أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - العفيف الأخضر - لماذا لم تكشف لشعبك صناع مآسيه؟















المزيد.....


لماذا لم تكشف لشعبك صناع مآسيه؟


العفيف الأخضر

الحوار المتمدن-العدد: 3373 - 2011 / 5 / 22 - 10:12
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


رسائل تونسية
لماذا لم تكشف لشعبك صناع مآسيه؟
السيد رئيس الحكومة الباجي قائد السبسي
1- قل الحق ولو كان مراً
تونس اختطفتها الفوضى.لن أطلب منك إعادة المخطوفة؛فذلك فوق وسائلك.كل ما أطلبه هو تدابير صغيرة بعضها شبه رمزي.في السياسة الفعل الرمزي قد لا يقل نجاعة عن الفعل الحق ، لكنه قد يساعد على إنقاذ ما يمكن إنقاذه حالاً ، وبعضه قد يساعد على ذلك مآلاً؛ومتى كان الفعل السياسي رهينة الأمد القصير؟ .
لم يبق أمام حكومتك إلا أسابيع وتسلم السلطة للحكومة المنبثقة عن الانتخابات،إذا تمت الانتخابات وتشكلت الحكومة...لكن ذلك لا يمنعك من أن تتصرف كما لو كنت ستحكم تونس لسنوات أخرى؛ أي أن ذلك لا يمنعك من أن تصنع قرارك بالعلم.إذ أن كل خطأ في هذه المرحلة الحرجة، المتميزة بانعدام اليقين في جميع المجالات، سيكون خطأ مؤسساً لسلسلة من الأخطاء والعواقب الوخيمة على مستقبل البلاد؛فاستعن بالخبراء المحليين وخاصة الأجانب لتتمكن من صناعة قرار صائب لا يضيف الفوضى إلى الفوضى.
غالبية التونسيين اليوم(75%)تشعر بالعجز عن إيقاف عاصفة الفوضى التي تدفعهم أمامها إلى هوة سحيقة.وهم في حاجة ماسة إلى زعامة تخرجهم من هذا العجز الذي يملأ نفوسهم مرارة وقهراً إلى زعامة تخاطبهم بلغة الحقيقة وتكشف لهم صُناع مآسيهم.
عجزتَ عن الزعامة، لأنك بقيت وزير خارجية بورقيبة الذي كنته،يغنيه التلميح عن التصريح ووشوشات الكواليس عن مصارحات الساحات العامة بالحقائق المزعجة.وهكذا ، في كل مرة تشخص الداء ، ولكنك لا تصف الدواء؛اشتكيت محقاً من خطر الأموال التي تتسرب إلى بعض الأحزاب ، ولكنك كالعادة لم تكشف اسم المرسل ولا اسم المرسل إليه،ولا كمية المبالغ التي سيكون لها ولا شك تأثير ليس على نتائج الانتخابات فقط، لشراء الأصوات بالعمل الخيري، بل أيضاً على مصير البلاد.الصمت على المجرم تواطؤ معه!عندما تقول لمواطنيك عن صناع مآسيهم:"نحن نعرفهم" فإنك تعمق شعورهم بالعجز والقهر،أولاً لأنهم هم، المعنيون بهم،لا يعرفونهم، وثانياً لأنك احتقرتهم عندما اعتبرتهم كماً مهملاً لا يحق لهم حتى الاطلاع على أسماء جلاديهم.بورقيبة،غداة الاستقلال، كان يخاطب شعبه بلغة الحقيقة كل يوم خميس من الإذاعة(لم يكن التلفزيون قد دخل بعد):كان يسمي الأشياء بأسمائها،كان يسمي القط قطاً،فاعمل مثله.فأنت أحوج منه لذلك،لأنك أعزل من كل سلاح:سلاح القانون مفلول،هيبة الدولة ممرغة في الوحل،المؤسسة الأمنية تفككت جزئياً وهي فضلاً عن ذلك في قفص الاتهام يوميا؛حتى الجيش،آخر مؤسسة مازالت قائمة،مهدد بالتفكك.وهذا في نظري الهدف الأول لتصريحات وزير الداخلية السابق ذات النوايا الخفية:تفكيك الجيش،بنزع المصداقية عنه وتقديمه كمتآمر على الشعب،هو الشرط الأخير الضروري والكافي لتفكيك بقايا مؤسسات الدولة ،وتأمين انتقال سهل على الطريقة الإيرانية من دولة شبه حديثة إلى دولة دينية مستوفية الشروط.والحال أن المشكل الأساسي لكل مجتمع هو التحكم في العنف باحتكار الدولة للعنف الشرعي.أما وقد تخلخلت جميع المؤسسات فلم يبق لك إلا سلاح وحيد هو تعبئة التونسيين الخائفين على حاضرهم ومستقبل أبنائهم.سلّحهم سياسياً وأخلاقياً بالحقائق؛قل لهم أسماء الأحزاب والشخصيات التي تعمل على خراب بلدهم.يقول سارتر:"كشف اسم الجلاد يشلّه"،فاكشف لهم كل أسبوع في التلفزيون أسماء جلاديهم؛ليكن التلفزيون بديلك عن المؤسسات الغائبة ،وسترى من أبناء شعبك ما يسرك.قد يقتلك صناع مآسيهم.وأي ضير في ذلك؟فهذا من مخاطر مهنتك.
2- خذ الدرس من الانتقالات الناجحة
الفوضى الزاحفة آتية من فشل الانتقال،السلس نسبياً،إلى دولة القانون؛ ذلك الانتقال الذي دشّنه محمد الغنوشي ثم حاولته أنت ولا تزال.لكن الفوضى شلّت مساعيك.دع وزارة الخارجية تطلب من سفارات تونس في جميع البلدان التي نجحت – وحتى التي لم تنجح كالصومال - في الانتقال إلى الديمقراطية في أوربا وأمريكا اللاتينية وجنوب شرق آسيا،دعها تطلب من أخصائيين في هذه البلدان تقارير عن العقبات التي اعترضت الانتقال الناجح وعن كيفية تغلبهم عليها عسى أن يكون في ذلك ما يصلح للحالة التونسية.
3- اعترف بحزب التحرير الإسلامي
الاعتراف بالنهضة،التي تضم في صلبها جميع أطياف الإسلام السياسي من أقصى اليمين إلى وسطه بمن فيهم من هم على يمين حزب التحرير والسلفية حتى الجهادية ،يجعل رفض الاعتراف بحزب التحرير الإسلامي أحد الأخطاء المؤسسة لمزيد من الفوضى.عللت عدم الاعتراف به بكونه ينادي بالخلافة وتطبيق الشريعة؛ لكن مشروع النهضة الطالباني،كما عبر عنه رئيسها مراراً،يطالب هو أيضاً "بإعادة الخلافة والتطبيق الكامل للشريعة" وأيضاً بضرورة امتلاك الأمة الإسلامية للسلاح النووي وضرورة استخدامه، وبالانقلاب العسكري للاستيلاء على السلطة على غرار ما فعل عمر البشير في السودان ...
أبو العلاء المعري كان نباتياً،وصف له طبيبه ذات يوم مرق فروج،ما إن مست يده لحمه حتى ارتعدت فرائسه قائلاً: "استضعفوك فوصفوك فلم لم يصفوا شبل الأسد"؛بالمثل ،سيقال عنك إنك استضعفت فروج حزب التحرير فوصفته فلم لم تصف شبل النهضة؟.
فما هي عواقب عدم الاعتراف به؟
1- أن يفرض اعترافه بنفسه.وقد فعل:الناطق الرسمي باسمه على اتصال دائم مع وسائل الإعلام التي يساوي اعترافها عشرات الاعترافات القانونية من دولة لا تحكم،ولم تبق منها إلا بقايا!.
2- وأن ينظم المظاهرات التي تجوب الشوارع للترويج له و لمزيد من نشر الفوضى ونشر الخوف بين السكان والقليل من السياح الأوفياء.
3- وأن يصلي في الشوارع لتعطيل حركة المرور وترسيخ غياب القانون،وتغييب رمزه شرطي المرور،في أذهان المواطنين الحيارى !.
4- وربما أن يمارس،أو تمارس بعض عناصره الأقل انضباطاً، تغيير المنكر باللسان وحتى باليد ...
الاعتراف به قد يقطع الطريق على هذه المخالفات أو يقلصها ويجعلها تحت طائلة القانون ـ عندما يعود القانون ذات يوم ـ بما في ذلك سحب الاعتراف. بالمناسبة ، أنصحك بالاعتراف بجميع الأحزاب التي ترشحت للتأشيرة والتي وصلت حتى الآن إلى 180 حزباً؛وفي الوضع التونسي المنهار لا خوف من ذلك،فليست هذه الأحزاب هي التي ستقود البلاد إلى الصوملة، فدواعي الصوملة أكثر عدداً وأشد خطراً. أما إذا حدثت معجزة ،أعني إذا صنعت النخب الحاكمة قراراً جيداً ينقذها من الفوضى،ولو بعد حين، فستمتلك سلاحاً ضارباً هو حل كل تشكيل يشكّل خطراً على الأمن العام. في انتظار هذه الأيام السعيدة، فاعترف ولا حرج. علماً بأن حزب التحرير معترف به في بريطانيا ولبنان. ولا يعرف عنه أنه ارتكب ما يخالف القانون منذ آخر عملياته الإرهابية ضد الملك حسين سنة 1993.بالمناسبة ، في مصر كان شرط الاعتراف بالحزب هو تقديم 1000 توقيع،أما بعد الانتفاضة فزادت التواقيع إلى 10000 منشورة في صحيفتين. فلماذا لم تشترطا،أنت وسلفك،على الأحزاب تقديم 500 توقيع منشورة للاعتراف بها.فهذا كفيل بتقليص كمية الأحزاب الطفيلية!.
4-مكافحة الفوضى تتطلب فهم أسبابها البعيدة والقريبة
الأمن والاستقرار المفقودان جعلا البلد يقف على شفير الإفلاس الاقتصادي؛يسود إضراب عام ومفتوح عن العمل منذ ثلاثة شهور ويتخذ كل يوم أشكالاً ابتزازية وسوريالية:إذا لم تعطونا عملاً فوراً فسننسف خط الغاز(الذي يغذي ثلاث مدن!)؛وإذا لم تحققوا مطالبنا فوراً فسنقطع الطريق السريع فوراً؛ سنمنع الخروج من مدينتنا والدخول إليها حتى تتحقق مطالبنا؛ها نحن نجلس ليلاً ونهاراً على خط السكة الحديدية ولأجل غير مسمى حتى تتحقق مطالبنا...!
مطالب لامعقولة يراد تحقيقها بوسائل لامعقولة تعبر عن غياب التضامن الاجتماعي لحساب التضامن المهني أو الحي السكني أو القرية ...غاب النضال المؤطر من أجل مطالب مشروعة ،أي قابلة للمفاوضة إذاً للتحقيق، ليحضر بدلاً منه الفعل الهدام الذي يذكّر بمفهوم حنة آرنت عن"الشر المألوف" جداً في "مجتمع الأخوة" المتقاتلين إلى غير نهاية في غياب الأب الذي يملي القانون، واللامبالين بآلام بعضهم بعضاً،بل الصانعين الواعين لها والفخورين بها !.
هذا"الشر المألوف"،هذه الفوضى ليست عفوية.بل منظمة.وراءها لجان وأخصائيون في التحريض والدعاية يحركون خيوطها.من هم؟هم كل ما أنتجه المجتمع التونسي من أقليات يسارية متطرفة، وهم خاصة اتجاهات دينية سياسية هدامة،أدركت أنها لن تستطيع حكم البلد إلا إذا حولته إلى جزيرة قفراء ومعزولة عن العالم،بلا سياح ولا مستثمرين ولا شركاء أوربيين ، ثم دفعت" وكلاءهم الثقافيين"أي النساء "المسترجلات"والنخب "المتغربة"إلى الهجرة إلى الغرب العزيز على قلوبهم ... أما الغلابى الباقون فسينسون البحث عن مستقبلهم في الحياة الفانية مستبدلين إياه بالبحث عن مستقبلهم بعد الموت.وعندئذ سيقول لهم رجال ونساء أقصى اليمين الإسلامي :نحن لها!ألم يقل خميني لسكان جنوب طهران الذين جاء الى الحكم على ظهورهم وجثثهم عندما طالبوه بالعمل:"نحن لم نقم بالثورة لإنقاذ أجسادكم بل لإنقاذ أرواحكم"!.
هذه الفوضى العمياء لم تحدث صدفة.بل لها أسباب راهنة وبعيدة . الراهنة هي سقوط هيبة الدولة،التي هي بدورها نتيجة لسقوط هيبة القانون،والتي هي بدورها نتيجة لإسقاط هيبة المؤسسة الأمنية الحارسة للأمن والنظام . المدخل لرد الاعتبار الى الدولة والقانون والمؤسسة الأمنية هو المصالحة الوطنية الشاملة والفورية، التي يدعو اليها مشكوراً رئيس الجمهورية،وأتمنى أن تنضم له وتشرح فضائلها مراراً في التلفزيون عسى ولعلّ ... فستدشن بذلك سنّة حميدة قد يحاكيها أخلافك مستقبلاً.أما الأسباب البعيدة والعميقة،وهي التي يتوقف على علاجها الوقاية منها،فهي تتطلب زرع بذورها منذ الآن بتكوين خلية من الخبراء المحليين والأجانب وخاصة الفرنسيين .وأشير عليك بالاتصال بالنفساني Didier PLEUX ،مدير المعهد الفرنسي للعلاج المعرفي L’Institut Français de Thérapie Cognitive .ولعلمك :جميع الدول المتقدمة تستشير معاهد نفسانية عامة فضلاً عن معاهد علم النفس السياسي.وإسرائيل هي أول دولة في الشرق الأوسط أدخلت معاهد علم النفس في صناعة قرارها منذ عقود... ومازال كثير من رؤساء الدول العربية يستشيرون العرافين وقارئات الفنجان لصنع قرارهم!.
سأعطيك هنا، وباختصار شديد جداً، عينة من تحليل الأسباب النفسانية للفوضى السائدة. سببها النفساني البعيد يكمن في تربية أطفالنا السيئة.كيف؟يوجد ثلاثة نماذج من الآباء:الأب العقلاني ،الأب الطاغية والأب الغائب.الأب العقلاني في تربية أبنائه هو أب تعلم كيف يربي طفله تربية عقلانية:يعلمه منذ نعومة أظفاره احترام القانون الأخلاقي والوضعي ليتعلم أن في الحياة المنزلية – التي هي صورة مصغرة من الحياة الاجتماعية – حدوداً بين المباح وغير المباح والممكن والمستحيل لا يجوز تجاوزها،وأن تجاوزها يستوجب العقاب:العقاب الأول هو سحب الأب حبه وحمايته لطفله. وهو عقاب رادع للطفل في هذه السن التي يحتاج فيها إلى حب الأب وحمايته؛الأب في مخيال الطفل هو الرب؛كبيراً يسقط صورة الأب على الرب فيؤمن بالله.الجذر التربيعي لإله كل منا هو الأب أو من حلّ محله في تربيتنا. مثل هذا الأب العقلاني نادر في مجتمعاتنا الغارقة في الخرافة والجهل.الأبوان السائدان ،خاصة في الطبقات الوسطى والشعبية ،هما الأب الطاغية والأب الغائب.
الأب الطاغية،على صورة الحاكم الطاغية، يدمر أنا Ego طفله بسحقه شخصيته النفسية بالعنف المادي والمعنوي صانعاً منه جلاداً مستعداً لتنفيذ أوامر الأب الرمزي (=كل سلطة مدنية أو دينية)دون سؤال. الجلادون في معسكرات الاعتقال سواء في الغولاغ الستاليني أو في أفران الغاز النازية أو في بيوت الأشباح السودانية أو في السجون الإيرانية ... هم ضحايا هذه التربية التي قوّضت أناهم أي شخصيتهم النفسية المستقلة واعتزازهم بها.الأب الرمزي الطاغية حل لاشعورياً في رأس الطفل محل الأب الوالد الطاغية الذي علّمه واجب السمع والطاعة له من غير سؤال.
الأب الغائب غياباً فعلياَ أو رمزياً يترك طفله يتصرف في البيت على هواه،كما شاء وكيف شاء ومتى شاء،ويحقق جميع رغباته – وهو ما قد يفعله في المجتمع لاحقاً - فتتضخم أناه لتتحول إلى أنانية مركزية لا تعرف الحدود بين المباح والممنوع والممكن والمستحيل:كل شيء مباح بما في ذلك القتل وكل شيء ممكن بما في ذلك المستحيل على حساب احترام القانونين الأخلاقي والوضعي ... شعار هذه العينة من الأبناء:"أنا ومن بعدي الطوفان"،و"إذا مت ظمآناً فلا نزل القطر". المجتمع في مخياله غابة:"حوت يأكل الحوت وقليل الجهد يموت"كما يقول المثل التونسي؛هذا الأنا المتضخم،هذه الأنانية المنفلتة من كل ضابط أخلاقي أو قانوني هي مصدر الجنوح والفوضى التي تعم تونس اليوم.هؤلاء الجانحون الذين لم يستبطنوا مبدأ الواقع Principe de réalité الذي يفترض تحمل الإحباط الضروري،بل استبطنوا مبدأ اللذة Principe de plaisir ما أريده يجب أن يكون والعصا لمن عصاني.افتقدوا الوازع الأخلاقي فلم يبق معهم إلا وازع القانون الوضعي الذي يمثله أعوان الأمن .
وهؤلاء اختفوا من الوعي باختفاء هيبتهم واختفوا من المشهد بنزع بزاتهم خوفاً على أنفسهم من الجانحين.تغيير الخوف لموقعه محصلته هي هذه الفوضى العارمة.
بالمناسبة،تحالفت الرغبة المسعورة في الانتقام مع الجهل الشنيع بأبجدية علم النفس على الغلو في تصوير الرئيس بن علي (والرئيس يجسد في الوعي الجمعي احترام القانون)كالمنتهك الأول للقانون.أعطى هذا الانتقام الجاهل والغبي الضوء الأخضر للجانحين ليطلقوا مارد انتهاك القانون من عقاله النفسي.وكما قال شاعر حكيم:(إذا كان رب الدار بالطبل ضارباً / فلا تلم الصبيان في حالة الرقص) وها هم ، بعد انتهاك رب الدار للقانون حقاً أو باطلاً، ، يرقصون رقصة الموت حول أسلاب الدولة التونسية المنكوبة بحزب الانتقام!. وهكذا يلتقي العرب، في كل منعطف تاريخي، بلعنة جهلهم صناعةَ القرار المستنير بالعلم !.
5-تأطير الإدارة بالخبرة
كوِّن في كل ولاية(=محافظة)خلية من الاقتصاديين والسوسيولوجيين والسيكلوجيين والأنثروبولوجيين والديموغرافيين تساعد الوالي على صنع القرار الصائب لتنمية ولايته بما يحقق التوازن النسبي بين الجهات الغنية والفقيرة.هذه الخلايا ينبغي أيضاً إنشاؤها في كل وزارة وفي المؤسسات الأخرى بما فيها القطاع الخاص لنفس الهدف.وأيضاً لحل مشاكل الخريجين العاطلين في العلوم الإنسانية،وهم ألوف. منذ عقود بدأت المجتمعات المتقدمة تحاول حل أزماتها على ضوء العلوم الإنسانية.حتى أن بعضهم عرّف الفرق بين المجتمع المتقدم والمجتمع المتخلف قائلاً:إذا أضرب الأجراء في المجتمع المتخلف يأتي البوليس أولاً؛أما في المجتمع المتقدم فيأتي السوسيولوغ أولاً.فضع إذن اللبنات الأولى لمجتمع تونسي يتقدم إلى التقدم.
6-إعادة برمجة الأدمغة
قال السيد الطيب البكوش:"الوضع الراهن يبرهن على أهمية تكوين الناشئة في مجال قراءة الرسائل الإعلامية حتى لا ينساق المجتمع وراء الاشاعات".وهي ملاحظة ذكية لا تصدر عن ناطق رسمي باسم حكومة مؤقتة،هو تعريفاً رهينة الأمد القصير،بل عن مسؤول متفائل بالمستقبل.فلتضع حكومتك منذ الآن اللبنة الأولى لمشروع إعادة برمجة أدمغة الناشئة،مستفيدة من التكنولوجيا الجديدة وفتوحات العلوم المعرفية،محاكاة لحكومة فرنسا: إذ أعلن وزير التعليم الفرنسي أنه سيدخل إلى التعليم:"الرسائل ما تحت الشعورية Messages Subliminaux لإعادة برمجة أدمغة الأجيال الفرنسية الجديدة بالقيم الإنسانية،وباللاعنف ،وبحماية البيئة وباحترام القانون.الرسالة ما تحت الشعورية يستقبلها المتلقي من التلفزيون أو الانترنت دون شعور بها، وإذن دون مقاومة لها ، مما يجعلها بالغة التأثير.وقد استخدمت حتى الآن في الشر،في الإعلان التجاري المسؤول عن الشراء القهري L’achat complusif
؛فلتتصلوا بفرنسا لمساعدتكم على إدخال هذه التقنية عسى تتم الاستفادة منها. حتى الآن استخدمت الرسائل ما تحت الشعورية استخداماً مغرضاً، فلماذا لا تستخدم لأول مرة في خدمة الإنسان وخدمة أكثر قيمه نبلاً؟ستكون هذه هي الثورة الثقافية الحقيقية التي قد تهديها حكومتك لشعبها.
7-عالج إفلاس الدولة حتى بعد رحيلك
قلت:" إن الدولة قد تعجز لأول مرة في تاريخها عن تسديد الأجور وجرايات التقاعد،وكذلك عن تسديد دينها الداخلي والخارجي بعد شهرين أو ثلاثة بسبب الإضرابات والاعتصامات العشوائية"،مضيفاً: الميزانية وحدها تحتاج سنوياً إلى 5 آلاف مليار دينار(=5،2 مليار يورو)لمدة 10 سنوات.ولكنك لم تقل ما العمل للحصول على هذه المبالغ الهائلة. خسائر الدولة من تدمير وسائل الانتاج والبنية التحتية بلغت خلال 4 شهور 4 مليارات دولار؛معدل التنمية المتوقع لسنة 2011في المنطقة المغاربية هو 9،3 أما في تونس فهو بين 1 و 2 % كما تقول حكومتك ؛لكن بعض الاقتصاديين يقولون إنه سيتراوح بين 1و 0%،والحال أن البلاد تحتاج موضوعياً إلى معدل تنمية يتراوح بين 6 و 7 % لمواجهة البطالة الحاشدة التي ستتجاوز في آخر 2011 المليون عاطل. لماذا لا تبادر حكومتك إلى تكوين خلية من الاقتصاديين تستمر، بعد رحيلها،في البحث عن مصادر خارجية لمحاولة تمويل اقتصادنا المفلس وجمع 4 مليارات دولار تحتاجها تونس هذه السنة؟.
8-ستتساقط الحكومات كأوراق الخريف
الحكومات التي ستأتي مع الانتخابات القادمة ستجد نفسها وجهاً لوجه مع جميع المشاكل الحالية وقد تعقدت وتفاقمت:مظاهرات العاطلين الحاشدة،وتمردات الجياع،والفتن الجهوية والفئوية ... سيكون عليها إما التسليم بالعجز والتساقط كأوراق الخريف وإما رفع العصا الغليظة ....
9-"ما حكم الله إذا نكح إنسان حماراً؟"
تحسن حكومتك صنعاً إذا اتخذت منذ الآن تدابير استباقية ذكية،خاصة تلك التي تبقى مؤسساتها بعد استقالتها.ذلك قد يساعد الحكومات المقبلة على حسن صناعة قرارها.قد تكون الحكومة القادمة مدنية. في هذه الحالة سيترصدها خطران على الأقل:1- خطر"اتفق العرب على أن لا يتفقوا"إلا على التطاحن بين الإخوة الغيارى في غياب الأب؛2-السياسوية،أي مخاطبة الجمهور بما يود أن يسمعه منها والمرور مرّ الكرام على المشاكل التي تزعج.وقد تكون دينية من طراز "النهضة".لكن السؤال:هل تريد النهضة تشكيل حكومتها أو أن تكون حجر الزاوية في حكومة ائتلافية؟ في صيغة أخرى:هل اقتنع رئيسها ،وهو عادة صانع قرارها،بفتوى منير شفيق لحركات أقصى اليمين الإسلامي بالعزوف عن حكم بلدانها مخافة أن ينهار المشروع الإسلامي ومعه الإسلام نفسه كما حدث ذلك في السودان وأفغانستان وإيران حيث أعطت 30 عاماً من الثورة 30 % من الملحدين!.يرى شفيق أن على هذه الحركات أن تبقى معارضة احتجاجية قوية لتشكل عائقاً في وجه نجاح المشروع العلماني.لكن البارانويا المتقدمة متحكمة في قيادات الكثير من هذه الحركات. البارانويا مرض نفسي يتكون من مرضين:عقدة الاضطهاد وجنون العظمة. الأولى توحي للمصاب بأن جيشاً من الأعداء يتربص به ريب المنون،فيرد رداً أعمى على مضطهديه الخياليين؛أما جنون العظمة فيوهمه بأنه لا بديل له للحكم والسيادة... في حالة انتصار جنون العظمة لدى بعض هذه القيادات فإنها ستنسى نصيحة منير شفيق فتحكم.عندئذ قد يكرر تلامذة خميني ما فعله هذا الأخير في كتابه"الحكومة الإسلامية"الذي حدد لها مهمة الإجابة عن سؤال حارق:"ما حكم الله إذا نكح إنسان حماراً؟".
في كتابات تلاميذ خميني من أقصى اليمين الاسلامي السني جواهر نفيسة من هذا القبيل.



#العفيف_الأخضر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثورة الشعب على الثورة
- تونس جريحة فلا تجهزوا عليها
- هل لأقصى اليمين الإسلامي مستقبل؟
- من أجل تونس متصالحة ومستقرة:نظام رئاسي؟
- توسيع دائرة النظام أم توسيع دائرة العنف؟
- إلى العلمانية الإسلامية أيها العلمانيون
- كيف تردون على تحديات المشروع الطالباني؟
- رسائل تونسية : هل من حل للتضخم الحزبى؟
- رسائل تونسية:استقلال القضاء هو ُلبّ الديمقراطية
- رسائل تونسية:المصالحة الوطنية أو المجهول!
- هل الدولة السلطوية ضرورة تاريخية؟
- هل سيكون خلفاؤكم خيراً منكم؟!(2/2)
- هل سيكون خلفاؤكم خيراً منكم؟! (1/2)
- نداء إلى الحكام العرب : القرار هو الفرار
- نداء لإلغاء الشريعة
- نداء إلى الرئيس جلال طالباني لا توقع على عقوبة الإعدام
- كُونُوا حزب الملك لإنقاذ المغرب
- 6 – الإنحطاط هو هزيمة العقل
- 5 – خطر تذويب الفرد في الأمّة
- 4- كيف لفّق ابن إسحاق حدّ الرجم؟


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - العفيف الأخضر - لماذا لم تكشف لشعبك صناع مآسيه؟