أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لمى محمد - معادلة دينية














المزيد.....

معادلة دينية


لمى محمد
كاتبة، طبيبة نفسية أخصائية طب نفسي جسدي-طب نفسي تجميلي، ناشطة حقوق إنسان

(Lama Muhammad)


الحوار المتمدن-العدد: 3378 - 2011 / 5 / 27 - 08:17
المحور: الادب والفن
    


-الحقيقة قاسية، لكن بالإمكان أن نحبها، و هي تجعل من يحبونها أحراراً.-
جورج سانتايانا



أنت تعلم أن الوطن يسكنك في كل تفاصيل حياتك، و يهيمن على روحك المغتربة عندما:

تبحث في مفردات أبناء الوطن عن سبب العلّة، و عن الحل، فتذهلك ردود البعض اللامنطقية، و اللاإنسانية.. و مع ذلك لا تكرههم لأنهم أبناء الجرح معك.

عندما يسوّد محيط العين من قراءة للمقالات التي تلّخص الوضع، لتكتشف أنك بكل نقاء بعدك عن السياسة.. أصبحت مضطراً لتتبع ذيل السياسة و هي تلتوي و تنساب بين أزقة لطفولتك، و تنشر سمها في وجه الجميع.

عندما لا نستطيع النوم لثلاث ليال متوالية..التعب حاضر، و الإنهاك موجود، لكن النعاس يضج في داخلك.. صخبه غريب، و عالٍ.. كأصوات أطفال الحارة التي تركتها تلعب وراءك، غبار النوم ينتثر في داخلك، لتأخذه أصوات أنين تحفر في القلب.. يئن بصوت أبناء وطنك، فيقعدك مع فنجان سابع للقهوة، و غصة في الحلق.

لو كنت كاذباً أو منافقاً لكانت حياتك أسهل.. فأنت و بوجهك الحقيقي لا تجيد مطلقاً اكتشاف أقنعة الدجالين الذين هم من الجبن و الخسة بأن يطعنوا في الظهر فقط.. يا لألم الطعنة في الظهر! ..كم أنت اليوم تتألم يا وطني...
**********


لم أرها منذ هربت في تلك الليلة السوداء التي غلفت حيطان الوطن بهباب الكره الأسود.

و الكره يصنع كارثتين إحداهما كالبركان مدوّية، و الثانية بصمت الحر الصيفي.

الجميع خاف الكارثة الأولى إلا أنا وقفت الثانية في حلقي، و لم تغادره.. و كيف تراني أتحدث الآن و الكارثة تذهب بجميع الحروف إلا اثنين.

لم أر الحلول أبداً، منذ بدأ الحديث بصيغة( سني- علوي) يطفو على السطح، بكامل عفنه، و نتانة رائحته، ذاهباً بجهد القديسين الذين أحرقوا سنيناً من الصمت، و أشعلوا أصابعهم كي يذهبوا بالعتمة.

كنا ننتظر بزوغ فجر ليل الاستبداد، ليقفز كابوس الطائفية و ينط في جميع التفاصيل، و النط كما تعلمون يُجهدك دونما أية خطوة للأمام.

أذكياء أنتم يا من تجيدون العزف على وتر الطائفية الذي يذهب بسمع المتغابي قبل الغبي..ها قد حلت الكراهية مكان الحلول، و لم يبق سوى "وجد" يستحضر لنا كل يوم حلاً جديداً...

و "وجد" صديق العائلة منذ القديم، و هو ليس رجلاً عادياً.. لا بسرواله المتسلق إلى أعلى كرشه المدوّر الصغير و لا بلسانه السليط، و طريقة كلامه اللاذعة.

رجل في الأربعين، بعينين سوداوين وادعتين غاصتا بين كم هائل من التجاعيد التي غطت الوجه الأسمر، دالة بعمقها على تاريخ مليء ب(أكل الهم)، و القلق على كل شيء.

منذ شهرين يقوم "وجد" بدور الديك، يوقظ المنزل كله في الخامسة صباحاً على تقرير إخباري مفصل.

استيقظ و لمّا أكن قد غفوت تماماً بعد على صوت زوجي يصيح:

-هيك رأيك.. مو معقول.. البارحة كان لك رأي آخر.
و يخرج صوته من سماعة الهاتف:
- يعني كل يوم بتطلع محطة إخبارية عم تكذب.. من وين بدي جبلك خبر موثوق.. من "رويترز" يعني؟!

و الحقيقة أن تقارير "وجد" الإخبارية تصدر عن وسائل الإعلام المتاحة لشعبه، و عن قنوات تناسب إعلام القرون الوسطى المستخدم هناك:
"أبو حمادة" سائق التكسي جارهم في الشقة المجاورة، و " أم الرز" الراقصة جارتهم في نفس العمارة، بالإضافة إلى تحليل حاسته السادسة للوضع، و الذي يتغير بتغير المحطة الإخبارية التي كان منسجماً معها –في الخفاء- في الليلة السابقة.
**********


اليوم لم يتصل"وجد"، و مع أنني كنت أتذمر من هاتفه الصباحي، إلا أنني قلقت عليه، قلت مطمئنة زوجي:
- بيكون مع "أبو حمادة" .. لا تخاف.
فأجابني ضاحكاً:
- أنا خايف و لا أنت .. لا تخافي بيكون مع الرقاصة...

عاد زوجي للنوم، بينما تابعت سهريتي متخيلة الأسباب التي أخرّت التلخيص (المحلي) للأحداث المتسارعة.

فتحت جهاز (الكمبيوتر) و جلست أتنقل بين الأخبار المتعددة لما يقارب الألفي صديق: سوريون، مصريون، توانسة، و من جميع البلاد( المهيمن عليها)، أقلّب فيما يكتبون، و أرى كيف تطفو المعادلة الدينية على السطح غير قابلة للحل، و لا للانسياب مع الدول، تقف الكارثة الثانية في حلقي، و نبوءة سيئة تجتاح مخيلتي تقول:
لن تتوقف الدماء قريباً..

توغلت في الحزن إلى أن انتشلني صوت الهاتف، و جاء صوت"وجد" حزيناً، و متألماً:

- أنا (ما بقى رح احكي )معكم.. الدماء تملأ الحديث ، و عندما يتحدث الدم يصمت البسطاء، أصلاً..

اعتقلوا "أبو حمادة"..صمت قليلاً ثم أضاف: و "أم الرز" أخذت بطولة مسلسل و (ما بقى فاضية )!


يتبع...



#لمى_محمد (هاشتاغ)       Lama_Muhammad#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوريانا -زيت و زعتر-
- سوريانا -مغالطات منطقيّة-
- سوريانا-مطر صيفي-
- بالماء يا وطني
- على قيد الأمل...
- كالفرق بين غادة عبد الرازق و نوال السعداوي
- ثورة خالد سعيد
- ب (تونس) بيك
- فضائيّة تحت (الطاقيّة)
- عن ماذا سأحدثك يا صغيرة؟!
- بين الإلحاد و (الكونغرس)
- ملوك اليمين
- كارما الكراهية
- أسرار جنسيّة: طفولة مسروقة
- يا عرب السك..ك، تعرّوا
- إني لأرى -ذيولا- قد أينعت ..
- مشجع ألماني عميل
- إرضاع الصراصير، ثم إرضاع الكبير
- ناقصات عقل
- لا أحد كامل إلا..الضفدع كامل


المزيد.....




- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لمى محمد - معادلة دينية