أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - جهاد علاونه - لو حسبناه صح















المزيد.....

لو حسبناه صح


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3372 - 2011 / 5 / 21 - 20:27
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


نحن شعب متخلف جدا, ننفق على طبخة في منزلنا 10 دنانير في حين لو قمنا بحسابها بشكل دقيق لكانت وجبة الطعام في المطعم أقل تكلفة منها في المنزل هذا إذا ما قارناها بباقي المصروفات المتعلقة بالجلي والغسيل وبناء المطبخ وهدر ساعات العمل فنستطيع الحصول عليها من المطعم بدينار واحد إذا كانت في المنزل بخمسة دنانير, طبعا كل هذا بسبب الحسابات الخاطئة فنحن نعتقد بأن الأكل في البيت والطبخ في البيت يكلفنا أقل منه في المطعم وهذا نوع من الحسابات خاطئة ولو كان هذا الكلام صحيحا لَما تناول الأمريكان والأوروبيون وجباتهم في المطاعم فهم يحسبونها بشكل صحيح أدق من كل حساباتنا وعلى الأقل تتحرر المرأة من قلعة المنزل المحتجزة فيها ليل نهار ,إننا نتكلفُ كثيرا بسبب عمليات التنظيف بعد تناول الطعام والتي من الممكن لنا أن نعفي أنفسنا منها إذا تركنا المطبخ ونزلنا للمطعم وكذلك نعفي أنفسنا من استنشاق روائح الطبخ, مطبخنا وهو مثل مطبخ كل أردني أو كل عربي متكون من عشرات الصحون والطناجر والكاسات والملاعق والأواني المختلفة والتي أنا شخصيا لا أرى لها لازما, ففي بيتنا صحون وأطباق وكاسات شاي وفناجين قهوة كثيرة جدا تكفي لكل أهل حارتنا, ومرة من ذات المرات عرضت على زوجتي أن نقوم بتوزيعها على الأسر المحتاجة فردت على اقتراحي ساخرة مني وهي تقول: ليش هو في حدى بالحاره كلها أحوج منك ومني؟ فقلت لها: صح أوافقك الرأي ولكن أنا لست محتاجا لصحون زجاج وكاسات زجاج وملاعق أكثر من 100 ملعقة! صح نحن محتاجون ولكننا غير محتاجين لكل هذه الأدوات أصلاً هذه الأدوات عبء ثقيل وسنبيع خزانة الألمنيوم ب300دينار أردني إذا استغنينا عن كل الصحون والكاسات والفناجين, وبالمناسبة نحن شعب جاهل جدا فإذا مرضت أنا أو زوجتي أو أحد الأولاد فإن جيراننا يأتون إلينا للاطمئنان على صحتنا وبيدهم دزينة كاسات ماء زجاجية أو طقم فناجين قهوة زجاجي أو طقم صحون زجاجي وكذلك أنا أرد عليهم بنفس الطريقة إذا مرض أحدهم فأشتري لهم دزينة كاسات أو دزينة صحون زجاجية, وإذا تزوج أحد أفراد عائلتنا فإننا نذهب إليه ونهنيه ونأخذ له معنا طقم زجاج أو كاسات ماء زجاجية وصدقوني حين تزوجت قمت بإحصاء أكثر من 50 طقم زجاج كتعبيرٍ منهم عن التهاني والتبريكات, وفي النهاية يقوم صاحب المنزل بتفصيل خزائن من الألمنيوم بتكلفة 2000دينار أردني من أجل حفظ طقم فناجين قهوة كل ثمنه 3 دنانير أردني أو دينارين, ومنذ الساعات الأولى من الصباح نصحوا على وقع أجراس الكاسات الزجاجية وهي تحمل باليدين لتوضع على الصينية أو وهي تتكسر على الأرض أو وهي تتكسر أثناء عملية التنظيف وفي نهاية كل يوم لا بد وأن نضع في حاوية القمامة فنجانا من القهوة أو فنجانين أو صحن أو صحنين ,والصحون والفناجين وطناجر المطبخ دائما تتناقص ودائما تتزايد بفضل التهاني والتبريكات لنا في كل مناسبة حتى الذي ينجح في التوجيهي نقدم لأهله دزينة صحون زجاجية أو دزينة فناجين قهوة والمواطن الذي تكسر رجله نذهب إليه بطقم فناجين والذي تكسر يده نذهب إليه بطقم فناجين والذي يجري عملية جراحية نذهب إليه وبيدنا طقم فناجين أو باكيت حلو حتى الذي يأخذ جلسة كيماوي للسرطان نذهب إليه وبيدنا طقم كاسات أو فناجين زجاجية والذي يذهب إلى الحج ويأت منه نزوره لنسلم عليه مصطحبين معنا دزينة كاسات أو فناجين قهوة, حتى أن بعض التجار صاروا اليوم يقدمون دزينة كاسات شاي إذا اشتريت من متجره كيلو قهوة أو 5 كيلو أرز كعرض وإغراء على منتجاتهم لمعرفتهم بأن الشعب الأردني مغرم جدا بصحون الزجاج وكاسات الزجاج وفناجين القهوة , واليوم ناداني صاحب محل السوبر ماركت المجاور لمنزلي وأنا مار من جواره وحين وصلت إليه أعطاني كأس زجاجي كبير كدعاية من إحدى الشركات على ماء الشعير الخالي من الكحول, ونحن شعب منذ ساعات الإفطار نستمع لضجيج غسل الصحون والأطباق والطناجر(الطاسات) وننفق كثيرا من الأموال على الطبيخ كما ننفق نصف تكلفة الطبيخ على غسل الأطباق والأواني وتصريف مياه الغسيل والطبيخ ونستهلك مواد كيميائية خطيرة, ويستغل النمو الكريه للرأسمالية سذاجة نسائنا وأمهاتنا وأخواتنا ببيعهن مساحيق جديدة تعطي بريقا لغسل الأطباق وغسيلا أكثر نصاعا وبياضا, وفي مطبخ أي أردني نجد عدة مواد سامة ومشتعلة وعدة أنواع للتنظيف علما أننا لو أكلنا من أطباق ورقية لكانت التكلفة أقل من الأكل في أطباق زجاجية ننفق على غسلها وجليها كثيرا من الأموال بعد كل عملية تغذية, نأكل بصحن من الكرتون وبعد ذلك نضعه في سلة القمامة وانتهى الموضوع ولا نضطر لشراء أدوات الغسيل لغسله ولا نضطر أن نقف في المطبخ ساعتين أو ثلاثة ونحن نغسل ونلمع ونهدر المياه,وكذلك من الممكن أن تخرج المرأةُ من عزلتها ومن أسر المطبخ لها طوال النهار, إننا شعوب متخلفة في نهاية النهار نضع نصف ما طبخناه في حاوية النفايات ونضع الربع الآخر في معدتنا ونضع الربع الأخير في الثلاجة, لذلك الثلاجة تعمل ليل نهار على حفظ عملية التبذير وحاوية النفايات هي لأخذ الربع الآخر الناتج عن عملية الحساب الخاطئة وتكلف هذه الحاوية خزينة البلدية كثيرا من الأموال بين العمال وثمن الحاويات وسائق الكابسة التي ينقلها من أمام منزلي كل صباح هذا عدى رائحة غاز الميثان النتنة التي تفوح منها, وبما أن كل أهل حارتنا مثلي أنا فإنهم يضعون الأطعمة الزائدة في الحاوية حتى تغص الحاوية بالمأكولات أو بالعمليات الحسابية الخاطئة فكل نساء حارتنا لا يحسبن حساب كمية الطعام بشكل جيد , فلا تستطيع المرأة أن تحدد كمية الأرز أو كمية الطبيخ التي تكفي للعائلة لذلك دائما هنالك زيادة في حجم الكمية والتي نضعها في ثلاجة نشتريها مخصصة لهذا الغرض علما أننا لو طبخنا الكمية المحددة من الطبيخ أو لو حسبناها صح لما احتجنا إلى ثلاجة بقيمة 600 دينار أردني كالتي اشتريتها أنا قبل سنة ونصف وما زلت أدفع بأقساطها, ولو جاء أحدكم إلى منزلي وشاهد ما بداخل الثلاجة لضحك جدا على تصرفاتنا فدائما فيها صحن أرز وصحن حمص ودلو لبن مأكول نصفه وكيس خبز وزجاجة ماء وفي الصيف دائما يوجد في ثلاجة كل أردني بطيخة نصفها مأكول, ولو طبخنا النسبة المعقولة من الطبيخ لما احتاج منزلي إلى ثلاجة بحجم 18 قدم تستهلك في كل شهر 5 دنانير من الطاقة الكهربائية, وأرى كثيرا من الطناجر في مطابخ بعض الناس بحيث تكون الطنجرة كبيرة جدا يقف فيها إنسانا بالغا, وأشاهد أيضا أباريق شاي كبيرة جدا تتسع لثلاث لترات من الماء وبعض أباريق تتسع لخمسة لترات, ودائما ما نسمع صوت الخلاط الكهربائي بشكل مزعج, وكثيرا ما يعود إبريق الشاي إلى الغاز لإعادة تسخينه مرة أخرى,وحتى آخر ساعات المساء ونساؤنا في المطبخ.

وصدقوني أحيانا أنزعج من صوت الجيران حين يتواجدون جميعهم في المطبخ من الكبير إلى أصغر فرد من أفراد العائلة وأحيانا يفكرون بأصوات عالية على نوعية الطبيخ ومن الذي سيجلي, هذا عدى المشاكل العائلية بين الأخوات والأمهات والعمات والكنات على من سيطبخ ومن سيجلي ومن سيأكل, وهذا معناه أننا (فاضيين أشغال) وإننا نصحو على أصوات الجلي والطبيخ وننامُ على نفس الأصوات, وكثيرا ما تهمل نساءنا حاجات الزوج من أجل التفرغ للوقوف في المطبخ فأي امرأة من نساء حارتنا تقفُ في المطبخ كل يوم ما يقرب من 10 ساعات على أقل تقدير, ولو كانت تعمل في شركة أو مصنع للخياطة أو للتعليب لحصلت يوميا 15دولار على الأقل, ولو حسبناها بشكل صحيح فبعد مضي 20 سنة على العمل ستحصل على تقاعد وظيفي من مؤسسة الضمان الاجتماعي يكفل لها حياة كريمة, ولخرجت من منزلها لتمارس مواهبها من فنون ومن ثقافة ومن أدب وسياسة فأغلب النساء يتخلفن عن مزاولة حياة الحِراك الثقافي والسياسي نظرا لأن المطبخ يأخذ 90%وقتهن فمن طلوع الشمس وحتى مغيبها وهي واقفة في المطبخ تطبخ وتغسل الأطباق,حتى أن البنات غير المتزوجات يقفن معظم الوقت في المطبخ من أجل العمل بداخله لصالح مصلحة الذكور الذين لا يدخلونه أبدا ولا يرون مبررا لتركه إلى المطعم , ولو سألنا أي طالبة أردنية جامعية عن سر مشيها بسرعة لقالت: بدي ألحق أقف مع أمي في المطبخ , ولو سألنا أي امرأة أردنية: لماذا لا تذهبين لحضور أمسية شعرية أو ثقافية ؟ لقالت: والله كل وقتي وأنا واقفة بالمطبخ, ولو أكلنا في المطعم لوفرنا على أنفسنا أولا الطاقة التي نستهلكها في الطبيخ وثانيا لقمنا بتوفير الثلاجة فبدل أن يكون لدينا ثلاجة بحجم 18 قدم ستكون لدينا ثلاجة بسيطة بحجم 8 أقدام, وكذلك من الممكن أن تتفرغ المرأة للعمل وتريح يديها من مضار الكلور والكيماويات التي تلتصق بها جراء غسل الصحون والأطباق, ولو أكلنا في المطعم فإننا حتما سنقوم بتوفير الأطعمة الزائدة ورائحة البيت التي تكون كريهة أحيانا بسبب قلي الباذنجان أو لف الملفوف وكذلك من الممكن أن تبقى حاوية النفايات فارغة إلا من بعض الأوراق والمواد البلاستيكية, وكذلك من الممكن أن نحافظ على رائحة الشارع الذي تفوح منه رائحة حاويات القمامة.

ولو نظرنا إلى الأسر المتقدمة عند الشعوب المتقدمة لكان مطبخهم عبارة عن صحنين وبعض الأواني الخفيفة ولا يمكن لأي امرأة عاقلة أن تبقى واقفة في المطبخ كل يوم عشر ساعات على أقل تقدير, إن الشعوب المتقدمة تنفق هذه الساعات على التنمية الفكرية وعلى صحتها النفسية, والشعب الذي يقف طوال النهار في المطبخ يكون شعب فاضي ليس فيه لا مصانع ولا سوق عمل, ولو كان لدينا مصانع وشركات لتركت النساء المطابخ دون أن يطلب منهن ذلك أي أحد, وتلقائيا لَما وجدت وقتا تنفقه وهي تقف في المطبخ تتطبخ وتنفخ على الطبيخ.





#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آخر الدجالين
- رواية الغاب
- الأردني يدخل ويخرج من بيته كالحرامية
- لله يا محسنين لله
- أنظمة الصيانة
- ولادة كلماتي
- أنا مواطن خليجي
- الشعب الأردني المتخلف
- الفساد في عيد ميلادي
- العين الساهرة
- الغنج واللذة والصراخ
- يا من يحميني من نفسي
- أعطونا مزيدا من الوقت
- الذين تعلموا بي
- واحد أقوى من مليون
- مؤمن جدا فاسد جدا
- شيء في رأسي
- الشخصية النرجسية
- يا مسلم هذا يهودي يختبأ خلفي
- الجو بارد


المزيد.....




- ما هو مصير حماس في الأردن؟
- الناطق باسم اليونيفيل: القوة الأممية المؤقتة في لبنان محايدة ...
- ما هو تلقيح السحب وهل تسبب في فيضانات دبي؟
- وزير الخارجية الجزائري: ما تعيشه القضية الفلسطينية يدفعنا لل ...
- السفارة الروسية لدى برلين: الهوس بتوجيه تهم التجسس متفش في أ ...
- نائب ستولتنبرغ: لا جدوى من دعوة أوكرانيا للانضمام إلى -النا ...
- توقيف مواطن بولندي يتهم بمساعدة الاستخبارات الروسية في التخط ...
- تونس.. القبض على إرهابي مصنف بأنه -خطير جدا-
- اتفاق سوري عراقي إيراني لتعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرها ...
- نيبينزيا: كل فيتو أمريكي ضد وقف إطلاق النار في غزة يتسبب بمق ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - جهاد علاونه - لو حسبناه صح