مطالب الثورة، وحركة التغيير

سعيد رمضان على

الحوار المتمدن-العدد: 3378 - 2011 / 5 / 27 - 20:19
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    

الثورة ، تعنى تأييدا لوجود الإنسان في العالم .. وهى كثورة تتجاوز كافة المفاهيم المغلقة التي تحكم المجتمعات.. مؤدية إلى جدل مفتوح يحاول أبعاد الإنسان عن ذلك النفي التاريخي ،التي تفرضه السلطات الديكتاتورية بقهر صارم، محاولة وضعه في قالب مجمد دائم أبدا ..
ومن هذا المنظور علينا أن نفهم مظاهرات " جمعة الغضب الثانية " التي بدأت اليوم 27 مايو .. وأن نحاول وضعها في إطارها الصحيح بعيدا عن اتهامات التخوين .. والتخريب.. كما كانت تتم أيام نظام مبارك، فمن يقوم بالمظاهرات مصري .. ومن يرفض القيام بها مصري ..
والكل له توجهات تحكمه .. وهذه التوجهات يراها كل شخص من منظوره تصب في مصلحة الوطن .. كما أن الصحيح أيضا .. ان الموافقة على المظاهرة والرفض لها، كلاهما يصبان في مصلحة الوطن، وتفسيري بسيط .. فالرفض والقبول والموافقة وعدم الموافقة.. كلها اختلافات .. والاختلافات عندما تترك لتنمو بطريقة طبيعية ، تصب في مصالح الديمقراطية .. بشرط الابتعاد عن التخوين والاتهامات والقبض على الأفراد أو معارك الشوارع التي تسيل الدماء .
وعودة للمظاهرات .. فقد قامت ثورة يناير وهدفها إسقاط النظام وأحداث تغير يستهدف المواطن والوطن .. ومع أن إسقاط النظام تم لكن التغير تحقق بشكل هامشي ..
ثم هناك عمليات ركوب على الثورة، ومحاولة تهميش من قاموا بها فعلا
ويؤكد أحد أعضاء المكتب التنفيذي لائتلاف شباب الثورة أن مشاركتهم في مظاهرات الجمعة سيتم لشعورهم بالإقصاء والتهميش ..رغم كونهم من مفجري الثورة ..
أن هذه النقطة ضرورية لفهم الأبعاد الحقيقية للتظاهر .. فالثورة وكما قلنا في بداية المقال ضد النفي التاريخي للإنسان .. وعمليات الإقصاء والتهميش تؤدى كلها إلى نفى الإنسان كفاعلية حرة ومصير .
ان الطبيعة الثورية لأفراد الثورة ومفجريها ومحركيها، تشعر بأنها تلاقى نفيا وإنكارا .. نفيا وإنكارا لهم كثوار ، ونفيا وإنكارا لمطالبهم من أجل العدالة الاجتماعية .. وفى هذه النقطة فنحن معهم كثوار ومع مطالبهم من أجل مصر، وضد محاولات تجميدهم ..
ولكننا لسنا معهم في رفع الشعار :
" الشعب والمجلس العسكري مش أيد واحدة .. والجيش والشعب أيد واحدة "
كما أننا لسنا معهم في عملية الاستفتاء على أي قرار مصيري كما ذكر خطيب الجمعة في ميدان التحرير ..
أما الاستعجال في محاكمة رموز الفساد .. فنحن معهم في المحاكمة وسبق أن طالبنا بها أكثر من مرة .. لكن الاستعجال مرفوض ..
ولنناقش هذه الأمور بتأني .. فنحن جميعا مصريون يحبون وطنهم ..
وبداية فأن المجلس العسكري، أنعقد بشكله وأفراده الحاليين، عندما قامت الثورة و حسنى مبارك في السلطة .. ذات المجلس نفسه دافع عن الثورة ورفض الهجوم على الثوار كما يحدث في ليبيا وسوريا وغيرها من الدول .. المجلس العسكري قام بحماية الثورة ومصر ..
وكما قلت في مقال سابق ان الجيش وعلى رأسه المجلس العسكري لم يتدخل في الحياة المدنية طوال عقود لذا يفتقد الخبرة من هذه الناحية ، لكن هذا لا ينفى انه مجلس وطني وانه وقف في صفوف الثورة من أول يوم فلهم الشكر والعرفان، لا الغدر وإنكار الجميل .. ثم مسألة احتواء الشعار " الشعب والمجلس العسكري .. الخ " هو شعار يحوى كلمة الشعب .. ولايمكن أن يكون الشعب كله وأنا احد أفراده موافقا على مثل هذا الشعار.. فالمجلس العسكري، ربما يكون له أخطاءه لكنه ليس مثل حسنى مبارك ..
أما عملية الاستفتاء حول كل قرار مصيري يصدر، فهو استحالة.. لأن كل قرار يتخذه مجلس الوزراء أو المجلس العسكري هو قرار مصيري ولا يوجد شيء اسمه قرار مصيري وقرار غير مصيري، حتى قرار إيقاف عمليات بناء أو قرارات الضرائب، تمس مصالح مصر .
ثم أن الاستفتاء يأخذ وقتا طويلا من حيث تجهيز المقرات واللجان . ومن الغريب أن الناس الذين يطالبون باستعجال الأمور، يريدون تبطىء الأمور من خلال الاستفتاء على كل قرار .. ثم أين الأموال المطلوبة لأعمال الاستفتاء وكل لجنة مخصص لها عدة ألاف جنيه .. ؟؟
ثم أن العودة للشعب على كل قرار يعنى عدم الثقة في الحكومة وتعطيل سلطتها. لذا فترك القرارات للنقض والمتابعة من جانب المحكمة الدستورية يكون أفضل الحلول .
وعودة للاستعجال حول محاكمة رموز الفساد .. فمحاكمة رموز الفساد لها شقين .. الشق الجنائي .. وشق أعادة الأموال .. ولايمكن إعادة الأموال من الخارج إلا بسجنهم من خلال محاكمة عادلة .. لذا تجميع الأدلة التي تؤكد جرائمهم أمر ينبغي يوضع بالحسبان، وتجميع تلك الأدلة وفحصها يأخذ وقتا ، حتى في المجتمع الأمريكي والأوربي تأخذ القضية سنوات .. ثم انه يمكن للنائب العام ان يتسرع بتقديمهم للقضاء دون أدلة حقيقية أرضاء للشعب وإطفاء النيران المشتعلة .. فيوضع القضاء موضع حرج .. فأما أن يحكموا عليهم بعدم وجود أدله تدين ..فيتعرضوا للطعن في عدم النزاهة، أو يفرجوا عنهم فيتعرضوا للطعن من الشعب ..
أن الثورة أصبح لها شرعية الوجود ، واستمرار تلك الشرعية مرهون بتطبيق العدالة .
وهذا التطبيق سيتأرجح بين النجاح والفشل ، وبتعقيد فيه ضراوة.. وهذا هو امتحان الثورة الحقيقي .. والفشل إلغاء للجوهر الثوري .

#سعيد_رمضان_على (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات