أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نعيم عبد مهلهل - الصابئة المندائيون وأعيادهم ..!














المزيد.....

الصابئة المندائيون وأعيادهم ..!


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 3373 - 2011 / 5 / 22 - 13:42
المحور: المجتمع المدني
    




وفي الجنوب حيث الماء الوفير عاش المندائيون مع أهل البطائح دون أي شعور من الطرفين بالتنافر ، بل أن التعايش كان قائما على مدى الأزمنة وكانت القبائل العربية في الجنوب العراقي تستقبل الوافد المندائي الذي يحمل بضاعته ورؤاه وقراءات الطالع في سكن خاص وينال شيئا كبيرا من الاحترام من قبل شيخ القبيلة ، ويكفي للمندائيين أنهم عاشوا بين سكان الأهوار ومدنهم منذ تأسيسها وكان لهم الدور الكبير في تأسيس المناشط الحضارية الأولى في تلك المناطق وخاصة المؤسسات التربوية والإدارية . وأصبح ذلك التعايش يمثل صورة للاندماج الاجتماعي مع امتلاك هذه المكونات خصوصياتها الثقافية والروحية ولم يكتب يوما أن أهل الأهوار منعوا مندائيا من إقامة طقوسه بالرغم من حرص الصابئة على إقامة طقوسهم بعيدا عن المشاهدة العامة لسكان تلك المناطق وربما كان كهنتهم الروحيون يدعون من أشراف القوم من المسلمين وأصدقائهم الموثقين لمشاهدة وتأمل هذه الاحتفالات حيث أرتنا الوثائق والصور التذكارية للمجالس المحلية والبلدية لمدن وألوية وقصبات الجنوب العراقي في بداية الحكم الوطني في العراق وجود شخصية مندائية معروفة ومؤثرة ضمن أي تشكيلة من هذه التشكيلات.
ويمكن أن نقرب الصورة بشكلها الروحي والتذكاري مع لحظة عشتها في ناحية الكحلاء عندما كنت جندياً لأشاهد مرة أخرى متعة هذا الطقس في واحد من أعيادهم عندما صار الماء مغتسلا لطهارة الروح والبدن ، حيث نزل رجال الدين بملابسهم البيض الناصعة الى ماء النهر وسط تجمهر أبناء الطائفة حيث مراسيم زواج بين شابين مندائيين صبغت حمرة البراءة والخجل خد العروس لأرى في مرآة انعكاس أزمنة بعيدة كان فيها من فرط محبة التعايش بين المندائيين وسكان الأهوار أن يقولوا نحن من ( معدان الصابئة ).
كان الماء يغسل ذاكرة كل شيء ويديم وصل الحياة من خلال صناعة المتغير لأزمنة وجود أي هاجس حياتي ، وكانت الحضارات وحتى اليوم تخشى في موتها شيئين لاغير ،جنون أباطرتها وشح الماء ، فجنون الأباطرة يفضي الى الحرب المدمرة ، وشح الماء تفضي الى العطش وبالتالي موت الأخضر واليابس وكل حي.
لهذا نظر المندائيون الى الماء بوعي وقدسية وخشوع ،وربما هم تواصلوا مع الطقس الروحي الأول الذي اصبغ فيه يحيى المعمدان جسد يسوع ( ع ) ، ومنحه بركة الرؤيا والنبوءة والبشارة ، فكان يمثل في أدبياتهم الدينية والأسطورية والتراثية شيئا ذكرته الكتب ومشوا على الذكر ولم يحيدوا عنه قيد أنملة حتى قال أحد كهنتهم لي في ذلك المكان على ساقية ماء باردة في هور الكحلاء : منه نأخذ الحياة ، والحياة تأخذ وجودها من الرب المزكي.
هم يجدون في الماء مغتسلاً لكل خطيئة وصانعاً للشيء الذي يكونَ فيهم الشعور والتسامي والخانعة بما يملكون ، لهذا فهم بتكوينهم الطبقي يقتربون من الاشتراكية بمفهومها العلمي وقلما تجد بينهم الفوارق المادية وخاصة في الأزمنة القديمة ، وطالما يكون الماء تجدهم يجاورنه في ألفة العيش والمحبة برغم انهم لا يسترزقون منه ولكنهم يعايشونه في لحظة التكريس والتعميد واقامة النذور والأعياد وكل ما يحتاجه المندائي ليكون قريبا من خالقه كما يعتقد كهنتهم بالقول : (( إن الماء هو طريق للأيمان بان التعميد (المصبتا) هو الطقس الضروري لإنقاذ الأنفس من براثن الأسرار المادية وتقوية النفس البشرية بإنعاشها بنور الحياة المتجسد بالمياه الحية الجارية.))
فكل ماء جارٍ هو الحياة في تحولاتها التي لا تتوقف ، هكذا يعيش فيهم المعتقد هؤلاء الذين يسكنون في حضن الطبيعة وقرب مراعي القصب ومدن الجاموس والأساطير.
يحتفون مع معدان المكان بذلك الألق الحياتي الذي توارث من تلك الأزمنة التي لم تسقط في بئر الانقراض والنسيان بل أبقوها حية وفعالة ومبتهجة بما تؤديه من لحظة متسامية مابين الشعور والإحساس إذ يختلط المادي في الحسي فتولد نشوة الوصول وهي شيء من الغنوص كما عند المتصوفة في قولهم : كلما اسبح في خياله يمنحني بهاءه ودهاءه وفطنته. وكذا المندائيون يفعلون ذات الشيء لحظة اكتساب طهارة الماء وسيره إللا منتهٍ ، فصورتهم على ضفاف دجلة الكحلاء وهم يمارسون طقوسهم يعكسون للناظر الصورة الشجاعة والمؤمنة بما زرع في قلوبهم من إصرار وإدراك ، وهكذا أحسست هناك بأن المعدان ليسوا فقط هؤلاء الذين دفعتهم طبيعة القدر الحياتي وظروف المكان ليكونوا هكذا حراس الأبد لقطعان الجواميس التي كانت في يوم ما من الحيوانات المقدسة كما في غابر الزمن السومري وعند الهنود وغيرهم من الشعوب. فيكون الامتداد البيئي والروحي بين معدان الإسلام ومعدان الصابئة هو امتداد لحياة المكان وأصالته..!

دوسلدورف 2011



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أور أول المدن المقدسة على الأرض....!
- مسيحيو ويهود مدينة العمارة العراقية ...!
- المعدان وبابا نوئيل ......!
- الأسكندر ومعدان سمرقند ...!
- الناصرية ...مدينةٌ يليقُ الغرام لها..
- المعدان ...عطش ودشاديش مقلمة .........!
- حياتي التي أتخيلها ...
- مدينة البصرة وزفاف الأمير وليام وكيتي...!
- سورية حسين ...ياسمينة تذبح ذبح........!
- المحظور في ممارسة الغرام.......!
- البابلي قاسم عبد الأمير عجام ...!
- الخبز وسذاجة البعض وثمالة الغرام...!
- أنا أعرف قاضيا ووزيرا وامرأة.......!
- خمر ونساء ......وتصوف ...........!
- رجلُ قبرهُ البحر....!
- الجغرافيا في غيبتها الكبرى...!
- الثورة وشاكيرا …والقبلات.!
- عراق رومي شنايدر ...!
- قبلات وأساطير غرام وفتاوى....!
- مديح إلى عبد الزهرة مناتي وشارل ازنافور.....!


المزيد.....




- مراجعة مستقلة: إسرائيل لم تقدم أدلة بشأن ادعاءاتها لموظفي ال ...
- منتقدة تقريرها... إسرائيل: الأونروا جزء من المشكلة لا الحل
- زاخاروفا: هناك نقطة مهمة غائبة عن الانتقادات الأمريكية لحالة ...
- البرلمان البريطاني يقر قانون ترحيل المهاجرين غير النظاميين إ ...
- لجنة مستقلة: الأونروا تعاني من -مشاكل تتصل بالحيادية- وإسرائ ...
- التقرير السنوي للخارجية الأمريكية يسجل -انتهاكات جدية- لحقوق ...
- شاهد: لاجئون سودانيون يتدافعون للحصول على حصص غذائية في تشاد ...
- إسرائيل: -الأونروا- شجرة مسمومة وفاسدة جذورها -حماس-
- لجنة مراجعة أداء الأونروا ترصد -مشكلات-.. وإسرائيل تصدر بيان ...
- مراجعة: لا أدلة بعد على صلة موظفين في أونروا بالإرهاب


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نعيم عبد مهلهل - الصابئة المندائيون وأعيادهم ..!