أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - زجاجة عطر














المزيد.....

زجاجة عطر


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3375 - 2011 / 5 / 24 - 07:58
المحور: كتابات ساخرة
    


في نهاية الشارع الذي أسلكه في بعض الأيام التي أكون فيها عائدا من العمل دكانة صغيرة لبيع العطور يقصدها كبار العشاق وصغارهم وكبار العاشقات لشراء زجاجات عطر يهدونها إلى أحبائهم سواء أكان ذلك في عيد الحب أم في عيد العمال أو حتى عيد الأم أو عيد الأخت, والذي يقف على باب الدكان سيلاحظ بأن عيد الحب هنا يبدأ كل ساعة وكل لحظة, ففي كل ساعة وفي كل لحظة وفي كل دقيقة يدخل إلى الدكان عاشق أو عاشقة لشراء زجاجة العطر,وأحيانا يدخل العشاق بشكل زوجي وينتقون لبعضهم أفضل أنواع العطور ويتبادلون الزجاجات وكأنهم يتبادلون (محبس أو خاتم الخطوبة) وكثيرا ما أقف على الشارع أمام هذه الدكانة وأنا أتأملُ في عيد الحب الذي يحدث هنا في كل ساعة وفي كل لحظة وأتأملُ الذين يشترون زجاجات العطر وأتمنى لو أشتري لي واحدة أهديها...ولكن لمن,؟ ودائما ما أُعطي أذني الإنصات إلى حديث الزبائن مع صاحب الدكانة وأحفظ كثيرا من مصطلحاتهم وأنواع العطور, وحين يطول وقوفي كثيرا أقوم بعمل أي شيء لكي لا يلاحظ أحد بأنني أراقب في محل العطور فأخرج هاتفي من جيبتي وأتظاهر بأنني أريد قراءة رسالة أو إرسال رسالة أو أنني أتظاهر بأنني أحاول إدخال رقم بطاقة شحن إلى موبايلي ولكن كل تركيزي وكل ذهني مع الذين يشترون زجاجات العطر وكل همي أن يأتي يوم أشتري فيه زجاجة عطر, ولي على هذه الحال ما يقرب من سنتين تقريبا وأنا أقف أمام هذا المحل مرة أعطيه وجهي ومرة أعطيه ظهري لكي لا يلاحظ وقوفي الطويل ومراقبتي للمحل, وفي بعض الأوقات أشعر بأنني مثل المخبر السري من الحرب العالمية الثانية ممسكا بجريدة أخفي فيها وجهي عن أنظار الناس مرتديا معطفا طويلا وقبعة مثل قبعات رعاة البقر, وقد قررتُ في النهاية أن لا أبقى صامتا أو خائفا وقررت أن أمثل على نفسي دور العاشق الذي تنتظره محبوبته في السيارة, لذلك لن أبقى متفرجا مثل الأهبل دون أن أتقدم وأشتري زجاجة عطر, وقد استجمعتُ كل قواي وكل شجاعتي وتقدمت من البائع وكان شكله يوحي لي بأنه خبير جدا في الوجوه وحين نظر في وجهي ابتسم وقال تفضل المحل محلك, فقلت له:

-اممم شكرا يا عم ولكن لو سمحت بكم هذه الزجاجة؟

(فإنشغل عني مع زبون آخر فناديته: أنا مستعجل صديقتي في السيارة, فتقدم مني معتذرا وقال أنا آسف).

-مش مشكله بس أنا وهي مستعجلين جدا هي عندها شغل اكثير وأنا ما عنديش شغل زيها بس كلانا مشغولان بنفس الشيء, هي مشغولة بكثرة الشغل وأنا مشغول في البحث عن شغل, وأظن بأن كله شغل,صح؟.
(فأبتسم وقال):

-هذه بخمسة دنانير ولك أنت كونك زبون جديد بأربعة دنانير.

-شكر, بس أنا بدي نوع عطر آخر, بدي إياه من زهره سحريه يناسب بنطلون الجينز والتنورة الرمادية.

- آه منك يا رومانسي الأنواع كثيره, أنت من أي نوع دائما تشتري؟ وعفوا: هل تريد العطر لك أم لحبيبتك؟ قل لي ما لون شعرها وأنا أختار لك العطر المناسب.

- ابتعرف إنك غبي جدا, كيف بدي العطر لي, أنا محبوبتي كل أسبوع تهديني عطرا زجاجة أو زجاجتين وأحيانا تشتري لي كرتونة عطور فيها كل أنواع العطور..وقبل يومين أرسلت لي بمناسبة عيد ميلادي حاويه(كونتنير) مليانه عطور ..وبالنسبة للون شعرها فهو:أزرق..عفوا أقصد لون شعرها أسود ولكن شو دخل اللون.

-إذا خذ لها عطر (أماريج).

وأردتُ التظاهر بأنني خبير يشتري كل يوم لمحبوبته زجاجة عطر فقلت:

-أماريج؟...أماريج اشتريته كثيرا أريد التغيير أريد التنوع, أريد نوعا جديدا وعصرا جديدا.

فأشار عليّ بنوع جديد شكرته عليه ثم قال لي : بإمكانك أن تحضر محبوبتك إلى هنا , فقلت له: بحكيلك مش فاضيه من كثر الشغل وأنا مش فاضي من كثرة البحث عن الشغل, وقلتُ في نفسي متجاهلا كلامه (يا حسرتي) ودفعت ثمنه وأمسكتُ الزجاجة بيدي ومشيتُ في الشارع وأنا أقول: فعلا أنا زلمه مجنون لويش اشتريت الزجاجة وفكرت في العودة إلى الدكانة لإعادتها وحين وصلت إلى المحل قال لي صاحب المحل : شو بدك تستبدلها؟ أكيد ما عجبهاش النوع, كل العشاق هيك دائما يبدلون ويغيرون بالأنواع, ودون أن أتكلم ولا بكلمة واحدة أعطيته ظهري وسرت في الطريق شارد الذهن: لماذا اشتريتها؟ لمن سأهديها؟ سأخفيها تحت قميصي لكي لا يشاهدها أي أحد, وركبت في السرفيس والزجاجة تحت قميصي وبقيت طوال الوقت محتفظا بها حتى حين نزلت من السرفيس وركبتُ باص القرية بقيتُ أيضا متمسكا بالزجاجة وحين وصلت إلى البيت دخلت الحمام كما ولو أنني أريد ممارسة العادة السرية كما كنت وأنا مراهق وأخرجت الزجاجة من تحت قميصي واحتضنتها بقوة على صدري ومن ثم رفعتها إلى فوق حتى لامست أنفي وأغمضتُ عيوني وشممتها بكل قوة أو بكل ما أوتيتُ من أنفاس قوية حتى أنني شعرتُ بأنفي يستحلب أنفاسي استحلابا وبعد أن انقطعت أنفاسي عن الشم أخرجتُ نفسي وزفيري وأنا متعب جدا وفتحت الغطاء وكانت أصابع يدي تهتز وترتجف وسكبت كل ما فيها من عطر في المرحاض وخرجتُ من الحمام بعد أن تركتُ الزجاجة خلفي فارغة في سلة المُهملات, ومن ثم غسلتُ وجهي ومسحت دموعي بيدي وجثوت على سريري وسحبت ساقايا إلى صدري وانكمشت كأنني طفل يعاني من الخوف ومن الفزع.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الست بريق
- اللي ما بفهموش السؤال
- لو حسبناه صح
- آخر الدجالين
- رواية الغاب
- الأردني يدخل ويخرج من بيته كالحرامية
- لله يا محسنين لله
- أنظمة الصيانة
- ولادة كلماتي
- أنا مواطن خليجي
- الشعب الأردني المتخلف
- الفساد في عيد ميلادي
- العين الساهرة
- الغنج واللذة والصراخ
- يا من يحميني من نفسي
- أعطونا مزيدا من الوقت
- الذين تعلموا بي
- واحد أقوى من مليون
- مؤمن جدا فاسد جدا
- شيء في رأسي


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - زجاجة عطر