أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - شريف صالح - الدنيا على مقاس -سلفي-














المزيد.....

الدنيا على مقاس -سلفي-


شريف صالح

الحوار المتمدن-العدد: 3375 - 2011 / 5 / 24 - 15:36
المحور: المجتمع المدني
    




"الدنيا على مقاس "سلفي" لا تساوي جناح بعوضة ولو كانت تساوي ما سقى الله الكافر منها شربة ماء"!
ارتدى "السلفي" جلابيته البيضاء، القصيرة، وتحتها سروال قطني قصير، والطاقية البيضاء، و وضع السواك على زاوية فمه والمصحف في جيبه العلوي ثم وقف على جانب الطريق وشرد لحظات: ما حاجتنا إلى بناء مدن للعلوم والفنون وإنشاء جامعات وإصدار آلاف الكتب والصحف والقنوات وكل شيء موجود في "الكتاب"؟! ثم وضع يده على جيبه العلوي آمناً مطئناً.
غادر غرفته الصغيرة. هنا يحيا بأقل الأشياء: غرفة مكتومة الهواء في بدروم عمارة و"قلة" في النافذة يشرب منها على ثلاث رشفات وامرأة تلبي رغبته في الحلال كلما اشتهى. لا يعنيه كثيراً أن يخرج للشمس إلا للصلاة. ولا حاجة به لزيارة الحدائق والكورنيش والأهرامات وتضييع وقته أمام تفاهة القنوات التلفزيونية لمتابعة حمقى يركلون الكرة وأكثر حمقاً منهم يتحدثون في السياسة.
ركب "السلفي" أتوبيس "15" بشرطة وأخرج من جيب الجلابية البيضاء مصحفه صغير الحجم وراح يتلو بصوت خفيض ما شاء الله له أن يتلو دون أن يتلفت يميناً أو يساراً.. ما الفائدة التي ستعود عليه لو أصغى لنميمة الركاب عن الديمقراطية والانتخابات والرواتب وثروات البلاد المنهوبة؟! هؤلاء تائهون لا يدركون نعمة الإيمان التي أنعم بها الله عليه، فهو يكتفي من كل متاع الدنيا بجلابية يرتديها وأخرى يحتفظ بها نظيفة ومعلقة على حبل داخ الغرفة. امرأته كذلك لا تشغلها الموضة في محلات وسط البلد ولا في الأفلام فهي منقبة نقابا شرعيا تختفي تماماً في جلبابها الأسود السابل السابغ الذي لا تغيره صيفاً أو شتاء.
لو أصبح كل الرجال مثله بلحية وجلباب أبيض قصير وكل النساء مثل زوجته يرتدين جلابيب سود لانتهت مشاكل كثيرة وأصبحنا فعلنا سواسية كأسنان المشط. ساعتها لن يطالب أحد برفع الحد الأدنى للأجور وستعرف أمريكا أن المسلمين على قلب رجل واحد ولن نحتاج معونتها المغموسة بالذل والهوان.
نحن نعقد على أنفسنا حياتنا بالجري وراء كل هذه المتع الزائلة، رغم أن من كانوا أعظم منا عاشوا في صحراء.. كانوا ينامون ويتغوطون ويأكلون مما ينبت فيها. وكانوا أكثر منا صحة وسعادة. ماذا أخذنا من بناء العمارات والأبراج غير خراب الذمم وسقوطها على رؤوس ساكنيها وتطلع كل واحد منا إلى ما في يد غيره حسداً ودناءة نفس؟! ثم لماذا نشغل أنفسنا بمن يحكمنا إذا كنا مؤمنين حقاً بأن الحكم لله يؤتيه من يشاء؟ أوليس الخروج على من ارتضاه الله حاكماً خروجاً على مشيئته؟ وما الداعي لتعليم البنات طالما كل بنت مصيرها أن تكون أماً والأمومة بالفطرة السليمة ولا تحتاج إلى تعليم ومصاريف؟
كل هذا الجدل في الصحف والقنوات من عمل الشيطان كي يزيغ قلوبنا ويفرق بيننا، وكل هذه الأديان الأخرى محرفة وباطلة فالدين عند الله الإسلام. ولا حكم إلا لله ولا علم إلا في كتاب الله. ولا دستور لنا إلا القرآن.. ومن لم يؤمن بكتاب الله يُنصح أولاً ثم يستتاب وإن أبى يقام عليه الحد أو يدفع الجزية.
لو كل مسلم دفع الزكاة وكل غير المسلم دفع الجزية ما احتجنا إلى البنك الدولي ولا إلى وزارة مالية ولا إلى ضرائب على طريقة المغضوب عليهم والضالين.
إذا سألوني: ما الوطن؟ مصطلحات يضحكون بها علينا.. مرة باسم التاريخ ومرة باسم الجغرافيا، لكن الحقيقة إن أرض الله واسعة وأينما كان المرء يستطيع أن يعبده.. كل هذه الحدود المزعومة من آلاعيب الاستعمار لتبديد شمل المسلمين. والآخر لا يريد بنا خيراً فهو إما "ضال" أو "كافر" والعياذ بالله.

هكذا تناوبت الأفكار تلقائياً على وعي وعقل وروح "السلفي" أثناء ركوبه أتوبيس 15 بشرطة متجهاً إلى ميدان التحرير ومنه إلى ماسبيرو للظهور في أحد البرامج.. دون أن يتوقف طبعاً عن التلاوة بصوت خافت.
وهكذا هي الدنيا على مقاس "سلفي": رجال ملتحون في جلابيب بيض ونساء منقبات في جلابيب سود.. الجميع رجالاً ونساء على تلك الهيئة كأنهم مستنسخون من بعضهم البعض.
وعندما التقيته في البرنامج جرني السلفي إلى صحراء مترامية الأطراف في عقله فلم أستطع أن أقول كلمة ذات معنى عن المجتمع أو العلم أو القانون أو اختلاف الرأي والرؤية. الوطن كله كان يتحلل أمام عيني كلما تكلم السلفي.. تختفي قيمه ومعالمه ليصبح صورة طبق الأصل من تلك "الصحراء" الشاسعة في عقله.. وأنا الذي تحمست لمناظرته في البرنامج لا حول لي ولا قوة! تائه في صحراء بلا معالم أردد الحكمة الخالدة: إذا كنت لا تعرف أين تذهب فكل الطرق تؤدي إلى هناك!



#شريف_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مائة ألف شاعر في كل عالم افتراضي.. يهيمون
- آن لك أن تتقيأ.. في دول اللاجئين
- ملاحظات حول اللحى الخمس
- نادراً ما يموت كاتب عربي حر.. هذا هو فاروق عبد القادر!
- فتاة أوباما
- أسامة أنور عكاشة.. مؤسس الرواية التلفزيونية
- الكاتب العربيد والقارئ القديس
- مصطفى صفوان: السلطة المحتكرة لا تحب الحق إلا باعتباره من اخت ...
- ذكريات قد لا يعرفها نصر حامد أبو زيد
- -مثلث العشق- مجموعة قصصية جديدة للكاتب شريف صالح عن دار العي ...


المزيد.....




- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...
- حماس: لا نريد الاحتفاظ بما لدينا من الأسرى الإسرائيليين
- أمير عبد اللهيان: لتكف واشنطن عن دعم جرائم الحرب التي يرتكبه ...
- حماس: الضغوط الأميركية لإطلاق سراح الأسرى لا قيمة لها
- الاحتلال يعقد اجتماعا لمواجهة احتمال صدور مذكرات اعتقال لعدد ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - شريف صالح - الدنيا على مقاس -سلفي-