أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - دلور ميقري - أحمد بياسي؛ حكاية كلّ شهيدٍ حيّ














المزيد.....

أحمد بياسي؛ حكاية كلّ شهيدٍ حيّ


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 3374 - 2011 / 5 / 23 - 14:38
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


عندما أعلن معارض سوريّ، مقيم في الخارج، وعبرَ فضائية " بردى "، عن امتلاكه لمعلومات موثقة تؤكد وفاة الشابّة الفتية، طلّ الملوحي، تحت التعذيب؛ فإنّ النظامَ بادرَ، وفي اليوم التالي مباشرة ً، لإظهار هذه الشابّة في محكمة أمن الدولة تكذيباً لذلك الخبر. وبما أنّ الشيء بالشيء يذكر، فها هوَ النظام السوريّ، وعبرَ فضائيته، يُسارع يومَ أمس لعرض الشابّ الفتيّ، أحمد بياسي، لكي يدحض خبرَ موته تحت التعذيب؛ الذي انتشرَ كالنار في الهشيم بمختلف وسائل الإعلام العربية والدولية. هنا وهناك، كانَ تعامل النظام مع الحدَث ينمّ عن عقليته نفسها، المؤبّدة، القائمة على الزيف والخداع والدّجل والكذب. فكم هوَ هزليّ، حدّ المأساة، أن يظهرَ كلا الشابين، المعنيين، حياً ولكن خلف قضبان المعتقل؛ أن يتمّ عرض كلّ منهما، علنا، وكأنه نصرٌ للإعلام الرسميّ ودليلٌ على مصداقيته ـ كذا..

جناية طلّ الملوحي، التي لم تكن قد تجاوزت السادسة عشر من عمرها لدى اعتقالها، ليست أكثرَ من امتلاكها مدوّنة خاصّة بها في الانترنيت. ولن أخوض في تفاصيل القضية؛ فقد تمّ الخوض فيها كثيراً من قبل، كما وتمّ تبيان تهافت تهمة التخابر مع دولة معادية، التي طالت صاحبتها. إلا أنه جديرٌ بالتأمل، حقا، كون قضية المعتقلة طلّ الملوحي قد استرعت ذلك الاهتمام، لأنها تخصّ شابّة صغيرة السنّ: لم يكن أحدٌ ليتصوّر آنذاك، بأنّ الأجهزة الأمنية ستجعل ذكرى معتقلة الانترنيت طيّ النسيان، بعد كلّ هذه الجرائم غير المسبوقة؛ التي ارتكبتها بحقّ أطفال وفتيَة سورية، بشكل خاص، خلال شهرَيْ ثورة الحرية المستمرة والمتنامية. من النافل كذلك، استطراداً، التساؤل عن ذنب أطفال الابتدائي في مدينة درعا، ممن جرى اعتقالهم وتعذيبهم بشكل وحشيّ، ما أدى لانطلاق شرارة الاحتجاجات من هذه المدينة الجنوبية لتشملَ من ثمّ سائر أنحاء البلاد.

حكاية " المجموعات المسلحة "، التي يردّدها ليلاً نهاراً حكواتية الإعلام الرسميّ، تتجه دوماً في حبكتها للتأكيد بأنّ الجيش والأمن، ( وماذا عن الشبيحة؟؟ )، بريئان من دم المحتجين. اليوم، عُرضَ مشهدُ مقتل طفل صغير، خلال تظاهرة سلمية بدت فيها قوى الأمن والجيش في الناحية المواجهة للمتظاهرين. سنتفق مع حكاية النظام ونفترضُ، جدلاً، أنّ ثمة مسلحاً، مجهولاً، قد اختبأ على سطح هذه البناية، الرسمية، أو تخفى في زاوية تلك الأخرى؛ وأنه هو من أطلق الرصاصَ من سلاحه القناص على الطفل الشهيد. ولكن، ماذا عن المشهد الآخر، المتسلسل من يوم المجزرة نفسه: مصوّر بكاميرته الخليوي، يحاول التقاط صورة ليافطة حملها طفلٌ صغير، لا يبدو أنه قد تجاوز العاشرة من عمره: " لا تظهر وجهي، لا تظهر وجهي.. "، كان هذا الطفل يصرخ بإلحاح وبطريقة طريفة توحي ببراءته. وكان المصوّر، من ناحيته، يؤكد له باستمرار بأنه يصوّر اليافطة وحسب: " إذا كنت خائفاً، فابتعد من هنا ".
ممَ كان يخاف الطفلُ؛ من تلك " المجموعات المسلحة "، التي ستنقب مشاهدَ الأفلام المعروضة على شبكات الانترنيت بحثا عن وجوه الأشخاص المشتركين بالتظاهرات لكي تعتقلهم في حملات مداهمة؟؟ أهوَ نفسه، إذن، زعيمُ هذه المجموعات المسلحة، الإجرامية، مَنْ خرج على التلفزيون الرسميّ ليقول لوفد من وجهاء دمشق مطمئناً، بأنّ الأحداث صارت خلفنا وأنّ الأمور تعود لحالتها الطبيعية في معظم مناطق البلاد؟؟

جناية أحمد البياسي، الوحيدة، المتسبّبة باعتقاله مرتين، متتاليتين، ومن جانب نفس الجهاز الأمني؛ هيَ أنه اشترك في " تظاهرة سلمية " وأنه أسهم في توثيق فيلم بالخليوي عن انتهاك كرامات المتظاهرين. تشديدنا على ما سبق، كونَ أنّ سورية هي البلد الوحيد، في العالم كله، من يعتقد نظامها أنّ أيّ حالة احتجاج في الشارع، مهما كان حجم المشاركين فيه، يعتبر اعتداءاً خطيراً على أمنّ الدولة ويجب سحقه بالدبابات والمدرعات والمشاة والأمن والشبيحة واللجان الشعبية. إذن إنّ الجناية هنا، بعرف أهل هذا النظام، المتخلفين والهمجيين، ليسَ في حدث إهانة كرامات المواطنين والدوس على رؤوسهم وأجسادهم، بل في تصوير وتوثيق هذا الحدث.
وقد حاول الإعلام الرسميّ، بعرضه للشهيد الحيّ أحمد بياسي على فضائيته، الإيحاء بعقلية أخرى، مغايرة لعقليته المجترة حديث الفتنة والمؤامرة. إذ توجّه المذيع للمواطنين، قائلاً أن فيلم قرية البيضة في بانياس، هو حقيقيّ وأنّ ذلك كان بفعل أجهزة الأمن بمواطنيها، ثمّ قدّم الاعتذار لهم. وعندما ظهرَ المدعو طالب ابراهيم، أحد أبواق النظام، على فضائية الجزيرة فإنه طلبَ من المذيع أن يقتدي بالأسوة الحسَنة ويعتذر عن بث الفضائية لخبر احتمال موت أحمد بياسي تحت التعذيب. بيدَ أن المذيع أجابَ بما معناه، أنه ترد لفضائيته أخبار متضاربة، فتوصّف بعضها بأنه محتملٌ أو غير مؤكد. ثمّ أضافَ يسأل ضيفه متهكماً: " ولكن، هل ستقدمون أفراد وضباط الأجهزة الأمنية، المسؤولين، للتحقيق والمحاكمة بعدما ثبتَ أن الفيلم صوّر في سورية وليس في شمال العراق ؟ ".
ويبدو أننا بعد " قائمة العار "، التي وضعها المدوّنون الشباب لوَصم كلّ من يخذل ثورتهم، فإننا سنرى قريباً " قائمة الاعتذار ". هذه الأخيرة، ولا شكّ، أطول من الأولى؛ لأنها قائمة تضمّ عشرات الآلاف من ضحايا القمع، وهيَ ما تزال مفتوحة على الأسوأ والأفظع.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحمد البياسي؛ المسيح يصلب مجدداً
- آزادي، هذه المفردة المفقودة
- واحة للحرية اسمها ركن الدين
- طريق تل أبيب عبر تل كلخ
- السيّدة الأولى تنصح سيادته
- مواطن سوري عادي، جداً
- خالي يا خالي
- المعارضحالجية
- حميرُ الإعلام وخنازير الفنّ
- أهم شخصية في سورية
- لا عزاء لأيتام بن لادن
- عن قائد جيش سوريائيل
- النظام السوري وتفجير مراكش
- أقدم زبون للمحكمة الدولية
- الرئيس القرد يحرر البلد
- آخر خطاب لمسيلمة الكذاب
- ....المقاومة الإسلامية
- ارحل يا حمّار
- يوم الأسير السوري
- سيادته يوجّه الإعلامَ للإصلاح


المزيد.....




- شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال ...
- مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا ...
- إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح ...
- في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض ...
- لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
- 3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
- الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
- مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال ...
- كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
- واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - دلور ميقري - أحمد بياسي؛ حكاية كلّ شهيدٍ حيّ