؤمن بالله، إلا أنه كان يرى أن تقدم المعرفة يقوض من سلطة الكنيسة وينشر الديموقراطية ويرتقي بالأخلاق.

الخطيئة والجريمة سببهما الجهل. أمل الإنسان فى التعليم وحرية الفكر والتعبير، واستقلال الشعوب، والمساواة أمام القانون، وإعادة توزيع الثروة.

تنبأ كوندورسيه بأهمية سلطة الصحافة وإستقلالها كضابط لطغيان الحكومة. وكان يؤمن بدور التأمين والمعاشات الإجتماعية فى بناء دولة الرفاهية. ويطالب بتحرير المرأة وحقوقها السياسية. ويؤمن بالتقدم العلمي والطبي.

كان يشجع انتشار النظم الإتحادية بين الدول. وتحرير الشعوب، وتحويل الاستعمار إلى معونات أجنبية تقدم للدول الفقيرة.

تومس بين:
تنبه "توماس بين"، قبل واشنجطون وجيفرسون، بوجوب الاستقلال عن إنجلترا. وأصبح المتحدث الرسمي باسم الولايات الأمريكية، بعد إصدارة كتيب "الفطرة السليمة – Commom Sense""، الذى ساهم مساهمة كبيرة بدوره فى الاستقلال عن بريطانيا.

كان كتاب "الفطرة السليمة"، بمثابة الطلقة التى سمع دويها فى جميع أركان العالم. وكان بمثابة أول دعوة تنادي بالإستقلال عن إنجلترا.

قال مارلو الكاتب السياسي الكبير: "يرجع الفضل في الاستقلال الأمريكي إلى قلم "توماس بين"، وسيف جورج واشنجطون".

كان يقال، إن الكاتب الحقيقي لوثيقة إعلان الاستقلال الأمريكية، هو "توماس بين". لأن ما جاء فى وثيقة إعلان الاستقلال، هى أفكار "توماس بين" التى جاءت فى كتاب "الفطرة السليمة".

كان توماس يطلب ويلح من جيفرسون أن تتضمن وثيقة الاستقلال، بندا ينص على إلغاء الرق. إلا أن هذا البند لم يمكن إضافته، بسبب معارضة ولايتي جورجيا وجنوب كارولينا.

جاء فى كتاب "حقوق الإنسان"لتومس بين، إن الإنسان يولد وله حقوق طبيعية. لكن هذه الحقوق قد سلبت منه عن طريق السلطة الحاكمة والسلطة الدينية.

الثورة الفرنسية والثورة الأمريكية قامتا لإرجاع هذه الحقوق لأصحابها. الكنيسة الكاثوليكية وتعاليمها الصارمة، هى العدو الحقيقي للحرية.

التهم التى يوجهها رجال الدين إلى الناس، ليست خصائص موجودة فى الدين المسيحي أو في أى دين آخر. إنما هي قوانين وفتاوي وتعاليم صارمة، أضيفت لكي تجعل رجال الدين تتحكم فى مصائر الناس بالقوة.

خذ من الأديان تشريعاتها القاسية الرادعة هذه، وأنت تحول كل دين إلى دين سلام وتقدم.

الحق الإلهي وتوريث الحكم شئ مضحك. عن طريق هذا النظام، أى عبيط يمكنه أن يعتلي العرش وفقا لهذا الحق. العداء بين الدول ما هو إلا عداء بين سياسة حكوماتها.

كل حكومة تتهم الأخرى بالتآمر والغدر، ذلك لشحذ الهمم ودفع مواطنيها للحرب. لكن العداء يحدث بسبب سياسات الحكومات العفنة.

الضرايب يجب أن تكون تصاعدية وفقا للدخل. هذا هو العدل. نقابات العمال لازمة للدفاع عن العمال وحفظ حقوقهم.

التعليم يجب أن يكون مجاني وإجباري لكل أفراد الشعب(كالماء والهواء كما يقول المرحوم طه حسين). المعاشات لكل كبار السن. العمل يجب أن يتوفر لكل الأيدي القادرة على العمل.

هذه هى حقوق الإنسان الطبيعية. الدساتير والمؤسسات يجب أن تتغير وفقا للظروف. قوانين الديموقراطية والليبرالية، يجب أن تكون ديناميكية تلائم طبيعة المجتمع والعصر الذى نعيشه.

لا يجب أن تقتصر على حقبة واحدة من التاريخ، أو مكان معين دون باقي الأماكن. لذلك من الواجب مراجعتها من حين لآخر. فليس من حق جيل واحد أن يملك كل الحق، ويقرر الشكل النهائي للدستور والحكومة والقوانين.

كل عصر وكل جيل، يجب أن يكون حرا لكي يقرر ما يصلح له. الظروف تتغير، والأوضاع الدولية تتغير والمجتمع يتغير، والأفراد تتغير.

الذى نجده مناسبا وجيدا اليوم، ربما نجده غير ذلك غدا. أفضل دستور يمكن وضعه الآن، يلائم اللحظة التى نعيشها. لكن ربما نجده قاصرا بعد سنوات قليلة فقط.

الآباء المؤسسون للدستور الأمريكي:
واضعوا الدستور الأمريكي يسمون "الآباء المؤسسين". تم اختيارهم بعناية من بين المفكرين والمبدعين لكي يصوغوا مسودة الدستور الأمريكي.

عددهم 55 عضوا. 39 منهم سبق أن كانوا أعضاء في الكونجرس الأمريكي. ثمانية عملوا كمحافظين. ثمانية آخرون قاموا بالتوقيع على وثيقة الاستقلال .

نصفهم كان من الثوار، اشتركوا في حرب التحرير. أصغرهم دايتون عمره 26 سنة عن ولاية نيوجرسي. أكبرهم "بن فرانكلين"، 81 سنة، كان يأتي إلى المؤتمر محمولا بأربعة مساجين.

جاءوا كلهم بهدف وضع مخطط تفصيلي (رسم هندسي)، لإنشاء حكومة وطنية جديدة.

كانوا يتناقشون ويجادلون ويعارضون، لكن كانت عيونهم وقلوبهم مع مصلحة بلادهم ومستقبلها.

يقول موريس ممثل بنسلفانيا:

أنا هنا لكي أمثل الجنس البشري كله. أرجوا من الإخوة الرفاق أن يعلوا لكي يتخطوا اللحظة الراهنة، وحدود الزمن والمكان الضيقة، إلى رحاب أعظم وأوسع.

هذا ما فعلوه بالضبط خلال أربعة شهور. جاءت جهودهم المخلصة ب 4440 كلمة، لتعرف العقد الاجتماعي المسمى بالدستور الأمريكي.

فهل لنا أيضا أن نتخطى حدود الزمان والمكان الضيقة إلى رحاب أعظم وأوسع، لكي نضع دستورا عظيما وجليلا يليق بمصرنا العظيمة؟

هل يمكن لواضعي الدستور المصري الجديد أن يمثلوا الجنس البشري كله (الهوموسبيان)، أو على الأقل الشعب المصري كله بجميع نحله وطوائفه؟ أم يصرون أن يمثلوا فقط جنس (السوبرخان) الجديد، الذي ينادي به فقيهنا المتمكن صبحي صالح؟ هذا ما سوف تجيب عليه الأيام القادمة.

[email protected]



#محمد_زكريا_توفيق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصص وحكايات من زمن جميل فات (14)
- مآثر المسلمين واسهاماتهم في علم الفلك
- ماذا تعرف عن اللاشئ؟
- نحو دستور جديد خالي من المادة الثانية
- بعد ثورة اللوتس، هل هناك أمل في التحرر من السلطة الدينية؟
- ثورة اللوتس المصرية
- الفلسفة النفعية
- شوبنهور فيلسوف التشاؤم
- مشكلة الأقباط وحادث الإسكندرية
- نيتشة والرجل السوبرمان
- كارل ماركس
- حتى لا نكون رعايا وعبيد لحاكم مستبد
- قصص وحكايات من عالم الأحياء 04 - عالم النحل
- جرب فكري ودعارة خلقية
- عدم اليقين في العلوم الحديثة
- جان بول سارتر والفلسفة الوجودية
- سيجموند فرويد والتحليل النفسي 1
- قصص وحكايات من عالم الأحياء 03
- الديموقراطية والحالة المصرية
- فولتير رائد من رواد فلسفة التنوير فى القرن الثامن عشر


المزيد.....




- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...
- ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر ...
- اسلامي: المراكز النووية في البلاد محصنة امنيا مائة بالمائة


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد زكريا توفيق - كيف نشكل لجنة وضع الدستور المصري الجديد