أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلال سمير الصدّر - دوغفيل 2003:تجريد ومسرح بريختي في ثلاثية جديدة عن الولايات المتحدة















المزيد.....

دوغفيل 2003:تجريد ومسرح بريختي في ثلاثية جديدة عن الولايات المتحدة


بلال سمير الصدّر

الحوار المتمدن-العدد: 3377 - 2011 / 5 / 26 - 05:16
المحور: الادب والفن
    


دوغفيل 2003:تجريد ومسرح بريختي في ثلاثية جديدة عن الولايات المتحدة
رؤية عن أخلاق الولايات المتحدة تحتمل الخاص والعام
بعد ثلاثية أوروبا وثلاثية القلب الطيب،يبدأ تراير في الحديث عن إشكالية جديدة وسيفتتح ثلاثية جديدة عن أخلاق الولايات المتحدة،وكلمة أخلاق كما سنرى كانت أحادية النظرة إلى درجة كبيرة والمأخوذ على تراير بقوة في هذا الفيلم بأنه يحكم على أخلاق بلد لم يزرها في أي مرة في حياته والسبب في ذلك هو خوفه من الطيران....
الأقسى من ذلك هو أن نقول أن التحليل الأخلاقي الذي يقوم به تراير في هذا الفيلم يصح أن نطلق عليه بأنه إشكال أو رؤية أخلاقية عامة أكثر من أنها تخص منطقة أو شعب بعينه مع وجود تلميحات واضحة إلى ما علق في أذهاننا عن البراغماتية الأمريكية.
الأحداث ستدور في قرية دوغفيل التي تقع على جبال صخرية في الولايات المتحدة الأمريكية كما يقول الراوي ...
الفيلم قائم على تقسيمه إلى تسع فصول ومقدمة وهذا ليس بالأسلوب الغريب أبدا على تراير ولا يستخدم في عناوين الفصول أي كناية للعنوان على سبيل الرمز والتورية بل العنوان مستمد من أحداث الفصل نفسه فعنوان الفصل الأول على سبيل المثال: حين يسمع توم طلقات النيران ويقابل غريس...
الأسلوب الذي يتبعه تراير هو بحد ذاته صيغة فنية قريبة جدا من المسرح أو المسرح البر يختي كما قالوا عنها،فنحن أمام فناء مفتوح وكل الأماكن والمنازل محددة فقط بالطباشير،وليس هناك جدران أو بناء أو حديقة أو أي شيء من هذا القبيل وعلينا أن نتخيل وجود هذه الأشياء مثل الممثلين تماما...إنها صيغة جمعية بين السينما والمسرح متفردة ونادرة فالمسرح هو مكان مفتوح للجميع أي هو منزل الجميع....
هذه الصيغة قد خدمت الفيلم على غرابتها وعلى عدم تقبل المشاهد العادي لهذه التقنية التي بدت غريبة بالنسبة له،كما سنرى لاحقا خاصة بأنه أعتمد أيضا أسلوب الراوي وهو أمر سنعرج عليه في حينه، على الرغم من أن الأسلوب بحد ذاته لم يجد فيه المحكمين في كان أي شيء عبقري أو حتى مقنع وهو أمر صحيح أيضا وكعادتها فأفلام لارسن فون تراير تقع بين خصمين لدودين من مؤيد كبير ومعارض كبير،والفيلم يتميز أيضا بالتقرير بل التقرير العالي جدا الأمر الذي يؤخذ على الفيلم بأنه عبارة عن سقطة أدبية لكاتب السيناريو الذي هو نفس المخرج.
وهناك شخصية تختلف عن كل الشخصيات في الفيلم، وهي شخصية الكلب(موسى) الذي هو بحد ذاته ككائن غير موجود بل نسمع صوته وشكله مرسوم بالطبشور على الأرض...
إذا هناك شخصيتان محوريتان في الفيلم،توم أديسون (Paul Bettany) حكيم القرية وفيلسوفها
وغريس الهاربة من رجال عصابات والتي تقرر القرية بتوجيه من توم إيواءها لمدة أسبوعين كتجربة لها حتى تستطيع القرية أن تستشف إن كانت هذه الغريبة ستستمر معهم أم لا.
غريس فتاة مدللة لم تعمل أي يوم في حياتها فهي تريد أن تواجه الحياة ومواجهتها الأولى ستكون مع أهل هذه القرية وتبدأ بعمل أشياء سخيفة ولكنها مهمة مثل إزالة الأعشاب من البلدة بأيديها الناعمة وهنا يأتي دور الراوي الذي يشعرنا بأنه يقرأ من كتاب فالراوي يقرأ بل يحلل المونولوج الداخلي للشخصيات وهناك قصدية واضحة في السيناريو تخدم الموضوع فحتى الآن السيناريو المكتوب للراوي بالذات يبدو بأنه أقوى ما في الفيلم ولنتأمل في هذا السيناريو بلسان الراوي الذي يتعمد وصف المشاعر وما يحاك في داخل الشخصية:اهتمت بدوغفيل وأظهرت للبلدة وجهها الحقيقي...لكن هل هذا كان كافيا؟وجدت في نفسها في مزاج البحث عن الحب،سواء البحث عن الحب أو القلق لمستقبلها كان السبب النتيجة...تلك المحبوبة غريس انغمست في قطعة مظللة من الغضب.
في البداية ستشعر بأن لها أصدقاء والراوي سيصف المشاعر الداخلية لغريس (عن نشوتها الشديدة بالصداقة) إذا هي ستعامل القرية بمثالية كبيرة وبقلب طيب كبير.
حتى الآن وقبل أن تنقلب الموازين على غريس،ففيلم دوغفيل-إذا أسقطنا فيلم الحمقى من حساباتنا-يصح أن نطلق عليه بأنه نهاية ثلاثية القلب الطيب وبداية ثلاثية أخرى (أمريكا).
ولكن الأمور بدأت تتغير فأهل القرية يريدون منها أن تعمل لساعات إضافية في القرية مقابل بقائها لأن الخطورة ازدادت والشبهات باتت تحوم بكثرة من حول القرية،وتوافق هي على ذلك.
إذا الأعمال تزداد عليها وبغطرسة أكبر هل هذه هي أمريكا؟
هل هي التي تحتوي الناس من خلال فكرة الحلم الأمريكي-على سبيل المثال- ثم تظهر بعد ذلك الوجه الحقيقي المبتز لها.
هناك تحرشات جنسية من تشوك ـوتشوك سيغتصبها لاحقا وهي ستكون ضعيفة مستسلمة، والضعف نابع أصلا من صيغة الإقناع الطيبة التي تعامل بها غريس الآخرين،ويصح بكل قوة أن نقول أن الفيلم يتحدث عن قلب طيب وكأن تراير يريد أن يضع حلا لمعضلة القلب الطيب ضمن مناقشاته لأخلاقيات أمريكا....وحتى لو كان المخرج يوجه جدله الأخلاقي لأمريكا بالذات ولكن الرؤية تبدو أوسع من ذلك...والخطاب السياسي في ماندلاري سيكون أكبر إذا كان الخطاب في دوغفيل هو خطاب أخلاقي أولا وأخيرا.
إذا أردنا أن نلقي بظلالنا مرة أخرى على الأسلوب الذي أستخدمه تراير في هذا الفيلم والذي سيكرره لمرة واحدة فقط في الفيلم الذي سيلحق بهذا الفيلم مباشرة (ماندلاري).
فتراير يتبع أسلوبا تجريديا وهناك راوي يحلل ويشرح المشاعر وردات الفعل وهذا بحد ذاته محاولة ناجحة للتركيز على هذه الفكرة المتطرفة ومحاولة إيصالها ضمن آليات المسرح البريختي.
الفكرة النفعية لأمريكا بدت واضحة في الفيلم والرؤية الأخلاقية الضيقة ذات الاتجاه الواحد فحتى الأطفال يمتلكون دوافع شريرة باتت واضحة،كما أن الاستغلال الجنسي لغريس أصبح عادة حيث أن كل رجل في القرية يقوم باستغلالها وحتى أجرة غريس يتحكم بها أهل القرية لشراء أشياء بالية وقديمة من متاجر أهل القرية مثل التماثيل...
كل شيء في الفيلم من التصرفات والأفعال والكلام بين الشخصيات تقودنا إلى النهاية،إلى ما هو مقرر فعلا فالتقرير في الفيلم واضح جدا وليس من باب المبالغة أن الفيلم يحتمل-كالعديد من أفلام تراير-السقطة الأدبية.
إذا وفقا في التقرير الذي اِشرنا إليه،فغريس ستعاني من الظلم الشديد بالتأكيد،فهي ستتهم بأنها السبب في غواية كل رجال القرية،ويعلق الراوي:طوال حياتها غريس كان عندها عادة بالغة في كبح عواطفها...؟! وهناك ملعوب من توم لتهريبها من القرية ولكن بدلا من ذلك يستغلها جنسيا ويعيد تسليمها إلى القرية ومن ثم الشكوك تحوم من حولها لأنها كانت تخطط بالهرب وهي بقيت صامتة إزاء كل هذه الاتهامات.
والعقاب سيكون بربط غريس من رقبتها والجهة الأخرى من السلسلة سيتم ربطها بعجل حديدي ضخم ونكتشف بأن المتهم الأصلي هو توم ولكن توم يحول التهمة نحو غريس،والأطفال سيستخدمون العجلة المربوطة عليها غريس للجلوس عليها لتجرهم غريس كنوع من الاستهزاء والدونية.
إذا سيأتي هنا دور الحكم،والنتيجة التي يراها تراير مناسبة للفيلم،لأن توم سيستدعي رجل العصابات للتخلص من غريس ولكن النتيجة ستكون عكسية لأن رجل العصابات هذا(جيمس كان) هو والد غريس وتقرر غريس الهاربة من والدها حمل المسؤولية فورا وحل مشكلة دوغفيل.
تقرر غريس قتل كل من في القرية حتى الأطفال،وتقرر أن يقتلوا أمام أمهاتهم وحرق القرية والكائن الوحيد الذي سيبقى على قيد الحياة هو موسى.
إذا لارسن فون تراير يضعنا في إشكالية عن الأخلاقيات وإن كانت موجهة بالضبط للولايات المتحدة ولكنها في همومها لا تختلف عن همومه في ثلاثيته السابقة (القلب الطيب) والرؤية أعتقد بأنها كانت عامة أكثر مما هي خاصة تخص شعب بعينه،وغريس تنتقم لصديقاتها السابقات في راقص في الظلام وتحطيم الأمواج،فالفيلم هو بداية ثلاثية ونهاية ثلاثية في نفس الوقت.
وحكم تراير كان قاسيا وتشاؤميا كعادته فهو يرى أن قتل أفراد القرية هو أفضل حكم عليهم ضمن رؤية أخلاقية متطرفة والرؤية على جمالها كانت غير موضوعية في الحكم على الجنس البشري أو على الشعب الأمريكي.
فيلم دوغفيل في بعض دقائقه كان مملا وطويلا(177 دقيقة) والحوارات بين الشخصيات لم تكن عفوية أبدا بل ساهمت في تأكيد مصير مرسوم من البداية والأسلوب الذي أتبعه تراير هنا مع مساهمته في التجريد والتركيز على الفكرة بهمها وعناصرها الفلسفية والأيديولوجية يبقى الحكم للمشاهد عليه.وسيستخدم هذه التقنية في فيلم ماندلاري الذي سيكون الخطاب السياسي موجها بشكل أقوى وأوضح إلى الولايات المتحدة.



#بلال_سمير_الصدّر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاحتفال1998:دوغما لم تضل الطريق لكن بقيت عاجزة عن خدمة المخ ...
- تحطيم الأمواج 1996 للارسن فون تراير: رؤية عن الإنسان الطيب ا ...
- جوليتا والأرواح 1965:عندما تخون الأحلام فليني
- فيلم الحمقى1998 :فكرة غير واضحة لدوغما ماتت قبل أن تولد
- آلام جان دارك لكارل دراير 1928:التحفة الأبرز في مجال السينما ...
- فيلم غريزة أساسية 1992: عناصر ناجحة لفيلم ناجح على شباك التذ ...
- فيلم الطريق 1954 لفليني:الفيلم الذي قاد فليني إلى التحف
- فيلم (Bocaccio 70)رسالة حب موجهة للمرأة
- الحالمون2004:أين كنا عام 1968
- راقص في الظلام:رؤية تشاؤمية للأخلاق البشرية:لارسن فون تراير ...
- التانغو الأخير بباريس:الحواس كتعبير عن اليأس الروحي:برتولوتش ...
- أضواء المنوعات 1950 استعراض لحياة فليني القادمة من خلال قصة ...
- مدينة النساء1980(فدريكو فليني):صورة لمجتمع نسائي منفصل عن ال ...
- مدينة الملائكة(1998): فانتازيا رومانسية تعالج مسألة الحب وال ...
- لارسن فون تراير وتأسيس سينما الدوغما
- حب في المدينة -1953- لقاء العمالقة في نقطة لن تتكرر أبداً
- بروفة اوركسترا لفليني 1978قصة تحذيرية عن خطر الفوضوية
- أغيرا: غضب الرب 1972 فيلم عن الشخصية بامتياز
- (Little Chilren2006) أطفال صغار نظرة طبيعية لمجتمع مستقر أو ...
- ليلة القديس لورنزو(ليلة تساقط النجوم)1982


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلال سمير الصدّر - دوغفيل 2003:تجريد ومسرح بريختي في ثلاثية جديدة عن الولايات المتحدة