أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عادل الامين - مقالات سودانية:صمتوا عن الفساد.. وطالبوا بقهر العباد!!















المزيد.....

مقالات سودانية:صمتوا عن الفساد.. وطالبوا بقهر العباد!!


عادل الامين


الحوار المتمدن-العدد: 3373 - 2011 / 5 / 22 - 12:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


صمتوا عن الفساد.. وطالبوا بقهر العباد!!
(فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ * فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ)!! صدق الله العظيم

في هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها السودان، وهو يفقد جزءاً عزيزاً من الوطن بفقد الجنوب، وتفشل محادثات دارفور، وتزيد ثورتها، وتنتشر التحرشات في أبيي، بسبب نكوص الحكومة عن الإستفتاء، وعن حكم المحكمة الدولية، الذي سبق ان وافقت عليه، ويتأزم الوضع في جنوب كردفان، بسبب تزوير الإنتخابات، ويتوقع ان يتفجر في أي لحظة.. في هذا الجو المتوتر تجيء مطالبة (علماء) السودان بالمزيد من القهر والبطش باسم الدين، بدعوى ان إنفصال الجنوب يعني ان السودان أصبح كله مسلم، وموافق على فهمهم الإسلامي المتخلف حكماً للبلاد.
ولو أن (علماء) السودان كانوا قد أدانوا الفساد المنكر، الذي إستشرى في مؤسسات الدولة، وطالبوا بالتحقيق مع أمثال مدير سوق الخرطوم للاوراق المالية، والسلطة التي سمحت له بالمرتب الذي نشره الصحفي النابه الطاهر ساتي في صحيفة السوداني، وهو كما جاء في شهادة مرتبه: 18 ألف جنيه، بالإضافة الى 90 ألف بدل عيدين، و72 ألف بدل ملابس، مما يجعل جملة مرتبه الشهري 180 ألف جنيه!! بالإضافة الى 5 تذاكر سفر لاقصى ما تصل اليه الخطوط السودانية بالدرجة الأولى!! هذا وضع مسئول في شعب دفعت الفاقة، والحرب، والنزوح، الكثيرين من أهله الى التسول.. لو أنهم كانوا قد طالبوا بمحاكمة الذين قتلوا الآلاف، وأغتصبوا النساء، وحرقوا القرى في دارفور، لو أنهم إعترضوا على فقدان حلايب، والفشقة، وغيرها، من أجزاء البلاد التي اضاعها النظام، ولم يقاتل من أجلها، بل ولم يشتك لمجلس الأمن.. لو أنهم وقفوا تضامناً مع آلاف المواطنين الذين شردوا، وتحطمت أسرهم، بسبب إحالتهم للصالح العام، أو وقفوا تضامناً مع مزارعي مشروع الجزيرة الذين يناضلون لمنع الحكومة من بيع المشروع وتشريدهم.. لو أنهم كانوا قد إعترضوا على جلد فتاة "الفيديو" بحجة أنه لا يشبه الجلد كما جاءت به الشريعة، وطالبوا بالتحقيق مع من اتهمتهم "صفية" بإغتصابها حتى لا تكون أعراض الناس عرضة للتجاهل والعبث.. لو فعل علماء السودان كل ذلك لسمعنا لهم، وصدقناهم، حين طالبوا اليوم بإقامة الدستور بمرجعية الشريعة. ولكن (علماء) السودان صمتوا عن كل ذلك، فلم يتظاهرون الآن بالحرص على الشريعة وعلى الإسلام وعلى الشعب السوداني؟! وحين يطالبون الآن بجعل الشريعة مرجعاً للدستور هل يعني انها لم تكن كذلك من قبل؟! أم ان مطالبتهم تحصيل حاصل؟! فإذا كانت الشريعة لم تكن مرجعية الدستور فلماذا لم يعلن (علماء) السودان رأيهم هذا، ويسفروا بمعارضتهم للنظام طوال العشرين سنة الماضية؟! إن النظام الحاضر يرزح في الظلم، ويخوض في بالفساد، وهو لهذا لن يستطيع تطبيق الشريعة، لأن الشريعة لا تقوم إلا إذا بدأ الحاكم بنفسه وآل بيته.. و(علماء) السودان يعرفون ذلك حق المعرفة، ويحدثوننا في خطبهم، كيف أن عمر رضي الله عنه، لم يجمع بين الخبز والإدام في مائدة، منذ أن تولى الخلافة، ولكنهم مع ذلك يزينون الباطل، ويصمتون عن قول الحق، ليحافظوا على مراكزهم، وعائداتهم، التي لو ضاعفوها لهم أضعافاً مضاعفة، ما زادتهم غير تخسير!!
لقد رفع (علماء) السودان مذكرة لرئيس الجمهورية، جاء عنها (ودعت المذكرة التي توافق عليها العلماء ورجال الدين أن يكون القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة هما المرجعيتان للدستور بعد الاستفتاء وانفصال الجنوب وأن يحقق الدستور مقاصد الشريعة كلها ويحفظ حقوق غير المسلمين وأكد العلماء عبر مذكرتهم التي تلاها البروفيسور محمد عثمان صالح الأمين العام لهيئة علماء السودان أن البلاد مقبلة على مرحلة مهمة تحتاج إلى فقه أوسع للدولة لتحقيق أمنيات الشعب السوداني وأكدت المذكرة أهمية أن يثبت الدستور القيم الاجتماعية الفاضلة ويحافظ على موارد البلاد ويضمن وحدتها وأن يقوم على الشورى بين أهل الحل والعقد ودعا العلماء إلى إصلاح المظهر العام بالشارع السوداني ومعالجة التفكك الأسري ومحاربة الفقر والهجرة ، مشيرين إلى تزايد روح التدين وسط الشباب. وأوصت المذكرة بإرجاع النشاط الاقتصادي إلى أصوله الإسلامية عبر المصارف الإسلامية وتقليل الجبايات وضبطها بقوانين والحد من العمالة الوافدة. وأمن العلماء على أهمية إتاحة فرص التعليم لكافة شرائح المجتمع وتشجيع التعليم قبل المدرسي وتصحيح الاستثمار في التعليم والتركيز على التعليم التقني وإلغاء المناهج الأجنبية ، مشيرين إلى أن عدم مراجعة المناهج أدى إلى ضعف التحصيل بجانب ضعف المخصصات المالية للتعليم ، ودعوا إلى إعادة النظر في التعليم المختلط بالجامعات. وانتقدوا انتشار الموسيقى والغناء في القنوات والإذاعات ، داعين إلى إستراتيجية إعلامية تقوم على نشر الفضيلة)(المصدر وكالة السودان للأنباء http://www.sunanews.net/the-news/19582-2011-05-18-09-13-03.html )
أول ما يلاحظ على المذكرة تناقضها، فهي قد دعت لأن يكون الكتاب والسنة هما مرجعية الدستور، ثم إعترفت بوجود غير المسلمين، ودعت للمحافظة على حقوقهم!! فهل يعرف هؤلاء (العلماء) من الكتاب والسنة مستوى يوفر الحقوق لغير المسلمين؟! إذ لو كان مبلغ علمهم الشريعة، فإنها لا تساوي بين المسلمين وغير المسلمين، ولا تحفظ لهم حق المواطنة، وإنما تفرض عليهم الجزّية، يؤدونها عن قهر وغلبة، وهو صاغرون، إذا كانوا من أهل الكتاب، وتفرض عليهم السيف، حتى يسلموا لو كانوا من المشركين.. قال تعالى في حق المشركين (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) وقال في حق أهل الكتاب (قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ). هذه هي معاملة الشريعة لغير المسلمين، وهدفها إذلالهم ودفعهم ليدخلوا في الإسلام حيث العزة، قال تعالى (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ)، وهذا يعني فيما يعني، ان غير المسلمين لهم الذلة والصغار.. والمواطن المسيحي لا يجوز له ان يترشح لرئاسة الدولة في ظل الشريعة، ولا أن يكون له منصب في الجيش، لأن الجيش جيش جهاد، ولن يكون مسؤولاً في منصب رفيع في دولة الشريعة، لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) ولقوله صلى الله عليه وسلم (لا ولاية لكافر على مسلم)، والشريعة قد كانت في تلك الأحكام، حكيمة غاية الحكمة، في وقتها، ولكن نفس هذه الأحكام، لا تمثل أصل الدين، ولا يمكن ان يقوم عليها دستور اليوم، وهذا ما لا يقوى (العلماء) الذين نعرفهم، على إدراكه.. ولكنهم على الاقل يعرفون أن الشريعة لن توفر حقوق لغير المسلمين، ويعلمون انهم موجودون بعد إنفصال الجنوب، في السودان الشمالي كالمسيحيين من السودانيين الاقباط، الذين يعيشون منذ مئات السنين، في مدن السودان الكبرى، وكالمسيحيين في جبال النوبة، وكالوثنيين في جبال النوبة وفي جنوب النيل الأزرق، فلماذا يضللون كل هؤلاء بأن الشريعة لا تضيرهم؟! أم يظنون أن هذه الأقليات لا قيمة لها، وان الدستور يجب ان يعبر عن دين الاغلبية؟! وهذه فرية اخرى روج لها الإسلاميون كثيراً، فالدستور لا يعبر عن رأي الأغلبية، وإنما يحوي تطلعات، وآمال وطموحات كل الشعب، ويجب ان يجد فيه كل فرد ضالته. أما الاغلبية فإنها تحكم بموجب الدستور، ولكنها لا تضعه حسب إعتقادها.. والدستور هو القانون الأساسي، الذي يوفر الحق الأساسي، وهو حق الحياة وحق الحرية.. فالحكومات التي تغتال الناس، وتعذبهم، وتصادر الحريات، لا يعتبر حكمها دستورياً، وإن إدعت ذلك. والشريعة على كمالها، وحكمتها في الماضي، لا تحوي دستوراً لأنها لا تحفظ حق الحياة وحق الحرية لكافة المواطنين، وإنما توفره فقط للمسلمين. والدستور لازمة من لوازم الحكم الديمقراطي فلا يتحقق في دولة لا تحكم بالديمقراطية.. ولكن الإسلام في مستوى أصوله، في السنة، التي هي أرفع من الشريعة، والتي توفر عليها القرآن المكي في جملته، يحوي الدستور الإنساني الرفيع، الذي يعطي كافة الحقوق لغير المسلمين، على قدم المساواة مع المسلمين.. وهذا ما لا يدعو له (علماء) السودان، بل يعادونه، ويحاربونه، مع انه مخرجهم الوحيد، الذي يدرأ عنهم النفاق، حين يدعون للشريعة، ويعجزون عن تطبيقها.
ومما جاء في المذكرة (أن البلاد مقبلة على مرحلة مهمة تحتاج إلى فقه أوسع للدولة لتحقيق أمنيات الشعب) أوسع من ماذا؟! أوسع من الفقه السلفي التقليدي، الذي درجوا على إشاعته بين الناس؟! وإذا كانت (أمنيات الشعب) هي الحرية، والمساواة، وحقوق الإنسان، فهل يستطيع الفقه توفيرها أم ان ذلك يحتاج الى إجتهاد في فهم النصوص نفسها؟؟
ولقد ذكر (علماء) السودان أنهم يريدون دستوراً (يحافظ على موارد البلاد ويضمن وحدتها وأن يقوم على الشورى بين أهل الحل والعقد ودعا العلماء إلى إصلاح المظهر العام بالشارع السوداني ومعالجة التفكك الأسري ومحاربة الفقر والهجرة) إن من اسباب إنفصال الجنوب، التلويح بالدستور الإسلامي، وفرض أحكامه على غير المسلمين، فكيف يطالب به العلماء، ويدعون بأن ذلك يمكن ان يحقق الوحدة؟! والنظام الحالي قام على إنتخابات، فهل يريد العلماء ان نستبدله بنظام الشورى، الذي بدلاً من كافة الشعب، يستمع فقط لأهل الحل والعقد؟! والعلماء يعلمون ان الشورى آلية لدعم نظام الخلافة، فلماذا لم يطالبوا بالخلافة صراحة، وهي نظام الحكم في الشريعة، كما درسوها وعرفوها؟! إذا كان الزمن قد تطور، والمفاهيم قد تغيرت، لدرجة ان (العلماء) يستحون من المطالبة صراحة بحكم الشريعة وهو الخلافة، أفلا يستدعي ذلك النظر في أمر تطوير الشريعة؟؟ وكيف يدعو العلماء لمحاربة الفقر والهجرة وهم لم يدينوا الفساد؟! ولماذا يريدون ان ينضبط الشارع العام بمزيد من القوانين الرادعة، ويغفلون مهمتهم الأساسية، في التربية، والوعظ ، والإرشاد، سبيلاً لإصلاح مظهر الشارع؟! لقد طبق قانون النظام العام بإدعاء ضبط الشارع، وجلد، وحبس في عام واحد 43 ألف امرأة سودانية، ولم ينضبط الشارع، بل زاد الفساد، والسبب أن سوء الأخلاق لا يعالج بالقهر والبطش، وإنما بالنماذج الصالحة من القادة والحكام والعلماء، وبحسن التربية، وبالموعظة الحسنة، التي يقدمها من يعيشون للدين، لا من يعيشون عليه!!
(وأوصت المذكرة بإرجاع النشاط الاقتصادي إلى أصوله الإسلامية عبر المصارف الإسلامية وتقليل الجبايات وضبطها بقوانين والحد من العمالة الوافدة). والمصارف الإسلامية، ليست إسلامية، وإنما هي ربوية!! والفائدة التي يضعها المصرف العادي على القرض، يضع المصرف الإسلامي، أكثر منها على سعر السلعة في المرابحة، فهل تسميته بأنه ربح تمنع من كونه ربا؟! إن زيادة السعر، بسبب جهل الزبون ربا، فقد جاء في الحديث (غبن المسترسل ربا).. ثم ان ديون السودان الخارجية، التي فاقت الثلاثين مليار دولار، قد كانت في أصل الدَين ثمانية مليار، وكل الزيادة قد جاءت من الفوائد التراكمية على القرض، فإذا قبل (علماء) السودان هذه الأضعاف المضاعفة من الربا، ثم أنشأت الحكومة من هذه الأموال الربوية بنوكاً، فهل يمكن ان تكون إسلامية؟! ما هي القيمة التنموية الزائدة التي قدمتها البنوك الإسلامية حتى يطالب بها العلماء؟!
مما ورد أيضاً (وأمن العلماء على أهمية إتاحة فرص التعليم لكافة شرائح المجتمع وتشجيع التعليم قبل المدرسي وتصحيح الاستثمار في التعليم والتركيز على التعليم التقني وإلغاء المناهج الأجنبية). إن من أسباب الفاقد التربوي الحروب، والنزاعات، والنزوح، والهجرة، وهو ما لم يتعرض له (علماء) السودان، فكيف يريدون ان تتوفر فرص التعليم للجميع؟! وماذا يعنون ب (المناهج الأجنبية)؟! هنالك لغات أجنبية، أدى إلغائها الى إضعاف التعليم، وحتى الذين قاموا بتعريب جامعة الخرطوم، وافقدوها مكانتها الاقليمية والدولية، أنشأوا جامعات خاصة تدرس باللغة الإنجليزية، وكثير من قادة الدولة دعاة التعريب، يعلمون أولادهم في مدارس أجنبية، ويبعدونهم عن الجامعات التي قاموا بتعريبها!! أم أن (علماء) السودان، يعنون بالمناهج الأجنبية، تلك التي تدرس مفاهيم غربية، مثل نظرية التطور، والماركسية، والليبرالية، والوجودية..ألخ وهذه معارف إنسانية، لابد من معرفتها، حتى ولو من باب ضرورة نقدها، وتقديم ميزة الإسلام عليها.
ولم يكتف (علماء) السودان بكل ذلك بل (دعوا إلى إعادة النظر في التعليم المختلط بالجامعات. وانتقدوا انتشار الموسيقى والغناء في القنوات والإذاعات ، داعين إلى إستراتيجية إعلامية تقوم على نشر الفضيلة). لماذا دعا العلماء لعدم الإختلاط في الجامعات، ولم يدعوا له في كل المجتمع؟! لقد منعت الشريعة الإختلاط، ولكنها فعلت ذلك، بإبقاء النساء في البيوت، قال تعالى (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى)، وقال (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ).. وإذا كانت هذه القيود قد فرضت على نساء النبي صلى الله عليه وسلم، وهن أمهات المؤمنين، ومظنة العفة، فمن باب أولى بقية النساء.. فلماذا ترك العلماء هذه الاحكام، ولم يطالبوا بها، وأكتفوا بالإختلاط في الجامعات؟! ألم نقل أن (علماء) السودان ليسوا منضبطين على الشريعة، ولا مخلصين لها، ولا حريصين على أحكامها؟! والشريعة لا تمنع الموسيقى، والاغاني في التلفزيون فقط، بل تمنع التلفزيون نفسه، من باب منع الصور.. فقد جاء في الحديث (من صور صورة يعذب يوم القيامة ويقال له أنفخ فيها الروح وما هو بنافخ فيها ابداً)، وروي (ان السيدة عائشة رضي الله عنها فرشت للنبي صلى الله عليه وسلم نمرقة عليها تصاوير فرفض ان يدخل حجرتها حتى مزقتها. وقال: إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب أو صورة)(البخاري- باب الصور). ولهذا حين طبقت "طالبان" الشريعة في أفغانستان، جمعت كل التلفزيونات، وحرقتها وأرجعت النساء للبيوت!! ولكن في حقائق الدين، هذه النصوص الشرعية، التي تحرم الإختلاط، وتحرم الفنون، وتحرم الصور، لا تمثل أصل الدين، وإنما هي نصوص مرحلية، ناسبت الماضي، ولا يمكن تطبيقها في حاضر ومستقبل البشرية القريب.. بل ان دعاتها، أنفسهم، لا يملكون إلا مفارقتها. فالعلماء الذين يعلموننا الأحاديث التي تمنع الصور، لابد ان يكون لأحدهم صورة يضعها في جواز السفر، حتى يستطيع أن يحج!! إن إختلاف الواقع الذي أجبر دعاة الشريعة على مفارقتها، هو الذي إستدعى تطوير التشريع ، وهو مخرجهم الوحيد، وإلا فإن الدعوة لتطبيق الشريعة، ومفارقتها في نفس الوقت، يضعهم تحت طائلة الوعيد الإلهي (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ؟! * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ).
لقد نصح (علماء) السودان نميري بتطبيق الشريعة، فجلد، وقطع، وقتل، ولم تتحقق الشريعة، بل أطيح بنظامه!! والسودان اليوم يواجه ظروف أكثر تعقيداً من عهد نميري، والعالم العربي يشهد ثورات لم تطالب بالشريعة، ولكنها طالبت بالحرية، واطلاق سراح المعتقلين، والكرامة لكافة المواطنين.. ولعل العقلاء في نظام الإنقاذ، يفكرون في وضع دستور يتراضى عليه الجميع، لا يستمد من عقيدة الأغلبية، حتى يحفظ حقوق الاقليات، ولا يعتمد على القهر، والبطش، و إنما على توسيع الحريات، وإشاعة السلام، ثم يفتح المنابر الحرة، حتى نتحاور في كافة قضايا الوطن، بما فيها الفهم الإسلامي المتخلف، الذي يصر عليه من سموا أنفسهم (علماء) السودان!!



#عادل_الامين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطاب الرئيس اوباما والنخب العربية
- الوعد الحق والفجر الكاذب
- سيرة مدينة:الشعب يريد اسقاط النظام
- لماذا كان د.جون قرنق وحدويا؟!
- موت الدولة المركزية
- انتخابات جنوب كردفان وافاق التغيير
- شاهدواالفكرة....وفناؤها
- مصر والسودان وافاق التنمية البشرية
- ثورات الفيس بوك....وكسل السودانيين
- هل ما يحدث تغيير ام اعادة تدوير؟!
- الاخوان المسلمين والديموقراطية
- هكذا تكلم د.جون قرنق
- الرسماليون الاسلاميون
- محاضرات سودانية:الشريعة والدستور
- الحالة الليبية
- سيرة المفكر السوداني الراحل محمود محمد طه
- الاخوان المسلمين والدستور
- الرجل التونسي الشجاع
- الثورة واشكاليات التغيير في مصر والسودان
- اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان 2011 ومآلاته


المزيد.....




- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة
- سيناريو هوليودي.. سرقة 60 ألف دولار ومصوغات ذهبية بسطو مسلح ...
- مصر.. تفاصيل جديدة في واقعة اتهام قاصر لرجل أعمال باستغلالها ...
- بعد نفي حصولها على جواز دبلوماسي.. القضاء العراقي يحكم بسجن ...
- قلق أمريكي من تكرار هجوم -كروكوس- الإرهابي في الولايات المتح ...
- البنتاغون: بناء ميناء عائم قبالة سواحل غزة سيبدأ قريبا جدا
- البنتاغون يؤكد عدم وجود مؤشرات على اجتياح رفح


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عادل الامين - مقالات سودانية:صمتوا عن الفساد.. وطالبوا بقهر العباد!!