أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد الحروب - إسكات -مشارف- واغتيال الثقافة الرفيعة















المزيد.....

إسكات -مشارف- واغتيال الثقافة الرفيعة


خالد الحروب

الحوار المتمدن-العدد: 3376 - 2011 / 5 / 25 - 23:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كأن الثورات العربية ودروسها الغنية والمفاجئة والكبيرة لم تصل إلى كثير من صناع القرار العرب في اكثر من صعيد. اعلاميا وثقافيا كان وما زال احد هذه الدروس يقول ان الشفافية والنقاش الحر والمفتوح يقدم احد صمامات الامان للمجتمع ويقلل من فرص الاحتقان الذي ينفجر لاحقا. حتى قبل الثورات العربية كان كثيرون منا، وفي سياق الجدل بحرارة ضد كل انواع الاستبداد، يساجلون ضد سيطرة الاعلام الرسمي على فضاء التعبير على ارضية ان اغلاق فضاء التعبير المحلي يدفع الناس في هذا البلد او ذاك للتعبير عن انفسهم عبر الاعلام الخارجي. عكس انتشار ونجاح الفضائيات العربية فشل الاعلام الوطني في استقطاب افكار النقد البناء والمعارضة والاحتجاج الطبيعي والصحي، وهو ما اضاف تشوهات اضافية إلى عملية البناء الوطني والاجتماعي التي يقويها ويصححها النقد الداخلي الدائم. في جانب الثقافة والفكر شهدنا ذات العقلية المغلقة تسيطر على نوافذ التعبير والابداع، لكن كان هناك عوامل اخرى ساهمت في تهميش واضعاف الحضور الثقافي والفكري في الاعلام العربي وخاصة التلفزيوني، المحلي منه والفضائي. من تلك العوامل الزعم بأن البرامج الثقافية غير جذابة من ناحية الجمهور ولا تتمتع بدوائر مشاهدين واسعة، بما يبقيها في إطار نخبوي لا يسلحها بأدوات المنافسة مع البرامج الاخرى – الشعبوية والترفيهية والاكثر جذبا. يتحالف مع هذا العامل عنصر الكلفة المالية وعدم الربحية، ذلك ان المعلنين والشركات لا تجذبهم هذه البرامج لاستخدامها للإعلان والترويج وسوى ذلك. وهذان العنصران الاخيران، اي عدم اتساع الجمهور وعدم الربحية المالية، ليسا محصورين بالتجربة الاعلامية العربية بل يطالان علاقة البرامج الثقافية بالاعلام في معظم التجارب الاخرى. لكن بقيت البرامج الثقافية والفكرية وبرامج الكتب تحتل هذه المساحة او تلك على الشاشة التلفزيونية لأن غيابها يعني ادانة غير مباشرة لاداة الاعلام المعنية.
البرامج والمواد الثقافية والفكرية في التلفزة العربية هي الاقل والاضعف حضورا، في حين هي الاكثر احتياجا في مناخ طافح بالتصحر الثقافي والانغلاق وقلة المتابعة. الثقافة والفكر يمثلان ما هو طليعي في اي مجتمع يتحركان دوما في المقدمة لاستكشاف ما هو مجهول، وللبحث الدائم عن ما هو جديد. واهم من ذلك كله تعمل الثقافة والفكر على طرح الاسئلة المعرفية المتجددة التي ينشغل عن مواجهتها المجتمع بعمومه، وهي المواجهة التي تعمل على تجديد المجتمعات ومدها بالاكسجين الدائم، فيما تفاديها يؤدي إلى تكلس المجتمعات وتعفنها والركون إلى "دفء" ما هو قائم على ما فيه من اختلالات وتراكم علل. الاعلام العربي المتلفز، المحلي والفضائي، وخلال السنوات الماضية تمكن من رفع سقف التعبير السياسي إلى هذا الحد او ذاك. لكن السقف الفكري والاجتماعي والديني والثقافي بقي كما هو بالمجمل العام. بل إن ذلك الاعلام عمل في كثير من الاحيان على تكريس وتخفيض تلك السقوف الفكرية والثقافية والدينية معبرا عن جبن بالغ في مواجهة ما هو تقليدي ومتوارث على حساب تجديد دماء المجتمع واستكشاف ما هو جديد.
يُساق ويُستعاد هذا الجدل على خلفية اختفاء برنامج "مشارف" الثقافي على القناة المغربية الاولى، والذي يديره الكاتب والشاعر المغربي المعروف ياسين عدنان. تمكن "مشارف" خلال السنوات الماضية من احتلال مساحة واسعة في قلب المشهد الثقافي العربي، وقدم نموذجا شبه فريد في زمن سيطرة الفضائيات العربية ذات الامكانيات المادية الضخمة. وهذا النموذج تمثل في إمكانية تقديم انتاج ثقافي محلي بإمكانيات محدودة ينافس ما تنتجه الفضائيات الكبرى ويثبت ان المضمون والتقديم واتساع الافق والثقافة الرفيعة التي يتمتع بها مقدم البرنامج هي رأس المال الحقيقي. فعلى الضد من النمط الاعلامي الذي ساد في السنوات الماضية حيث غزا اعلام الفضائيات دوائر المشاهدين المحليين واستقطبهم، تمكن "مشارف" من كسر حدود "المحلية" والوصول إلى دوائر مشاهدين في المنطقة العربية بشكل واضح. احد اهم الاسباب التي انجحت "مشارف" هو الاشراف المبدع عليه من قبل مثقف عميق وواسع الصلات ومشع الحضور مثل ياسين عدنان، الذي يعتبر وبرنامجه جسرا جميلا من الجسور الثقافية بين "المغرب" و"المشرق". واذا كان محمد عابد الجابري وحسن حنفي قد اطلقا في الماضي حوارا غنيا وجذابا حول كل ما له علاقة بثقافة وفكر جناحي العالم العربي من المحيط إلى الخليج، فإن "مشارف" عمل على استدامة ذلك الحوار بشكل اسبوعي ودائم وعلى مدار سنوات طويلة. وربما يمكن القول إن معظم المثقفين والمفكرين والشعراء والادباء والروائيين "المشارقة" الذين اتيحت لهم فرصة المشاركة في المنتديات الثقافية والابداعية المغربية المتعددة، من مهرجانات اصيلة والصويرة والشعر في مراكش إلى معرض الدار البيضاء للكتاب الدولي وغير ذلك كثير، قد مروا على "مشارف"، حيث كانت دماثة ياسين عدنان ودعواته المؤدبة تخجل كل الزائرين وتمنع ايهم من رد دعوته. على مائدة عشاء مغربي تقليدي تدليلي مع مجموعة من الاصدقاء على هامش معرض الدار البيضاء للكتاب الدولي في شباط الماضي، كان ياسين عدنان منهمكا في ترتيب مواعيد لاستضافة واسيني الاعرج، والحبيب السالمي، ومي التلمساني. وفي صباح اليوم التالي في الرباط كانت فاطمة المرنيسي بابتسامة المحيط الاطلسي التي تشرق على وجهها دائما تقول لي: "إياك ما تخرج مع ياسين في "مشارف"، تراني نزعلو منك".
عقلية "الامن" الثقافي والتلفزيوني التي اوقفت عدة حلقات من برنامج مشارف لأنها ناقشت سوسيولوجيا الحراك العربي وثوراته وحركة 20 فبراير المغربية هي ذات العقلية التي حاولت الحفاظ على الانظمة التي انهارت في تونس ومصر وهي قيد الانهيار في ليبيا وسورية واليمن. عندما يناقش مثقفون ومفكرون وبالعمق والمسؤولية التي يقدمها "مشارف" امور بلدانهم ومجتمعاتهم فإن ما يغدو مطلوبا هو تقديم الامتنان إلى البرامج وصاحبه لما يوفره من قنوات معالجة حرة ومسؤولة. عوض ان يرشح برنامج "مشارف" وصاحبة المبدع ياسين عدنان لأرقى الجوائز الثقافية في المغرب والعالم العربي، تعمد العقلية القاصرة على اسكاته. كفى اغتيالا للثقافة والفكر، وكفاك ايها الرقيب توترا وزعما بأنك تحمي ما تريد ان تحمي فيما تقوم بدكه من الاساس.



#خالد_الحروب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ابن رشد ومارتن لوثر و«حوار التمدن»
- مشروع -حماس-... و-طلبنة- غزة
- المشروع النهضوي... والعدالة الاجتماعية
- العرب وإيران النجادية: غياب أسس الشراكة
- العلمانية تحمي التنوع الاسلامي من نفسه
- شلومو ساند وتقويض خرافة الشعب اليهودي
- إسلام غل واردوغان واسلاميونا العرب
- -حماس- في غزة: -طالبان- أم أردوغان
- التراجع الإنتخابي للاسلاميين ينضجهم ويخدم مجتمعاتهم


المزيد.....




- جملة قالها أبو عبيدة متحدث القسام تشعل تفاعلا والجيش الإسرائ ...
- الإمارات.. صور فضائية من فيضانات دبي وأبوظبي قبل وبعد
- وحدة SLIM القمرية تخرج من وضعية السكون
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /25.04.2024/ ...
- غالانت: إسرائيل تنفذ -عملية هجومية- على جنوب لبنان
- رئيس وزراء إسبانيا يدرس -الاستقالة- بعد التحقيق مع زوجته
- أكسيوس: قطر سلمت تسجيل الأسير غولدبيرغ لواشنطن قبل بثه
- شهيد برصاص الاحتلال في رام الله واقتحامات بنابلس وقلقيلية
- ما هو -الدوكسنغ-؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بلومبرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث وجهة النظر الأوكرانية لإنها ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد الحروب - إسكات -مشارف- واغتيال الثقافة الرفيعة